بالبلدي: انخفاض النفط يجبر السعودية على التخلي عن المشروعات العملاقة

masr360 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تسبب تراجع أسعار النفط في تغيير نهج السعودية، فيما يتعلق بالمشاريع العملاقة”، مثل مشروع مدينة نيوم وبرج جدة ومشروع منتجع البحر الأحمر، التي كانت المحور الرئيسي والواجهة البراقة لرؤية 2030، التي تبلغ استثماراتها المستهدفة تريليوني دولار.

تواجه المشروعات العملاقة بالمملكة أزمة تمويلية حاليًا، لا تتوقف عند حدود مشروع نيوم، الذي شهد إنفاق المليارات من الدولارات، فالرؤية افترضت أن يبلغ سعر النفط مستوى 100 دولار للبرميل فأعلى، لكن الأسعار حاليًا حوالي 60 دولارًا، ما سبب ضغوطًا مالية على الموازنة السعودية.

وسجّلت الميزانية السعودية عجزاً فصليًا هو الأعلى منذ 5 سنوات، وسط ضغوط أسعار النفط وزيادة الإنفاق، ليبلغ العجز في الربع الثالث من العام الحالي 88.5 مليار ريال، مقابل 30.2 مليار ريال في الربع ذاته من العام السابق.

تم تغطية كامل العجز في الربع الأول من خلال الاقتراض، مما يشير إلى أن المملكة تفضل الاستمرار في اللجوء إلى أسواق الدين، بدلاً من استخدام احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي.

طرحت المملكة إصدارات جديدة من الديون الإسلامية المقومة بالدولار، والتي تُسمى الصكوك، بآجال استحقاق تتراوح بين خمس وعشر سنوات، بينما شهد الدين العام السعودي خلال العام الماضي أعلى وتيرة نمو منذ 4 أعوام، ليبلغ  1.22 تريليون ريال، مسجلا نموا بنسبة 15.8%.

توجه مستقبلي مختلف

في مبادرة الاستثمار المستقبلي في السعودية، خلال 28 أكتوبر الماضي، قال وزير الاستثمار خالد الفالح، إن صندوق الاستثمارات العامة والحكومة السعودية، يجب أن يكونا أقل انخراطا في دعم رؤية 2030، وإفساح المجال للاستثمار الخاص، بدلا من ذلك.

في اليوم التالي لتصريحات الفالح، ذكرت رويترز، أن صندوق الاستثمارات العامة يعتزم تحديث استراتيجيته الاستثمارية متوسطة الأجل من خلال التركيز على الاستثمارات البراجماتية ذات الطابع النفعي المباشر محليا، مثل المعادن والذكاء الاصطناعي والسياحة.

الأمريكي جيري إنزيريلو، مستشار ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهو شخصية عالمية معروفة في قطاع السياحة والضيافة، قال إن التعديلات تصحيح للمسار، مُشيرًا إلى أن المملكة يجب أن تُنفق الآن باعتدال أكبر”، بينما قال مسئول سعودي في منتدى استثماري عُقد مؤخرًا: “”أنفقنا أكثر من اللازم.. كنا نسير بسرعة 160 كيلو مترًا في الساعة.. نعاني الآن من عجز في الميزانية. علينا إعادة ترتيب أولوياتنا.

ارتفاع عجز الموازنة وتقليص المشروعات

وفقاً للبيان التمهيدي لميزانية 2026، رفعت الرياض توقعاتها للعجز هذا العام إلى 245 مليار ريال، بما يعادل 5.3% من الناتج المحلي الإجمالي، بينما كان 2.3% فقط عند اعتماد الميزانية في نوفمبر.

شهد صندوق الاستثمارات العامة انخفاضًا كبيرًا في استثماراته، فيما يُسمى بالمشاريع العملاقة، بقيمة 8 مليارات دولار أمريكي بنهاية عام 2024، على الرغم من وصول الأصول المُدارة إلى ما يقرب من تريليون دولار أمريكي، وفقًا لتقريره السنوي.

وانخفضت استثمارات المشاريع العملاقة بنسبة 12.4% لتصل إلى 211 مليار ريال سعودي (56.2 مليار دولار أمريكي). في الوقت نفسه، ارتفعت الأصول التي يُشرف عليها صندوق الاستثمارات العامة بنسبة 19% منذ نهاية عام 2023 لتصل إلى حوالي 913 مليار دولار أمريكي.

شكلت المشاريع العملاقة، والتي تشمل مشروع “نيوم” المُستقبلي 6% من أصول صندوق الاستثمارات العامة عام 2024، بانخفاض عن 8% في العام السابق، في ظل انخفاض أسعار النفط وعجز مالي متزايد للمملكة العربية السعودية، التي يعتمد اقتصادها بشكل كبير على النفط الخام.

كان من المخطط في الأصل أن تضم مدينة نيوم من 1 إلى 1.5 مليون شخص بحلول عام 2030، ولكن تم تخفيض الهدف منذ ذلك الحين إلى 300,000 فقط، واستؤنف برج جدة، الذي يهدف إلى أن يكون أعلى برج في العالم، البناء في أوائل عام 2025 فقط بعد توقفه عام 2018، مستهدفا الانتهاء منه في عام 2028.

