هذه أمنية كل المحبين الصادقين للبنان، المشفقين عليه من المتاعب الشديدة التي عاناها وما زال. يريدونه أن «يتعمّر» فعلاً، ليس فقط بنياناً معمارياً، بل أن يستعيد عمرانه الأمني والثقافي والاجتماعي والاقتصادي، الذي كان يجذب الناس من كل حدب وصوب، عندما كان لبنان واحة الجمال الاستثنائي في كل شيء.
لطالما تكالبت النوائب على لبنان حتى يُظن أنها أصبحت قدره الدائم، لكنه يفاجئنا بعد كل دورة خراب وإن طالت بقدرته على النهوض، والتشبث بالحياة. حدث ذلك مرات عديدة، وها نحن هذه المرة ننتظر طائر الفينيق اللبناني لينفض الرماد عنه ويفرد جناحيه من جديد محلقاً في فضاء الحياة التي يستحقها.
نقول ذلك لأن هناك بشارات رغم كل الظروف المقلقة، وآخرها ما نشرته وكالة رويترز للأنباء عن مصدر سعودي رفيع المستوى يؤكد أن وفداً سعودياً سيقوم بزيارة لبنان قريباً لمناقشة إزالة العقبات التي تواجه الصادرات اللبنانية إلى المملكة، مشيراً إلى أن لبنان قد أثبت كفاءته في تقليص تهريب المخدرات إلى المملكة، كما أشار الخبر إلى أنه من المقرر أن يصل مستشار وزير الخارجية السعودي المكلّف بمتابعة ملف لبنان الأمير يزيد بن فرحان إلى بيروت قريباً جداً، على رأس وفد تجاري واقتصادي يضم 27 شخصية سعودية من قطاعات استثمارية مختلفة، في زيارة تحمل طابعاً اقتصادياً وسياسياً، إذ تُعد بمثابة اختبار جدي لمدى استعداد الدولة اللبنانية للالتزام بمسار إصلاحي واضح، يضمن بيئة آمنة للاستثمار ويعزز ثقة المملكة بإمكانات الشراكة مع لبنان وفتح قنوات استثمار شفافة وآمنة.
دائماً كانت السعودية مع لبنان في كل الظروف وبمختلف أشكال الدعم، لكنه عندما أصبح يعيش فراغاً مؤسسياً كبيراً، وتدخلات خارجية خطيرة، ونفوذاً مسلحاً غير خاضع لسلطة الدولة، لم يعد ممكناً للسعودية أن تقدم دعماً اقتصادياً وهي تعرف أنه سيذهب هباءً في ظل تلك الأوضاع، ولا أن تسمح لمستثمريها وعموم مواطنيها بالذهاب إلى بلد بلا قوانين ضامنة لحماية الأموال والأرواح. ورغم ذلك فقد كان للمملكة دور أساسي وكبير في دعم المرحلة الجديدة سياسياً، التي جاءت بالرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، كما وظفت علاقاتها الدولية لمساعدة إخراج لبنان من أزمته المتشعبة المزمنة، لكن هناك أطرافاً خارجية وداخلية ما زالت تستهويها المقامرة بلبنان وشعبه، لا تريد له الخروج من فلكها. هذه الأيدي العابثة هي التي يجب على الدولة اللبنانية والشعب اللبناني تحييدها من تشكيل المشهد اللبناني كي تبدأ مرحلة التعافي كخطوة أساسية في رحلة النمو والازدهار المأمول.
نحن مع لبنان، لكن عليه أن يكون مع نفسه أولاً لنكون معه.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" جريدة عكاظ "












0 تعليق