بالبلدي: إسرائيل تجند الذكاء الاصطناعى لمحو جرائمها فى غزة!

روز اليوسف 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تسليح الذكاء الاصطناعى بميزانيات ضخمة لإعادة تشكيل الوعى العام العالمى واستخدام الخوارزميات كأدوات هيمنة خطيرة

تسليح الذكاء الاصطناعى بميزانيات ضخمة لإعادة تشكيل الوعى العام العالمى واستخدام الخوارزميات كأدوات هيمنة خطيرة

كتب

آلاء البدرى

مرة أخرى، تبرز إسرائيل كلاعب دنىء فى ساحة المعارك الإلكترونية؛ حيث أقبلت على تطوير ما يُعرَف اصطلاحًا بالإبادة المعلوماتية، وذلك من خلال تسليح الذكاء الاصطناعى وتوجيهه نحو إعادة تشكيل الوعى العالمى.

يجرى ذلك بميزانيات ضخمة وحملات دعائية متقنة ومنصات رقمية واسعة الانتشار، تقوم الحكومة الصهيونية من خلالها بتبديل الحقائق، وتثبيت سرديتها كحقيقة لا جدال فيها، وفق خطة ممنهجة لمحو الذاكرة الرقمية، وإعادة برمجة الإدراك العام، واستخدام «الخوارزميات» كأدوات هيمنة خطيرة تعيد صياغة الماضى، وتتحكم فى الحاضر وترسم المستقبل.

مشروع 545

كشفت تقارير إعلامية لصحيفة هاآرتس العبرية، عن حملة إسرائيلية واسعة النطاق تهدف لمحو الذاكرة الإلكترونية عن الإبادة الجماعية التى حدثت فى غزة، وتُعرَف الحملة إعلاميًا باسم «مشروع 545»، وهى ممولة من قِبَل وزارة الخارجية الإسرائيلية ووزارة السياحة ووكالة الإعلان الحكومية (LAPAM)، كما تم التعاقد مع وكالة هافاس ميديا ألمانيا؛ لتنسيق العمليات مع شركات أمريكية لم يتم الإفصاح عن معظمها.

وتقوم الخطة على استخدام الذكاء الاصطناعى لتوليد محتوى رقمى موجَّه، مع تحليل التفاعل الجماهيرى، وإضافة روبوتات دردشة ومؤثرين افتراضيين مسلحين بمعلومات تاريخية وجغرافية خاطئة.

من بين الشركات المتورطة Clock Tower X المملوكة لبراد بارسكال، المستشار الرقمى لحملة ترامب، وحصلت الشركة على عَقد بقيمة 6 ملايين دولار لإنتاج نحو 100 قطعة محتوى شهريًا، توزع على كل مواقع التواصل الاجتماعى، ويعاد تدوير المحتوى وتحديثه بآلاف النسخ.

ويُعتَبر ما كشفته صحيفة هاآرتس تحولاً نوعيًا فى استخدام الذكاء الاصطناعى كأداة حرب، وتشير وثائق إلى أن إسرائيل عبر منظمة «أصوات من أجل إسرائيل» وشركات عملاقة أخرى تسعى للترويض المباشر لأنظمة الذكاء الاصطناعى مثل ChatGPT وClaude، وذلك من خلال بند تعاقدى يُعرَف بـعملية بحث ولغة؛ بهدف التأثير على نتائج محركات البحث، وكذلك ضخ معلومات وألفاظ موحدة عبر روبوتات الدردشة الذكية عند الحديث عن إسرائيل، مع إعادة تدوير المحتوى بشكل كثيف بحيث يصبح مرجعية ضمنية للأنظمة الإلكترونية الذكية التى تعتمد على تحليل المحتوى المنتشر.

وعَرَّفت منظمة «أصوات من أجل إسرائيل» الذكاء الاصطناعى بأنه أداة أساسية لإدارة الإدراك، وتشكيل الطريقة التى يفكر بها الجمهور؛ وبخاصة صغار السّن. 

ويتفاعل الذكاء الاصطناعى مع الخطاب السياسى حول إسرائيل، ويعمل على إعادة تشكيل استجابات بحيث تصبح الرواية الإسرائيلية أكثر حضورًا وشرعية فى أى إجابات، حتى فى السياقات غير السياسية.

يُعَد هذا التدخل أول محاولة موثقة من قِبَل دولة للتأثير على الذكاء الاصطناعى التوليدى بشكل مباشر، ما يفتح الباب أمام تساؤلات أخلاقية وتقنية حول حيادية الأنظمة الإلكترونية، وقدرتها على مقاومة التلاعب المنهجى بالمحتوى.

 مشروع إستر

مشروع إستر، هو حملة دعائية إسرائيلية مدفوعة الأجر تهدف للتأثير على الرأى العام العالمى؛ وبخاصة الأمريكى، ويستهدف الشباب فى الجامعات عبر تجنيد مؤثرين وترويج روايات مؤيدة لإسرائيل، ومناهضة لفلسطين على منصات التواصل الاجتماعى تيك توك وإنستجرام، وغيرهما، وربط المحتوى برسائل دينية وقيم محافظة لجذب المتدينين.. وتم إطلاق المشروع بمبادرة من مؤسّسة التراث الأمريكى The Heritage Foundation وهى جهة محافِظة مؤثرة فى السياسات الأمريكية، وذلك فى عام 2024 بالتعاون مع شركات تسويق مثل Bridges Partners، ووكالة Havas Media Germany، تحت ستار  مكافحة معاداة السامية، لكن الحقائق تشير إلى أن المشروع يستهدف الداعمين لفلسطين داخل أمريكا، والمنظمات العربية والفلسطينية، والأصوات اليهودية الأمريكية الناقدة لإسرائيل.

