أحيت وزارة الأوقاف ذكرى رحيل القارئ الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدى، حيث أوضحت: من كلح الجبل بأسوان بزغ صوت قرآنى عذب، نشأ فى كنف أمٍّ وهبته للقرآن وهو جنين؛ ليُصبح صوت الجبل الذى تخطى أثيره الحدود، عاش عاشقًا للمصطفى صلوات الله وسلامه عليه، ومات جالسًا مستقبل القبلة بعد أن ختم كتاب الله.
ميلاد ونشأة الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدى
من أوله وقد غُذيّ بالقرآن، كانت والدته تقرأ عليه القرآن وهو في بطنها وكانت حافظة لكتاب الله، وكأنها وهبته للقرآن وهو جنين في بطنها.
ولد الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي في قرية كلح الجبل (الصعايدة قبلى) - مركز إدفو - محافظة أسوان، يوم 10 نوفمبر عام 1954م، في تلك القرية التي تقع في أحضان الجبل وفى تلك الطبيعة القاسية لم يكن أحد يدرك أن ابنا من أبنائها سوف يصل إلى مكانة مرموقة؛ ليعبر صوته حدود الوطن إلى العالم الإسلامي كله.
أطلق عليه أبواه لقب (الشيخ) منذ الصغر، فقد كانت هناك أمارات وبشارات على ميلاد قارئ كبير في تلك القرية بصعيد مصر، التي نشأ بها، وحفظ القرآن الكريم، وعاش سني حياته الأولى بين أهله وعائلته، سمعه أحد الصالحين في بلدته وهو ينشد المدائح النبوية، فمنذ صغره وهو عاشق للمصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقال له الولي الصالح: أنت خُلقت لتقرأ القرآن، فتوجه بكُلِّيَّته إلى تجويد القرآن الكريم، حتى إنه كان يقرأ بين أصحابه وهو ذاهب إلى جلب الماء من النهر، كعادة أهل القرية -آنذاك- فلم يكن الماء متوفرًا في البيوت كما هو الآن، يلتف أصحابه من حوله وهو يقرأ القرآن الكريم، يقرأ في الكوب الذي يطلقون عليه (الكوز) ويشجعونه على قراءته بقولهم له: "الله الله يا شيخ محمود".
كان والده خادمًا بالمسجد، ووالدته ربة منزل، وإخوته هم الحاج عبد الفتاح، والشيخ عبد الله -ما زال حيًّا- وهو نقيب القراء بمحافظة أسوان، أما أخواته البنات فهنَّ: فاطمة وإنصاف وسعاد وسعدية ومنى، توفيت ثلاث هنَّ: سعاد وإنصاف وسعدية.
قامت والدته بتحفيظه ما يقرب من ثلاثة أجزاء من القرآن، كان رحمه الله يقول: "أول من حفظني القرآن أمي وأنا في الرابعة من عمري، فوالدها كان إمام مسجد القرية وخطيبًا يصعد المنبر وشيخ الكُتاب، وأشارت على والدي بإرسالي لكُتاب الشيخ (كمال مكي)، وبالفعل التحقت به، وبدأت حفظ القرآن بطريقة (اللوح)، ونظرًا لكثرة التلاميذ في هذا الكُتاب أرسلني أبي لكتاب الشيخ (محمد أبو العلا) حتى ألقى الرعاية والاهتمام". ورغم نبوغه منذ الصغر إلا أنه لم يختم القرآن فقد اكتفى بحفظ ثلثي القرآن الكريم، وقد نصح الشيخ محمد أبو العلا والدته بدراسة علوم القرآن والقراءات في صحن الأزهر، وقال لها: "أرى فتوحًا لهذا الولد في القرآن الكريم فألحقيه بالأزهر"، فقد كانت تظهر عليه أمارات أو بشائر حبه للتلاوة.
أما جدته لأمه فكانت من الصالحات تقول له: "إن شاء الله يا محمود تقرأ والناس حواليك تقول الله"، وكأنها دعوة له، فقد كان لديه قبول غير عادي، ويمتلك سرًّا وعطية نورانية يخاطب بها الأرواح والقلوب، فمتى قرأ يتأثر من حوله بما تلاه، ومن أسرار شخصيته كان يقول: "إن القرآن فتوح وعشق من الله"، وقد توفي والده وكان عمر الشيخ آنذاك 16 عامًا.
