بالبلدي: أباطرة التقنية الذين يديرون العالم من أمريكا.. مُصاهرة المال والحكم

masr360 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

هل السياسة تصنع المال أم المال يصنع السياسة؟ أصبح ذلك السؤال أُطروحة جدلية حاليا، لا تقل عن جدلية “أيهما أسبق الدجاجة أم البيضة”؟ بعدما هيمن رجال الأعمال وشركات التقنية على القرار بأمريكا، وسيطروا على الوظائف بالبيت الأبيض والجيش.

في أواخر يوليو 2025، وفي أعماق الجهاز البيروقراطي لوزارة الحرب الأمريكية “البنتاجون”، تنازل الجيش الأمريكي بهدوء عن جزء من سيادته، بتوقيع عقد بقيمة عشرة مليارات دولار مع شركة بالانتير تكنولوجيز، وهو أحد أكبر العقود في تاريخ وزارة الدفاع، إذ يتضمن 75 اتفاقية مشتريات في عقد واحد.

العقد بمثابة تسليم استراتيجي للوظائف العسكرية الأساسية لشركة خاصة، لا تؤمن بالديمقراطية، فمبدأ مؤسسها، بيتر ثيل، وهو مستثمر في مجال فك التشفير، جمع ثروته من خلال فيسبوك والمشاركة في تأسيس “باي بال” وشركة البرمجيات “بالانتير”، ومستثمر في “لينكد أن”، أن “الحرية والديمقراطية لم يعودا متوافقين”، على حد زعمه.

بيتر ثيل” يصف نفسه، بأنه “ليبرالي ومسيحي ومثلي، ويكره النساء”، وله أفكار اقتصادية متطرفة، منها أن الاحتكار هو شرط كل عمل تجاري ناجح، كما يعتبر عودة ترامب إلى البيت الأبيض، تنذر بنهاية النظام القديم، لأنه مرحلة جديدة من الزمن، تموت فيها الليبرالية الكلاسيكية كسياسة وكفلسفة.

وبفضل الشبكة الواسعة مع السلطة، تتجاوز إيرادات بلانتير الفصلية (كل 3 شهور) في الفترة الأخيرة مليار دولار، بزيادة قدرها 53% في العقود الحكومية.

بيتر ثيل نموذج لشبكة أعقد

يمثل بيتر ثيل نموذجا لشبكة أعقد من رجال الأعمال المستثمرين بالتكنولوجيا التي تؤطر لمرحلة جديدة، يمكن تسميتها The Authoritarian Tech Network أو شبكة التكنولوجيا الاستبدادية.

لتلك الشبكة أذرع اقتصادية وسياسية، ويقف وراءها في الشق السياسي شخصيتان أساسيتان، هما ترامب الابن نجل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يمثل الرابط السياسي، وجي دي فانس نائب ترامب، الذي يلعب دور المحرك السياسي، مع خلفيته القانونية، وعمله لسنوات بشركات استثمار في كاليفورنيا، بجانب وادي السيليكون.

تتضمن تلك الشبكة 4 جهات أصلية شبيهة بالجهات الأربع، يقف على كل جهة منها واحد من الأبقار السمان، ففي الجبهة اليسرى، يقف ديفيد ساكس، الذي يشغل منصب قيصر البيت الأبيض لشؤون الذكاء الاصطناعي والعملات المشفرة، وهو دور حديث أنشأته الإدارة لقيادة سياستها تجاه رجال التكنولوجيا.

ديفيد ساكس أحد الذين تطلق الصحف الأمريكية عليهم مسمى “مافيا باي بال”، وأسس شركات مثل Yammer، وهي منصة شبكات اجتماعية للشركات، وأسرع الشركات الناشئة SaaS نمواً بالتاريخ، حيث تجاوزت 8 ملايين مستخدم، مؤسسي في أربع سنوات فقط، قبل أن تستحوذ عليها Microsoft مقابل 1.2 مليار دولار عام 2012.