ويسعى المشروع لإسكات الأصوات المؤيدة لفلسطين، بما فى ذلك التضامن الطلابى فى الجامعات، عبر الضغط الإعلامى والسياسى، والتضييق على المسلمين والناشطين الحقوقيين، حتى اليهود والمسيحيين المناهضين للصهيونية، وبدأ تطبيقه بالفعل عندما عمدت إدارات الجامعات فى جميع أنحاء الولايات المتحدة الأمريكية بفصل الموظفين وأعضاء هيئة التدريس، وإيقاف وطرد الطلاب الذين ينتقدون دعم الولايات المتحدة للإبادة الجماعية فى غزة، والفصل العنصرى والتطهير العرقى ضد الفلسطينيين والعرب، مع مراقبة المؤسّسات الصهيونية الخاصة للأفراد المنتمين لحركات التضامن مع فلسطين والتبليغ عنهم.

 القبة الحديدية الرقمية

أطلقت اسرائيل أداة بحث رقمى جديدة؛ حيث تروج منصة digitalirondome لنفسها كأداة دفاع مدنى، داعية المستخدمين حول العالم للانضمام لما يسمى بالجيش الرقمى لمواجهة ما تصفه بالمعلومات المضللة، والدفاع عن إسرائيل عبر الإنترنت.   

لكن طريقة إدارة المنصة ومحتواها يكشف عن وظيفة مختلفة تمامًا، فهى لا تقدم تحققًا محايدًا من المعلومات؛ بل تستخدم كأداة تأثير منسق يحفز المستخدمين على التسجيل للحصول على محتوى يتضمن منشورات مصممة مسبقًا، ورسومًا موجّهة، ومواد مرئية مُحَسّنة للنشر المكثف على منصات مثل X وInstagram و TikTok وحتى فيسبوك.

ويعتمد مشروع القبة الحديدية الرقمية بشكل أساسى على تحويل التفاعل عبر الإنترنت لمنظومة تضخيم محتوى عالية التنظيم، تهدف لإعادة تشكيل التصورات العالمية عبر هيمنة خوارزمية على الخطاب الرقمى.

وتعمل المنصة كمنظومة دفاع رقمية نشطة جدًا على مدار الساعة، وهى أيضًا أول محرك تأثير رقمى علنى مؤيد لإسرائيل فى العالم، يقوم بالتجسُّس ومراقبة الإنترنت لرصد الروايات المناهضة لإسرائيل، وإنشاء محتوى مضاد يصنف على أنه حقائق لا تقبل الشك، إلى جانب دعوات مفتوحة للتبرع لدعم نشاط المنصة من خلال طرُق دفع مشبوهة لا يمكن تعقبها.

الإبادة المعلوماتية

الإبادة المعلوماتية، مصطلح جديد ظهر مع الحرب «الروسية- الأوكرانية»، كنوع من الحذف البسيط والتضييق على الحقائق، وبلغ ذروته مع أحداث غزة؛ حيث مارست إسرائيل كل أشكال القَمع الرقمى والهيمنة الخوارزمية والإعلامية؛ بهدف محو الرواية الفلسطينية وتشويه الحقائق، وتجريد الضحايا من صوتهم وشرعيتهم.

وتكشف أرقام ضخمة عن محاولة إبادة معلوماتية إسرائيلية ممنهجة؛ حيث أنفقت الحكومة الإسرائيلية 8.6 مليون دولار على حملة تسمى «كونسرت»، تهدف لإسكات منتقديها من النخبة السياسية فى الولايات المتحدة من أجل إعادة تعريف معاداة السامية فى القانون الأمريكى، وفقًا لصحيفة الجارديان. 

كما دفعت 50 مليون دولار فى صفقة مع جوجل، تستهدف إنكار المجاعة فى غزة، بالإضافة إلى ما يقرب من 150 مليون دولار على مشروع استر لملاحقة المتعاطفين العرب من الجيل الثانى والثالث فى الولايات المتحدة، والسيطرة على انتشار المحتوى الفلسطينى، و3 ملايين دولار على مبادرة أخرى من مؤسّسة «Show Faith by Works» للمستشار الإنجيلى تشاد شنايتجر؛ للسيطرة على الدعم المتراجع بين الإنجيليين الشباب الذين نفروا من إجرام إسرائيل.

وتستخدم الحملة حججًا مستندة للكتاب المقدس؛ بهدف ربط الفلسطينيين وحماس وإيران بالإرهاب، فى حين تصور إسرائيل على أنها مركزية إلهية للمسيحية، وأيضًا تم ضخ مبالغ متفرقة للمؤثرين، قدرت بين 7 لـ 9 آلاف دولار للمحتوى الواحد، إلى جانب مبلغ ضخم لم يتم الإفصاح عنه لتسليح الذكاء الاصطناعى بمعلومات مضللة، وتزييف وتشويه الماضى، ومحو ذاكرة الإبادة والمجاعة فى أحداث غزة.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" روز اليوسف "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??