المرحلة التعليمية في حياة الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي
حصل الشيخ محمود على الشهادة الابتدائية ثم الإعدادية بالتعليم العام، والتحق بالمدرسة الثانوية التجارية بإدفو ونجح فيها بتفوق، على الرغم من مواصلته حفظ القرآن الكريم بالكتاب أثناء الدراسة، وبعد أن أنهى دراسته أدى الخدمة العسكرية لمدة عامين (١٩٧٤-١٩٧٦) ثم عاد لقريته واستقرَّ بها، ليعمل ككاتب في مصنع السكر حتى جاءه خطاب من وزارة القوى العاملة بترشيحه لوظيفة باحث اجتماعي بإدارة الشئون الاجتماعية بإدفو، وأشار على شيخه آنذاك الشيخ الدسوقي تلميذ الشيخ أحمد رضوان الولي الصالح المشهور في صعيد مصر بمدينة الأقصر أن يسافر إلى القاهرة فشجعه على ذلك، فقدم طلبًا للشئون الاجتماعية ليتم نقله إلى مجمع التحرير عام (١٩٧٨)؛ حيث سهّل له مهمة النقل خاله السيد سعد محمد أحمد وزير القوى العاملة وقتها، وبدأ رحلته بالقاهرة مع القرآن الكريم لينهل من علومه وقراءاته داخل أروقة الأزهر، ليحفظ القرآن الكريم ويتلقى علومه خلال عامين فقط على يد الشيخ (محمد إسماعيل الهمداني) أحد علماء الأزهر الشريف، والذي توسم فيه الخير؛ ليبدأ مرحلة جديدة من مراحل حياته مع القرآن الكريم.
مرحلة الكاسيت في حياة الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي
لم يصدق الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي أنه سيحقق من الشهرة ما حققه عباقرة القراء في مصر، خاصة قراء الوجه القبلي الذين حفروا أسماءهم في عالم التلاوة بأحرف من نور أمثال الشيخ محمد صديق المنشاوي، والشيخ عبد الباسط عبد الصمد، والشيخ أحمد الرزيقي، والشيخ عبد التواب البساتيني المبتهل والقارئ الشهير، حتى بدأ فضيلة الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي يشق لنفسه طريقًا نحو الشهرة داخل القاهرة، وفي الفترة من عام 1980 حتى عام 1990م، استطاع أن يحقق شهرة واسعة امتدت إلى بعض المحافظات خاصة محافظات الوجه القبلي، وبعض محافظات الوجه البحري، وعرف طريقه إلى شرائط الكاسيت، فأصدر أول شريط كاسيت عام ١٩٨٣م لسورتي النمل ومريم، فانطلق صوته إلى الأقاليم والمحافظات ثم خارج مصر، وفي هذا التوقيت عرض عليه شقيقه الأكبر الذي كان بالنسبة للشيخ محمود أبو الوفا والده بعد والده وكان بينهما محبة في الله لا توصف -شقيقه الحاج عبد الفتاح- العودة إلى أسوان ليكتفي بإحياء الليالي القرآنية في صعيد مصر، فأجابه بكل تقدير واحترام ومحبة قائلًا له أخي الحبيب: إنني قد وجدت فرصتي في القاهرة، وتمسك الشيخ محمود بالبقاء في القاهرة، وتنقل بعدها بين شركات الكاسيت وحقق شهرة واسعة في شركة (صوت الطرب)، ثم مع شركة (نجمة العتبة) التي بدأت تنشر إعلانات قوية له، وذاعت شرائط الكاسيت بصوت الشيخ محمود أبو الوفا داخل مصر وخارجها، فاستطاع خلال هذه الفترة أن يجعل لنفسه مكانة بين المشاهير، وربطته علاقات طيبة مع العباقرة الكبار أمثال الشيخ عبد الباسط والشيخ الطبلاوي والشيخ الرزيقي، وشاركهم بعض السهرات القرآنية والاحتفالات ومناسبات العزاء، ومن هنا زادت مساحة الشهرة له، بسبب علاقته بمشاهير وعمالقة القراء، ولتمكنه وقوة أدائه وحسن تلاوته، بالإضافة إلى تعلقه الشديد بآل بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ووجهت له الدعوات من جميع مدن ومحافظات مصر لتلاوة القرآن الكريم في المناسبات، خاصة المآتم، وانتشرت أشرطة الكاسيت بسرعة البرق لتتخطى الحدود المحلية إلى معظم الدول العربية والإسلامية، بالإضافة إلى الليالي القرآنية بالساحة الجيلانية لصاحبها الولي الصالح الشيخ محمد أحمد الجيلاني -وهذا الولي الصالح كان زوجًا لأخته رحمهما الله- بالأقصر، وأيضًا في الساحة الرضوانية لصاحبها الولي الصالح سيدنا الشيخ أحمد رضوان، كما كان حريصًا على زيارة ساحة سيدي أبي الحجاج الأقصري بمدينة الأقصر في صعيد مصر.