بعد ذلك بنحو خمس سنوات، أطلق ديفيد ساكس شركته الاستثمارية Craft Ventures في العام 2017، واستثمر ساكس على مدار مشواره في أكثر من 20 شركة ناشئة، بما في ذلك Affirm وAirBnB وClickUp وEventbrite وFacebook وHouzz وLyft وOpenDoor وPalantir وPostmates وReddit وSlack وSpaceX وTwitter وUber وWish، كما يملك شركة “All-In”.

التقنية في خدمة السلاح 

في الاتجاه الغربي، أيضًا يقع لوكي بالمر، وهو عبقري، جعلت منه الحروب مليارديرا، باعتباره العضو المؤسس لشركة Anduril المتخصصة في التكنولوجيا الدفاعية، وطورت شركته تقنيات ثورية للمراقبة، وأجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء، يمكنها رصد المركبات على الطرق، وطائرات بدون طيار، مدعمة بتقنية Lattice، يمكن تحديد هوية الأشخاص والمركبات على المناطق الحدودية.

لوكي بالمر تعاون مع الملياردير جو لونسديل المؤسس المساهم في شركة “بالانتير” في تأسيس بنك أمريكي جديد، يركز على العملات الرقمية، ويسعى إلى ملء الفراغ الذي تركه سقوط بنك “سيليكون فالي” في عام 2023، بالاشتراك مع مجموعة من أثرياء التكنولوجيا مثل، بيتر ثيل المنخرط في تمويل العديد من الشركات التكنولوجيا.

على الجانب اليميني، يقع أليكس كارب، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي في “شركة بالانتير تكنولوجيز”، التي تلقت اتهامات باستخدامها لممارسة سيطرة مفرطة على المواطنين وانتهاك الخصوصية، فشركته تعمل لصالح وكالات الاستخبارات والأمن الوطنية، وتلعب دورا في إنفاذ قوانين الهجرة في الولايات المتحدة.

في الجبهة ذاتها، هناك إيلون ماسك الجناح التقني للشعبوية اليمينية، وهو أول شخص، تبلغ ثروته نصف تريليون دولار، ومرشح للوصول إلى التريليَون خلال ٥ سنوات فقط، ويلعب دورا في مجال الأمن والدفاع عبر شركته “سبيس إكس” للفضاء.

ماسك رغم خلافاته مع ترامب، يقترب من صفقة مع وزارة الحرب الأمريكية (البنتاجون) بقيمة نحو ملياري دولار، ضمن مشروع “القبة الذهبية” التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ لتوفير نظام دفاع صاروخي فعَّال ضد كل أنواع الصواريخ البالستية العابرة للقارات، والمجنحة، والمفرطة السرعة، مرورا بالطائرات المسيرة، وحتى القادمة من الفضاء.

أحد أطراف تلك الشبكة العنكبوتية مارك أندرسن، مؤلف متصفح “موزاييك”، وأحد العقول المؤسسة لشركة “نيتسكيب”، التي لعبت دورًا محوريًا في التوسع الهائل لشبكة الويب العالمية، كما أسس شركة “أوبسوير”، المتخصصة في برمجيات إدارة مراكز البيانات، واستثمرت شركته أندريسن هورويتز، بكل من: Facebook وGroupon وSkype وTwitter وZynga وFoursquare، وLinkedIn).

وتدعم “أندريسن هورويتز” من خلال صندوقها “الديناميكية الأمريكية”، تكنولوجيا الدفاع، وما تُسميه “بناة الدولة الأمريكية”، كما حشدت طبقة مليارديرات وادي السيليكون لدعم حملة ترامب الانتخابية لعام 2024.

شبكة شركات مُهيمنة

تُمسك “فاوندر فاند” بروابط مع كل شركات التكنولوجيا ذات النفوذ، وهي شركة استثمارية أمريكية رائدة، تأسست عام 2005 بسان فرانسيسكو، معروفة باستثماراتها في شركات التكنولوجيا الناشئة والواعدة عبر مختلف القطاعات، مثل فيسبوك، وسبيس إكس، وبلانتير.

