بالبلدي: تصاعد تهديدات القوى الكبرى باستخدام السلاح النووى

روز اليوسف 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

يبدو أن العالم يقف على أعتاب مرحلة جديدة من «الردع النووى المعلن» بعد أن عادت القوى العظمى لتلوح مجددًا باستخدام السلاح النووى كأداة لحسم الصراع الجيوسياسى العالمى، فالمواجهة لم تعد مقتصرة على سباق التسلح أو العقوبات الاقتصادية بل تجاوزت ذلك إلى تهديدات مباشرة بين معسكرين:

الأول: يضم روسيا والصين وكوريا الشمالية. 

الثاني: تقوده الولايات المتحدة وحلف الناتو وإسرائيل فيما تراقب الهند وباكستان وإيران المشهد بحذر استراتيجى يوازن بين مصالحها الأمنية ومكاسبها الإقليمية.

المحور الأول: روسيا والصين وكوريا.. تحالف الردع فى وجه الهيمنة الغربية

منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية تحوّل الخطاب الروسى من «العملية الخاصة» إلى لغة الردع النووى الصريح وهو ما عبّر عنه الرئيس فلاديمير بوتين أكثر من مرة حين أكد أن موسكو «لن تتردد فى استخدام كل الوسائل للدفاع عن أمنها القومى»، روسيا اليوم تعيد هيكلة عقيدتها النووية لتظهر استعدادها لاستخدام «الأسلحة التكتيكية» إذا شعرت بتهديد وجودى فى وقت تعمل فيه الصين على توسيع ترسانتها النووية بشكل غير مسبوق منذ الحرب الباردة ضمن خطة لتكافؤ استراتيجى مع واشنطن بحلول عام 2035.

أما كوريا الشمالية، فتسعى إلى ترسيخ «سياسة الردع بالهوس» إذ تلوح باستخدام النووى ضد كوريا الجنوبية واليابان ردًا على المناورات الأمريكية مما يجعل شبه الجزيرة الكورية برميل بارود جاهزًا للانفجار.

المحور الثانى: واشنطن والناتو وإسرائيل.. الردع عبر التفوق التكنولوجى والانتشار النووى

الولايات المتحدة وحلف الناتو يدركان أن التفوق التقليدى لم يعد كافيًا فى مواجهة التحالف (الروسى - الصينى - الكورى) لذا عاد مفهوم «التفوق النووى النوعى» إلى الصدارة عبر تطوير جيل جديد من الرؤوس النووية منخفضة القوة وصواريخ فرط صوتية.

إسرائيل من جانبها تعدّ اللاعب «النووى الصامت» فى الشرق الأوسط لكنها تتابع عن كثب أى تغير فى توازن الردع العالمى فهى تملك -وإن لم تعلن رسميًا- ما يقارب 80 رأسًا نوويًا وتعتبر أن انهيار منظومة الردع الدولى قد يبرر توسيع مظلتها الأمنية تجاه إيران وسوريا ولبنان.

المحور الثالث: الهند وباكستان وإيران.. المراقبون على حافة التوازن

فى جنوب آسيا يقف الثنائى النووى (الهندى - الباكستانى) فى حالة توازن هش تحكمه معادلة «الردع عبر الخوف المتبادل». إلا أن دخول الصين كفاعل مؤثر فى المحيط الهندى قد يدفع نيودلهى إلى تعزيز ترسانتها.

أما إيران فهى تمارس «الردع الرمزى الهيكلى غير الفعّال» إذ تقترب خطوة بعد أخرى من العتبة النووية دون أن تتجاوزها رسميًا وهو ما تم التخطيط له سرًا مستفيدة من الانشغال الأمريكى فى أوروبا والصين»، وبهذا أصبحت طهران «الورقة الحرجة المستخدمة دعائيًا كشبح نووى لدول الخليج» فى توازنات الشرق الأوسط خصوصًا إذا قررت دول الخليج تطوير برامج ردع موازية.

المحور الرابع: التأثيرات على الأمن والسلم الدولى والإقليمى

عالميًا:

تصاعد التهديد النووى يُعيد العالم إلى أجواء ما قبل اتفاقيات الحد من التسلح ويزيد من خطر سوء التقدير أو «الخطأ التقنى» الذى قد يُشعل حربًا لا يمكن السيطرة عليها.

شرق أوسطيًا:

المنطقة العربية والخليجية أصبحت جزءًا من حسابات الردع غير المباشر. فالصراع الهيكلى بين إيران وإسرائيل يمكن أن يتحول إلى حرب بالوكالة النووية اذا تعارضت المصالح فيما بينهما، فيما تستشعر الدول الخليجية الحاجة إلى مظلة ردع عربية أو تحالفية مستقلة تحمى أمنها من الارتدادات النووية.

اقتصاديًا:

تهديد الردع النووى ينعكس على أسواق الطاقة والنفط حيث تتزايد المضاربات وتتصاعد أسعار التأمين والنقل مما يهدد الاقتصاد العالمى بانكماش متجدد.

المحور الخامس: السيناريوهات المحتملة:

السيناريو الأول: «الردع الإعلامى المتبادل مستقر» فيه تستمر التهديدات دون تنفيذ مع الحفاظ على خطوط اتصال أمنية تمنع الانزلاق للحرب.

السيناريو الثانى: «انفجار موضعى» فيه يتم استخدام محدود لسلاح نووى تكتيكى فى مسرح صراع (مثل أوكرانيا أو بحر الصين).

السيناريو الثالث: «سباق تسلح شامل» وفيه انخراط مزيد من الدول فى تطوير أو شراء قدرات نووية بما فى ذلك الشرق الأوسط. 

أخيرًا، العالم على صفيحٍ نووى ساخن

فى ضوء تصاعد التهديدات يبدو أن العالم يدخل مرحلة جديدة من «الردع النووى الصاخب» حيث يستخدم النووى كأداة خطاب سياسى وضغط نفسى يندرج تحت مظلة العمليات النفسية بعيدة المدى أكثر منه كسلاح مادى، ولكن الخطر الحقيقى يكمن فى أن هذا الردع الإعلامى إذا فشل مرة واحدة فقط فستتغير ملامح الكوكب إلى الأبد.

من هنا يبقى المطلوب تعزيز قنوات الحوار وإحياء الاتفاقيات النووية المجمدة وبناء آلية (إقليمية عربية - خليجية) مشتركة للأمن الجماعى قادرة على حماية مصالح المنطقة وسط عودة «الجنون النووى» إلى الساحة العالمية.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" روز اليوسف "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??