من ألقابه: أطلقت عليه العديد من الألقاب مثل (المجري) و(السد العالي) و(صوت الجبل)، وقد ذاع صيته قبل التحاقه بالإذاعة بسبب سوق الكاسيت.
التحاق الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي بالإذاعة المصرية
بعد أن ذاع صيت الشيخ محمود عبر شرائط الكاسيت وصل أحد هذه الأشرطة إلى الإعلامي والإذاعي القدير فهمي عمر رئيس الإذاعة الأسبق، وهو أحد رواد الرعيل الأول للإذاعة المصرية، فاستوقفه صوت الشيخ أبو الوفا بعد أن استمع إلى تلاوة مسجلة، فسأل عن هذا الشيخ ودعاه ليقنعه بضرورة التقدم للالتحاق بالإذاعة كقارئ للقرآن الكريم عام 1985م، فاستجاب الشيخ أبو الوفا لطلب الإذاعي الكبير، وتقدم للإذاعة وبعد عرضه على لجنة الاختبار أثنى عليه جميع أعضائها حتى كتبوا في التقرير "إن الإذاعة في حاجة إلى هذا الصوت؛ إلا أنه ينقصه الترتيب النغمي"، فلم يكن دارسًا للمقامات الموسيقية، بل كان يقرأ بالفطرة، وطلب منه كل من أحمد صدقي الملحن القدير وزميله عبد العظيم محمد أن يتقن دراسة المقامات الموسيقية حتى تكتمل لديه ملكة الإتقان، فهو قارئ للقرآن يمتلك كل المقومات التي يجب توافرها في القراء، وبدأ يتعلم المقامات حتى إنه ذهب للشيخ محمد عمران القارئ والمبتهل الكبير والذى يعد همزة الوصل بين أهل الطرب والقراء، والذي كان له تعليق قوي على صوت الشيخ أبو الوفا؛ حيث قال له: "لديك جوهرة في صوتك، فهو صوت سوداني"، وقد درس المقامات في ست سنوات لانشغاله، ثم عاد بعدها للجنة الاختبار بالإذاعة عام 1991م، فاجتاز الاختبار بنجاح والتحق بالإذاعة، وقام بتسجيل عدة تلاوات، مدة التلاوة ١٥ دقيقة، وأجازت اللجنة هذه التلاوة، وبها تم وضع اسمه على خريطة الإذاعات القصيرة وإذاعة القرآن الكريم والإذاعات الأخرى، حتى جاب محافظات مصر قارئًا للقرآن بالأمسيات الدينية بإذاعة القرآن الكريم، وقد استمع إليه الدكتور عبد الصمد دسوقي رئيس شبكة القرآن الكريم الأسبق ولجنة اختبار القراء بالإذاعة في إحدى هذه الأمسيات وأعجب به وقال: "هذا قارئ يجب أن يوضع على خريطة الإذاعات الخارجية، فهو قارئ ممتاز"، وقام بتسجيل نصف ساعة، تم عرضها على اللجنة التي يرأسها الدكتور عبد الصمد دسوقي، فتمت إجازة التسجيل، وصدر قرار بأن يوضع اسم الشيخ أبو الوفا على خريطة البرنامج العام (نصف ساعة)، والإذاعات الخارجية كالفجر والجمعة وغرة الشهور العربية، وكان أول فجر له على الهواء سنة 1995م من مسجد السيدة زينب رضي الله عنها وأثنى عليه الناس كثيرًا، وقدم عددًا كبيرًا من الأمسيات الدينية وخدم الإذاعة كثيرًا، وفي التليفزيون توقفت لجنة الاختبار به لأكثر من عشر سنوات حتى أعطت الرائدة الإعلامية رئيس التليفزيون الأسبق الراحلة سهير الأتربي الفرصة لاعتماد مجموعة من القراء الإذاعيين المعتمدين بخريطة الإذاعات والاحتفالات الخارجية بالإذاعة ليقرأ بالتليفزيون، فهم أصحاب حق كزملائهم، واستفاد من ذلك القارئ الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي ومجموعة من زملائه المقرئين.
