belbalady.net القاهرة ـ مصر اليوم
احتفل الموسيقار المصري عمر خيرت قبل أيام قليلة ببلوغه السابعة والسبعين، وهو عمرٌ حمل معه محطات موسيقية رسمت ملامح تجربة لم تتشبه بغيرها. وبينما كان جمهوره يستعيد ذكريات ما قدّمه عبر أربعة عقود من الإبداع، تلقى محبوه خبراً أقلقهم حول تعرضه لوعكة صحية استدعت نقله إلى المستشفى، في لحظة أعادت إلى الواجهة المسار الطويل الذي قطعه ليصبح أحد أبرز مؤلفي الموسيقى التصويرية في العالم العربي.
استطاع خيرت أن يفرض لغته الخاصة في عالم تأثرت فيه الأذن العربية لعقود بالأغنية الكلاسيكية وبحضور الصوت البشري. ورغم أنه قدّم موسيقى خالية من الكلمات، فإن حضوره ظل طاغياً في ذاكرة المستمعين، حتى باتت بعض مقطوعاته جزءاً من المزاج العام لجمهور يتنوع بين أجيال شابة وأخرى عاشت ذروة أعماله في الثمانينيات والتسعينيات. وقد لعبت الأعمال الدرامية والسينمائية التي وضع موسيقاها دوراً كبيراً في ترسيخ اسمه، من بينها موسيقى "ليلة القبض على فاطمة" و"قضية عم أحمد" و"البخيل وأنا"، وهي أعمال ما تزال ألحانها تُتداول حتى اليوم في الحفلات ومقاطع الفيديو المتداولة عبر شبكات التواصل.
ولد عمر خيرت في حي السيدة زينب العريق بالقاهرة، في شارع يحمل اسم عائلته، داخل منزل ثقافي نشط كان نقطة التقاء لوجوه فكرية وفنية بارزة. ولعب هذا المحيط دوراً أساسياً في تشكيل اهتمامه المبكر بالموسيقى، خاصة مع تأثره بوالده وأعمامه الذين نالوا قدراً كبيراً من المعرفة الموسيقية، وكان من بينهم الموسيقار والمهندس المعماري أبو بكر خيرت، أحد مؤسسي المعهد العالي للموسيقى، والشخص الذي ترك أثراً بالغاً في تكوين عمر الموسيقي.
بدأ خيرت عزف البيانو في سن الخامسة، ثم التحق في نهاية الخمسينيات بالدفعة الأولى من طلاب المعهد العالي للموسيقى، قبل أن يستكمل دراسته النظرية بالمراسلة في كلية بريطانية. وعلى الرغم من انضباط الدراسة الأكاديمية، فإنه كان يتطلع إلى مساحة موسيقية أكثر تحرراً، ووجد ذلك بعد وفاة عمه، حين بدأ في العزف على الدرامز، واتجه إلى موسيقى الجاز والروك عبر تأسيس فرقة "القطط الصغيرة" مع صديقه الراحل عزت أبو عوف، وهي تجربة تركت أثراً واضحاً في إحساسه الإيقاعي وطريقته في التعامل مع الآلات.
غير أن التحول الأهم في مسيرته جاء مصادفة، عندما لفت عزفه ارتجالياً على البيانو انتباه الفنانة فاتن حمامة خلال مناسبة خاصة. هذا اللقاء شكّل منعطفاً في مشواره، إذ طلبت منه لاحقاً وضع الموسيقى لمسلسل إذاعي، ليبدأ مع ذلك مرحلة جديدة في عالم الموسيقى التصويرية. وقد قدّم خلال هذا المسار أعمالاً أصبحت علامات في ذاكرة الدراما المصرية، وجمعت أعماله أسماء بارزة على الشاشة، من بينها عادل إمام وفريد شوقي وفاروق الفيشاوي ونبيلة عبيد ويسرا ونجلاء فتحي وأحمد السقا.
ظل خيرت وفياً لفكرة أن الموسيقى يمكن أن تقول ما تعجز عنه الكلمات. وتحوّلت حفلاته إلى مساحة يلتقي فيها الجمهور مع حالة موسيقية خالصة، يقدّم فيها أعمالاً يحفظ تفاصيلها بعفوية تشبه الألفة القديمة. وتجاوز تأثيره الحدود المصرية، إذ يعيد موسيقيون وأوركسترات حول العالم أداء مقطوعاته، في دلالة على الانتشار الذي حققته ألحانه خارج بيئته الأصلية.
اعتمد عمر خيرت في مسيرته على خلفيته الأكاديمية، وذاكرة منزلٍ عاش فيه الفن بكافة تجلياته، وتجربة شبابية منحته حرية الحركة بين الأنماط الموسيقية. وقد مكّنه ذلك من صياغة أسلوب فريد جمع بين الكلاسيكية والروح الشرقية، عبر أعمال مستقلة مثل “غوايش” و“رابسودي عربية”، وأخرى ارتبطت بالسينما والدراما. وقد وصفه أحد كبار الموسيقيين بأنه القوة التي دفعت بالموسيقى العربية سنوات إلى الأمام، بينما اعتبره موسيقار آخر الأقرب إلى قلبه وعقله من بين أبناء جيله.
قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ :
عمر خيرت يكشف علاقة الراحلة فاتن حمامة بمشواره الفني
الموسيقار عمر خيرت يتحدث عن مشواره الفني ويؤكد أن قلة الأخلاق تُسقط أي فنان
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" مصر اليوم "













0 تعليق