بالبلدي: وعي الناخب مسؤولية وطنية

almessa 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

بقلم : دعاء عبدالناصر محمد
(باحثة دكتوراه في الدراسات السياسية والاستراتيجية)

مع بدء انتخابات مجلس النواب وعودة المشهد الانتخابي من جديد بكل ما يحمله من ضجيج شعبي وإعلامي، تعود على الساحة من جديد دراما الوعود البراقة والرنانة.. وكأنها مشهد لابد من تكراره ومعايشته مع كل دورة انتخابية جديدة، ليغطي على ما يعانيه الواقع من مشكلات حقيقية تحتاج إلى حلول واقعية، لا إلى وعود جوفاء وخطابات غوغائية.
فما تشهده الساحة الآن، من ازدحام إعلامي وشعبي.. يسعى من خلاله كل مرشح لأن يكون الصوت الأعلى والصورة الأبرز والوعد الحق، ما هو إلا ستار تختبئ خلفه حقيقة مرة، بأن كل ذلك ما هو إلا رحلة مؤقتة تنتهي طريقها بإنتهاء السباق الانتخابي ( إلا ما رحم ربي )، فتذهب الشعارات والوعود أدراج الرياح ويبقى الحال كما هو عليه.
إن غوغائية الانتخابات ليست مجرد صخب إعلامي، بل هي ظاهرة اجتماعية وسياسية تفرغ العملية الانتخابية من مضمونها الحقيقي.. حينما تتحول من عملية ديمقراطية لاختيار الأكفأ والأقدر، إلى موسم المصالح الفردية والمجاملات الشخصية والمكاسب الوقتية.
الانتخابات في جوهرها ما هي إلا فرصة لتجديد الثقة بين المواطن والدولة، وليست ساحة للادعاءات أو استعراض النفوذ.. لكن ما يحدث وما يحاك بوعود جوفاء وغلبة للمال السياسي دون معايير واضحة وحقيقية، يؤدي إلى اللامبالاة والخذلان وعدم الثقة في أي مرشح، ويصل الأمر بالناخبين إلى الإمتناع عن المشاركة في التصويت.
كما قد يؤدي إلى العزوف أيضاً عن المشاركة السياسية الفعالة وعدم الانضمام للأحزاب التي من المفترض أن تكون صوت الشعب وفرصته في فهم السياسة وتمثيلها، وليست مسرحاً لجني الأموال مقابل مقاعد ستزول ويبقى أثر أصحابها شاهدا على عدم النزاهة وسوء الاختيار وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة العامة.
ولا يمكن إغفال أن التأثير المادي على إرادة الناخبين ما هو إلا جريمة أخلاقية قبل أن تكون مخالفة قانونية.. يختزل فيها المواطن إلى رقم بسيط في معادلة النفوذ، ولعل من المفارقات المؤلمة أن من باع صوته أو يبيعه اليوم.. هو أول من يشتكي غداً من غياب من يمثله وضعف أداءه البرلماني.. رغم علمه أن ذلك جريرة يداه، لاختياره مصلحة مؤقتة مغلفة على مصلحة عامة دائمة.
ففي ظل هذا الواقع، يكون وعي الناخب هو القول الفصل والفيصل الحقيقي بين فوضى الانتخابات والإختيار الواعي.. فالكلمة في صندوق الانتخابات ليست مجرد صوت فحسب، بل مسئولية وطنية تمس حياة الناس جميعا، فلابد من الاختيار الأمثل برؤية وكفاءة، حتى لا تختزل الديمقراطية في طقوس شكلية، وحتى لا يصبح البرلمان انعكاسا لصخب اللحظة.. بل انعكاسا لحكمة الاختيار.
وهنا، تبرز أهمية المشاركة الواعية وحسن الاختيار، وإعطاء الصوت لمن يستحق ولمن يفهم أن النيابة تكليف لا تشريف، وأن المنصب العام ليس مكافأة، بل مسئولية تجاه وطن ينتظر من أبناءه العمل الجاد لا الخطابات الجوفاء.
فالانتصار الأكبر في أي انتخابات ليس بفوز مرشح على أخر، بل بفوز الوعي على الفوضى، والعقل على العاطفة، وتغليب المصلحة العامة على المصالح الشخصية.. فإن حدث ذلك، يمكن القول: أنه قد عبرنا من غوغائية الانتخابات إلى الديمقراطية الحقيقية، ومن الوعود الجوفاء إلى صدق الأفعال لا الأقوال”.

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" almessa "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??