belbalady.net
أعلنت جامعة المنصورة، بالتعاون مع هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار STDF، عن اكتشاف حفري جديد يُعد من أهم الاكتشافات العلمية في المنطقة خلال السنوات الأخيرة، وذلك بعد التعرّف على نوع جديد من التماسيح القديمة عاش في الصحراء الغربية قبل 80 مليون عام.
حيث يعيد هذا الكشف رسم ملامح تطور الزواحف في إفريقيا والشرق الأوسط، ويعزز مكانة مصر كإحدى أهم الساحات العالمية في علوم الحفريات.
نوع جديد بكشف استثنائي
الكائن المكتشف يحمل اسم "تمساح الوادي – واديسوكس كسّابي (Wadisuchus kassabi)"، وهو إضافة غير مسبوقة إلى السجل الحفري المصري. وبحسب الدراسة العلمية المنشورة في مجلة
The Zoological Journal of the Linnean Society، يُعد هذا النوع أقدم أعضاء عائلة الديروصوريدات (Dyrosauridae)، وهي مجموعة من التماسيح البحرية التي نجت من الانقراض الكارثي الذي أطاح بالديناصورات قبل 66 مليون سنة، وازدهرت في أعقاب ذلك الحدث.
أهمية هذا النوع تكمن في كونه حلقة تطورية مفقودة، توثق مرحلة انتقالية شديدة الحساسية في تاريخ تطور التماسيح البحرية، ما يجعله نموذجًا فريدًا لفهم كيفية نشأة هذه المجموعة وانتشارها لاحقًا عبر القارات.
جهد بحثي مصري متميز
جرى الاكتشاف على يد فريق مركز جامعة المنصورة للحفريات الفقارية (MUVP)، وهو أحد أبرز المراكز البحثية في الشرق الأوسط المعنية بدراسة التراث الحفري. وتم تنفيذ المشروع بتمويل مباشر من هيئة STDF التي دعمت مراحل البحث والدراسة والتحليل المتقدم.
تطوير في فهم التاريخ التطوري
وفي تصريحات خاصة لـ "الفجر"، قال أ.د. هشام سلام، أستاذ الحفريات الفقارية ومؤسس مركز MUVP، إن اكتشاف “واديسوكس كسّابي” يمثل خطوة علمية فارقة تعيد رسم البدايات الأولى لعائلة الديروصوريدات.
وأوضح أن أهمية النوع الجديد تكمن في سماته التشريحية الفريدة:
انخفاض عدد الأسنان الأمامية،
ارتفاع موضع فتحات الأنف،
تطور مبكر لآلية عضّ أكثر قوة.
وهي خصائص — حسب سلام — لم تُشاهد من قبل في حفريات مماثلة، وتكشف عن مرحلة انتقالية محورية ساعدت هذه التماسيح على التكيف والنجاة من الانقراضات الكبرى.
وأضاف سلام أن الاكتشاف لا يظهر الجانب التشريحي فحسب، بل يقدم رؤية أعمق لتاريخ تعافي الزواحف البحرية بعد الانهيار البيئي الهائل الذي أنهى العصر الطباشيري. كما تشير نتائج الدراسة إلى أن إفريقيا، وتحديدًا الصحراء الغربية المصرية، كانت الموطن الأول لنشأة هذه العائلة قبل انتشارها عالميًا، مما يضع مصر في قلب خريطة التطور الحيوي للحياة على الأرض.
الصحراء الغربية.. كنز لم يُكتشف بعد
أكد سلام أن هذا الاكتشاف يثبت أن الصحراء الغربية المصرية لا تزال تحمل كنوزًا علمية غير مكتشفة، قائلًا:
"كل حبة رمل في هذه الصحراء تخفي قصة من تاريخ كوكبنا. الحفاظ على هذه المواقع ليس ترفًا، بل مسؤولية علمية ووطنية لأنها تمثل صفحات محفوظة من تاريخ الأرض تُهديها مصر إلى الأجيال القادمة."
دور عالمي يتعزز
يعكس هذا الاكتشاف الجديد التقدم الكبير الذي تحققه الفرق البحثية المصرية في مجال الحفريات، ويعزز الدور العلمي العالمي لمصر بوصفها موطنًا لثروة من الأدلة الحفرية القادرة على كشف أسرار تطور الحياة على كوكب الأرض.
في النهاية يمثل "واديسوكس كسّابي" أكثر من مجرد اكتشاف جديد؛ فهو حلقة تطور مفقودة تعيد صياغة فهم العلماء لتاريخ الزواحف البحرية، وتؤكد أن مصر — بصحرائها الغربية الواسعة — تظل أحد أهم وأغنى ميادين البحث العلمي في العالم.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" الفجر "

















0 تعليق