دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- كم مرة تخطر في بالك الإمبراطورية الرومانية؟ بالنسبة لفريق من الباحثين الدوليين الذين بذلوا جهدًا كبيرًا لرسم خريطة نظام الطرق للإمبراطورية الرومانية القديمة، فإن الإجابة هي كل يوم.
والآن، يمكن لأي شخص الاطلاع على أداة تصوّر بصري أُنشئت حديثا، والتي تشمل 100 ألف كيلومتر من الطرق التي جرى تحديدها حديثًا، لاستكشاف كيفية تنقّل الرومان القدماء بشكل افتراضي.
وفي أوجها، امتدت الإمبراطورية الرومانية من بريطانيا الحديثة إلى مصر وسوريا، وقد ساهمت شبكتها المدهشة من الطرق في نجاح توسعها. وتوضح الخريطة المذهلة نظام الطرق الرومانية حوالي العام 150 ميلاديًا، وتمتد لأكثر من 300 ألف كيلومتر، أي ما يكفي للدوران حول الأرض أكثر من سبع مرات، بحسب ما ذكره باو دي سوتو، المؤلف المشارك للدراسة التي تصف هذه الأداة، في رسالة إلكترونية.
ودي سوتو هو أستاذ في قسم التاريخ القديم والوسيط في جامعة برشلونة المستقلة في إسبانيا.
ويشير الخبراء إلى أن الخريطة الشاملة يمكن أن تساعد في دعم البحوث المستقبلية التي تستكشف تأثير الطرق الرومانية على التواصل والهجرة، وكذلك انتقال الأمراض، والأثر طويل المدى لهذه الأحداث على الإمبراطورية.
السفر على طريقة الرومان القدماء

وكان لدى الناس الذين عاشوا خلال الإمبراطورية الرومانية العديد من وسائل النقل المختلفة، على سبيل المثال اعتمد المصريون بشكل أساسي على الجِمال، بينما كان الناس في مناطق أخرى من الإمبراطورية يركبون الخيول أو يسافرون على العربات والحمير الحاملة للأمتعة. وأحيانًا كانوا يستخدمون العربات الحربية أو يمشون سيرًا على الأقدام، بحسب ما ذكرته كاثرين فليتشر، وهي أستاذة التاريخ في جامعة مانشستر متروبوليتان في المملكة المتحدة ومؤلفة كتاب "الطرق إلى روما: تاريخ التوسّع الإمبراطوري".
وفي بعض المناطق، كانت الطرق معبدة بالحصى، بينما في المناطق النائية كانت تُغطى بطبقة من الحجارة الصغيرة.
وأضافت فليتشر أنه لا يزال من الممكن السير على بعض هذه الطرق، مثل "طريق أبيان" المؤدي إلى روما.
وقالت فليتشر، التي لم تشارك في الدراسة الجديدة: "هذا المجموعة البيانية تجمع نطاقًا واسعًا من الأبحاث لتقدّم صورة أكبر وأكثر شمولًا لشبكة الطرق الرومانية مما كان لدينا من قبل. كما تظهر إلى أي مدى لا نزال نجهل الكثير عن تلك الطرق، رغم شهرتها".
وأضافت في رسالة عبر البريد الإلكتروني أن "التصوّرات البصرية ستكون بمثابة عون كبير للكتّاب أو صناع الأفلام الذين يسعون لتخيل شكل الرحلات عبر الإمبراطورية الرومانية، كما ستكون ممتعة لأي شخص يرغب في استكشاف طريق روماني في منطقته أو أثناء عطلته".

وتعد الخريطة مشروعا مستمر التطور، ولا تزال الإضافات تُجرى عليها، حسبما ذكره دي سوتو.
وأشار إلى أن المؤلفين يأملون قريبًا في إضافة الروابط البحرية والنهرية، واستكشاف التطور الزمني للطرق.
من جهته، قال توم بروغمانز، المؤلف المشارك في الدراسة وأستاذ علم الآثار الكلاسيكية المشارك في جامعة آرهوس بالدنمارك: "كانت الإمبراطورية الرومانية أول مثال على وحدة سياسية واقتصادية متكاملة على نطاق قاري. وقد أعادت هذه الفترة هيكلة البنية التحتية للنقل في المنطقة على نحو غير مسبوق حتى الثورة الصناعية في القرن التاسع عشر، ولدينا الآن مجموعة بيانات تتيح لنا دراسة كيف تغيّرت حركة التنقل البرية على مدى 2000 عام".
رسم خريطة الطرق الرومانية القديمة

وقد تطلب وضع الأسس لهذه الخريطة، التي أطلق عليها اسم "Itiner-e"، من الباحثين مقارنة العديد من السجلات التاريخية بالإضافة إلى صور الأقمار الصناعية والصور الجوية التاريخية وغيرها من البيانات.
وتتيح الخريطة حساب أزمنة الرحلات بين مواقع مختلفة، كما تساعد في تسليط الضوء على الثغرات التي لا تزال قائمة في معرفة العلماء حول الطرق القديمة.
وأشار بروغمانز إلى أن جمع نتائج 200 عام من الأبحاث حول الطرق الرومانية لإنشاء هذا التصور كان أشبه بـ "لعبة توصيل النقاط عملاقة".
وأضاف في رسالة عبر البريد الإلكتروني: "نحن نعرف مئات الآلاف من المواقع القديمة، مثل المدن والفيلات، حيث عاش الرومان وعملوا،
لكن الطرق هي عناصر خطية طويلة تمر عبر تضاريس يصعب تنقيبها بالكامل"..
وأوضح بروغمانز أن الباحثين اكتشفوا آثار هذه الطرق القديمة من خلال مقارنة الأدلة التاريخية، مثل القطع الأثرية المكتشفة أثناء التنقيب أو السجلّات القديمة لرحلات السفر، مع صور الأقمار الصناعية والخرائط الطبوغرافية التي تُظهر المشهد قبل فترات التمدّن الكثيف.
وأضاف أنهم تمكنوا حتى من تحديد طرق مدفونة حاليًا تحت بحيرات السدود باستخدام صور الأقمار الصناعية التاريخية التي تكشف شكل المنطقة كما كانت عليه سابقًا.

ومع ذلك، رغم أن الخريطة تعزز فهم العلماء لشبكة السفر القديمة، فقد أشار المؤلفون إلى أن نسبة 2.7% فقط من الطرق يُعرف موقعها بدقة مؤكدة، بينما تُعرف نسبة 90% بدرجة أقل من الدقة، أما نسبة 7% المتبقية فهي لطرق مفترضة فقط.
وقال بروغمانز:"كانت هذه مفاجأة كبيرة واكتشافًا يدعو للتفكير بعمق، فالطرق تعد من أكثر المواضيع غموضًا في علم الآثار والتاريخ الروماني. وقد كانت منتشرة في كل مكان، ولدينا أقوال شعبية مثل كل الطرق تؤدي إلى روما"
وأوضح بروغمانز أن هذه الدراسة تشكل دعوة للباحثين لمواصلة رسم خرائط لمناطق أخرى أقل دراسة من الإمبراطورية القديمة.
أما راهنا، فقال دي سوتو إن الخريطة توفر بيانات بصرية لفهم كيفية تحرك الحضارة الرومانية وتطورها، ما يساعد في تحديد طرق انتشار السلع والأمراض والأفكار.
وقد نُشرت نتائج البحث في الدورية العلمية "Scientific Data".
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" cnnarabic "










0 تعليق