
الأحد 16 نوفمبر 2025
من المَشاهد اللافتة للنظر والمُبهجة الإقبال الكبير على زيارة المتحف الكبير بعد افتتاحه، وأتمنى أن يتم استغلال هذه الحالة لدى المصريين لاستمرار هذا الإقبال وإلا يكون أمرًا عارضًا وهوجة مؤقتة تخفت بعد فترة.. نحن نريد أن يستمر الزخم حول المتحف طوال العام سواء كان على مستوى السياحة الداخلية أو الخارجية، ونأمل أن يكون افتتاح المتحف بداية لإقبال كبير من السائحين لزيارة بلدنا، وأن ننتهز فرصة الاهتمام العالمى بالمتحف فى زيادة عدد السياح.. لقد قال وزير السياحة- فى تصريحات له- أنه يتوقع أن يكون عدد زوار المتحف 5 ملايين زائر سنويًا، وهو رقم نتمنى أن يتحقق ويزداد فى المستقبل القريب، فلسنا أقل من دول أخرى ليس لديها إمكانياتنا ومقاصدنا السياحية ومع ذلك تسبقنا فى قائمة الدول الأكثر استقبالاً للسياح.. ولعل هذا الإقبال على المتحف يكون فرصة لفتح ملف السياحة وكيفية تنميتها فهى أحد أطواق النجاة فى ظل الظروف الاقتصادية الصعبة وفى ظل حاجتنا للعملة الصعبة.. لقد سبق أن كتبتُ وكتَبَ غيرى فى هذا الملف المهم، وطالبتُ بمواجهة معوقات السياحة وهى كثيرة، ولكن يمكننا التغلب عليها بسهولة إذا كانت لدينا النية والإرادة.. نعم نحن نحاول تطوير مَعابدنا وتم افتتاح المتحف الكبير، وسبقه متحف الحضارة المصرية، وبجانب الاهتمام بالسياحة التاريخية نحاول تنمية سياحتنا الشاطئية والدينية والعلاجية، ولكن هل كانت السياحة متاحف ومعابد وشواطئ فقط؟ الإجابة لا، وكما كتبت من قبل أنها منظومة متكاملة تبدأ من المطار عند الوصول وتنتهى به عند المغادرة، فهل يجد السائح المعاملة التى تجذبه للعودة مرة أخرى أمْ أنها «تُطفِّشه» وتجعله لا يكرّر التجربة؟ على سبيل المثال لماذا نفرض رسومًا مغالى فيها عند دخول البلد مقارنة بدول أخرى؟ السائح أيضًا يجب أن يجد وسائل مواصلات سهلة وميسرة ورخيصة ولا نتركه مَطمعًا فى أيدى بعض سائقى التاكسى الذين يتعاملون معه باعتباره فريسة يجب اصطيادها، أمّا تذاكر الطيران فهى عندنا أغلى من دول كثيرة، وحتى الطيران الداخلى أسعاره مرتفعة، والفنادق حدِّث ولا حرج فبعضها لا يقدم خدمات تتساوَى مع أسعار الإقامة بها، كما يجب أن تكون متنوعة لكى تتناسب مع جميع طبقات السياح.. والحقيقة إنه فى الآونة الأخيرة تم بناء وإنشاء عدد غير قليل من الفنادق فى القاهرة متفاوتة الأسعار ومع ذلك يظل عدد الغرف الفندقية قليلاً مقارنة بطموحنا السياحى، كما يجب أن يزداد عدد الفنادق فى الأقاليم والمحافظات التى بها أماكن سياحية.. وعلى سبيل المثال فإن المحافظات والمدن التى يمر بها مسار العائلة المقدسة أغلبها يفتقد معظم مقومات السياحة وأولها الفنادق الملائمة، رغم أن هذا المسار لو تم الاهتمام به كما ينبغى سيكون جاذبًا للسياحية الدينية المسيحية بشكل كبير؛ خصوصًا بعد إقرار الفاتيكان الذى يتبعه مليار مسيحى كاثوليكى بهذا المسار المقدس، لقد مرت عدة سنوات على هذا الإقرار وعلى إعلان وزارة السياحة الاهتمام بهذا المسار لكن النتائج حتى الآن أقل من المأمول فيها.. ولعلنا نستطيع فى الفترة المقبلة الاستفادة منه كما ينبغى ونتمنى.. ومن المعوقات أيضًا التى يجب النظر فيها رسوم دخول المَعابد والمتاحف والأماكن الأثرية التى زادت بشكل ملحوظ فى حين تحاول الدول الأخرى تخفيض أسعارها.. والأخطر هو ترك السائح للمستغلين والفهلوية، ويكفى للتدليل على ذلك ما يحدث فى منطقة الأهرامات وهناك شكاوَى كثيرة ضد تصرفات أصحاب الأحصنة والجِمال وتجار الأنتيكات الذين يتعاملون مع السائح بطريقة مصاصى الدماء فيغالون فى الأسعار من أجل تحقيق مكسب سريع، ولكنه غير دائم ومؤقت، بينما يجب أن يتعلموا كيفية التعامل مع السياح حتى يعودوا مرة أخرى ويكونوا عامل ترويج بين أبناء بلدهم حين عودتهم.. والأخطر هو مَن يحميهم أو يغض الطرف عن تصرفاتهم أو على الأقل لا يردعهم؟، وهو أمر نتمنى أن ينتهى بعد أن أُفتتح المتحف الكبير وربطه بالأهرامات، ولا ننسى أنه لا يوجد بلد يريد أن يرفع من شأن السياحة، بينما يتجاهل أبسط متطلباتها مثل عدم وجود دورات مياه فى معظم الشوارع والميادين.. كل ما سبق يعوق السياحة ولكن بشىء من الجهد يمكن التغلب عليه، ولعل الفرصة الآن متاحة لكى نصبح فى مقدمة الدول السياحية؛ فلدينا كل أنواع السياحة وكل ما يرغب السائحون على مختلف مشاربهم فى التمتع به، فقط علينا أن نولى عنايتنا لهذا الملف وأن يكون الاهتمام به هو خطوتنا المقبلة بعد أن اُفتتح المتحف الكبير، وسنجد نتائج مبهرة وسنجنى ثماره فى وقت سريع.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "















0 تعليق