وداخل تلك الشبكة توجد الشركات المهيمنة على القرار الأمريكي مثل، “سبيس إكس”، وأوكلوس، وهي علامة تجارية أمريكية تابعة لشركة ميتا، ومهتمة بصناعات الواقع الافتراضي، خاصة النظارات، و1789capital التي تضع شعارا لها هو، “تمويل الفصل التالي من الاستثنائية الأمريكية”، ومرتبطة بدونالد ترمب الابن، وأصبحت الوجه البارز، لما يسمى بـ”الاقتصاد الأمريكي الموازي”.

استطاعت 1789capital فرض اسمها بقوة بعد حصولها على فرصة للاستثمار المباشر في مشروع إيلون ماسك للذكاء الاصطناعي “إكس إيه آي”، بالإضافة إلى شركته الناشئة “سبيس إكس” (SpaceX) التي تبلغ قيمتها نحو 350 مليار دولار، وذلك رغم تأسيسها قبل ثلاث أعوام على يد أوميد مالك، وهو متبرع بارز لحملة ترامب ومسئول تنفيذي سابق في “بنك أوف أمركا”، كما نمت أرباحها من 150 مليون دولار إلى أكثر من مليار دولار.

داخل تلك الشبكة توجد شركات أصغر حجما، لكنها عملاقة أيضًا مثل 8VC التي ضخت 450 مليون دولار في أندوريل؛ وجنرال كاتاليست التي قادت أخيرًا جولة تمويل بقيمة 1.48 مليار دولار.

الهيمنة على المناصب

تغيرت العلاقة بين الحكومة والصناعة في أمريكا، وباتا يرتبطان معًا في هيكل جديد للسلطة، فتلك الشركات أصبحت موردا للوظائف داخل البيت الأبيض، مثل مايكل كراتسيوس رئيس موظفي ثيل السابق، الذي يدير مكتب البيت الأبيض لسياسات العلوم والتكنولوجيا، ومايكل أوبادال أحد المديرين التنفيذيين في أندوريل، عُيّن وكيلًا لوزير الجيش، بينما كان لا يزال يمتلك ما يصل إلى مليون دولار من أسهم الشركة.

تتضمن القائمة جريجوري بارباتشيا الذي عمل لعقد من الزمن في بالانتير، وأصبح الآن المدير التنفيذي لتكنولوجيا المعلومات على المستوى الفيدرالي، وكلارك ماينور الذي كان في بلانتير وأصبح كبير مسئولي المعلومات في وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

يتجاوز الأمر حدود البيت الأبيض ليمتد للجيش الأمريكي، إذ تم تكليف مسئولي وادي السيليكون مباشرةً بالرتب العسكرية، ففي يونيو ٢٠٢٥، أدى أربعة مسئولين تنفيذيين في مجال التكنولوجيا اليمين الدستورية برتبة مقدم، مثل شيام سانكار من بالانتير، وأندرو بوسورث من ميتا، وكيفن ويل، وبوب ماكجرو من OpenAI.

رابطة واضحة بين المال والسلطة  

في أمريكا حاليا، توجد معادلة الأيديولوجيا تُغذي رأس المال الاستثماري← رأس المال يُسيطر على الدولة← الدولة تُغذي نفس الأنظمة الخاصة التي بنتها.

أصبحت كل طبقة تُعزز الأخرى، فالأيديولوجية تُبرر الاستثمار، والاستثمار يُسيطر على سلطة الدولة، وسلطة الدولة تُؤمّن العقود، والعقود تُشيّد البنية التحتية، وتصبح البنية التحتية لا غنى عنها، تُولّد بالضرورة عوائد، والعوائد تُموّل المزيد من الأيديولوجية، في النموذج الترامبي.

ومع خضوع البنى التحتية الحيوية للدولة الأمريكية للخصخصة في خمسة مجالات: البيانات، والدفاع، والفضاء، والطاقة، والمال، وهي أسس السلطة. تُشكل هذه المجالات بنية لنظام تكنولوجي، تتدفق فيه السلطة عبر القوانين والبنية التحتية والمنصات الآلية.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" masr360 "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??