بين تجارب مخرجين حصدوا السعفة والـ«أوسكار» وأسماء شابة تفرض لغتها البصرية على خريطة السينما العالمية، يستقبل مهرجان القاهرة السينمائى الدولى فى دورته السادسة والأربعين عشرات الأفلام العالمية، فى تظاهرة تعيد إلى الأذهان وهج المهرجان كمنصة لاكتشاف الاتجاهات الجديدة فى صناعة السينما.

وفى هذا التقرير تستعرض «روزاليوسف» أهم 10 أفلام عالمية بالمهرجان يجب أن تشاهدها عزيزى القارئ وعلى مسئوليتنا.

1 

‏The Odyssey of Joy

أوديسا الفرح

من كوسوفو إلى القاهرة، جاء فيلم (The Odyssey of Joy) ليحمل جمهوره فى رحلة إنسانية تمزج بين ألم الحرب وبريق الطفولة. العمل، الذى أخرجه «زجيم تيرزيقى»، يُعرض ضمن البرنامج الرسمى لأسبوع النقاد بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، بعد مشاركته المميزة فى عدد من المهرجانات الأوروبية، حيث حظى بإشادات نقدية واسعة لصدقه البصرى وعمق معالجته.

تدور أحداث الفيلم حول الطفل «ليس» ذى الأحد عشر عامًا، الذى يعيش مع أسرته فى شقة صغيرة عقب نزوحهم من أهوال حرب كوسوفو. وفى لحظة قدرية، ينضم إلى فرقة من المهرجين الفرنسيين تجوب البلاد لإسعاد الأطفال المتضررين من الحرب، ليصبح هو نفسه مرآة لجراح الطفولة وشفائها. 

الفيلم إنتاج مشترك بين كوسوفو وفرنسا، ويعدّ من التجارب التى تمثل روح المهرجان فى احتفائه بالسينما التى تُعيد للإنسان معناه وسط الرماد.

 

‏2

‏The Silent Run

الركض الصامت

ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، يشهد الجمهور العرض العالمى الأول للفيلم البلجيكي–الفرنسى (The Silent Run) للمخرجة «مارتا بيرجمان»، فى تجربة إنسانية مشحونة بالتوتر والواقعية، تتناول واحدة من أكثر القضايا إيلاما فى عالمنا المعاصر وهى الهجرة غير الشرعية.

تقدّم «بيرجمان» حكاية مؤثرة عن عائلة صغيرة تتكون من أب وأم وطفلتهما البالغة عامين، يجدون أنفسهم عالقين مع مجموعة من المهاجرين فى مؤخرة شاحنة تعبر الحدود من بلجيكا نحو المملكة المتحدة. وفى ليلة واحدة، تتقاطع مصائرهم مع ضابط شرطة مخضرم يطارد المهرّبين، لتتحول الرحلة من هروب صامت إلى مواجهة وجودية تمتحن حدود الخوف والإنسانية.

 

‏3

‏The Blue Trail

المسار الأزرق

افتُتحت الدورة السادسة والأربعون من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى بعرض الفيلم البرازيلى (The Blue Trail) للمخرج «جابرييل ماسكارو»، فى عرضٍ خارج المسابقة الرسمية. 

الفيلم الذى حصد جائزة الدب الفضى الكبرى فى مهرجان برلين السينمائى الـ75، يُعد من أبرز الإنتاجات اللاتينية لهذا العام .

تدور القصة حول «تيريزا» – بأداء الممثلة الكبيرة «دينيس واينبرج» – وهى امرأة فى السابعة والسبعين من عمرها تُجبر على التقاعد وتُسلب أبسط حقوقها بذريعة التكريم الرسمى لكبار السن. لكنها ترفض الخضوع .

يقدم المخرج فى هذا الفيلم، عالم «ديستوبى» الأخّاذ الذى  يفضح التناقض بين التقديس الزائف للمسنين وإقصائهم عن الحياة.

 

‏4

Death Does Not Exist

الموت لا وجود له

من عروض المسابقة الرسمية فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، يأتى الفيلم الكندي–الفرنسى (Death Does Not Exist) للمخرج «فيليكس دوفور لابيريير»، فى تجربة بصرية مدهشة تمزج بين التحريك والفلسفة والسياسة، وتعيد التفكير فى معنى الحياة والموت والحرية الفردية.

يحكى الفيلم قصة «هيلين»، الناشطة السياسية التى تهرب إلى أعماق الغابة بعد فشل هجوم مسلح شنّته مجموعتها على أصحاب الأراضى الأثرياء. وبين ظلال الأشجار وأصداء الذنب، تطاردها أرواح رفاقها الذين توفوا فى العملية، لتجد نفسها فى وادٍ سحرى تتداخل فيه حدود الواقع والخيال، والحياة والموت.

 

5

As We Breathe

بينما نتنفس

من تركيا والدنمارك، يأتى فيلم (بينما نتنفس) للمخرج «سيموس ألتون»، فى عرضه الأول داخل الوطن العربى بعد عرضه العالمى الأول فى مهرجان تورنتو السينمائى الدولى الأخير، حيث لفت الأنظار بقسوته الإنسانية وجماله البصرى الآسر.

تدور أحداث الفيلم فى قرية نائية بجبال الأناضول، حين يتسبب حريق كيميائى ضخم فى مصنع محلى فى انتشار سحب من الدخان السام تغمر المنطقة. وبينما تُجبر الأسر على الإخلاء، يرفض الأب «محمد، هاكان كارسَك» مغادرة منزله، محاولًا حماية أسرته وسط انهيار اقتصادى وصحى يهدد الجميع. ومن خلال عينى ابنته الطفلة، نتابع حكاية النضوج القاسى وسط الفوضى، حيث تتبدّل صورة الأب من البطل الحامى إلى الرجل العاجز أمام قسوة الواقع.

