دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- لطالما أحبّت التركية نارين فاندوغلو الرسم منذ طفولتها. لكن شغفها هذا، لم يعد اليوم مجرّد هواية أو وسيلة لتمضية الوقت. وبحكم طبيعة عملها المليئة باللحظات الصعبة في مناطق النزاع، تحول الرسم إلى وسيلتها للحفاظ على ذاتها وتماسكها النفسي.
وزارت فاندوغلو، وهي مستشارة عملياتية في منظمة "أطباء بلا حدود" وتقيم في جنيف، السودان مرتين خلال عام 2025، حيث توجهت إلى كلٍّ من دارفور والخرطوم، ووثقت زياراتها الميدانية من خلال لوحات مائية. ونتج عن ذلك مجموعة من الرسومات الزاهية التي تصوّر الحياة اليومية وتقدّم منظورًا مغايرًا لما يُوصف بأنه واحد من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

اندلعت الحرب بالسودان في أبريل/نيسان 2023 نتيجة صراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية، ما أدى إلى واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم.
بدأت فاندوغلو الرسم خلال أول مهمة لها في اليمن، لكن علاقتها بهذه الهواية تغيّرت أثناء عملها مع المنظمة في جمهورية الكونغو، عندما علمت بتعرض قرية قريبة لهجوم من قبل جماعات مسلحة.

قالت فاندوغلو في مقابلة مع موقع CNN بالعربية: "ذهبنا إلى هناك باكرًا صباحًا ومعنا لوازم أساسية، وعالجنا عددًا كبيرًا من المرضى.. في نهاية اليوم، عندما عدنا إلى قاعدتنا، أدركتُ أنني لا أشعر بشيء. لم أكن حزينة أو غاضبة، أو حتى متعبة، كنتُ ببساطة أشعر بالجمود العاطفي. أدركتُ أن هناك خطبًا ما".
عندها، نصحتها اختصاصية نفسية بالعثور على وسيلة للتعبير عن ذاتها، فخطرت ببالها فكرة العودة إلى الرسم، ومنذ ذلك الحين أصبح جزءًا لا يتجزأ من حياتها.
لحظات من السودان

واصلت فاندوغلو الرسم أثناء تواجدها في السودان هذا العام، لكنها أرادت هذه المرة توثيق ما تراه وما تشعر به.
وأظهرت عبر رسوماتها تفاصيل صغيرة من الحياة اليومية مثل الأسواق، والمقاهي، والطرق، والطعام.
وأضافت: "من خلال رسوماتي، أحاول أن أُظهر أن السودان أكثر من مجرد صراع. بمعزل عن الحرب، هناك صمود، وجمال، وحياة يومية".

على سبيل المثال، عندما شاركت فاندوغلو رسمة لأهرامات السودان، تفاجأ كثيرون بوجودها، ما أثار نقاشات حول التاريخ والثقافة، وليس فقط حول الحرب.
نساء السودان

من بين رسوماتها المفضلة لوحة لسيدة التقت بها في أحد المقاهي أثناء السفر من عطبرة إلى الخرطوم.
وقالت: "توقفنا لأخذ استراحة، وكانت المرأة تبيع القهوة في كشك صغير أمام مبنى مهجور، بمكانٍ ناءٍ تقريبًا".
في البداية، اعتقدت فاندوغلو أنها وحيدة، لكنها لاحظت رضيعًا وطفلاً صغيرًا يلعب في الزاوية.
أثناء احتساء القهوة، تعرّفت فاندوغلو إلى المرأة، التي أخبرتها بأنها اضطرت للنزوح ثلاث مرات منذ بداية الحرب، وفي كل مرة كانت تستأنف عملها في بيع القهوة، مع أطفالها بجانبها.
وأكّدت فاندوغلو: "لقد ألهمتني قوتها".

ذكرت فاندوغلو أن النساء السودانيات هن بمثابة ناشطات سياسيات، ومدافعات عن الحقوق في المجتمع، موضحة: "أعتقد أن هذه القوة سبب استهدافهن عمدًا في الصراع الحالي"، خاصة أنهن يُحرمن من الرعاية الطبية أو النفسية.
وقالت فاندوغلو: "ما يؤلمني أكثر أن الناس لا يعرفون شيئًا عن الحرب، وأن الشعب السوداني تُرك وحيدًا ومنسيًا"، موضحة: "أمنيتي من خلال مشاركة رسوماتي أن يقرر بعض الناس رؤية الواقع في السودان والاعتراف به، واتخاذ إجراءات لإظهار التضامن".
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" cnnarabic "

















0 تعليق