بالبلدي: وزير الخارجية السوداني الأسبق لـ "الفجر": السودان بلغ لحظة الحقيقة… وما حدث في الفاشر بداية النهاية للدعم السريع ولا حل إلا بتوافق سوداني–سوداني يعيد للدولة هيبتها(حوار)

الفجر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

belbalady.net  

السودان وصل لحظة الحقيقة… ولا مكان لقوة مفروضة على إرادة الشعب

 

 لا بد من اتفاق سوداني–سوداني يعيد الدولة لمسارها الطبيعي

 

ما حدث في الفاشر نقطة تحوّل… ونهاية الدعم السريع باتت مسألة وقت

 

الشعب اليوم أكثر وعيًا… ومحاولات إعادة تشكيل السودان لن تمر

 

لن نقبل بإعادة إنتاج الفوضى تحت أي مسمى سياسي أو عسكري

 

"مصر يا أخت بلادي"… رؤية الاتحادي لدور القاهرة في ما بعد الحرب


من جانبه قال الدكتور السماني الوسيلة، وزير الخارجية السوداني الأسبق، ورئيس المكتب السياسي للحزب الاتحادي الديمقراطي، إن ما يمر به السودان اليوم ليس أزمة لحظة، بل حصيلة تراكمات سبعة عقود من الصراع بين مشاريع متضادة، وقد آن الأوان أن نطوي صفحة من يحكم، ونفتح صفحة كيف نحكم… لأن مستقبل السودان لن يصنعه انقلاب جديد ولا وصاية خارجية، بل إجماع وطني صادق يُعيد للشعب قراره وللدولة هيبتها.

أضاف وزير الخارجية السوداني الأسبق في حواره لـ "الفجر"،لن يخرج السودان من أزمته ما لم يتوقف العبث بكيانه ووحدته؛ وكل من يراهن على فرض قوة غريبة على مستقبل البلاد إنما يراهن على المستحيل؛ فالشعب السوداني اليوم أكثر وعيًا، وأكثر رفضًا لأي مشروع يُعيد إنتاج الفوضى… وما حدث في الفاشر رسالة واضحة بأن إرادة الشعب ستنتصر مهما طال الطريق.
 

إلى الحوار..


كيف تقيّم الوضع السياسي في السودان الآن؟


من وجهة نظري، فإن الوضع السياسي الحالي في السودان هو نتيجة طبيعية لتراكم ممارسات بدأت منذ فترة الاستقلال، حيث لم تنجح الساحة السياسية في الوصول إلى حالة استقرار حقيقية إلا لفترات قصيرة خلال الديمقراطيات الثلاث، لكنها كانت فترات غير مكتملة ولم تستمر، ظل الصراع قائمًا بين قوى محسوبة على اليسار وأخرى على اليمين، وكل طرف يسعى للسيطرة، مما أدى إلى سلسلة من الانقلابات: انقلاب ارتبط بالطائفية السياسية، ثم انقلاب 1969 الذي ارتبط باليسار، ثم انقلاب 1989 الذي ارتبط باليمين. كل هذه التحولات، وما رافقها من تدخلات خارجية وصراعات داخلية، أضعفت الأحزاب ومنعت تطورها، لأن هدف كل انقلاب كان إقصاء الآخرين والانفراد برسم شكل الدولة والمجتمع.

الأوضاع السياسية في السودان 
الأوضاع السياسية في السودان 

حتى الثورة الأخيرة، التي كانت ثورة شعبية واسعة شارك فيها كل السودانيين، شهدت انحرافًا عن مسارها بسبب التأثيرات الخارجية ومحاولات بعض القوى إعادة تشكيل الدولة وفق رؤى جديدة. ومع اشتداد الصراع، حاولت بعض القوي استُخدم الدعم السريع كأداة ضغط نتيجة علاقاته الإقليمية وقدراته الكبيرة، لكن خطأه الأكبر كان انفصاله عن المؤسسة العسكرية وانحيازه لطرف سياسي محدد، وهو ما أدى إلى اندلاع الحرب. واليوم أصبح الموقف معقدًا، بينما ما تزال القوى المدنية تعاني الانقسام. ومع ذلك أرى أنها لحظة تستدعي التفافًا وطنيًا عامًا، يضع الخلافات جانبًا من أجل الحفاظ على الوطن أولًا، ثم فتح الباب أمام حوار سوداني–سوداني يضع الأسس لكيف تُدار البلاد وليس لمن يتولى الحكم.


ما موقف حزبكم من مبادرات وقف إطلاق النار؟

 


موقفنا نحن في الحزب الاتحادي الديمقراطي من المبادرات المطروحة، فمن المؤكد أنه لا أحد يرغب في تأجيج الحرب أو استمرارها، ولكن أي مبادرة يجب أن تنطلق أولًا من فهم المعاناة الحقيقية التي يعيشها الناس. فالحرب خلقت شعورًا عامًا وواسعًا برفض الدعم السريع، وأصبح هذا الموقف الشعبي واضحًا ومؤثرًا. لذلك فإن المبادرات التي تنادي بوقف الحرب، لكنها في الوقت نفسه تسعى لدمج الدعم السريع مستقبلًا في الحياة السياسية كما لو أن شيئًا لم يكن، هي مبادرات تتجاهل إرادة المواطنين، وتعيد إنتاج أسباب عدم الاستقرار. 

