كتب
وليد جاب الله
لقد شهد شهر نوفمبر عام 1869 بداية تشغيل قناة السويس كممر ملاحى، ومُنذ ذلك التاريخ كانت هناك مُحاولات لإنشاء عدد من مشروعات الخدمات الملاحية لخدمة السفن التى تمر بالقناة، لكن دائما ما كان هناك حلم كبير بتحويل منطقة قناة السويس إلى منطقة اقتصادية كبرى للاستفادة من هذا الموقع الفريد ومن المزايا التنافسية الكبرى لتلك المنطقة، وانتظر هذا الحلم نحو 146 عامًا حتى بدأ يتحول إلى حقيقة بإصدار الرئيس عبدالفتاح السيسى القرار رقم 330 لسنة 2015 بإنشاء الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تلك الهيئة التى تولت مهمة إنشاء تلك المنطقة على مساحة نحو 455 كيلومترًا فى محور قناة السويس. وقد كانت البداية بتصميم المشروع الذى يتركز على إنشاء 4 مناطق صناعية كبرى، و6 موانئ مُتطورة، وقد نظمت الهيئة مسار الاستثمار من خلال استهداف كل منطقة من تلك المناطق للاستثمارات التى تُناسبها، حيث نجد أن:
• منطقة العين السخنة، تم تخصيصها لاستقبال الصناعات التقليدية، مثل صناعات مواد البناء، والمنسوجات، والأجهزة المنزلية، والأدوية والمستحضرات الطبية، والبتروكيماويات.
• منطقة وادى التكنولوجيا بشرق الإسماعيلية، تم تخصيصها للصناعات عالية التقنية، ومشروعات الطاقة المُتجددة، وتكنولوجيا التصنيع، فضلًا عن الصناعات المرتبطة بالمواد الخام القريبة من تلك المنطقة كصناعات الجبس ومواد البناء.
• منطقة القنطرة غرب، وتم تخصيصها للصناعات الخفيفة، والصناعات التى تتطلب كثيفة الأيدى العاملة كصناعات النسيج، والمنتجات الزراعية، فضلًا عن مشروعات اللوجستيات وغيرها من المشروعات المُناسبة لطبيعة تلك المنطقة.
• منطقة شرق بورسعيد، والتى تُعتبر درة التاج لمشروع تنمية محور قناة السويس، فقد استهدفت قائمة استثمارات أكثر تنوعاً مثل صناعات الطاقة، وتكنولوجيا المعلومات، وصناعات الهندسية بكافة أنواعها، وصناعات مواد البناء، والمنسوجات، والأجهزة المنزلية، والسيارات، والصناعات الغذائية، وغيرها من الصناعات التى تستهدف الاستفادة من الموقع الفريد لتلك المنطقة.
• الموانئ الستة التى تدخل فى المشروع، وهى موانئ شرق، وغرب بورسعيد، والعين السخنة، والسويس، والأدبية، والعريش، فقد استهدفت المشروعات المُتعلقة بالملاحة والنقل واللوجستيات، حسب طبيعة كل ميناء من تلك الموانئ.
وهكذا تم مُراعاة طبيعة كل منطقة واستغلال المزايا الجغرافية لكل منها فى جذب الاستثمارات التى تُناسبها، بعد أن تم ضخ استثمارات كبرى فى مجال تهيئة البنية التحتية لتلك المناطق، وهو ما أهلها مع عناصر اخرى للنجاح فى تحقيق مُستهدفاتها بصورة تدريجية، يمكن لنا أن نرصد وبعد مرور 10 سنوات من بداية المشروع، انتشارًا كبيرًا للمشروعات فى كافة مناطق محور قناة السويس حيث نجد أن:
• منطقة العين السخنة قد نجحت فى جذب استثمارات كبرى أهمها مجمع البتروكيماويات باستثمارات تجاوزت 7,5 مليار دولار، وهو المشروع الذى من المتوقع أن يوفر نحو 2500 فرصة عمل مع اكتمال تشغيله. ومشروعات مع الشركات الصينية أهمها مشروعات لصناعة المنسوجات، ومجمع لتصنيع مكونات الطاقة الشمسية، ومشروع إنتاج البولى إثيلين لإحدى الشركات الهندية، ومصنع لإنتاج مُنتجات التعقيم ومُستحضرات التجميل باستثمار يابانى، ومشاريع لإنتاج أنابيب الفولز، وإطارات السيارات، وكابلات الألياف الضوئية باستثمارات صينية إماراتية، ومدينة صناعية مُتكاملة لشركة أوراسكوم المصرية، وعدد متنوع من المصانع الأخرى لشركات مصرية، بما يعكس تنوع المشروعات من حيث المُنتجات والقدرة على جذب الاستثمار الأجنبى، والنجاح فى خلق فرص عمل تُقدر بما يزيد على 30 ألف فرصة عمل مُباشرة وغير مُباشرة.
• منطقة شرق الإسماعيلية، وقد نجحت فى جذب استثمارات فى الغزل والنسيج، وصناعة الجبس، والأكياس البلاستيكية، والمنسوجات، وقطع السباكة، وغيرها من المشروعات سيما فى المنطقة الحرة التى تم إنشاؤها بها.
