04:11 م - الإثنين 17 نوفمبر 2025

0

شهد الاقتصاد الياباني في الربع الثالث من العام الجاري انكماشًا واضحًا، ما يعكس استمرار الضغوط الخارجية على قطاعات الإنتاج والتصدير. يأتي هذا التراجع في ظل بيئة دولية تتسم بتصاعد الرسوم الجمركية الأميركية، الأمر الذي أثر مباشرة على حركة صادرات اليابان، وخاصة في القطاعات الصناعية الرئيسة التي تعد العمود الفقري للاقتصاد الياباني. ويبرز هذا التطور تحديات حقيقية أمام سياسة النمو اليابانية، التي تعتمد بدرجة كبيرة على الأداء القوي للأسواق الخارجية.

تفاصيل الأداء الاقتصادي في الربع الثالث

سجّلت اليابان انكماشًا سنويًا قدره 1.8% في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث، بينما بلغ الانخفاض على أساس ربع سنوي 0.4%، وهو أول انكماش تشهده البلاد منذ ستة أرباع. وعلى الرغم من قسوة الانكماش، إلا أنه جاء أقل مما توقعته الأسواق، التي رجّحت تراجعًا أكبر بنسبة 0.6%.

تركز التراجع الاقتصادي بشكل أساسي في قطاع الصادرات، حيث انخفضت بنسبة 1.2% مقارنة بالربع السابق، في انعكاس مباشر لتأثير الرسوم الجمركية الأميركية المفروضة على الواردات اليابانية. تجدر الإشارة إلى أن بعض الشركات اليابانية كانت قد سرعت عمليات التصدير قبل بدء تطبيق الرسوم، مما أدى إلى تضخيم بيانات الصادرات في الفترات السابقة وبالتالي جعل التراجع الحالي يبدو أكبر.

وعلى أساس سنوي، انخفضت الصادرات بنسبة 4.5% خلال الأشهر الثلاثة حتى نهاية سبتمبر/أيلول، في حين تراجعت الواردات بنسبة 0.1% في الفترة نفسها. وعلى الجانب الداخلي، حافظ الاستهلاك الخاص على نمو طفيف بلغ 0.1%، لكنه لم يكن كافياً لتعويض ضعف قطاع التجارة الخارجية.

تأثير الرسوم الجمركية الأميركية على الاقتصاد الياباني

تعتمد اليابان بشكل جذري على قطاع التصدير لدعم نموها الاقتصادي، خاصة الصناعات الثقيلة وقطاع السيارات. ومع فرض الولايات المتحدة رسوماً جمركية تصل إلى 15% على معظم الواردات اليابانية، ازدادت تكلفة دخول المنتجات اليابانية إلى السوق الأميركية، ما قلل القدرة التنافسية للصادرات وأدى إلى تراجع الطلب عليها.

وعلى الرغم من أن الشركات اليابانية الكبرى، خاصة في قطاع السيارات، قامت بنقل جزء من عملياتها الإنتاجية إلى الخارج لتخفيف أثر الرسوم، إلا أن التأثير العام على الناتج المحلي ظل واضحًا. ويبرز هذا الوضع مدى حساسية الاقتصاد الياباني للتغيرات في السياسات التجارية العالمية.

يظهر الانكماش الأخير أن الاقتصاد الياباني يمر بمرحلة تحتاج إلى تدخلات فعالة تتخطى الاعتماد التقليدي على التصدير. فالرسوم الجمركية الأميركية وضعت ضغطًا إضافيًا على قطاع يعتبر محركًا رئيسيًا للنمو، مما يستدعي توسيع دور الطلب المحلي وتعزيز الابتكار والتنوع في مصادر الدخل الاقتصادي.

ويظل مستقبل النمو في اليابان مرتبطًا بقدرتها على التكيف مع التغيرات في التجارة العالمية والبحث عن أسواق بديلة واستراتيجيات أعمق لتخفيف آثار السياسات الحمائية الدولية.