بالبلدي: محمد صبرى موحـد القطبين

روز اليوسف 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

فى زمنٍ يندر فيه الاتفاق، ويعلو ضجيج المنافسة بين القطبين الأهلى والزمالك، جاء رحيل اللاعب محمد صبرى ليُعيد تعريف المعنى الأعمق للانتماء، ويُذكّر الجميع بأن بعض الرجال أكبر من قمصانهم، وأكبر من الصراع.

ورغم أن الموت عادةً يهدّئ الأصوات ويُسكت التعصب، إلا أن المشهد حمل هذه المرة دلالات أبعد.

فى لحظة وداع “الكونت دى صبرى”، لُوحظ أن صفوف العزاء اختلطت، والقلوب اقتربت، وأن رجلًا واحدًا تمكّن – حتى بعد رحيله – من أن يوحّد القطبين فى قبره.

وسط هذا المشهد الإنسانى الاستثنائي، كان سيد عبدالحفيظ أحد أهم أضلاع القصة، الحاضر الأول، والصادِق فى حزنه، والواقف عند حدود الواجب والإنسانية دون حسابات خاصة.

 إنسانية الوداع

لم يكن حضور سيد عبدالحفيظ فى جنازة صبرى مجرد “أداء واجب”، بل بدا وكأنه جزءٌ طبيعى من سيرة لاعبٍ ترك أثرًا عميقًا فى الجميع.

رجل ينتمى إلى الأهلى حتى النخاع، لكنه كان من أوائل من سارعوا إلى حضور الدفن والعزاء، متقدمًا الصفوف، مواسيًا أسرة الراحل، وقادرًا بأخلاقه على أن ينال احترام مجتمع الزمالك بأكمله.

هذا المشهد لم يكن استثناءً، بل امتدادًا لشخصية اعتادت أن تُقدّم قيمة الإنسان قبل أى شىء، مهما اشتدت المنافسة.

وجوده فى وداع صبرى بدا كأنه «جسر أخير» يمده لاعب رحل بين جمهورين فرّقت بينهما كرة القدم، وجمع بينهما احترام رجلين. أحدهما حي، والآخر غادر تاركًا أثرًا لا يُمحى.

 

 

 

 حضور يذيب المنافسة

عبدالحفيظ لم يحضر بمفرده فقط، بل دعا وليد صلاح الدين، مدير الكرة، ليكونا معًا ممثلين عن الأهلى.

خطوة دفعت مدرب الأهلى ييس ترووب نفسه إلى التقدم بالعزاء، فى مشهد نادر يجمع جهازًا فنيًا أجنبيًا بلاعب زملكاوى تاريخى.

حتى صفحات الزمالك على منصات التواصل احتفت بالموقف، وكتبت: «دا احترام.. ودا أخلاق».

 مواقف تتكلم

الحقيقة أن كل الإشادات، وكل المشاعر التى امتزجت لم تكن لتتجلى بهذه القوة لولا اسم واحد: محمد صبرى.. الرجل الذى اتفق الجميع على محبته، حتى بعد الرحيل.

ورغم أن لـ «عبدالحفيظ» رصيدًا كبيرًا من المواقف الإنسانية مع عائلة محمد عبدالوهاب، وأسرة أيمن رمضان، وغيرهما، إلا أن حضوره فى جنازة صبرى تحديدًا حمل طابعًا خاصًا، لأنه كشف عن قيمة اللاعب الراحل، وعن حجم أثره، وعن قدرته على جمع من فرّقتهم المنافسة.

عبدالحفيظ كان «الضلع المكمل» فى لوحة إنسانية رسمها صبرى برحيله، ولوحة كهذه لا يرسمها إلا لاعب أحبّه الجميع، حتى الذين لم يشجعوا فريقه.

 موحّد القطبين

لم يكن لقبًا مُخططًا له، ولا حملة إعلامية، ولا محاولة لاستغلال اللحظة، كان واقعًا فرض نفسه أمام القبر المفتوح: رجل رحل، فاجتمع عليه الأهلى والزمالك، رحل فبكى خصومه قبل محبيه.

رحل فوقف عند نعشه مسئول أهلاوى كبير بحجم سيد عبدالحفيظ، ليقول للعالم إن الأخلاق أعلى من الألوان، وإن محمد صبرى رجل لا يُنسى.

هكذا.. وحد صبرى القطبين، بعد أن عجزت الكرة عن ذلك سنوات طويلة.

وهكذا سيبقى اسمه محفورًا: محمد صبرى.. موحّد القطبين فى قبره.

 

محمد صبرى.. السيرة التى صنعت الاحترام

 

ولد محمد صبرى فى 7 أبريل 1974 ببلبيس فى الشرقية، وبدأ رحلته فى ناشئى الزمالك قبل أن يصعد إلى الفريق الأول عام 1993 ويصبح أحد أبرز نجومه عبر جيلٍ كامل.

• سجل 35 هدفًا، واشتهر بلقب المدفعجى والكونت دى صبرى.

• توّج بـ 15 لقبًا مع الزمالك، منها دورى أبطال إفريقيا مرتين.

• احترف فى الكويت مع كاظمة عام 1999.

• مثل منتخب مصر فى 3 مباريات دولية، وكانت الإصابات سببًا فى حرمانه من تاريخ أكبر.

• اعتزل فى الاتحاد السكندرى، واتجه للتدريب مكتشفًا نجومًا أبرزهم مصطفى فتحى.

• فى الإعلام، كان من أكثر المقدّمين احترامًا وتواضعًا، يتقاضى أقل أجر دون أن يشتكي، مقتنعًا بأنه يخدم الزمالك قبل نفسه.

• رحل فى 14 نوفمبر 2025، تاركًا خلفه محبة لم يعرفها كثيرون فى حياتهم.

هذه السيرة هى التى صنعت اللحظة.. وجعلت عبدالحفيظ يقف عند قبره بصدق، وجماهير الزمالك ترحب بمسئول أهلاوى بكل تقدير.

 

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" روز اليوسف "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??