قيادة بالأصالة لا بالبيانات الرسمية .. كيف يرسمُ القادة العِظامُ ملامح شركاتِهم؟

ارقام 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

- في ساحةِ الأعمالِ المعاصرة، لم تعد قيمة الشركة تُقاس بمؤشراتها المالية وحدها، بل بصورة قائدِها في أذهان الجمهور.

 

- ولّى ذلك الزمن الذي كان فيه الانبهار بالمنشورات البرّاقة ممكنًا، أو الاطمئنان لتلك التصريحات المنمَّقة التي يبدو فيها القادة وكأنهم ينطقون بما هو "صواب" على الدوام.

 

- وأصبح ما يتوقُ إليه المستثمرون والموظفون والعملاءُ اليوم هو أن يجدوا إنسانًا حقيقيًا؛ قائدًا لا يخشى الحديث عن قِيَمه ومبادئه ورؤيتِه للمستقبلِ بصدقٍ وشفافيةٍ تبددان الشكوك.

 

 

- إننا نحيا اليوم في عصر لا يكتفي بالقائد الماهر، بل يتطلّب قائدًا ذا "بصمةٍ إنسانيةٍ"؛ فالشركات الأكثر رسوخًا وموثوقيةً هي تلك التي لا تسمح لهوس الظهورِ بمظهرٍ مثاليٍ بأن يطغى على حقيقة كونِها علامةً تجاريةً أصيلة.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

- وهذا الطرازُ من القادة هو من يبث الحياة في بيانات الرسالة الجامدة، ويرسخُ قيم الشركةِ على أرض الواقع، ويحوّلُ العلامات التجارية من مجرد كياناتٍ تجاريةٍ إلى شركات تحملُ رسالةً وقضية.

 

- والشاهد هنا أن الرؤساءِ التنفيذيين باتوا يدركون أن الجماهير تتبعُ الأشخاص، لا البيانات الصمّاء؛ فهم يبحثون عن وجهٍ حقيقيٍ وراء العلامة التجارية، وحين يتوفر هذا الرباط الإنساني، يتعمّق الولاء، وتُستقطَب ألمع المواهب، وترتقي القيمة السوقية إلى آفاقٍ جديدة.

 

شخصيةُ القائد: جواز المرور إلى قلوب الجماهير

 

- لم يعد يُنتظرُ من قادةِ الأعمال اليوم أن يديروا شركاتهم من خلف أسوارٍ منيعة؛ بل أن يُمثّلوا رؤيةً للعالم ومساره. ويحصد القادةُ الذين يحتضنون هذا الدور، بدلًا من التنصُّلِ منه، مكاسب لا تُقدَّرُ بثمن.

 

- خذ على سبيل المثالِ ساتيا ناديلا في مايكروسوفت؛ الذي أصبحت بصمتُهُ الشخصيةُ، وتعاطفه وفضوله المعرفي، منارةً تضيءُ أروقةَ مايكروسوفت.

 

- وحتى في خضم الجدل، لم يسعَ ناديلا إلى صياغة بيانٍ منمَّقٍ لا تشوبهُ شائبة؛ بل ظلَّ وفيًا لقيمِه، واصفًا القراراتِ الصعبةَ بأنها "موجعةٌ لكنها حتمية".

 

- أيضًا تأمّل كيف أضفت شخصيةُ ريتشارد برانسون وقيمهُ على مجموعة "فيرجن" هالةً من المغامرة والغاية، لا يمكن لأي علامةٍ تجاريةٍ أخرى أن تستنسخَها.

 

- لم يكن ظهوره الإعلاميُّ عفويًا، بل كان استراتيجيًا، فحوّل رصيدَهُ من المصداقية الشخصية إلى أصلٍ جوهريٍ للعلامة التجارية.

 

- هؤلاء القادة لم ينتظروا الآخرين ليصوغوا روايتهم، بل أمسكوا بزمام السرد بأنفسهم، مدركين أن أصالتهم هي درعهم الحصين الذي يحفظ ثقة جماهيرِهم.

 

الإرثُ الخالد: ثقافة تُغرس لا أرباح تُحصد

 

- يظن البعض أن إرث القائد يُقاسُ بهوامش الأرباحِ وحدها، لكن الحقيقة الساطعة أن الإرث الحقيقيَّ يُقاس بالثقافة التي يغرسها، وبالثمار التي تُجنى من تلك الثقافة لأجيالٍ قادمة.