• منطقة القنطرة غرب، كانت من أنجح مناطق المشروع خلال المرحلة السابقة فى مجال الصناعات الخفيفة، حيث ضمت نحو 46 مشروعًا صناعيًا، منها استثمارات تمت الموافقه عليها لشركات صينية فى مشروعات الملابس الجاهزة بقيمة 155 مليون دولار، والملابس الرياضية بقيمة 7 ملايين دولار، ومشروع لأرضيات pvc باستثمارات نحو 85 مليون دولار. واستثمار لشركة باكستانية فى مجال الملابس الجاهزة بقيمة 35 مليون دولار. ومصنع لشركة ألمانية فى أثاث الحدائق باستثمار نحو 7 ملايين دولار، واستثمار لشركة يونانية فى مجال الملابس الجاهزة بقيمة 4 ملايين دولار، وغيرها من الشركات التى غيرت وجه الحياة فى تلك المنطقة، بما يسهم فى خلق ما يزيد على 60 ألف فرصة عمل مُباشرة وغير مُباشرة.
• منطقة شرق بورسعيد، فقد نجحت فى جذب ما يزيد على 15 مشروعًا توفر نحو 20 ألف فرصة عمل، منها استثمارات تركية فى مصنع للملابس الجاهزة، وآخر لخيوط الأقمشة، وآخر لتغليف العبوات. واستثمارات صينية إماراتية فى عدد من مصانع المنسوجات.
• مناطق الموانئ الستة لمشروع تنمية قناة السويس من أهم العناصر الجاذبة للاستثمارات فى تلك المنطقة، حيث تُشير التقديرات إلى أن حجم الاستثمارات فى تلك الموانئ تجاوز 6 مليارات جنيه، حيث نجحت مشاريع الموانئ واللوجستيات فى خلق ما يزيد على 136 ألف فرصة عمل مُباشرة وغير مُباشرة. وقد شاركت فى ذلك استثمارات من دول الصين، والهند، وألمانيا، وكوريا الجنوبية، وفرنسا، وكندا، وهونغ كونغ، والإمارات، والسعودية، والأردن، واليونان، وغيرها، حيث ساهمت تلك الاستثمارات فى تنفيذ الكثير من المشروعات والتى من أهمها، تطوير محطة حاويات العين السخنة، وتنفيذ مشاريع صوامع الأسمنت فى موانئ العريش وغرب بورسعيد، وتنفيذ المحطة مُتعددة الأغراض لخدمات البترول، ومشروع الصوامع الجافة فى ميناء غرب بورسعيد، ومشروعات اللوجستيات المُتعددة بالموانئ الستة، فضلاً عما تم توقيعه من مشروعات خاصة بالهيدروجين الأخضر، والطاقة المُتجددة، وأنشطة الحاويات.
وقد نجحت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس فى أن تُصبح هدفاً دوليا لتواجد مناطق اقتصادية مُتخصصة لعدد من الدول، تقوم فيه بضخ استثماراتها فى المنطقة، ومن ذلك المنطقة الاقتصادية الصينية، بالعين السخنة على مساحة بلغت نحو 7 كيلومترات مربعة، والتى تضمنت مشروعات مثل، مصنع إنتاج البروم ومشتقات المياه المالحة، ومصنع لإنتاج الزجاج باستثمارات بلغت نحو 300 مليون دولار، ومصنع لإنتاج الكلور باستثمارات بلغت نحو 500 مليون دولار، مصنع لإنتاج الخلايا الشمسية باستثمارات بلغت نحو 100 مليون دولار، مصنع لإنتاج مكونات للأجهزة المختلفة باستثمارات بلغت نحو 50 مليون دولار، وغيرها من المصانع القائمة والتى قيد الإنشاء، فضلًا عن الأعمال التى تتم لاستكمال مسار المناطق الاقتصادية لدول روسيا، واليابان، كوريا الجنوبية وبولندا، واهتمام أمريكى أوروبى بالتواجد فى تلك المنطقة.
ومنطقة قناة السويس ليست فقط جاذبة للاستثمارات الأجنبية، لكنها تُمثل أفقًا واسعًا لنمو الاستثمارات المصرية التى تقوم بمئات المشروعات بها سواء فى مجال تنفيذ المنطقة نفسها وتطوير بنيتها التحتية، أو فى بناء صناعات مُتطورة بها، مثل مشروعات شركة السويدى إليكتريك، ومشروع مجمع الصلب الوطنى، ومشروع مجمع مكونات الطاقة الشمسية، ومشروع مسعود ستيل لصناعة العبوات، غيرها.
والمؤكد أن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس أصبحت أكثر قوة وقدرة على تحقيق انطلاقة أكبر خلال الفترة القادمة التى نتوقع لها تحقيق نتائج أكبر وخطوات أسرع فى مجال تحقيق الأهداف المصرية لهذا المشروع.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "

















0 تعليق