 

‏6

Sand City

مدينة الرمال

فى فيلمه الروائى الطويل الأول (مدينة الرمال)، يرسم المخرج البنغالى «مهدى حسن» لوحة شاعرية عن الاغتراب الإنسانى وسط صخب المدن المكتظة، من خلال قصتين تسيران فى خطين متوازيين لا يلتقيان أبدًا. بين «إيما»، الشابة التى تنتمى لأقلية عرقية وتعيش فى عزلة وتجد فى حفنة الرمل التى تجمعها لقطةً من الطمأنينة، و«حسن»، العامل الذى يسرق رمل السيليكا من مصنع الزجاج ليصنع أحلامه الخاصة، يبنى الفيلم عالمًا من الرموز والمجازات عن الحياة الهشة فى مدينة لا تهدأ.

وبصورة مشبعة بالألوان وضوءٍ حالم، وموسيقى تمزج الواقع بالوهم، تتحول دكا إلى كائن نابض بالتحولات والظلال. (مدينة الرمال) عمل لا يسعى إلى الحكاية بقدر ما يتأمل هشاشة الإنسان وسط البناء المستمر والانهيار الدائم.

 

7

Dragonfly

‏ اليعسوب

يشارك فيلم (اليعسوب)، ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة السينمائى.. وتُنسج حكايته على خيوطٍ من العزلة والتعاطف، حيث تنشأ صداقة غير متوقعة بين جارتين تمضى بهما الحياة فى اتجاهين متباعدين. «كولين»، التى تعيش على هامش المجتمع، تكتشف فى رعاية جارتها المسنّة «إلسى» معنى جديدًا للوجود، بعدما تَرى تقصير العالم فى حق من يُسمَّون «المنسيين». من خلال سرد مؤلم ومشحون بالتوتر الإنسانى، يضع الفيلم المُشاهد أمام تساؤلات صعبة عن نوايانا، وعن الخط الفاصل بين الرحمة والتطفل، والنية الصافية والمصلحة الخفية.

(اليعسوب) عمل إنسانى رقيق يمسّ القلب ويهزّ الضمير، ويسلّط الضوء على هشاشة الكبار فى العمر، وعلى حاجتنا الدائمة إلى أن نُرى ونُحبّ، حتى وإن جاءت المحبة من مكانٍ غير متوقع.

 

8

A son

‏ابن

فى الفيلم الإسبانى - البرتغالى (ابن)، تنكشف مأساة صامتة خلف ابتسامة طفلٍ فى الثامنة من عمره. حيث تصل الإخصائية النفسية المدرسية ماريا، حديثة العهد بالمهنة،، إلى مدرسته، لكن حدسها يخبرها أن وراء سعادة الطفل الجديدة ألمًا دفينًا. تبدأ رحلة الغوص فى أعماق رسوماته بحثًا عن الحقيقة، بينما تواجه مقاومة شرسة من والده الغامض.

الفيلم يأتى فى أجواء نفسية مشحونة بالتوتر، ويوازن بين الرهافة الإنسانية والغموض، ويستكشف كيف يمكن للخطوط البسيطة على الورق أن تكشف عالمًا كاملًا من الأسرار، وأن تصبح مرآةً لما يخفيه الصمت خلف العيون الصغيرة.

 

‏9

In My Parents House

فى منزل أهلى

فيلم للمخرج الألمانى «تيم إلريش» يقدم دراما إنسانية قاسية تتسلل بصمت إلى قلب العائلة لتكشف هشاشة الروابط حين تتحول الرعاية إلى عبء. حيث تدور القصة حول «هولى»، المرأة التى تمزقها المسئوليات بين عملها ورعاية والديها المسنين وشقيقها المريض بالفصام، وسط لا مبالاة زوجٍ متعب وأشقاءٍ يهربون من الواجب.

الفيلم، مصوَّر بالأبيض والأسود فى منزل عائلة المخرج الحقيقى، ويلتقط لحظات الإنهاك الإنسانى فى أنقى صورها، حيث تتأرجح البطلة بين الإخلاص والغضب واليأس. ويمنح أداء البطلة «جينى شيلى» المتفجر لقصة الفيلم توهجًا حقيقيًا، بينما يظل شقيقها «سفين»، الذى يجسده «ينس بروك»، لغزًا إنسانيًا مؤلمًا.

‏

 

10

Siblings

الأشقاء

فيلم إيطالى، من إخراج «جريتا سكارانو» فى أول تجربة لها كمخرجة لفيلم روائى طويل ويحكى الفيلم عن «إيرين»، الشابة التى تعمل فى شركة كبيرة للطاقة الشمسية فى روما، وتضطر للعودة إلى مسقط رأسها فى ريمينى بعد إصابة والدتها بالسرطان لتتولى رعاية شقيقها الأكبر.

مع مواجهة أولية صعبة بينهما، ثم تبدأ رحلة التفاهم والقبول الذاتى، لتتطور العلاقة بين الأخوين إلى رابط ناضج ومليء بالتعاطف، مستعرضة صعوبات العيش مع اضطراب طيف التوحد بأسلوب كوميدى إنسانى. 

يُبرز الفيلم الأداء المتميز لكل من بطليه وخاصة الصبى الذى يعتبر من ذوى طيف التوحد، لكنه يقدم كوميديا صادقة ومليئة بالعاطفة، فى توازن بين التحديات الواقعية والتفاؤل الإنسانى.