الحزب الاتحادي الديمقراطي 
الحزب الاتحادي الديمقراطي 

 

وحتى إذا دخلت القوات المسلحة في أي تفاوض مستقبلي دون الأخذ في الاعتبار رغبة الشعب وموقفه الواضح، فإن حالة عدم الاستقرار ستبقى قائمة.

هل ترى أن الحل يجب أن يكون سوداني–سوداني أم بوساطة دولية؟


أرى أن المبادرات السودانية–السودانية هي الأنسب في هذه المرحلة، علي ان يظل الدور الدولي عاملا مساعدا، خاصة أن الشعب السوداني أصبح اليوم أكثر تقاربًا من أي وقت مضى، وتصل نسبة هذا التقارب إلى نحو 80%، ما يتيح فرصة حقيقية للوصول إلى حل داخلي متوافق عليه. ومع ذلك، لا بد من الاعتراف بوجود خلافات تحتاج إلى نقاش هادئ ومسؤول حتى نتمكن من الوصول إلى حل جذري.

الأزمة السودانية - الفجر 
الأزمة السودانية - الفجر 

 فالتجارب الماضية، خصوصًا ما يتعلق بقضايا التهميش وتوزيع الثروة وغيرها من الأسباب التي أشعلت الصراع، يجب أن تكون حاضرة في أذهان الجميع لتجنب تكرار الأخطاء التي دفعت البلاد إلى الأزمات المتلاحقة.

 


ما دور الحزب الاتحادي الديمقراطي خلال الأزمة الحالية؟

الحزب بطبيعة تكوينه الوسطي، دائمًا يحرص على تقارب وجهات النظر ورفض الإقصاء، إيمانًا منه بأن الاستقرار في السودان لا يتحقق إلا عبر الحوار، وهو مبدأ أصيل جاءت به القيم الدينية. وفي الوقت نفسه يقف الحزب مع قواته المسلحة، كمؤسسة قوميه، ويحرص على الحفاظ على هيبة الدولة وجميع  مؤسساتها، باعتبار ذلك أساسًا لأي مسار وطني يهدف إلى تجاوز الأزمة وبناء مستقبل أكثر استقرارًا.


ما أهم أولوياتكم في أي مبادرة سياسية قادمة؟

نحن نؤمن بأن السلام الحقيقي لا يكون إلا سلامًا بعزّة، يحفظ كرامة الشعب ويصون الدولة. وفي هذا الإطار، لا بد من محاسبة كل من ارتكب أخطاء أو تجاوزات، د دون استثناء، حتى يكون السلام قائمًا على العدالة لا على التغاضي، وعلى المصارحة لا على الإملاءات.

حل الأزمة السودانية - الفجر 
حل الأزمة السودانية - الفجر 

لماذا فشلت الاتفاقات السابقة برأيك؟ 


أن أي محاولة لفرض جسم غريب على مستقبل البلاد أو زرعه داخل البنية السياسية والاجتماعية هي خطوة مرفوضة تمامًا من المواطنين، الذين بات موقفهم واضحًا تجاه أي تدخل أو محاولة لفرض واقع لا يعبر عن إرادتهم.

 

كيف تؤثر الحرب على وحدة السودان ومستقبله السياسي؟ 


هناك تداخلات إقليمية ودولية متعددة تؤثر على الأزمة السودانية، وتمتد آثارها إلى الشرق الأوسط ككل. فهذه التدخلات تغذي حالة عدم الاستقرار، وتفتح الباب أمام مشاريع تستهدف إعادة تشكيل المنطقة وترتيب موازينها، بما في ذلك ما يُثار حول مخططات تقسيم السودان والمنطقة كلها، الأمر الذي قد ينعكس على الشرق الأوسط والقرن الإفريقي معًا. وفي النهاية، فإن المستفيد الأكبر من إضعاف الدول وتمزيق وحدتها هو الكيان الإسرائيلي، الذي يسعى دائمًا لاستثمار الفوضى في محيطه الإقليمي لتحقيق مكاسب إضافية.

خريطة دولة السودان 
خريطة دولة السودان 

كيف تقيّمون الدورين المصري والإقليمي في الأزمة؟

 

نحن دعونا إلى تفعيل الاتفاقيات السابقة مع مصر لتعزيز التقارب بين البلدين، انطلاقًا من قناعة راسخة بأن الأمن القومي المصري مرتبط بالأمن القومي السوداني والعكس، وأن استقرار أحدهما ينعكس مباشرة على الآخر، وأيضا ومن المهم مراجعة كل ما أعاق هذه العلاقة عبر السنوات، حتى تستعيد مكانتها الطبيعية والمتينة.

