55 عامًا قضاها المخرج الكبير جلال الشرقاوي، في مواقع التصوير وبين معداته، فقد بدأ المسيرة منذ أن كان شابًا عمره لا يتجاوز الثلاثين، واستمر يعطي للفن والجمهور، وتعامل مع كبار نجوم الوطن، وله الكثير من المواقف، ومر بالعديد من الأحداث الفارقة، التي رواها لنا.
حوار| ريهام عبد الوهاب وعبد الفتاح العجمي
* قدمت «مدرسة المشاغبين».. وكنت الأعلى أجرًا بين المخرجين ووصل أجري لـ400 جنيه
* فيلم «العيب» تسبب فى أزمة مع نظام عبد الناصر.. وتم قص 17 دقيقة منه فأفسده
بعد أن حصل على التوجيهية، أكمل تعليمه داخل أسوار كلية العلوم بجامعة القاهرة، بناءً على رغبة والده، وحصل على بكالوريوس الكيمياء، ومن ثم ماجستير علم النفس من كلية التربية جامعة عين شمس، وحينها عين مدرس كيمياء بمدرسة «النقراشي الثانوية النموذجية»، لكنه أراد أن يحقق رغبته الملحة بعد أن أرضى والده، ليتجه إلى الدراسة بمعهد الفنون المسرحية، فكان في الصباح مدرسًا للكيمياء، وبالمساء تلميذًا بالمعهد.
المخرج الكبير جلال الشرقاوي، الذي عمل فى المسرح والتليفزيون والسينما والإذاعة، ودفع من جيبه لكي يظل باب المسرح مفتوحًا أمام المواهب والجمهور، فتح قلبه لـ«التحرير» وتحدث عن ذكرياته، وعن المرة الأولى، التى وقف فيها على خشبة المسرح، وأبرز أعماله، وعن حكاياته مع أهل الفن، ورؤيته للفن فى ظل حكم الرؤساء الأربعة، الذين عاصرهم، الراحل جمال عبد الناصر، محمد أنور السادات، محمد حسني مبارك، وأخيرًا الرئيس عبد الفتاح السيسي.
حبُه التمثيل بدأ فى المرحلة الابتدائية، حينها انضم إلى المسرح المدرسي، وهو لا يزال طفلًا لا يتجاوز العشرة أعوام، ليكون هذا هو النشاط الفني، الذي واظب عليه فى كل مراحل التعليم، وعندما وصل إلى الثانوية كان هو رئيس فرقة التمثيل، وهذا جعله رئيس المسرح الجامعي بكلية العلوم، فكان عضوًا نشطًا فى كل الأنشطة الخاصة بالمسرح، حينها التقى بالكوميديان الراحل فؤاد المهندس، الذي كان يعمل فى ذلك الوقت موظفًا بكلية التجارة، ولديه فرقة «الكوميديا المصرية»، انضم لها «الشرقاوي» كممثل.
بعد أن تخرج جلال الشرقاوي في معهد الفنون المسرحية، التحق ببعثة التمثيل والإخراج بموسكو لمدة عام، واختار أن يدرس الإخراج، لكن لم يجد نفسه فى تلك الدراسة، حيث قال: «لأسباب كتير محبتش الدراسة فيها، واتصلت بالبعثة التعليمية هنا، وحولت بعثتي لباريس»، فى فرنسا درس المسرح والسينما معًا، فكان فى الصباح يدرس بأشهر معاهد تعليم السينما، ومن الرابعة عصرًا وحتى الثانية عشرة بعد منتصف الليل، كان يواصل تعلم الدراما بالمعهد العالي للدراما هناك، وكان يوجد هناك ملحق بالمعهد به مسرح خاصة، قدم فيه أغلب تجاربُ المسرحية، تابع «الشرقاوي»: «3 سنين ونص كلهم شغل على المسرح، مفتكرش إن فى مرة قعدت على السفرة أتغدى، كنت باكل وأنا رايح وأنا راجع فى الطريق».
عاد المخرج المسرحي الكبير إلى مصر، وكانت أول رواية مسرحية يقوم بإخراج هي «الأحياء المجاورة» للأديب أنيس منصور، كان عمره وقتها 28 عامًا، وكانت تلك الرواية تحديًا كبيرًا له، خاصة أنه كانت لدي مسرح التليفزيون منذ عامين، ولم يقبل أى مخرج أن يتولى مهمة إخراجها، لكونها مسرحية مكونة من شخصين فقط، وهما الزوج والزوجة الفنان حمدي غيث وسناء جميل، ولا يوجد أى أشخاص أخرى، يقول جلال الشرقاوي: «لما قرأت الرواية شفتها صور وحبيتها وحسيتها، ووافقت أعملها، وكان أيامها المسرحية بتعرض 15 يوما، ثم تتصور في التليفزيون، وده عشان يشغلوا أوقات التليفزيون والحاجة التانية دعاية للنظام الجديد وثورة يوليو».