سفر الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي داخل مصر وخارجها
كان لدى الشيخ محمود قناعة بأن القارئ يستطيع أن يصل بصوته لآخر البلاد عبر أثير الإذاعة على الهواء مباشرة أو عبر التلاوات المسجلة ليكون سفيرًا للقرآن، وبسبب كونه مطلوبًا كثيرًا في مصر بطريقة قوية وعليه إقبال شديد، لم يسافر إلا في أواخر عمره خارج البلاد، فقد سافر إلى ساحل العاج عام 1933م موفدًا من وزارة الأوقاف المصرية، وأستراليا على مدار عامين متتاليين 1994-1995م بدعوة رسمية من الشيخ تاج الدين الهلالي مفتي أستراليا في هذا التوقيت، وهولندا من قبل وزارة الأوقاف لإحياء ليالي رمضان عام 2002م، وتركيا عام 2006م.
حياة الشيخ محمود أبو الوفا الاجتماعية
تزوج الشيخ محمود أبو الوفا في السبعينيات من ابنة عمه قبل نزوحه إلى القاهرة، فأنجب زينب طبيبة أسنان، وتزوجت من زميلها الدكتور عادل فتحي طبيب أسنان، ثم أحمد دكتور صيدلي وقارئ للقرآن يمتلك حنجرة ذهبية كأبيه تمامًا، ثم إبراهيم دكتور صيدلي ومدرس مساعد في جامعة جنوب الوادي، ثم منيرة دكتورة صيدلانية تعمل بمركز الرصد البيئي بإمبابة، وتزوجت من ابن عمها محمود عبد الفتاح أبو الوفا إمام وخطيب بوزارة الأوقاف، ثم الابن الأصغر الإمام علي وهو كابتن طيار مدني.
وكان الشيخ أبو الوفا شديدًا حازمًا في بداية عهده في الصعيد، لكنه عندما مكث في القاهرة بدأ في التعامل بهدوء، وكانت حياته منهاجًا عمليًّا، حتى إنه كان يجمع الأسرة في الصلاة خاصة صلاة الفجر، فلم يكن يوجه بقدر ما كان قدوة بأفعاله، فكما يقولون "فعل رجل في ألف رجل خير من كلام ألف رجل في رجل"، فكان سلوكه قدوة يقتدى به، وكان ذا هيبة شديدة لكنه كان متصفًا بالحلم ورقة القلب والحنان، وكانت حياته مليئة بالأنوار والخيرات، وقد عشق الرياضة جدًّا خاصة الجري منذ أن كان في الجيش.
الجانب الروحى للشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي
كان رحمه الله متصوفًا يعشق الحبيب المصطفي صلوات الله وسلامه عليه وآل بيته الأطهار رضوان الله عليهم.
ومن مشايخه رضوان الله عليهم الذين لم يخل مجلسًا يجلس فيه إلا ويتطرق إلى سيرتهم وعن تربيتهم له وتوجيهاتهم له، وأنهم لهم الفضل بعد الله جل وعلا فيما وصل إليه، فهم الذين لا يشقى لهم جليس، من مشايخه الشيخ الدسوقي والشيخ أحمد رضوان، الذي أشار عليه السفر والاستقرار في القاهرة وهو أبوه الروحي، وكان من مشايخه -أيضًا- وتعلق به تعلقًا شديدًا في آخر حياته سيدنا الشيخ سيد سليم الإدفاوي شيخ الطريقة البرهامية بمركز إدفو.
