: روضة رمضان.. خواطر فضيلة د. على جمعة عضو هيئة كبار العلماء فضل الصبر

روز اليوسف 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الصبر ثمرة أخرى يتعلمها المسلم من هذا الشهر الفضيل، فيتعلم تحمل الألم والجزع فى سبيل الله، ويهون عليه ألم النفس لرضا ربه، فشهر رمضان شهر التربية، يكسر فيه المسلم شهوته، ويلغى هواه، ولعل المنع من المباح فى نهار رمضان والإذن فيه فى الليل، ثم المنع فى الفجر يمثل منهجًا تربويًا فى الامتثال لكل أوامر الله، حيث يتدرب المسلم على الترك والفعل فى حدود المباح والمأذون له.

والصبر فى اللغة: الحبس، ويختلف معناه باختلاف حرف الجر والظرف المستعمل مع هذه الكلمة فهناك الصبر فى الله، والصبر بالله، والصبر إلى الله، وهناك الصبر مع الله، ومن المذموم الصبر عن الله والعياذ بالله تعالى، وقد ألف ابن القيم الجوزيه كتابًا مفردًا لتفصيل شأن الصبر وعظيم آثاره فى الدنيا والآخرة، وأسماه [عِدَة الصابرين وذخيرة الشاكرين] أى بيان ما وعد الصابرون به.

وقد أمرنا الله بالصبر، فقال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، وقال سبحانه: (وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)، وهو مأمور به عند مواجهة المعتدين، قال تعالى: (رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ)، ويجعل الله الصابرين فى معيته،فيقول سبحانه: (وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).

قال رسول الله (ص): (عجبا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له) [رواه مسلم].

وكان النبى (ص) يصبر نفسه بأخبار من سبقه من إخوانه الأنبياء عليهم السلام فعن عبد الله: (أن رجلا قال لشيء قسمه النبى (ص): ما عدل فى هذا. فقال: فقلت والله لأخبرن رسول الله (ص)، فأخبرته فقال يرحم الله موسى قد كان يصيبه أشد من هذا ثم يصبر) [رواه ابن حبان].

وصح عنه (ص) أنه قال للأنصار: (فاصبروا حتى تلقونى على الحوض).

ويعظم أجر الصابرين خاصة فى آخر الزمان، فصح عن النبى (ص) أنه قال: (فإن وراءكم أيام الصبر فيهن كقبض على الجمر، للعامل فيهن أجر خمسين يعمل مثل عمله) [أخرجه الحاكم فى المستدرك].

وتحدثت الآية القرآنية عن جزاء الصابرين بصورة جعلت الخيال عاجزا عن تصور ذلك الجزاء، قال تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)

والصبر أنواع يذكرها الشيخ الماوردى الشافعى فيقول: وأعلم أن الصبر على ستة أقسام, وهو فى كل قسم منها محمود. فأول أقسامه وأولاها: الصبر على امتثال ما أمر الله - تعالى - به والانتهاء عما نهى الله عنه لأن به تخلص الطاعة، وبها يصح الدين وتؤدى الفروض ويستحق الثواب, كما قال فى محكم الكتاب: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب) [الزمر:10]، ولذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم: (الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد) [رواه أحمد]. 

وليس لمن قل صبره على طاعة حظ من بر ولا نصيب من صلاح، ومن لم ير لنفسه صبرا يكسبها ثوابا. ويدفع عنها عقابا، كان من سوء الاختيار بعيدا من الرشاد حقيقا بالضلال.  وقد قال الحسن البصرى رحمه الله تعالى: يا من يطلب من الدنيا ما لا يلحقه أترجو أن تلحق من الآخرة ما لا تطلبه. وقال أبو العتاهية رحمه الله تعالى: أراك امرؤ ترجو من الله عفوه وأنت على ما لا يحب مقيم تدل على التقوى وأنت مقصر، فيا من يداوى الناس وهو سقيم وهذا النوع من الصبر إنما يكون لفرط الجزع وشدة الخوف فإن من خاف الله - عز وجل - وصبر على طاعته، ومن جزع من عقابه وقف عند أوامره.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" روز اليوسف "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??