belbalady.net بين تقوى الله وقناعات ومبادئ ووقفة مع النفس… أسرار انسحابات تربك مشهد الإعادة
بينما تواجه المحكمة الإدارية العليا طوفانًا من الطعون الانتخابية على نتائج مجلس النواب 2025، بدا في الواجهة مشهد آخر لا يقلّ توترًا: استقالات جماعية وانسحابات مفاجئة من خوض جولة الإعادة، خاصة داخل حزب الجبهة الوطنية. هذه الثنائية - الطعون القانونية من جهة، والانسحابات السياسية من جهة أخرى - خلقت حالة ارتباك غير مسبوقة، ودفعت المتابعين للتساؤل: هل هي مجرد مصادفة زمنية؟ أم أنّ هناك أسبابًا أعمق خلف الكواليس؟
المشهد الأول: 110 طعنًا في اليوم الأول… المحكمة تحت ضغط غير مسبوق
بدأت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة صباح اليوم التالي لإعلان النتائج النهائية تلقي الطعون وفق الجدول الزمني المحدد، وخلال أول يوم فقط، سجّلت المحكمة 110 طعون انتخابية قُدمت من مرشحين غير فائزين.
وتنوّعت الطعون بين عدة مسارات:
- طعون تطالب بإلغاء العملية الانتخابية بالكامل في دوائر قالت إن بها “مخالفات مؤثرة”.
- طعون تطالب بإلغاء جولة الإعادة في دوائر محددة بدعوى وجود أخطاء في عمليات الفرز أو تجميع الأصوات.
- طعون ببطلان النتائج النهائية المعتمدة، استنادًا إلى مستندات وشهادات قدمها مقدمو الطعون.
هذا الرقم الكبير خلال 24 ساعة يعكس أمرين:
الأول، أنّ المنافسة كانت شرسة وأن بعض النتائج لم تُرضِ شريحة واسعة من المرشحين.
والثاني، أنّ حالة الشك في سير العملية الانتخابية داخل بعض الدوائر لم تُحسم بعد، وأن فرص قلب النتائج ما تزال ممكنة عبر المسار القانوني.
المحكمة الإدارية العليا—بصفتها الجهة المختصة فصلًا وحسمًا—تلتزم بإصدار قرارات نهائية خلال 10 أيام من تاريخ تقديم كل طعن، لضمان عدم تعطيل الجدول الزمني لإعلان النتائج النهائية.
هذا الضغط الزمني الكبير يجعل المحكمة تعمل سباقًا مع الوقت، بينما يتابع المرشحون المشهد بأنفاس متوترة، على أمل تغيير النتيجة أو تثبيتها.
المشهد الثاني: استقالات تهز حزب الجبهة الوطنية… ووقائع “وقفة مع النفس”
على الجانب الآخر من المشهد، ظهر اضطراب سياسي داخل حزب الجبهة الوطنية، مع انسحاب شخصيات بارزة من خوض الإعادة.
المستشار محمد سليم… بداية الانفجار
أول الشرارة جاءت من المستشار محمد سليم، المرشح عن دائرة كوم أمبو، الذي أعلن اعتذاره عن استكمال المنافسة، قائلًا:
«التزمت تقوى الله ووقفت مع نفسي وقفة رجل يحترم من يقف خلفه».
وأكد أنه تقدّم رسميًا للهيئة الوطنية للانتخابات باعتذار مكتوب عن الاستمرار في السباق البرلماني، ثم أعلن استقالته من حزب الجبهة الوطنية كأمين للحزب بمحافظة أسوان.
مصادر متابعة اعتبرت أن بيان سليم لم يكن مجرد قرار شخصي، بل إشارة أولى إلى وجود توترات داخل الحزب نفسه، وربما خلافات حول إدارة الحملة أو تقييم فرص النجاح في الإعادة.
كمال الدالي… الاستقالة التي عمّقت الأسئلة
بعد ساعات فقط، جاء البيان الثاني الذي زاد من قلق المتابعين: اللواء كمال الدالي مرشح دائرة الجيزة والدقي والعجوزة، أعلن انسحابه من جولة الإعادة واستقالته من الحزب في الوقت ذاته.
الدالي قال بوضوح إنه اتخذ قراره «بعد مراجعة شاملة للنفس وللمشهد العام»، مضيفًا أنه لم يقترف خطأ طوال رحلته الانتخابية، وأنه التزم القيم والمبادئ، وأنه وضع المصلحة العامة فوق الطموح الشخصي.
الدالي شدد على أن علاقته بأهالي دائرته «ليست علاقة انتخابية»، وأنه سيبقى بينهم ولأجلهم حتى خارج السياسة، معتبرًا أن الثقة التي منحها له الناس «مكسب لا يقاس بمنصب».
هذا البيان، رغم نبرته الهادئة، فتح الباب أمام سؤال جوهري:
هل جاءت استقالته لأسباب فردية فقط؟ أم أنها انعكاس لخلل أكبر داخل الحزب؟
الربط بين المشهدين… هل هناك علاقة؟
التزامن بين 110 طعنًا في يوم واحد، وبين استقالات متتابعة داخل حزب واحد، جعل مراقبين يطرحون فرضيات وتساؤلات عدّة:
هل دفعت ضغوط انتخابية غير معلنة بعض المرشحين إلى الانسحاب حفاظًا على صورتهم؟
هل تكشف الاستقالات المتتالية داخل الجبهة الوطنية عن خلافات تنظيمية أو صراعات حول إدارة الحملة والدعم؟
هل قرأ بعض المرشحين المشهد السياسي بعد إعلان النتائج باعتباره غير مناسب للاستمرار، خاصة مع تصاعد الطعون؟
هل كانت الاعتبارات الشخصية والمبدئية—من تقوى الله ووقفة الضمير—سببًا في تراجع بعض المرشحين عن خوض الإعادة؟
مع استمرار تلقي الطعون وارتفاع عددها، ومع الانسحابات المتتالية داخل حزب بارز، يبدو أن جولة الإعادة لن تكون مجرد فصل أخير في انتخابات النواب، بل ربما تصبح ساحة لإعادة تشكيل المشهد السياسي في دوائر عدة.
ولعلّ الأيام المقبلة، قبل انتهاء نظر الطعون، ستكشف ما إذا كانت هذه الاستقالات مجرد قرارات فردية… أم علامة على تغيّر أوسع في خريطة المنافسة قبل الحسم النهائي.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" الفجر "









0 تعليق