كان الشيخ أبو الوفا يكثر من قراءة القرآن الكريم والصلاة علي النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه، حتى إنه -في بعض الأحيان- يختم القرآن كاملًا يوميًّا، ولو طال به الوقت في ختم القرآن يختمه في أسبوع، يقرأ حتى وهو يسوق سيارته، وعندما سئل لماذا لا تجعل معك سائق يسوق بدلًا عنك حتي لا تُجهد، يقول أريد ألا يعطلني أحد عن قراءتي للقرآن، فأنا أقرأ بعض الأجزاء في ذهابي والبعض في إيابي، حتى إنه كان يقرأ نصف القرآن في ذهابه وإيابه، وكان يذهب إلى سريره لينام فتتفاجأ أسرته أنه في صلاة الفجر لم ينم، وعندما يسألوه عن ذلك يقول جعلت أراجع في القرآن حتي أنني قرأت عشرين جزءًا.
كان الشيخ أبو الوفا بكّاء وكثير الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وكان رحمه الله كثيرًا ما يرى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام، وعندما يرى حضرة النبي يبدأ في توزيع الحلوى داخل الأسرة وخارجها وخاصة للأطفال، فعندما يقوم من نومه مبتسمًا ويبدأ في توزيع الحلوى يعلمون أنه رأى الحبيب المصطفى، حتى وجد في جيبه بعد وفاته بعض الحلوى التي كان ينتظر بها أحفاده ليفرحهم بها.
وفي آخر أيامه ذهب إلى أداء العمرة ورجع قبل وفاته بأقل من أسبوع، وقد قال: "لقد أكرمني رسول الله إكرامًا شديدًا"، وكان لا يأتي ذكر الحبيب المصطفى إلا وتراه يبكي كالطفل الصغير حبًّا وشوقًا لحضرة النبي المصطفى صلوات الله وسلامه عليه.
مات كما عاش قارئًا للكتاب المبين
عاد الشيخ محمود أبو الوفا من العمرة يوم الثلاثاء قبل الوفاة بأقل من أسبوع، وكان مدعوًّا لإقامة ليلة في أسوان يوم الجمعة، وبالفعل أحيا الليلة وكانت آخر ليلة أحياها في حياته، وكانت بمناسبة مولد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، وهناك شعر بتعب خاصة أنه كان يعاني من اضطراب في الضغط ويحتاج إلى قسطرة، وعاد صبيحة السبت، وكان سيذهب يوم الأحد للقاء الطبيب المعالج لكنه اعتذر لسفره على أن يذهب له يوم الثلاثاء، لكنه شعر بتعب شديد قبل فجر الاثنين بساعة، وأخبر ابنه الدكتور إبراهيم بأنه يحتاج إلى الذهاب إلى المستشفى وذهب لإحضار الإسعاف، وكان الشيخ أبو الوفا قد اغتسل وختم القرآن الكريم في هذه الساعة جالسًا على كرسي مستقبلًا القبلة، مصليًا سنة الفجر وينتظر إقامة صلاة الفجر، فخرج السر الإلهي وفاضت الروح الطاهرة القرآنية التي عاشت وماتت على القرآن، فقد صدق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حيث قال «أَنَّهُ مَنْ عَاشَ عَلَى شَيْءٍ مَاتَ عَلَيْهِ» [أخرجه مسلم]، وتوفي بعد صلاة الفجر عن عمر يناهز 64 عامًا، حتى إن أسرته لم تصدق، فذهبوا به إلى المستشفى وهم يكذبون أنفسهم، إلا أنه لا شفاعة في الموت، وكان قد فارق الحياة، وأقيمت صلاة الجنازة عليه في مسجد السيدة نفيسة، ودفن يوم 19 نوفمبر 2018 م، بمدفنه الخاص بطريق السويس.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" النبأ "

















0 تعليق