قررت هيئة الرقابة المالية إلغاء نحو 36 % من تراخيص الجمعيات والمؤسسات الأهلية من الفئة “ج”؛ بسبب التقاعس عن الالتزام بالقواعد المنظمة وضوابط ممارسة النشاط، وتحقيق الهدف منها في تقديم التمويل الداعم للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
يُقصد بالتمويل متناهي الصغر كل تمويل لأغراض اقتصادية إنتاجية أو خدمية أو تجارية بالمجالات، وبالقيمة التي يحددها مجلس إدارة “الرقابة المالية”، بما لا يجاوز 100 ألف جنيه، ويجوز بقرار من رئيس مجلس الإداراة، بناء على اقتراح من مجلس إدارة الهيئة، زيادة الحد الأقصى بما لا يجاوز 5 % سنويًا، وفقًا للظروف الاقتصادية ومتطلبات السوق.
تضم الفئة “ج” الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي يبلغ حجم محافظها 10 ملايين جنيه فأقل، ويبلغ العدد الإجمالي لها بمختلف أنحاء الجمهورية 698 مؤسسة وجمعية، قبل أن تقرر “الرقابة المالية” إلغاء تراخيص 258 منها دفعة واحدة لعدم التزامها بالضوابط.
يصل عدد جمعيات ومؤسسات التمويل متناهي الصغر المرخصة من الهيئة العامة للرقابة المالية بوجه عام إلى 754 جمعية ومؤسسة أهلية، يتوزع ذلك العدد وفقًا لمحفظة التمويل الخاصة بكل منها، بواقع 23 جمعية ومؤسسة أهلية من الفئة (أ) التي يزيد حجم محافظها التمويلية عن 50 مليون جنيه، و33 جمعية ومؤسسة أهلية من الفئة (ب) التي يتراوح حجم محافظها بين 10 و50 مليون جنيه، أما الفئة (ج) فهي الأكبر بينها من حيث العدد، وهي المؤسسات التي تعمل في الغالب مع الفئات الأشد احتياجًا للتمويل.
بحسب الرقابة المالية، فإن قراراها جاء بعد سلسلة مطولة من المتابعة والفحص، أثبتت إخلال تلك الجمعيات بمتطلبات الإطار التشريعي الحاكم لنشاط التمويل متناهي الصغر، وفق القانون رقم 141 لسنة 2014 وتعديلاته بالقانون رقم 201 لسنة 2020، والتي تستهدف بناء سوق أكثر كفاءة وقدرة على دعم الفئات الأكثر احتياجًا.
الهيئة استنفدت كل الحلول
ينص القانون، على أن تتخذ الشركات التي تمارس التمويل متناهي الصغر شكل شركة مساهمة، وأن يقتصر نشاطها على التمويل متناهي الصغر، وألا يقل رأسمالها المصدر والمدفوع الذي يقرره مجلس إدارة هيئة الرقابة المالية، عن خمسة ملايين جنيه.
كما يمنح لبعض العاملين بالهيئة صفة مأمور الضبط القضائي في إثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة للقانون والقرارات الصادرة تنفيذا له، ومن حقهم الاطلاع على السجلات والدفاتر المستندات والبيانات بمقرات الشركات والجمعيات الأهلية والأماكن التي توجد بها، وعلى المسئولين بالجهات المذكورة، أن يقدموا إلى موظفي الهيئة البيانات وصور المستندات التي يطلبونها لهذا الغرض.
لكن في الوقت ذاته، لا يجوز اتخاذ إجراءات التحقيق أو رفع الدعوى الجنائية بالنسبة للجرائم التي تقع من الشركات والجمعيات والمؤسسات التي تزاول نشاط التمويل متناهي الصغر بالمخالفة لأحكام القانون، إلا بطلب كتابي من رئيس الهيئة، ويكون للأخير أو من يفوضه التصالح عن هذه الجرائم في أية حالة كانت عليها الدعوى، مقابل أداء مبلغ لا يقل عن مثلي الحد الأدنى للغرامة، ولا يجاوز نصف حده الأقصى.
ويترتب على التصالح انقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة للجريمة التي تم التصالح بشأنها، وتأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة، إذا تم التصالح أثناء تنفيذها، ولو بعد صيرورة الحكم باتًا.
كيانات منتشرة في كل مكان
جاءت غالبية الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي تم إلغاء تراخيصها بخارج القاهرة، خاصة محافظات الصعيد بشماله وجنوبه، فالفيوم على سبيل المثال، استأثرت وحدها بحوالي 9.5% من إجمالي الجمعيات المـلغاة، بما يعادل 24 جمعية.
