بالبلدي: باحث إسرائيلي يوضح: كيف تعيد واشنطن رسم طريق الدولة الفلسطينية بعد حرب غزة؟

الفجر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

belbalady.net القرار الذي تبناه مجلس الأمن بدعم 13 دولة، والقائم على خطة إدارة ترامب لإنهاء الحرب في غزة، لم يكن مجرد موقف سياسي عابر. وفق قراءة الباحث الإسرائيلي هاريل حوريف، صِيغ الإعلان بحيث يمنح الولايات المتحدة غطاءً دوليًا لإدارة مرحلة ما بعد الحرب، وفتح مسار سياسي يربط بين إعادة الإعمار، وترتيبات اليوم التالي، ورسم مستقبل القضية الفلسطينية.

الإعلان الأمريكي ركّز على وجود "مسار" يؤدي في النهاية إلى دولة فلسطينية، وهو تعبير اختير بعناية ليجذب أطرافًا عربية ودولية ويمنح الخطة شرعية تُسهّل بناء نموذج حوكمة جديد في غزة، في ظل غياب سلطة فلسطينية قادرة حاليًا على السيطرة على القطاع عمليًا أو أمنيًا.

السلطة الفلسطينية: الرابح الأكبر رغم المعضلات

يعتبر حوريف أن السلطة الفلسطينية خرجت المستفيد الأكبر من الإعلان، لأنه يعيد إحياء خطاب حل الدولتين ويعطيها شرعية دولية افتقدتها خلال السنوات الماضية. فالقرار يتعارض جذريًا مع رؤية حماس، التي ترفض حل الدولتين وتعارض أي مسار ينتزع منها السيطرة على القطاع.

لكن الاستفادة النظرية لا تكفي؛ فالسلطة مطالبة بإصلاحات جوهرية كي تُعتَبر شريكًا صالحًا للمسار السياسي الجديد. وهنا يشير الباحث إلى ملفي التعليم وصرف الرواتب لعائلات المقاتلين، وهما قضيتان يعتبرهما المجتمع الدولي معيارًا للحكم على جدية السلطة، بينما ترى السلطة أنهما جزء من بنيتها الاجتماعية والسياسية ورمز للشرعية الداخلية.

بين الضغط الدولي والحسابات الداخلية

على مدى سنوات، تعرّضت السلطة لضغوط غربية لإصلاح مناهجها التعليمية، التي تُتهم بأنها لا تعزز ثقافة السلام أو الاعتراف بإسرائيل، لكن التغيير ظل بطيئًا ومترددًا. ويعتقد حوريف أن السلطة تستطيع تقديم تغييرات شكلية، لكنها تجد صعوبة في الالتزام الفعلي بتغيير مضمون التعليم.

أما قضية "رواتب عائلات الشهداء"، فهي أعقد الملفات. فمن جهة، تعتبرها السلطة ركنًا اجتماعيًا لا يمكن التراجع عنه دون انفجار داخلي. ومن جهة أخرى، يصر الأمريكيون على وقفها كليًا. ورغم إعلان عباس التوقف عنها وإقالة مسؤولين، يشكك الباحث الإسرائيلي في التنفيذ، مؤكدًا أن السلطة ستبحث دائمًا عن طرق التفاف ما دام لا يوجد إشراف صارم.

السعودية: التطبيع مشروط والمسار السياسي ضرورة

تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان شكّلت نقطة ارتكاز مهمة في القراءة الإسرائيلية. فالسعودية ربطت التطبيع مع إسرائيل بضمانات أمريكية لمفاوضات تنتهي خلال خمس سنوات بإقامة دولة فلسطينية.
هذا الشرط فتح نافذة ضغط على إسرائيل وواشنطن معًا. فبالنسبة لإدارة ترامب، توسيع اتفاقيات إبراهيم أولوية استراتيجية، والسعودية هي الجائزة الكبرى. وللوصول إليها، لا بد من تقديم مسار سياسي، ولو كان غير ملزم، يمكن للدول العربية التمسك به بوصفه خطوة نحو حل الدولتين.