 

- إن قصتَك كرئيسٍ تنفيذي، حين تُروى بوضوحٍ وتُشارك باستمرار، تصبح الخيطَ الذهبيَّ الذي ينسجُ رؤيتك مع قلوب وعقول من يُحقِّقونها على أرضِ الواقع.

 

- فالناس اليومَ لا يشترون منتجًا أو خدمةً فحسب، بل يشترون انتماءً لفكرةٍ، وولاءً لقيادةٍ. يريدونَ أن يروا الإنسانَ خلف الأرقامِ، ويهتمون بمن يقف وراء الستار، ويتوقون أن يكون هذا الشخص حقيقيًا، ومرئيًا، وصاحبَ مبدأ.

 

الصمتُ في زمنِ الصوتِ العالي: جُبنٌ لا حِياد

 

 

- يترددُ بعض القادة في الوقوف في دائرة الضوء، خشيةَ العواقب أو رهبةَ الوقوعِ في الخطأ. ولكن الأصالةَ لا تستلزمُ الكمال، بل تستلزم الوضوح؛ أما أسطورةُ أن "الصمت" حصنٌ منيع، فقد آن أوانُ تبديدِها.

 

- إن التزام الصمت المطبق حيال القضايا المجتمعية أو الثقافية الكبرى لا يُفسَّرُ على أنه حيادٌ، بل يُقرأُ كانفصالٍ عن الواقعِ، أو حذرٍ مُفرِطٍ، أو ما هو أدهى وأمرُّ: جبنٌ.

 

- وفي عصرٍ يتجسدُ فيه صوتُ العلامة التجارية في صوت قائدِها، فإن ما تمتنع عن قولِه قادرٌ على تشكيلِ صورةِ شركتِكَ تمامًا كما يشكلُها ما تقولُه.

 

- تأمّل التداعياتِ التي عصفت بالشركاتِ خلال ذروةِ حركة "حياة السود مهمة"؛ إذ غالبًا ما اتُّهمت العلاماتُ التجاريةُ التي حاولت أن تقف في منطقةٍ رمادية، أو أصدرت بياناتٍ جوفاء، أو تحاشت الموضوع برمته، بالنفاق أو التحالف المصطَنع، وبعضُها لم يستعد مصداقيتَه قط.

 

- وعلى النقيضِ تمامًا، احتضنت شركة "نايكي" المخاطرةَ بدعمها الصريحِ للاعب كولين كايبرنيك، المعروف بنشاطه ضد الظلم العنصري.

 

- أثارت الحملةُ سخطًا واحتفاءً على حدٍ سواء، ولكن الأهمَ من ذلك أنها أعلنت للسوق بأسرهِ عن موقف "نايكي" الراسخ الذي لا يقبلُ التأويل.

 

- صحيح أن هذا الوضوح كلّفهم بعض العملاء، لكنه في المقابل رسَّخ ولاءَ شريحةٍ أعظمَ من جمهورِها، وصقل هوية العلامة التجارية وجعلها أكثر حدةً من أي وقتٍ مضى.

 

فرصةٌ لصياغة ملامح الغد

 

- تغيّرت معايير القيادةِ، فارتفع سقف التوقعاتِ، ولكن المكاسب أضحت أعظم. ويتمتع الرؤساء التنفيذيون اليوم بفرصةٍ نادرةٍ ليكونوا أكثرَ من مجرد مديرين للأعمال؛ فبإمكانهم أن يكونوا صُنَّاع حركاتٍ ورُسُلًا للتغييرِ.

 

- ويبدأُ بناء هذا الإرثِ بالظهور، وبسرد قصتِك، وبمشاركة رؤيتك للعالم على نحوٍ يغذي التواصل الأصيل ويُلهم الثقة.

 

- فبصمتك القيادية الشخصية لم تعدْ مجرد إضافةٍ هامشيةٍ، بل هي جوهر قيادتِك وأصدق تعبيرٍ عنها، لأن العلاماتِ التجارية الخالدة اليوم لا تبيع منتجًا، بل تمنح الناس قصةً ينتمون إليها وقضية يدافعونَ عنها.

 

المصدر: إنتربرينير

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" ارقام "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??