كتب
نعمات مجدى
على مدار عقود طويلة، عانى الريف المصرى من الإهمال والتهميش، ما أوقع ملايين المواطنين فى دائرة الفقر والجوع، وحرمهم من أبسط حقوقهم فى الصحة والتعليم والسكن الملائم، لتصبح حياة الكثيرين فى منازل تفتقر لأبسط مقومات الحياة الكريمة، إلى أن جاءت المبادرة الرئاسية «حياة كريمة» التى أطلقها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى 2 يناير 2019 لتكون نقطة تحول حقيقية.
استهدفت المبادرة القرى الأكثر فقرًا، ثم امتدت لتشمل كافة محافظات الجمهورية، فى مشروع وطنى شامل، يعد الأضخم من نوعه فى العصر الحديث.
ومع مرور 6 سنوات على إنشاء مؤسسة حياة كريمة تقترب المبادرة من إنجاز مرحلتها الأولى بتكلفة 350 مليار جنيه، لتنفيذ عدد 23 ألف مشروع فى 1477 قرية ضمن 52 مركزًا فى 20 محافظة ريفية، يستفيد منها 18 مليون مستفيد.
واستحوذت محافظات الصعيد على 68% من مخصصات المرحلة الأولى، بعدد مستفيدين يشكلون 61% من جملة مستفيدي تلك المرحلة، كما تم توجيه أكثر من 70 % من مخصصات المرحلة لمشروعات بناء الإنسان، ومن المخطط الانتهاء من تنفيذ المرحلة خلال العام المالى 2025/2026.
وفيما يتعلق بالموقف التنفيذى للمرحلة الأولى، أن إجمالى المنصرف بلغ 302 مليار جنيه، بنسبة 86 % من إجمالى الموازنة المعتمدة، مع تحقيق نسبة تنفيذ بلغت 88 %، حيث تم الانتهاء من تطوير أكثر من 500 قرية بالكامل.
وعن إنجازات المرحلة الأولى، من بينها زيادة عدد المشتركين بخدمات الصرف الصحى بنسبة 58 %، فضلًا عن زيادة عدد المستفيدين من خدمات مياه الشرب بنسبة 14 %، وكذلك زيادة عدد المشتركين بالغاز الطبيعى بنسبة 366 %، بجانب زيادة عدد المشتركين بالإنترنت فائق السرعة بنسبة %45.
وقد خصصت الحكومة 25 مليار جنيه بخطة العام المالى القادم 25/2026 للبدء فى تنفيذ مُستهدفات المرحلة الثانية من مشروع «حياة كريمة» فى مجالات مياه الشرب والصرف الصحى.
ووفقا لتقرير لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولى فإن الحكومة تحرِص على توفير الاعتمادات المالية اللازمة للارتقاء بخدمات المواطنين فى مُختلف المحافظات وتستهدف خطة عام 25/2026 مُواصلة تطبيق المرحلة الثانية من مُبادرة (حياة كريمة) وتغطى هذه المرحلة 20 مُحافظة بعدد 52 مركزًا وإجمالى 1667 قرية يقطنها 21.3 مليون نسمة.
كما أكدت الخطة إنه توجيه 25 مليار جنيه للبدء فى تنفيذ مُستهدفات المرحلة الثانية من مشروع «حياة كريمة» فى مجالات مياه الشرب والصرف الصحى، بهدف رفع معدل التغطية بالصرف الصحى إلى 90 % على الأقل فى قرى المرحلة الثانية، من خلال تنفيذ 698 مشروع صرف صحى متكامل، وإنشاء وتطوير 97 محطة معالجة بطاقة مليون متر مكعب/ يوم، وتنفيذ 1.8 مليون وصلة صرف صحى منزلية، وكذلك تحقيق التغطية الكاملة بخدمات مياه الشرب، من خلال إنشاء وتطوير 18 محطة، وتنفيذ مشروعات مد وتدعيم شبكات المياه الشرب بأطوال 2350 كم، وتنفيذ 315 ألف وصلة مياه شرب منزلية.
ولم تتوقف الدولة خلال السنوات الست الماضية عن دعم المواطن والعمل على تحسين مستوى معيشته. فقد جاءت المبادرة لتكمل مسيرة التنمية عبر المرحلة الثانية، التى تعكس عزم الدولة بكل أجهزتها على إحداث تغيير شامل فى التجمعات السكنية التى كانت تعانى من الحرمان وغياب الخدمات، لتسهم فى بناء مستقبل مشرق لأكثر من 12.5 مليون مواطن يعيشون فى هذه القرى.
وركزت المبادرة على معالجة أبرز التحديات التى كانت تواجه القرى الريفية، مثل سوء حالة الطرق وغياب الإنارة العامة، والتى كانت تؤثر على قدرة السكان على الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية ومراكز الشباب، ما انعكس بالسلب على الوضع الاقتصادى فى الريف.
ووصف د.مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مشروع “حياة كريمة” خلال المؤتمر الأول للمبادرة، إنه يمثل مشروع مصر فى القرن الحادى والعشرين، قائلا إن هذه المبادرة تتفرد عن مشاريع القرن الـ19 مثل حفر قناة السويس، والقرن الـ20 مثل بناء السد العالي، بأنها مشروع وطنى شامل لكل أرجاء الجمهورية، ويستهدف لأول مرة أكثر من نصف سكان مصر، بما يعادل نحو 58% من المواطنين.
