سأل التلميذ أستاذه: يا أستاذى أين تقع مصر، فأجاب أستاذه: مصر يا بنى لا تقع، فيقول التلميذ أنت لا تعرف الجغرافيا، ويقول الأستاذ: بل أنت يا بنى لا تعرف التاريخ».
وأضاف: «فمن يعرف التاريخ يدرك أن مصر لا تقع، وأصدرت محكمة التاريخ العليا حكما نهائيا لا طعن فيه ولا استئناف عليه بأن مصر هى أم الدنيا، فقد جاءت قبل أن يسطر القلم أحداث الزمان وستبقى بإذن الله مرفوعة الرايات حتى يزول الزمان».
هكذا روى اللواء ياسر وهبة، حوارًا افتراضيًا على أحد مواقع التواصل الاجتماعى، دار بين تلميذ وأستاذه حول موقع مصر.
وذلك خلال تقديمه الندوة التثقيفية الـ41 للقوات المسلحة بمناسبة الاحتفال بيوم الشهيد والمحارب القديم تحت عنوان شعب أصيل، والتى نظمتها إدارة الشئون المعنوية بحضور الرئيس السيسى فى تقليد سنوى لإحياء ذكرى الجنرال الذهبى الفريق أول عبدالمنعم رياض والذى استشهد 1969، بعد أن ضرب أروع مثال على التواجد فى خط المواجهة فكان دائما فى الصفوف الأمامية، تأكيداً على تلاحم القائد مع جنوده فى الميدان.
وألقى اللواء ياسر وهبة خلال تقديم للندوة التثقيفية أبياتًا شعرية جاء فيها:
فى ماضى الأزمان اجتمعت محكمة التاريخ العليا
أصدرت الحكم نهائيا أن بلادى أم الدنيا
من بعد مرافعة عصماء لسان الأهرام تلاها
ما ملك الكون لها إلا أن ألقى السمع وحياها
نام الدهر وحين تمنى وطنا فى الحلم تمناها
خطت للمجد صحيفته فانكب يقبل يمناها
واستلقى النيل على يدها طفلا تهواه ويهواها
رفعت أقلام التاريخ فلا استئناف لدعواها
باسم الله الملك الحق المتجلى فوق ثراها
إذ قال الله لها كونى فاتحة الأرض وأولاها
مصر وما أدراك بأرض الله تعالى سماها
فيلم تسجيلى
وخلال الاحتفالية تم عرض فيلم تسجيلى تناول أحداث ثورة 1919 بتقديم الفنان آسر ياسين، والذى تناول فيه القبض على سعد باشا زغلول ونفيه، لأنه كان يجمع توقيعات من الشعب المصرى لتحرير مصر واستقلالها، وتحدث الفيلم عن تضحية المصريين بحياتهم من أجل بلادهم ليتم تحريرها من الاستعمار، كما سلط الضوء على مشاركة السيدات فى ثورة 1919، وكانت أولاهم السيدة حميدة خليل شهيدة الحرية.
ووجه الفيلم رسالة بالوحدة الوطنية بهتاف «يحيا الهلال مع الصليب»، وتحدث الفيلم أيضا عن أحداث 1935 ونزول الطالب عبدالمنعم رياض للشوارع فى مظاهرات ضد الاحتلال الإنجليزى، وكيفية التحاقه بالكلية الحربية، وسلط الضوء على دخوله الحربية وتخرجه فيها لتكملة مسيرة والده ليكون ضابطا فى سلاح المدفعية. وأوضح الفيلم أنه تم جمع كل الأبطال معا فى دفعة واحدة فى الحربية، مشيرا إلى أن القدر جمعهم فى مكان وزمان واحد لهدف لم يكن معلوما أو أحد يتخيله. ولفت الفيلم إلى حرب فلسطين وتقديم الدعم إلى شعب غزة ودخول مصر حرب 1948 والتى شارك فيها البطل عبدالمنعم رياض العقل المفكر فى إدارة العمليات والخطط واستمر فى رحلة العلم والقيادة، حيث سافر إلى الاتحاد السوفييتى ودرس فى أكاديمية فرونز العسكرية وتعلم اللغات.