واستحوذت محافظة المنيا على 10.17% من الجمعيات التي تم إلغاؤها بإجمالي 34 جمعية، بينما تم إلغاء تراخيص 19 جمعية بأسيوط، و16 في قنا، و9 في سوهاج، و5 في بني سويف.
بالنسبة للوجه البحري، فكان معدل الالتزام به أعلى، فمحافظتا الغربية والدقهلية، شهدتا إلغاء ترخيص جمعيتين اثنين فقط لكل منهما، والبحيرة 3 جمعيات، والمنوفية وكفر الشيخ جمعية واحدة لكل منها، أما الشرقية فتم فيها إلغاء 4 جمعيات.
ورغم اتساع مساحة القاهرة والإسكندرية وارتفاع عدد سكانهما، لكن عدد الجمعيات التي تم إلغاء تراخيص بهما كان قليلا بالمقارنة بالصعيد، وأعلى من الوجه البحري، إذ تم إلغاء 13 فقط بالقاهرة بنسبة 5% فقط، أما الإسكندرية فشهدت إلغاء ترخيص 5 جمعيات فقط بنسبة تقل عن 2%.
أحد مسئولي الرقابة المالية يفسر ذلك بالتزام الجمعيات بالوجه البحري والقاهرة؛ نظرًا لتوقعها لإمكانية التعرض للتفتيش المفاجئ، فضلاً عن اتساع دور الجمعيات في المدن وأدوارها، الأمر الذي يفرض عليها أداء منضبطًا، على عكس الصعيد الذي دائما، ما يشعر البعض، بأن بعده عن المركزية يعطيه ذريعة للمخالفة.
وقال المسئول إن المخالفات كانت جسيمة ببعض الجمعيات، منها التقاعس التام عن ممارسة النشاط وعدم تقديم أي خدمات تمويلية للفئات المستهدفة، مما أفقد تلك الكيانات الهدف الرئيسي من الترخيص، وهو تقديم دعم للفئات الأكثر احتياجًا ودعم الأنشطة متناهية الصغر.
أضاف أن تلك الجمعيات والمؤسسات امتنعت عن تقديم التقارير الرقابية للهيئة، ولم تلتزم بمنظومة الاستعلام الائتماني التي تحدد الوضع المالي للعملاء المستفيدين من خدماتها، وبعضها فقد عضوية اتحاد تمويل المشروعات متناهية الصغر.
قامت الرقابة باتخاذ القرار بعد استنفاد جميع سبل التواصل والإنذار مع كافة الجهات المخالفة، وتم منح تلك الكيانات مهلة لتوفيق أوضاعها، لكنها لم تبد أي تجاوب، مما استوجب التدخل؛ حفاظاً على حقوق المتعاملين واستقرار السوق.
محمد عياد، مستشار رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، يقول إن الرقابة المالية تستهدف تحقيق النمو الاقتصادي، شريطة أن يكون نموا منضبطا ومسئولا، ويضيف قيمة حقيقة للاقتصاد القومي وللمصريين.
بحسب البنك المركزي، فإن جمعيات التمويل متناهي الصغر هي الأكثر قدرة على الوصول إلى الفئات المهمشة تمويليًا بجميع مناطق الجمهورية والمحافظات، وهو ما يزيد من أهمية التمويلات التي تقدمها، ويساعد على إدماج هذه الشريحة الكبيرة في الاقتصاد الرسمي، ومساعدتها في الحصول على التمويلات، بما يسهم في تحقيق استراتيجية الدولة والبنك المركزي للشمول المالي، ويعزز من خلق فرص العمل وتحقيق التنمية المستدامة والنمو الاقتصادي.
الدكتور محمد فريد، رئيس هيئة الرقابة المالية، يقول إن قرار إلغاء تراخيص الجمعيات تم اتخاذه بعد استنفاد جميع سبل التواصل، والإنذار مع كافة الجهات المخالفة، مضيفا أنه تم منح تلك الكيانات مهلة لتوفيق أوضاعها، لكنها لم تُبدِ أي تجاوب.
أضاف أن قرار الإلغاء استوجب التدخل؛ حفاظاً على حقوق المتعاملين واستقرار السوق وضبطها وتعزيز دعم المؤسسات الجادة الملتزمة بالضوابط الرقابية، ووجود قطاع قوي ومرن ومستدام لتمويل المشروعات متناهية الصغر ودعم الشركات والجمعيات والمؤسسات العاملة، وليس معاقبتها.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" masr360 "












0 تعليق