ولكن نجاح تلك المسرحية فاق كل شيء، فاستمر عرضها لمدة شهرين، وتوالت بعد ذلك أعماله، حيث قدم مسرحية «الرجل الذي فقد ظله» للروائي المصري فتحي غانم، «خطيئة حواء» للكاتب محمد التابعي، «مفتاح النجاح» للكاتب توفيق الحكيم و«الزلزال» للكاتب مصطفى محمود، يقول جلال الشرقاوي، عن هذا «كان أول مرة يتعمل زلزال حقيقي على خشبة المسرح، الأبواب كانت بتتكسر، رغم أنها عرضت على (مسرح الحرية)، اللي قدام وزارة الداخلية، وكان أول مرة يتفتح».
انتقل بنا جلال الشرقاوي، بعد ذلك إلى السينما، الذي قدم خلالها 4 أعمال فقط، وهم: «أرملة وثلاث بنات» بطولة أمينة رزق، «الناس اللى جوه»، «أعظم طفل فى العالم» و«العيب»، الذي أدخلُه فى صدام مع نظام جمال عبد الناصر، وعن هذا قال: «(العيب) كان ضد النظام، ولكن من حسن الحظ إني كنت بصور فيلم (الناس اللي جوه)، فلما طلع (العيب) عمل دوشة، واتشال منه 17 دقيقة، وكان في 7 رقباء قاموا بقص 17 دقيقة، وعشان كده الفيلم باظ».
فيلم «العيب» كاد أن ينهي مشوار «الشرقاوي» كمخرج سينمائي، وذلك بسبب كشف الفساد والرشوة المتواجدة بالجهاز الإداري للدولة، وما تسبب فى اشتعال الأزمة هو ظهوره على الهواء مع الإعلامية الراحلة هند أبو السعود، ليتحدث عن غضبه من تعدى الرقابة على فيلمه، ووصف نظام جمال عبد الناصر بالديكتاتوري، يحكى عن هذا، ويقول: «من حسن حظي وسوء حظهم كان فيه مذيعة اسمها هند أبو السعود، كلمتها عن وزير الثقافة، وعن غياب الديمقراطية، وأن الفيلم باظ، فطلع قرارات وإحنا في اللقاء على الهواء، وهي إن جلال الشرقاوي لا يدخل مبنى ماسبيرو الشهر كله، والبرامج اللي على الهواء تتسجل الأول بعدين تذاع، وهند خدت خصم 15 يوم تقريبًا من مرتبها».
عن ذكرياته مع نكسة 67، يقول: «الناس كانت بتتكلم عن النكسة، واتكلمت وقولت إن الشعب أحد أسبابها، لأنه مش بيشتغل، والموظف بيشتغل 4 دقائق، والناس بتشرب حشيش، وغيرها من الأسباب.. اتشتمت كتير من اليمين واليسار، ودي كانت أول مرة يتفقوا على حاجة»، حينها أصدر وزير الثقافة، ثروت عكاشة، قرارًا بمنع التعامل مع جلال الشرقاوي، كما خشى القطاع الخاص من التعامل معه، لذلك ترك السينما، واتجه إلى المسرح، لأنه وقتها كان من إنتاج الفرق الخاصة، وليس الدولة.
تابع «الشرقاوي»: «قدمت مسرحية (مدرسة المشاغبين) التى استمرت 6 سنوات، ووصل أجرى حينها 400 جنيه، وكنت الأعلى أجرًا بين المخرجين، كنت باخد أجرى من شباك التذاكر 20 جنيه، وبعدها 30 جنيها حتى اكتملت الـ400 جنيه، المسرحية قدمت باسم عبد لمنعم مدبولي، وكان عنده 2 فراودة وهم: عادل إمام وسعيد صالح، وبعدين أنا جبت يونس شلبي وأحمد زكي، وهادي الجيار، قلت للمنتج سمير خفاجي، دول على مسئوليتي، وبالفعل وافق عليهم وتمام»، وبعد ذلك قدم «قصة الحي الغربي»، التى ضمت عددا كبيرا من النجوم حسن يوسف، لبلبة، عادل إمام، أحمد زكي، يونس شلبي، صلاح السعدني وسهير البابلي، ورغم عظمتها إلا أنها لم تصور، وتم رفعها من المسرح من قبل الحكومة، وعرضت «مدرسة المشاغبين» مرة أخرى.
للحديث بقية.. يتحدث المخرج جلال الشرقاوي فى الجزء الثاني من الحوار عن كواليس محاصرة مسرحه من قبل الداخلية، وعن تدخل جمال عبد الناصر فى الفن، وكيف حضر متخفيًا إحدى المسرحيات لمعرفة كيف يراه الشعب، وغيرها من الحكايات.
بالبلدي | BeLBaLaDy
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" التحرير الإخبـاري "
0 تعليق