في وقت تتزايد فيه المخاوف من أن يحل الذكاء الاصطناعي محل البشر في العديد من الوظائف، تتنافس الشركات وحتى الدول ليس فقط على الخوارزميات وتطوير الأدوات بل أيضًا على العقول البشرية أو ما يعرف برأس المال البشري وهي المواهب التي تقود التطور والنمو السريع للتكنولوجيا. حرب عالمية جديدة تخوض الشركات حربًا عالمية متصاعدة لاستقطاب المواهب، وذكرت "زيكي داتا" وهي شركة بيانات تركز على تحديد أفضل مواهب الذكاء الاصطناعي أنها تستخدم تقنيات تحليل بيانات مجال الرياضة لتحديد المواهب الواعدة غير المكتشفة. للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام المواهب الإبداعية وكثفت مختبرات أبحاث الذكاء الاصطناعي الناشئة والرائدة في صناعة التكنولوجيا جهودها لتوظيف أفضل المواهب خلال السنوات القليلة الماضية، حتى إن ذلك التنافس، دفع المديرين التنفيذيين للمشاركة بشكل شخصي في جهود التوظيف التي لم تكلل بالنجاح في المحاولات الأولى. كيف تتسباق الشركات لجذب أفضل المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي؟ النقطة التوضيح الشركات الصينية أعلنت "بايدو" أكبر برامجها على الإطلاق لتوظيف مواهب الذكاء الاصطناعي، بزيادة 60% تقريبًا في الوظائف مقارنة بالعام الماضي، وبدون حد أقصى للرواتب. نماذج أخرى، "علي بابا" التي شكلت الوظائف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي 50% تقريبًا من حملة التوظيف الربيعية التي أطلقتها لعام 2026، و"جيه دي دوت كوم" التي أطلقت برنامج أفضل عباقرة التكنولوجيا الشباب الذي يستهدف طلاب البكالريوس والماجستير والدكتوراه من أنحاء العالم. إلى جانب "ميديا" الرائدة في قطاع التصنيع، التي وظفت في الفترة من يناير حتى أبريل 2025 ما يقرب من ألف شخص في مجالات ذات صلة بالذكاء الاصطناعي. وادي السيليكون يشهد وادي السيليكون منافسة شرسة على استقطاب أفضل المواهب والحفاظ عليها، فمنذ إطلاق "شات جي بي تي" عام 2022، تصاعدت وتيرة التوظيف لتصل إلى مستويات الرياضيين المحترفين الذين تتسابق الأندية الرياضية لجذبهم. ذكرت "رويترز" عن مصادر أن باحثين لدى "أوبن إيه آي" تلقوا عروضًا من "إليفين لابس"، وحصلوا على مكافآت من الشركة المطورة لـ "شات جي بي تي" لا تقل قيمتها عن مليون دولار للبقاء بها، وأن كبار الباحثين لديها يتلقون بانتظام حزم تعويضات تزيد على 10 ملايين دولار سنويًا. كافة الشركات ليست الشركات الصغيرة وحدها من تسعى لاستقطاب المواهب، بل ذكر "سام ألتمان" وهو المدير التنفيذي للشركة المطورة لـ "شات جي بي تي" أن شركة "ميتا" تحاول جذب أفضل الموظفين بمكافآت توقيع باهظة، وبالفعل استقطبت الشركة الأم لـ "فيسبوك" عددًا من المسؤولين البارزين من شركات رائدة. تدفق الخريجين في 2022، تخصص حوالي 1.6 مليون طالب من خريجي الجامعات الصينية في الهندسة والتكنولوجيا، بينما لم يتخرج سوى 112 ألف طالب بشهادات في علوم الحاسوب والمعلومات في الولايات المتحدة، ما يبرز مدى اعتماد أمريكا على المواهب الأجنبية للحفاظ على مكانتها. تنافسية الدول أوضح مؤشر "ماكرو بولو" العالمي لمواهب الذكاء الاصطناعي، أن الصين وسعت قاعدة مواهبها المحلية في التقنية بشكل ملحوظ، حيث ارتفعت نسبة أفضل باحثي الذكاء الاصطناعي في العالم القادمين من الصين "بناءً على الشهادات الجامعية" من 29% في عام 2019 إلى 58% في عام 2022. فجوة المواهب تعد الوظائف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي حاليًا هي الأكثر احتياجًا للمواهب في الصين، وتتوقع "ماكينزي" أن تحتاج البلاد إلى 6 ملايين متخصص في المجال بحلول عام 2030، لكنها قد تواجه عجزًا قدره 4 ملايين، ولسد فجوة المواهب تكثف المؤسسات التعليمية وقادة الصناعة جهودهم. الوجهة الأولى لا تزال أمريكا الوجهة الأولى للعمل بالنسبة لمواهب الذكاء الاصطناعي، حيث تضم حوالي 60% من أفضل المؤسسات المتخصصة في التقنية، لكن يواجه النهج الأمريكي تجاه المواهب تحديات هيكلية تؤثر على قدرة القطاع على التوظيف من حول العالم، ما يجبر شركات مثل "جوجل" و"مايكروسوفت" على إنشاء مراكز أبحاث في تورنتو ولندن من أجل تحسين فرص الوصول للمواهب. ماذا عن أوروبا؟ أما أوروبا، فرغم استثمارها بكثافة في تعليم الذكاء الاصطناعي، إلا أن خريجيها يتوجهون إلى كاليفورنيا بحثًا عن رواتب أعلى والعمل بمشروعات متطورة، وأصبحت بعض الدول بما في ذلك كندا وسنغافورة تستهدف شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة الواعدة في أوروبا وتشجعها على الانتقال. الخلاصة العنصر البشري أصبح العامل الحاسم في تحديد قيادة المرحلة التالية من التطور التقني، لكن لا تقتصر المنافسة على الشركات أو الدول التي بإمكانها تقديم خريجين أو جذب أكبر عدد من المواهب فقط، بل تشمل أيضًا من يستطيع خلق بيئات تمكن هذه المواهب من الازدهار والابتكار بمسؤولية، تمامًا كما هو الحال بالنسبة لأندية كرة القدم التي تسعى للحفاظ على نجومها البارزين. المصادر: فوربس – إيكونومك تايمز - بيزنس إنسايدر – تالنت إنسايت جروب – جلوبال تايمز - رويترز