مستقبل اتفاقيات إبراهيم: بين المكاسب السياسية والشروط العربية

إسرائيل رأت في التصريحات السعودية التزامًا "غير ملزم"، لكنها تدرك أن الدخول في مسار سياسي، حتى لو كان فضفاضًا، هو الثمن المطلوب لضمّ الرياض إلى دائرة التطبيع. ويشير حوريف إلى أن الإدارة الأمريكية حرصت على صياغة الإعلان بطريقة تُشعر السعودية بأنها حصلت على مسار واضح، دون أن تُقيد إسرائيل بقيود ملزمة.
لكن في المقابل، يعتمد نجاح هذا المسار على قدرة واشنطن على توفير ضمانات سياسية حقيقية لدول المنطقة، وهو ما قد يؤدي إلى استخدام الإعلان لاحقًا كأداة ضغط على الحكومة الإسرائيلية في حال تغيّرت الإدارة الأمريكية.

 معارضة حماس: بين فقدان النفوذ ورفض المسار السياسي

رفضت حماس قرار مجلس الأمن واعتبرته غير ممثل لحقوق الفلسطينيين. ويرى الباحث الإسرائيلي أن سبب الرفض ليس فقط لأنه يعارض سيطرتها على غزة ويدعو لنزع سلاحها، بل لأنه يرسّخ السلطة الفلسطينية بديلًا شرعيًا في نظر المجتمع الدولي.

بالإضافة إلى الحسابات السياسية، يتعارض المسار المقترح مع رؤية الحركة الأيديولوجية التي تقوم على رفض حل الدولتين وتبنّي مشروع مقاوم بعيد عن أي ترتيبات سياسية دائمة. لذلك، ترى حماس أن الخطة تشكّل تهديدًا استراتيجيًا، لا مجرد قرار أممي.

غزة: الحاجة إلى نموذج حكم جديد وليس استنساخ السلطة

رغم أن الإعلان يخدم السلطة سياسيًا، يؤكد حوريف أن سلطة رام الله غير قادرة على حكم غزة حاليًا. فهي تفتقر للشرعية هناك، ولا تملك القدرة الأمنية أو التنظيمية لإدارة قطاع خرج من حرب مدمرة.
ويقترح الباحث أن البديل قد يكون نموذجًا جديدًا بغطاء فلسطيني وشراكة دولية، يُبنى تدريجيًا على مدى سنوات، ويهدف إلى خلق إدارة انتقالية قادرة على إعادة الاستقرار وإعادة الإعمار وضبط الأمن. لكن هذا النموذج لا يزال نظريًا، ولا توجد ملامح واضحة له حتى الآن.

"وعد بلفور الأمريكي": ورقة قانونية للمستقبل

يشبّه حوريف الإعلان الأمريكي الجديد بـ "وعد بلفور" من حيث كونه وثيقة ستتحول في المستقبل إلى نقطة استناد سياسي وقانوني. فرغم أن إدارة ترامب ليست ملتزمة أيديولوجيًا بحل الدولتين، إلا أن الإعلان ذاته سيبقى قائمًا ويمكن للإدارات الديمقراطية المقبلة استخدامه للضغط على إسرائيل.
هذا الاحتمال يثير قلقًا داخل إسرائيل، لأن أي إدارة أمريكية أكثر تقدمًا قد تعتبر الإعلان التزامًا قانونيًا أو أخلاقيًا، مما يعيد فتح ملف الدولة الفلسطينية من باب أمريكي مباشر وليس فقط دولي.

المشهد الحالي يعكس لحظة إعادة تشكل. السلطة تحاول استغلال الفرصة، السعودية تربط التطبيع بمسار سياسي، أمريكا تبحث عن غطاء دولي، وإسرائيل تتعامل بحذر. أما غزة، فهي ساحة ستحتاج إلى نموذج جديد بالكامل.
ورغم أن تنفيذ أي رؤية لدولة فلسطينية لا يزال بعيدًا، فإن الإعلان الأمريكي يشكّل بداية مسار سياسي وقانوني قد يتحول لاحقًا إلى نقطة ارتكاز للسياسة الدولية، وربما يعود للواجهة مع تغيّر الإدارات. المسار طويل ومعقد، لكنه يضع القضية الفلسطينية على طاولة الصياغة من جديد، وبأدوات مختلفة عن العقد الماضي.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" الفجر "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??