
الأحد 16 نوفمبر 2025
أخيرا وبعد طول انتظار أصدر محافظ القاهرة الدكتور إبراهيم صابر، قرارًا يقضي بحظر سير مركبات (التوك توك) في جميع الشوارع والمحاور الرئيسية بالعاصمة، مع قصر حركتها على الطرق الفرعية فقط، وذلك في إطار خطة المحافظة لاستعادة الانضباط المروري والحد من الفوضى التي تتسبب فيها تلك المركبات داخل المناطق السكنية المكتظة بالسكان.. (قرار أتمنى أن أرى مثيلا له في كافة محافظات مصر).
ورغم قرار المحافظ الذي أدعمه بشدة، يظل هناك سؤال مطروح مطلوب الإجابة عنه من قبل كل مسئول أو صاحب قرار نظرا لأهميته، هل انتهت تلك الجمهورية التي تدار وفق قوانين خاصة بها؟، خاصة أن من يمارس هذه المهنة، لا تحكمها حدود أو معايير أو سن، بل إن أغلبهم من صغار السن، والكبير منهم كبير في علو الصوت والبلطجة والإجرام، من عينة (شهاب بتاع أرض الجمعية). العقل والمنطق والقرارات تؤكد أن الحكومة سبق أن أصدرت بعد ارتفاع وتيرة مشاكل وجرائم هذه المركبة في الشارع المصري، أول قرار رسمي لوقف استيراد (التوك توك) في عام 2014، ثم عادت وأصدرت في عام 2021 قراراً آخر بحظر استيراد مكوناته وقطع غياره لمنع تجميعه في الداخل، ورغم قرارات المنع وحظر استيراده ودخوله البلاد للأغراض التجارية، ما زال يستخدم ولا يمكن الاستغناء عنه، طبقا لشهادات العديد من المواطنين، الذين يعد لهم وسيلة المواصلات الأساسية، خصوصا في المناطق النائية أو الوعرة التي يصعب دخول وسائل النقل الأخرى إليها، كالشوارع الضيقة أو غير الممهدة. فتحولت هذه الوسيلة التي تسللت إلينا من الهند، وبقدرة قادر من وسيلة نقل إلى رمز اجتماعي واقتصادي، تخدم محدودى الدخل، ويلجأ للعمل من خلالها شباب كثر يعانون من انتشار البطالة، وفرت لهم هذه الوسيلة الدخل الآمن، والتي عن طريقها يتعيش منها آلاف الأسر، وتجار قطع غيار وأصحاب ورش التصليح وسماسرة البيع والشراء لهذه الوسيلة، التي تتراوح أسعار المستعمل منها الـ150 ألف جنيه، ونظرا للربح الذى تحققه في الوردية الواحدة الذى يتعدى الـ400 جنيه، هجر الحرفيون مهنتهم الأساسية، ليعاني المجتمع من ندرتهم رغم أنه كان في أمس الحاجة إليهم، بعد أن سنت هذه الوسيلة العشوائية معاييرها على المجتمع، مؤسسة في طريقها اقتصادا موازيا، بعيدا عن رقابة الدولة. ينتفع منه جميع من ينتمي لهذه المنظومة، التي أرى من وجهة نظري صعوبة تفكيكها بين ليلة وضحاها، سواء بقرار من هنا أو هناك، حتى ولو كان المقابل استبدالها بوسيلة أخرى أكثر أمانا وانضباطا تتاح لمن يعملون عليها. لهذا ولغيره كثير أقول (بالفم المليان) إن نهاية تلك الجمهورية لن تأتى بقرار، بل بإصلاح اقتصادي يعيد التوازن بين حاجة الشباب للعمل للقضاء على البطالة المنتشرة بين صفوفهم، وتوفير مواصلات عامة تصل لكل مكان. ولحين حدوث هذا، سوف يظل (التوك توك) الذي لا ينظمه دستور أو قانون أو حتى مرور وتراخيص هو الحل لدى العديد من مواطنينا في المحافظات والقرى والشوارع، فارضا نظامه وقوانينه الخاصة على الشارع، رافعا من وتيرة الفوضى وعدم النظام في شوارع مصر، الناتج عن ضعف رقابي سمحت له بعض أجهزة الدولة في وقت من الأوقات بدخوله إلى بلادنا، مرسخا رموزا ثابتة للعشوائية المرورية والفوضى والبلطجة وعلو الصوت التي يعاني منها مجتمعنا منذ فترة ليست بالقصيرة.
ومع هذا مازال يحدوني الأمل، أن تنجح جهود الحكومة المتواصلة في ضبط هذه المنظومة، من خلال تحسين وسائل النقل العام، خصوصا الداخلي منها، وطرح حلول وأفكار بديلة للقضاء على ظاهرة البطالة المنتشرة بين شبابنا، ودعم التعليم الفني، وتدريب الشباب على مهن فنية يحتاجها سوق العمل لكسب العيش، مع ضرورة تأهيل وتدريب من يعملون على هذه الوسيلة لتحفيزهم على الانضمام إلى الاقتصاد الرسمي. حينها يمكن إنهاء سطوة وسيطرة جمهورية (التوك توك) على شارعنا الذي افتقدنا هدوئه وأمانه بفعل فاعل.>
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "
















0 تعليق