وأشار اللواء عبدالتواب هديب، خلال الفيديو التسجيلى، إلى أن الفريق عبدالمنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة فى ذلك الوقت، كان قد طلب زيارة أحد المواقع الأمامية خلال الحرب لمشاهدة تأثير المدفعية على العدو عن كثب، وفى تلك اللحظات استشهد الفريق عبدالمنعم رياض، الذى سقط فى ساحة المعركة ببطولة وشجاعة، وأصبح التاسع من مارس من كل عام هو اليوم الذى تحتفل فيه مصر بشهدائها، وتكرم تضحياتهم التى امتدت عبر العصور.
عرض غنائى
عقب ذلك عزفت الموسيقات العسكرية «سلام الشهيد»، وألقى الشاعر هشام الجخ قصيدة «يا صاحبى الشهيد» أمام أسر وأبناء الشهداء التى عبرت عن مشاعر الفخر بتضحيات الشهداء. وتم تقديم عرض غنائى عن «شرف الشهادة» للفنان مدحت صالح، ثم أعقبته مادة فيلمية مسجلة عن النصب التذكارى للجندى المجهول، والذى تم بناؤه تخليدا لذكرى الشهداء، كما تم تقديم عرض فنى قدمه الفنان محمد الكيلانى ومجموعة أخرى من الفنانين عن الشهداء الأبرار.
أبناء الشهداء
وقالت جيهان، ابنة الشهيد البطل مبارك عبدالمتجلى، أحد شهداء حرب أكتوبر المجيدة، إنها لم ترَ والدها إلا فى الصور بسبب استشهاده، عندما كان عمرها سنتين، مواصلة: «كان نفسى أسمع صوته ويفضل ذكرى فى أذنى، ولكنى أعرفه جيدا بسبب كلام والدتى وزملائى عنه دائما، وهذا يشعرنى بالعزة والفخر، عمره فى الدنيا كان قليلا، لكن إنجازاته كانت كثيرة، فقد حصل على وسام نجمة سيناء، وكان كابتن منتخب مصر فى كرة السلة، ولكن أهم إنجازاته أنه شهيد».
من جانبها، قالت ملك، ابنة رائد شهيد أشرف أحمد محمد، الذى استشهد عام 2011 فى محافظة بورسعيد، وكانت فى الخامسة من عمرها، لكنه ترك لها صورا وفيديوهات كثيرة تمثل ذكريات طفولتها كلها، مواصلة: «فاكرة أول يوم حضانة، لما أخد إجازة من شغله مخصوص عشان يوصلنى بنفسه».
وقال الملازم أول بحرى أحمد عبداللطيف، نجل الدكتور عبداللطيف عبدالحميد، شهيد الواجب أثناء جائحة كورونا 2020: «والدى ديما كان فى الصفوف الأولى فى الجيش الأبيض، وعمره ما خاف على نفسه، وكان قدامه هدف واحد، إزاى يحمى الناس من فيروس كورونا، وزى ما هو قدم رسالته، أنا موجود هنا بانضمامى للقوات المسلحة كضابط بالقوات البحرية، وبإذن الله جيشك يا مصر قادر يحميكى ويحافظ عليكى»، بينما قال الملازم أول أحمد السيد أحمد فوزى، نجل الشهيد أحمد فوزى: «ربنا كرمنى ودخلت الكلية الحربية ودخلت نفس سلاح والدى وهو سلاح المشاة، والدى علمنى يا نعيش أبطال يا نموت شهداء، وأطمن كل المصريين إن مصر أمانة فى رقبتنا».
