نظمت وزارة الأوقاف لقاءً علميًا بعنوان "رمضان شهر القرآن"، في إطار استمرار فعاليات ملتقى الفكر الإسلامي، الذي ينظمه المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في ساحة مسجد مولانا الإمام الحسين بالقاهرة، حاضر فيه الدكتور إبراهيم الهدهد رئيس جامعة الأزهر السابق، والدكتور بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الأسبق، بحضور عدد من قيادات الوزارة، والأئمة، وجمع غفير من الجمهور، وعدد من طلبة العلم الموفدين من دول أفريقية وأسيوية.
وقال الهدهد إنّ عظمة القرآن لا تُدرك إلا من خلال القرآن، فالقرآن يحدثنا عن القرآن، قال تعالى: "لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ"، لكن قلب المؤمن أعظم من كل جبل، فقد تحمل قلب المؤمن عظمة القرآن، أما الجبال فقد اندكت لما تجلى الله في البقعة المباركة، والفرق بين كلام الله وكلام البشر كالفارق بين الخالق والمخلوق.
وأوضح رئيس جامعة الأزهر السابق أنّ العلاقة بين كتاب الله الناطق "القرآن الكريم" وكتاب الله الصامت "الكون" قوية، فلا يمكن فهم أحدهما إلا من خلال الآخر، وذلك من خلال آيتين في القرآن الكريم، الأولى: "قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا"، والثانية "وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، فلو تحولت بحار الدنيا كلها إلى مداد وأحبار لن تُوف معاني القرآن حقها، لذا لم يخل زمن من مفسرين للقرآن ومع هذا لم يستطيعوا له خُبرا، وذلك لكثرة عطاءات الله (تعالى) في كونه.
وزاد الهدهد أنّ القرآن الكريم في غاية الحسن كله، غير متفاوت في بلاغته على غير كلام البشر، ففي كلام البشر قوي وضعيف، وبليغ وركيك، وجيد وغير جيد، لذا تجد كتابات البشر قوية في بعض صفحاتها، ضعيفة في بعضها الآخر، وذلك من اختلاف أحوال البشر وقوة نفوسهم وضعفها ورضاها وغضبها، أما كلام الله تعالى فعلى درجة واحدة من العظمة والبلاغة، لأنّه كلام رب العالمين، قال تعالى: "أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا"، والخلو من التناقض ليس مدحًا وإنّما شرطا لصحة الكلام، ومن هنا يكون معنى الآية أنّ القرآن ليس متفاوتًا كتفاوت كلام البشر، وإنّما كله على درجة واحدة من الحسن والجمال والبلاغة والفصاحة والبيان.
وفي كلمته أكد عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الأسبق، أنّ الله له أسماء وصفات، وأنّ الناس يحيون بين أسماء الله وصفاته، ومن أسماء الله أنّه الرحمن، وأنّه الرحيم، وتجلت هذه الرحمة بعدم ترك الله للإنسان في هذه الحياة سدى، قال تعالى: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"، وهو مظهر عظيم من مظاهر رحمة الله للبشرية جمعاء، فقد شاءت إرادة الله أنّ ينزل تلك الرحمة في كتاب هو القرآن الكريم، مشتمًلا على الهدى والنور، قال تعالى: "ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ".
وأوضح عوض، أنّ من رحمة الله تعالى على البشر أنّه أنزل التوراة على موسى فيها هدى ونور، قال تعالى: "إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ"، وأنزل على عيسى الإنجيل فيه هدى ونور، قال تعالى: "وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ"، وأنزل على سيدنا محمد القرآن الكريم، وخصّ القرآن بأنّه للبشرية جمعاء، وأنّه مهيمن على ما سبقه من الكتب، قال تعالى: "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ"، فالكتب السماوية جاءت بهدى ونور للناس، والقرآن الكريم له خصوصيات ترقى بالأمة نحو الرقي والحضارة.
وأضاف عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الأسبق، أنّ للنص القرآني خصائص كثيرة، بينها أنّ الله تكفل بحفظه ولم يتركه للبشر، قال تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، وأنّه مُتعبد بتلاوته، فكل حرف بعشر حسنات والحسنة بعشر أمثالها، كما أنّه عين معجزة النبي، تحدى به البشر أجمع في زمن نزوله، وبعد نزوله فوقفوا عاجزين عن الإتيان بسورة من مثله، قال تعالى: "قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا".
وفي ختام كلمته، أكد فضيلته أنّ من خصائص النص القرآني أنّه كُتب بين يدي رسول الله، فإسناده متصل بالنبي الذي تلقاه من جبريل عن رب العزة، وبهذه الخاصية يتميز القرآن على جميع الكتب.
بالبلدي | BeLBaLaDy
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" الوطن "
0 تعليق