السيسي والبرهان - الفجر 
السيسي والبرهان - الفجر 


وأفضل منابر عن هذا الارتباط كما يقول الشاعر: مصر يا أخت بلادي. لأنه هي الشقيقة الكبرى وأن كل ما يحدث في المنطقة من أجل النيل من مصر وأمنها القومي،نسأل الله أن يحفظ مصر وشعبها وقائدها، وأن تظل دائمًا قبلة لاشقائها ودوحة آمنة.

 


ما تقييمكم للتعامل الأمريكي مع الملف السوداني؟

الإدارة الأمريكية تغلب علي تحركاتها في الأساس حسابات مصالحها، وهذا أمر معروف في سياستها الخارجية، لكنني أتمنى أن يكون لها دور حقيقي وإيجابي في السودان، يساهم في دعم الاستقرار بدلًا من تعميق الأزمة أو إدارة التوازنات فقط بما يخدم مصالحها. لأننا خلال استقرار السودان ايضا خدمة للامن في المنطقة المحيطة به.

أمريكا والسودان - الفجر 
أمريكا والسودان - الفجر 


ما حجم الأضرار الاقتصادية التي خلفتها الحرب؟ 


الحرب أثرت بشكل كبير على الاقتصاد السوداني الأمر الذي أدى إلى شل الحركة التجارية والصناعية والخدمات، كما ادي إلى ارتفاع أسعار  السلع والخدمات وذلك أمر معروف في وقت الصراعات.

الاقتصاد السوداني 
الاقتصاد السوداني 

كيف تتصورون إعادة الإعمار بعد توقف القتال؟

السودان بلد غني بالموارد والثروات، لكن الاستفادة الحقيقية منها لن تتحقق ما لم تتوقف الحرب أولًا. نحن بحاجة إلى حكومة انتقالية تمثل كل أطياف المجتمع، وتعبّر عن الجميع دون إقصاء. كما نحتاج إلى انفتاح اقتصادي وشراكات كبرى تساهم في إعادة الإعمار، وعلى رأسها الشركات المصرية، خاصة أن السودانيين يرون حجم التطور الكبير الذي شهدته مصر في السنوات الأخيرة، ولذلك نتوقع أن تلعب القاهرة دورًا مهمًا في مرحلة ما بعد الحرب، سواء في إعادة البناء أو في دعم الاستقرار.

 

 

كيف يمكن إعادة بناء علاقات السودان الخارجية؟


يمكن بناء علاقات خارجية على التعاون المشترك والمنفعة المتبادلة وليسعلي محاولات السيطرة وسلب حقوق المواطن السوداني.

الخارجية السودانية 
الخارجية السودانية 

 

ما هو مستقبل الأحزاب السياسية بعد الحرب؟

على الأحزاب السياسية أن تعيد النظر في واقعها وأساليب عملها، خاصة بعد أن حُرمت من ممارسة العمل السياسي الحر خلال سنوات طويلة، وكذلك خلال فترة الحرب الحالية. فالحزب هو كائن حي؛ إذا لم يتجدد ويتطور يضعف ويتراجع، لذلك لا بد من تغيير كثير من المفاهيم القديمة، وإعادة صياغة طرق العمل السياسي، حتى تتمكن الأحزاب من مواكبة متطلبات الدولة السودانية الجديدة، وتكون قادرة على القيام بدورها في بناء المستقبل.

الأحزاب السياسية السودانية 
الأحزاب السياسية السودانية 


ما رسالتكم للسودانيين في هذه المرحلة الصعبة؟


يجب على الشعب السوداني أن يتمسّك بوحدته، وأن يضع مصلحة الوطن فوق أي خلاف، وأن يعمل بروح واحدة لعبور هذه المرحلة الصعبة. فالقوة الحقيقية للشعوب تكمن في وحدتها، وفي قدرتها على التكاتف والتغلب على الأزمات، وبناء مستقبل يستحقه الجميع.

المواطن السوداني 
المواطن السوداني 


هل تكون الفاشر نهاية الدعم السريع

إن ما حدث في الفاشر من جرائم متعددة ارتُكبت بحق المواطنين، وتم توثيقها بواسطة القوات المعتدية، هزّ مشاعر السودانيين والعالم كله، وأيضا كشف حقيقة ما يجري على الأرض في السودان من جرائم من قبل الدعم السريع.

الفاشر - الفجر 
الفاشر - الفجر 

ولقد كانت تلك الأحداث القاسية نقطة فارقة، وستكون — في تقديري — بداية النهاية لقوة الدعم السريع، لأن ما وقع هناك تجاوز كل حدود الإنسانية، وعمّق الرفض الشعبي لها بصورة غير مسبوقة.

صورة تجمع الكاتب الصحفي علي فوزي والدكتور السماني مع بعض النخبة السياسية السودانية بنقابة الصحفيين المصرية 
صورة تجمع الكاتب الصحفي علي فوزي والدكتور السماني مع بعض النخبة السياسية السودانية بنقابة الصحفيين المصرية 

 

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" الفجر "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??