وقال الطفل عمر ابن الشهيد البطل عقيد طيار أركان حرب هشام حسنى: «بابا كان طيار بطل، حارب الإرهاب واستشهد وحلمه كان يشوفنى ضابط، وأنا تمسكت بالحلم ده لكن أصبت بالمرض اللعين، وواجهته بشجاعة واتعالجت منه تماما، وبعد ما عدت المحنة أنا مش بس عايز أكمل مسيرة بابا، أنا عايز أكون سبب فى شفاء غيرى، أكون دكتور أحارب المرض زى ما بابا حارب الإرهاب، وأكون جزء من مستقبل بلد اتبنت بالتضحية».
تكريم أهالى الشهداء
كما كرم الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال الندوة التثقيفية الـ41 فى مركز المنارة بمناسبة يوم الشهيد أسر الشهداء والمصابين فى العمليات الحربية منذ حرب أكتوبر المجيدة عام 1973 وأهالى سيناء، وتم التقاط الصور التذكارية ثنائية للرئيس مع ذوى المكرمين.
وقد كرم الرئيس السيسى:
اسم الشهيد البطل المقدم أحمد حسن أحمد إبراهيم من الدفاع الجوى واستشهد يوم 18 من أكتوبر 1973 وتسلم التكريم كريمته السيدة نهلة وحفيده أحمد.
اسم الشهيد البطل رائد طيار أركان حرب إسماعيل محمد حسن إمام من القوات الجوية استشهد فى 17 أكتوبر 1973 وشارك فى الضربة الجوية.
كما كرم الرئيس جندى مصاب عمليات حربية سيد محمد مراد العياط من المشاة.
بجانب أسماء الشهداء:
العميد أحمد كمال محمود من المدفعية، تسلم التكريم ابنه وابنته
المقدم خالد محمد عبده، تسلم لتكريم زوجته ونجله
مقدم أركان حرب عادل عبدالحميد من المدرعات، تسلم التكريم زوجته وأبناؤه
الرائد محمد على محمد من المدرعات، تسلم التكريم أسرته
النقيب محمد حسن عبدالحفيظ، من المدرعات، تسلم التكريم والدته وشقيقه
ملازم أول محمد عادل حلاوة من المشاة
الرقيب باسم سامى عبدالحى، من المدفعية
الرقيب أسامة سعيد فتح الله من المشاة
العريف رضا محمد محمد الجارحى، من المدرعات
جندى إسلام محمد السيد من حرس الحدود
ومن شهداء أهالى سيناء:
اسم الشهيد حميد عيد سالمان مسلم
اسم الشهيد إبراهيم حماد إبراهيم حماد
كلمة الرئيس السيسى
وألقى الرئيس كلمة فى ختام الندوة قال فيها:
تبلغ سعادتى مداها كل عام، بأن أتواجد معكم وبينكم، لنرسل معا رسالة لأصحاب العطاء من شهدائنا الأبرار، الذين قدموا المثل والقدوة فى التضحية، من أجل بقاء هذا الوطن، والحفاظ على مقدرات شعبنا العظيم.. والتى تعبر بجلاء، عن إرادة هذه الأمة عبر تاريخها.. بأنها قادرة وقاهرة لكل مانع، يقف حائـلا أمام تحقيـق أمنـها وســلامتها وريـادتها.. فلهذا الوطن رجال صنعوا المستحيل، وحققوا لمصر دائما فى الماضى والحاضر صمودا، أكد وحدة الشعب المصرى، وجعله أكثر صلابة.. فكل عام وشعبنا الأصيل، فى خير وأمن وسلام.
وأضاف الرئيس : وإنه لمن حسن الطالع، أن يتواكب احتفالنا هذا العام، بيوم الشهيد، متزامنا مع العاشر من رمضان، الذى خاضت فيه مصر أشرف المعارك، وقدم فيها الرجال جلائل الأعمال، التى عبرت بنا إلى آفاق الكرامة والكبرياء، بوحدة شعب وصلابة جيش، عقدوا العزم على تحقيق النصر.
