
الأحد 23 نوفمبر 2025
فى الوقت الذى لا يتوقف فيه الحديث عن تطوير منظومة العلاج الطبى فى مصر، نجد أن أهم عنصر فى هذه المنظومة (وأقصد هنا الأطباء) يعانون من ارتفاع معدلات الاعتداء عليهم داخل المستشفيات، بخلاف توجيه سهام النقد والتجريح والتهديد والوعيد، الذى يصل فى بعض الأحيان إلى الضرب والإهانة، ليجدوا أنفسهم بين ليلة وضحاها يدخلون فى أتون معركة ليس لهم يد فيها، معركة تتجاوز بكثير نقص التجهيزات والكوادر فى المستشفيات التى يعملون بها وارتفاع عدد المرضى الذين تستقبلهم يوميًا، يحدث كل هذا فى ظل ضعف ملحوظ فى الأجور، خاصة بالنسبة للأطباء حديثى التخرج، مقارنة بالدول الأخرى التى يفضل أغلبهم الهجرة إليها، عقب تعرضهم لضغوط مهنية تصل إلى حد التنمر والاستهداف الشخصى لجل من يمارس مهنة الطب فى مصر. وتحديدًا عندما تتدهور حالة المرضى الذين ينشدون العلاج لسبب أو لآخر. مما جعل نقابة الأطباء تطالب بحماية العاملين فى القطاع الطبي، الذين يعملون فى بيئة غير آمنة، ويجعل العديد منهم يفكر فى الهجرة خارج مصر، بحثا عن بيئة آمنة وأكثر استقرارا ودخل عادل مفقود داخل وطنهم. وهذا ما أكده أمين صندوق النقابة العامة للأطباء، أبو بكر القاضى حين قال: إن عدد أعضاء النقابة يصل إلى حوالى 260 ألفًا، يعمل ما بين 110 إلى 120 ألفًا منهم فى مصر، أى إن أكثر من %50 من الأطباء المصريين خارج المنظومة الصحية المصرية، ما بين طبيب حر ومستقيل من وزارة الصحة وما بين أطباء هاجروا للخارج، مشكلة أو أزمة (سمّها كما تشاء عزيزى القارئ) جعلت معظم أطباء الدفعات الجديدة يرفضون استلام تكليف العمل بوزارة الصحة، مفضلين تقديم استقالاتهم للسفر إلى الخارج. سواء لاستكمال الدراسات العليا والعمل فى كبرى المستشفيات، أو للبحث عن مردود مالى أفضل. بعيدًا عن سخرية المجتمع منهم، وتصويرهم على أنهم تجار بشر لا تعنيهم صحة المرضى الذين يتعاملون معهم. وتحميلهم مسئولية نقص الإمكانيات وضعف منظومة العلاج الذى لا يتحكمون فيها، ليتركهم المجتمع فريسة للاعتداء عليهم والسب والضرب والإهانة داخل المستشفيات. ليقعوا بإرادتهم أو بدونها ضحايا التنمر والاستهداف، من قبل البعض من أهالى المرضى ممن غابت عنهم حقيقة الدور الهام الذى يؤديه العاملون فى هذه المهنة للمجتمع. حينها يغيب عن قصد وتعمد مفهوم الرسالة التى وقعت على عاتق العاملين فى مهنة الطب، التى تمت استباحتها من قبل بعض المتشنجين، الذين لا يستطيعون التفرقة بين الخطأ الفردى والواقع والظرف المنهك الذى تعانى منه مؤسساتنا الطبية.
ورغم أن واقع الأزمة أو المشكلة يؤكد فى الحقيقة، أن الطبيب ليس خصمًا للمريض، ولا المستشفيات ساحة صراع، إلا أن هناك شرخًا فى العلاقة الإنسانية بين الطرفين، نتيجة غياب التواصل والمعرفة بين الطرفين، المقترن بضغوط اقتصادية واجتماعية، تجعل المواطن أكثر حساسية تجاه أى قصور.
ومن أجل ترميم أو لنقل إصلاح هذا الواقع. علينا أن نعيد الثقة التى افتقدت بفعل فاعل بين الطبيب والمريض، والتى للأسف أسهمت فيها بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى غير المسئولة التى بدورها ترفع من وتيرة الأزمة. مع ضرورة سن قوانين رادعة لحماية العاملين فى المستشفيات (أطباء أو مساعدين) مع تحسين بيئة العمل من خلال حصولهم على أجور عادلة وساعات عمل تتناسب مع ما يقدمونه من جهد، بالإضافة إلى توفير المعدات والتجهيزات الفنية التى تساعد فى سرعة علاج المريض، لأنه فى النهاية حماية الطبيب وجعله يعمل فى أمان فيه أمان للمريض نفسه، بل هى ضرورة لضمان حق المواطن فى العلاج. وأعتقد جازمًا أن إقرار قانون المسئولية الطبية حدد عقوبات تصل إلى الحبس حال التعدى على الأطباء وطواقم التمريض.
وقتها فقط سوف تعود الثقة لمنظومة العلاج فى مصر، وبغير ذلك سوف يدفع الجميع الثمن.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "

















0 تعليق