كتب
أسامة رمضان
اختتمت مصر المرحلة الأولى من انتخابات مجلس النواب بعد يومين من التصويت المكثف فى 14 محافظة، وشهدت الأجواء منافسات ساخنة ومشاركة وصفتها الهيئة الوطنية للانتخابات بـ«المرتفعة والمرضية»، بينما عكست نتائج الفرز الأولية مشهدًا سياسيًا يميل نحو استقرار القوى التقليدية وهيمنتها على أغلبية المقاعد مع بروز مفاجآت محدودة فى بعض الدوائر التى تتجه لجولة إعادة وُصفت بأنها ستكون «الأكثر سخونة»، خاصة فى محافظات الوجه القبلى.
وفى وقت كانت لجان المحافظات تشهد طوابير من المواطنين، كانت صفحات التواصل الاجتماعى تموج بفيديوهات من لحظات إعلان الحصر العددى داخل اللجان العامة، وسط أجواء احتفالية لأنصار المرشحين الفائزين، يقابلها حزن فى معسكرات المرشحين الخاسرين الذين يستعدون لجولة إعادة فى أكثر من نصف الدوائر تقريبًا.
بدت الصورة خلف مشهد الصناديق والطوابير الطويلة، كأنها استعراض لقدرة الدولة على ضبط الإيقاع الانتخابى حتى فى أدق تفاصيله.
كل شيء كان محسوبًا بدقة، فضلا عن أن الهيئة الوطنية أدارت المشهد وكأنها غرفة عمليات لا تقبل الخطأ، الكل كان يعرف دوره بدقة شديدة، ما جعل المشهد والنتائج يسيران فى خط مستقيم بلا مفاجآت حقيقية.. حتى البعثات الدبلوماسية فى الخارج التزمت بنفس الإيقاع الهادئ.
فيما عبر المشهد العام للتصويت بمحافظات المرحلة الأولى على رغبة كبيرة لدى حشد واسع من الناخبين فى التعبير عن رأيهم، وهو ما ظهر بوضوح فى الزحام أمام الصناديق من الناخبين، خاصة فى قرى الصعيد ومحافظات الوجه البحري، وهو ما اضطرت معه الهيئة الوطنية للانتخابات إلى تمديد التصويت لما بعد التاسعة مساءً، بسبب الإقبال الكثيف، وفقًا لتصريحات المستشار أحمد بنداري، مدير الجهاز التنفيذى للهيئة الوطنية للانتخابات.
وأوضح المستشار أحمد بنداري، أن الهيئة الوطنية للانتخابات تقوم حاليًا بمراجعة وتدقيق جميع الأوراق الانتخابية، مع مطابقة محاضر الاقتراع والفرز وإعادة احتساب الأرقام المسجلة للتأكد من صحتها، تمهيدًا لضم نتائج التصويت فى الداخل إلى نتائج الخارج قبل إعلان الحصر النهائى.
وأضاف أن الهيئة ستبدأ فى فحص الطعون المقدمة من المرشحين على النتائج الأولية فور استلامها، على أن يتم إخطارهم بنتائج البت فى الطعون خلال 24 ساعة من استلام الحصر العددي، تمهيدًا لإعلان النتائج الرسمية فى الثامن عشر من نوفمبر الجارى.
وأظهرت النتائج الأولية للمرحلة الأولى تفوقًا واضحًا لحزب «مستقبل وطن» الذى حسم عددًا من المقاعد فى الجولة الأولى، وتصدر المشهد فى أغلب المحافظات، لا سيما الجيزة، بنى سويف، وأسيوط، فيما برزت أسماء مستقلة فى بعض دوائر الصعيد مثل قنا وسوهاج، استطاعت أن تحجز مكانها فى جولة الإعادة بعد منافسات قوية مع مرشحى الأحزاب.
فيما يخص نظام القائمة، أكدت المؤشرات شبه النهائية أن «القائمة الوطنية من أجل مصر» — التى تضم 12حزبًا أبرزها «مستقبل وطن»، «حماة الوطن»، و«الوفد» — ستحصد الأغلبية الكاسحة فى الدوائر المخصصة للقائمة المغلقة، بعدما تجاوزت نسبة الأصوات المطلوبة للفوز المقررة بـ5 ٪ من إجمالى الناخبين المقيدين.
هذا النجاح المتوقع يعزز من فرص الحزب فى تشكيل أغلبية برلمانية متماسكة، على غرار ما جرى فى انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة .
هذا التفوق لا يعنى غياب المنافسة، لكنه يشير إلى أن الكفة تميل نحو استقرار سياسى محسوب يتيح للحكومة تمرير التشريعات الأساسية بسهولة، فى مقابل معارضة محدودة العدد، لكن ربما أكثر جرأة فى الخطاب داخل القاعة البرلمانية.
فى المقابل، تعكس النتائج أن التيارات المعارضة والأحزاب الصغيرة ما زالت تواجه تحديًا فى كسر حاجز الانتشار الجماهيري، رغم ما حققته بعض الأسماء المستقلة من اختراقات رمزية فى دوائر بعينها.. وهذا يعكس أن المعارضة المصرية لم تستعد بعد أدواتها الكاملة، وأن حضورها خلال المرحلة المقبلة سيعتمد على مدى قدرتها على التنسيق وتقديم وجوه جديدة مقنعة للناخبين فى المرحلة الثانية.
أما المرحلة الثانية من الانتخابات، التى تشمل محافظات كبرى مثل القاهرة والشرقية والدقهلية، فمن المنتظر أن تكون أكثر سخونة سياسيًا وإعلاميًا.. ففى العاصمة والدلتا، يتزايد الطابع الحزبى على حساب العائلى والقبلي، ما يعنى أن التصويت البرامجى والسياسى سيظهر بوضوح أكبر.. وهذا قد يتيح فرصة نسبية للقوى المعارضة والمستقلين ذوى الحضور المدنى والإعلامى لتعويض ما فاتهم فى الجولة الأولى، وإن كان ذلك فى نطاق محدود.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "










0 تعليق