وأردف الرئيس: إن شهداءنا الأبرار، لم يقدموا أرواحهم فحسب، بل قدموا المستقبل لمصر.. فقد مهدوا لنا طريق الاستقرار والأمان، الذى نواصل فيه اليوم مسيرة البناء والتنمية.. وبفضل تضحياتهم استطاعت مصر، أن تواجه التحديات، وتمضى قدما فى تنفيذ المشروعات القومية، التى أصبحت شاهدا، على صلابة هـذا الوطـن وعزيمـة شـعبه.
إننا اليوم، نرى نتائج هذه التضحيات واضحة، فى كل ربوع مصر، من مدن جديدة تبنى، ومشروعات ترسم ملامح القوة للجمهورية الجديدة.. وما كان ليتحقق كل ذلك، لولا الدماء الطاهرة التى سالت، ليبقى هذا الوطن آمنا مستقرا، قادرا على التقدم والبناء.
وإذ نحتفى اليوم بذكرى شهدائنا العظام، فإننا نؤكد التزامنا تجاه أسرهم، فهم لم يفقدوا أبناءهم فحسب؛ بل قدموا للوطن أغلى ما يملكون.. فمصر لا تنسى أبناءها الأوفياء، وستظل دائما سندا لهم، كما ستظل قواتنا المسلحة – درع الوطن وسيفه – صامدة فى وجه أى تهديد، حامية لمقدرات هذا الشعب العظيم.
وتابع الرئيس: على الرغم من الأحداث المتلاحقة، التى يمر بها العالم ومنطقتنا، والمخاطر والتهديدات التى خلفت واقعا مضطربا، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ومساعى مصر الدائمة، لتقديم رؤى من أجل تحقيق الأمن والسلم للمنطقة، كفاعـــــل رئيسـى فــــى هــــذه القضــــــية.. والتى أوضحت فيها مصر منذ بدايتها، موقفا ثابتا راسخا، بأنه لا حل لهذه القضية، إلا من خلال العمل على تحقيق العدل، وإقامة الدولة الفلسطينية، وعدم القبول بتهجير الشعب الفلسطينى من أرضه، تحت أى مسمى.. ولم يكن هذا الموقف ليتحقق، إلا بوعى الشعب المصرى، واصطفافه حول القيادة السياسية، معبرا وبجلاء عن صدق النية وحب الوطن.. واسمحوا لى، أن أقدم تحية للشعب الفلسطينى الصامد فوق أرضه، مؤكدا أننا سنقدم لهم كل عمل؛ من شأنه أن يساندهم فى معركة البقاء والمصير.
وفى ختام كلمته قال الرئيس: قبل أن أختتم كلمتى، أوجه تحية واجبة، للشعب المصرى وقواته المسلحة، على ما بذل من جهود خلال السنوات الماضية، والتى سعينا فيها إلى بناء قدرات هذه الأمة، عسكريا وسياسيا واقتصاديا، والتى ساعدتنا على تجاوز كل التحديات، وأهلتنا لمواجهة كل التهديدات.. فما تحقق على أرض مصر ورغم كل الظروف، جعلنا نقف على قدمين ثابتتين، ندافع عن حاضرنا.. ونؤمن مستقبل الأجيال.
وفى الختام، وباسم الشعب المصرى، نتوجه بتحية تقدير وإجلال، لشهدائنا الأبرار وأسرهم الكريمة، لما قدموه من تضحيات وبطولات.. وأعدكم أمام الله – سبحانه وتعالى – أننا سنستمر فى العمل، لتحقيق ما تتطلعون إليه، من رفعة وتقدم واستقرار.. لوطننا الغالى مصر.
أشكركم، وكل عام وأنتم بخير.
ودائما وبالله: «تحيا مصر، تحيا مصر، تحيا مصر».
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "
0 تعليق