من المرجح، أن يتخلف منتجع تروجينا الجبلي، المقرر أن يستضيف دورة الألعاب الآسيوية الشتوية لعام 2029، عن الموعد النهائي، ويفتتح في عام 2032، ومن المتوقع الآن افتتاح مشروع المربعة الجديد في الرياض، المصمم لاستيعاب 300 ألف نسمة، بحلول عام 2040.

كما تم إلغاء بعض المشاريع بشكل كامل، مثل منتجع سندالة على جزيرة البحر الأحمر، الذي تبلغ تكلفته مليار دولار، والذي استضاف حفل إطلاق لكبار الشخصيات، بسبب عيوب في التصميم والإنفاق المفرط، بما في ذلك استخدام جلود تماسيح نادرة. وقد يتم إلغاء مشاريع أخرى بالكامل، لا سيما تلك التي لم تفتح حجر الأساس، أو تحرز تقدما كبيرا، مثل برج رايز الذي يبلغ ارتفاعه كيلو مترين والمخطط له في الرياض.

فكر مختلف

في الوقت نفسه، سيعيد صندوق الاستثمارات العامة تركيز اهتمامه على المشاريع على المدى القريب، مثل السياحة والبنية التحتية الحيوية والمشاريع طويلة الأجل، مثل تطوير المعادن وتحويل السعودية إلى مركز لوجستي. لكن ستواجه المشاريع طويلة الأجل بعض التدقيق من الصندوق على المدى المتوسط، وقد يتم تسريعها أو إبطائها بناء على تصورات الصندوق لمساهمتها في الاقتصاد غير النفطي.

قالت آنا ناكفالوفايت، الباحثة في جامعة أكسفورد والمتخصصة في صناديق الثروة السيادية، إن الاضطرابات الجيو سياسية والتحديات الهندسية ربما أثرت على تقييم صندوق الاستثمارات العامة لمشاريعه العملاقة. وأضافت: “لا أعتقد أن صندوق الاستثمارات العامة قلق للغاية بشأنها، فهي بالطبع مبلغ ضخم.. ولكن ستكون هناك بعض الخسائر قبل حلول عام 2030”.

تساهم السياحة بالفعل بحوالي 11.5٪ في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية، مدفوعة جزئيا بالحج بجانب استقطاب السياحة التقليدية المتنامية مع حملة دعائية لجذب جيل جديد من السياح إلى المملكة بعد سنوات من العزلة النسبية، وهي علامة أخرى على استمرار مشاركة الدولة في التنمية.

يتوقع صندوق النقد الدولي نموا في السعودية بنسبة 4٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025، مدفوعة بنجاح القطاع غير النفطي والضغوط التصاعدية المتوقعة على أسعار النفط، بسبب العقوبات الغربية على روسيا وإعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران.

مشروعات مولدة للوظائف

مع إعادة تقييم المملكة العربية السعودية لدعم مشاريعها العملاقة، من المرجح أن تقلص المملكة تمويل المشاريع ذات التأثير المحدود على التوظيف المحلي والاستمرار في الحفاظ على قطاعات مثل السياحة والتكنولوجيا والتمويل التي أصبحت مركزية بشكل متزايد للوظائف السعودية.

أصبحت السياحة على سبيل المثال مساهما رئيسيا بشكل متزايد في التوظيف السعودي، وينجذب العديد من السعوديين المتعلمين بشكل متزايد إلى العمل في مجال التكنولوجيا والتمويل أيضا.

سيؤدي تغيير الوجهة إلى زيادة حوافز النظام الملكي لدعم هذه القطاعات حتى في حالة حدوث تباطؤ محلي أو دولي. ونتيجة لذلك، حتى مع اقتراب رؤية 2030 من نهايتها، سيبقى الميثاق الاجتماعي الضمني للمملكة، الذي يقضي بأن تدعم الرياض توظيف المواطنين السعوديين، على حاله إلى حد كبير، مما يغذي أوجه القصور في تلك القطاعات، ويُبقي عبئا طويل الأجل على الإنفاق الحكومي السعودي.

الدين الحكومي.. توجهات جديدة  

مستويات الديون، التي تبلغ 30٪ من الناتج المحلي الإجمالي منخفضة، إلا أن مزيجا من الانخفاض المستمر أو الثبات في أسعار النفط وزيادة تكاليف الدعم قد يدفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الرياض إلى الارتفاع.

بلغ حجم الدين الداخلي بنهاية العام الماضي نحو 738.3 مليار ريال، بينما بلغ الدين الخارجي 477.7 مليار ريال، والذي زادت حصته إلى 39.3% من إجمالي الدين العام. وتتوقع الحكومة السعودية ارتفاع نفقات التمويل 32% إلى 59 مليار ريال في ميزانية 2025، وهو ما يمثل 4.6% من إجمالي النفقات.

ونتيجة لذلك، ستصبح الإعانات في السنوات والعقود القادمة عبئا أكبر على الميزانية، وقد لا تكون قادرة دائما على مواكبة متطلبات نمط الحياة اللازمة؛ للحفاظ على العقد الاجتماعي للدعم الاقتصادي مقابل الركود السياسي.

ومن ناحية أخرى، إذا انخفضت أسعار النفط بشكل أسرع، قد تحتاج الحكومة إلى سحب المزيد من الديون أو خفض الدعم أو كليهما، ولن يكون نظام الدعم قادرا على تعويض تأثير الصدمات الجيو سياسية الكبرى المحتملة، مثل الحروب المستقبلية أو الركود الاقتصادي أو التغيرات الأيديولوجية.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" masr360 "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??