مشيرا إلى أن المشروع يغطى 4500 قرية وأكثر من 28 ألف تابع، موزعة على 175 مركزًا فى 20 محافظة، ويتضمن تنفيذ آلاف المشروعات فى وقت واحد، وهو ما يعكس ضخامة التحدى الوطنى وأهمية المشروع فى إعادة رسم خريطة مصر التنموية
وأكد رئيس الوزراء أن مبادرة «حياة كريمة» ليست مجرد تنفيذ مشروعات بنية تحتية، بل هى إعادة تصميم شاملة لمكونات الدولة المصرية، تشمل جميع جوانب الحياة: الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والصحية والثقافية، لتوفير تنمية شاملة ومستدامة ترفع مستوى معيشة أهالينا فى الريف المصرى.
قائلا إن المبادرة تجمع جهود نحو 20 مبادرة رئاسية سابقة مثل “100 مليون صحة”، و”تكافل وكرامة”، و”مصر بلا غارمات”، لتنفذ متكاملة فى كل القرى المستهدفة، وتتيح للمواطن المصرى اختيار مشروعاته بنفسه لأول مرة، مع مشاركة الشباب المتطوع فى المتابعة الميدانية والتوعية المجتمعية وتقديم الخدمات الطبية.
مشروعات تنموية شاملة
شملت جهود المبادرة منذ إطلاقها عددًا من المحاور الرئيسية كالبنية التحتية والخدمات الأساسية وتضم تغطية كافة القرى بالمياه والصرف الصحى والكهرباء، وتطوير الطرق، وتوفير الغاز الطبيعى لنحو 4 ملايين وحدة سكنية، وإدخال الإنترنت فائق السرعة والألياف الضوئية، وتطوير مكاتب البريد.
إنشاء أكثر من 14 ألف فصل دراسى جديد
وفى محور التنمية البشرية، نجحت المؤسسة فى إنشاء أكثر من 14 ألف فصل دراسى جديد، وصيانة ورفع كفاءة أكثر من 1250 مبنى مدرسيًا، وتوسيع نطاق رياض الأطفال، وتطوير المستشفيات والمراكز والوحدات الصحية وإنشاء 24 مستشفى مركزية جديدة، و1374 مركزًا ووحدة صحية، بالإضافة إلى 1000 قافلة علاجية ومركبات أشعة متنقلة.
وفى محور الشباب والرياضة تم إنشاء وتطوير ما يقرب من 1000 مركز شباب، منها 271 مركزًا جديدًا.
أما بالنسبة للثقافة والهوية الوطنية، فقد تم إحياء الهوية المصرية ونشر الوعى الثقافى وتعزيز ثقافة القراءة والكتابة فى كافة القرى،هذا فضلا عن التدخلات الاجتماعية حيث تم توفير “سكن كريم” يصل إلى 360 ألف وحدة سكنية بعد إضافة دورين أعلى المنازل القائمة لتوفير السكن الكريم دون المساس بالرقعة الزراعية، وتمكين المرأة اقتصاديًا، وتوفير فرص العمل للشباب من خلال برامج التدريب والتشغيل المؤقت.
إطلاق مؤشرات لقياس جودة الحياة
كما شهدت المبادرة لأول مرة إطلاق مؤشرات لقياس جودة الحياة فى الريف المصري، تشمل كفاءة وجودة مياه الشرب، وتغطية الخدمات الصحية والتعليمية، ونسبة التغطية بالصرف الصحي، وزيادة فرص العمل، فضلًا عن إدخال خدمات لم يشهدها الريف من قبل مثل شبكات الغاز الطبيعي، والاتصالات، والمجمعات الزراعية والخدمية المتقدمة.
ويعد هذا المشروع التطبيق العملى لجميع أهداف التنمية المستدامة الـ17 التى أعلنتها الأمم المتحدة، وهو ما جعله محل اهتمام المؤسسات الدولية المرموقة، باعتباره أضخم مشروع لتحقيق هذه الأهداف على مستوى العالم.
ومن جهتها أكدت د. بثينة مصطفى نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة حياة كريمة والمتحدث الرسمى باسم المؤسسة بمناسبة مرور 6 سنوات على إنشاء مؤسسة حياة كريمة فإن المؤسسة قدمت الدعم الغذائى لأكثر من 30 مليون مستفيد فى مختلف محافظات الجمهورية، وذلك على مدار 6 سنوات من العمل المتواصل والمبادرات المجتمعية الفاعلة، ضمن جهودها الميدانية لدعم الفئات الأولى بالرعاية وتعزيز الأمن الغذائى فى مصر
وأضافت إن قطاع الحالات الإنسانية بمؤسسة حياة كريمة قدم مساعدات متنوعة لأكثر من 150 ألف مستفيد من الأسر الفقيرة والمهمشة، بما يشمل النساء المعيلات، والأيتام، وكبار السن، وذوى الإعاقة، فى إطار جهودها المستمرة لدعم الفئات الأكثر احتياجا.
مشيرة إلى إن تدخلاتها تتنوع بين الإغاثات العاجلة التى تشمل المساعدات المالية والطبية والتعليمية وسداد ديون الأسر المتضررة، فضلا عن دعم إغاثى دولى لأهالى غزة، من خلال إرسال أكثر من 750 شاحنة مساعدات، وتنظيم حملات للتبرع بالدم فى مختلف المحافظات المصرية.
بعد ست سنوات من العمل المتواصل، أثبتت مبادرة حياة كريمة أن التنمية ليست مجرد منشآت، بل هى تحول حقيقى فى حياة الإنسان المصري، ورفع لمستوى معيشته، وإحياء للأمل فى الريف، وإعادة بناء مجتمع متكامل قادر على مواجهة تحديات المستقبل.
فى هذه الذكرى، تظل حياة كريمة أيقونة الجمهورية الجديدة، وملحمة وطنية تُحتذى، تتجسد فيها رؤية الدولة فى تطوير الريف المصرى وتحقيق العدالة الاجتماعية لكل مواطن.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "










0 تعليق