| «أولاد حارتنا».. رائعة نجيب محفوظ التي لم يفهمها مكفروه | BeLBaLaDy

التحرير الإخبـاري 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
ملخص 1fe32de407.jpg

«أولاد حارتنا».. الرواية الملحمية التى كانت سببًا فى تكفير الأديب نجيب محفوظ، الذى تحل اليوم الذكرى الـ12 على رحيله، ومن أجل ذلك نقلب فى دفاتر هذه الرواية التى عالجت قصص الأنبياء بطريقة مبتكرة.

النجاح الكبير الذى حققه الأديب الراحل نجيب محفوظ من خلال الرائعة الأدبية «الثلاثية: بين القصرين، قصر الشوق، السكرية»، جعل صيته يذيع، وحينها كتب عنه الناقد لويس عوض مقالة بعنوان: «نجيب محفوظ.. أين كنت؟»، سجل خلالها حفاوته بأدبه.. بعدها، دخل «محفوظ» فى حالة صمت وتوقف عن الكتابة، وحينها حدثت ثورة يوليو 1952، فرؤيته للتغيير الذى كان ينادي به خلال كتابته قد وقع بالفعل، واستمرت حالة العزلة 5 أعوام، حتى قرر العودة بعد انحراف الثورة عن مسارها، لكن هذه المرة عاد بشكل مختلف تمامًا، حيث قدم لنا «أولاد حارتنا»، تلك الرواية الملحمية، والمثيرة للجدل.

لم يكن يعلم نجيب محفوظ، أن روايته الجديدة، «أولاد حارتنا»، ستكون أحد أسباب حصوله على جائزة نوبل، وأيضًا ستكون سببًا رئيسيًا فى اتهامه بالكفر والإلحاد والتطاول على الذات الإلهية، ليس هذا فقط، بل وصل الأمر إلى تعرضه إلى محاولة اغتيال فاشلة على يد شابين ينتميان للجماعة الإسلامية.

تعود كواليس صدور الرواية إلى تاريخ عام 21 سبتمبر 1950، حينما تم نشرها على صفحات جريدة الأهرام بشكل مسلسل، واستمر النشر على مدار 5 أيام، ليتوقف بعد ذلك بأوامر من الهيئات الدينية، التى وجدت فيها تطاولا على الذات الإلهية، وحينها أخبره حسن صبري الخولي، الممثل الشخصي للرئيس جمال عبد الناصر، بعدم نشر الرواية في مصر إلا بعد أخذ موافقة الأزهر، فلم يكن هناك حل أمام محفوظ سوى طبع الرواية خارج مصر، وبالتحديد فى لبنان، من إصدار «دار الآداب» وذلك عام 1962، ومنعت النسخة الكاملة من دخول مصر، لكن تم تسريب أعداد منها.

أولاد حارتنا

ما لا يعلمه البعض أن «محفوظ» رفض طباعتها داخل مصر، على حياة عينه، إلا بعد الحصول على موافقة الأزهر، وتصدى لمحاولة دار الهلال لإعادة طبع الكتاب في مصر، لكنها صدرت عن دار الشروق فى 2006 بعد وفاته، ربما كان الغريب فى رواية «أولاد حارتنا» هو ابتعاد الأديب عن الواقعية، والاعتماد على الأسلوب الرمزي، فلم تكون الرواية مناقشة للمشاكل الاجتماعية كما اعتدنا منه، لكنها كانت بمثابة نظرة كونية، حيث استوحى قصته من خلال قصص الأنبياء، لكن لم يسرد سيرتهم، لكنه اختصرها فى القيم التى يسعى الإنسان إلى تحقيقها مثل الخير، الحق، العدل وغيرها، وكانت الشخصيات الأساسية فى الرواية هي: (الجبلاوي، أدهم، إدريس، جبل، رفاعة، قاسم، وعرفة)، وجاء الهجوم عليه بسبب ربط القراء بين الرمز والشخصيات الدينية المشار إليه.

ويقول محفوظ عن روايته: «قصة الأنبياء هي الإطار الفني، لكن القصد هو نقد الثورة والنظام الاجتماعي الذي كان قائما»، لكن تلك الكلمات لم تجد صداها مع الذين هاجموه وكفروا، حيث وجدوا أن «الجبلاوي» يرمز إلى الإله، و«أدهم» هو سيدنا آدم، وغيرها من الشخصيات التي جاءت داخل الحارة وربطها القراء بالواقع، لقد حمل «محفوظ» مهمة صعبة حين وضع إسقاطات سياسية واجتماعية على تاريخ الاديان، فأهل الحارة هم الشعب، الفتوات هم الحكام، والجبلاوي هو الشخص الذي يناديه الفقراء ولا يسمعهم، كما أوضح الأديب ذلك مرارًا وتكرارًا.

اولاد حارتنا 1

وعاد نجيب محفوظ مدافعًا مرة أخرى عن روايته، خلال لقاء له مع الإعلامي جمال الشاعر، بمناسبة حصوله على جائزة نوبل في الآداب عام 1988، حيث قال: «أنا شايف إن المسأله مسألة قراءة، أنا أذكر وقت ظهورها من 30 عاما، أن المرحوم حسن صبري الخولي (ممثل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر)، قالى أنت مستعد للمناقشة فيها، أبديت استعدادي ورحت فى معادي، قالى: أنا هانديلك لما يجي دورك، ولحد دلوقتي دوري مجاش، الحملة تجددت على (أولاد حارتنا) بعد حصولي على جائزة نوبل، واتنشر إنى أخدت الجائزة بسببها، وهذا ليس صحيحا، تقرير الجايزة آخر حاجة ذكرت فيه (أولاد حارتنا)».

تابع: «هضرب مثل تستنتج منه الرواية، لأن الأدب الرمزي عاوز طريقة للقراءة، فى رمز وشيء بيشير إليه، وإنت بتقرا الرمز اعتبره رمز، مش المرموز، لن لو الاتنين اتلخبطوا يبقى راح العمل، ولدينا كتاب (كليلة ودمنة) عن عالم الحيوان، عكس كاتبه من خلاله العالم الواقعي، ما حدث مع روايتي هو خطأ فى القراءة أدى إلى هدم العمل، نفترض أن الشخصيات فى الراوية بيرموزوا إلى الأنبياء، بالنظر إلى ما فعلوا فى الحارة هو خير وليس شرا، وجاء توصيف روايتي في تقرير (نوبل) -بأنها بحث الإنسان الدائم على القيم الروحية- لو كانوا اكتشفوا أنها مادية مكنتش هاخد الجائزة».

نجيب محفوظ

فى النهاية تعد هذه الرواية من أشهر الأعمال الأدبية لنجيب محفوظ، التي شكلت إشكاليات عديدة، وعرّضت حياته للخطر، لكنها كانت من بين الأعمال التي منح بسببها جائزة نوبل فى الأدب، على الرغم من طباعة الرواية بعد سنوات من المنع؛ إلا أن النسخة المصرية منها تم قصها بشكل كبير من أجل استخراج نسخة معدلة لتكون «رواية حلال» وفقًا لمسمى البعض، وأن الرواية الكاملة هي التي طبعت فى «دار الآداب اللبنانية».

| BeLBaLaDy

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" التحرير الإخبـاري "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??