: من الغمر إلى الشمس.. خطوات نحو الري المُستدام في مصر(تقرير معمق)

الفجر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

belbalady.net وسط أشجار الليمون والجوافة في أرض المزارع "خالد سلطان زين الدين" في قرية الصفاصيف الزراعية في محافظة البحيرة، تقف ألواح الطاقة الشمسية المدعومة بنظام الري الحديث في قلب الأرض، ألواحها مرفوعة للسماء، وتستقبل ضوء الشمس وتحوله إلى طاقة كهربائية تعمل على تشغيل طلمبات الري، التي توصلها إلى رشاشات الري بالتنقيط.

مشروع الري الشمسي

مشروع ألواح الطاقة الشمسية والري الحديث
مشروع ألواح الطاقة الشمسية والري الحديث

هذا المشروع ادخلته الوكالة الألمانية للتعاون الدولي GIZ من خلال برنامجها "إدارة مياه دلتا النيل" بالتعاون مع وزارة الزراعة، ومن خلال وحدات تطوير مشروعات الري الحقلي، في أرض المزارع "خالد" في فبراير 2024، على مساحة 25 فدان، ليكون بمثابة حقل إرشادي وتجربة لكافة المزارعين داخل البحيرة، لفهم أساليب الري الحديث وفوائدها باستخدام ألواح الطاقة الشمسية.

الانتقال من البنزين إلى الطاقة المتجددة

المزارع خالد سلطان زين الدين
المزارع خالد سلطان زين الدين

هذا المشروع يعد جديدًا على المزارع "خالد سلطان "الذي اعتاد تشغيل طلمبات الري باستخدام البنزين والجاز، ثم تحوله من خلال المشروع إلى اتباع ضوء الشمس كطاقة متجددة يوميًا، ومن ري ال 25 فدان بنظام الغمر إلى الرش بالتنقيط.

فالمزارع "خالد" يحكي عن المشروع أنه مختلفة كليًا عن النظام القديم وأنه واجه تحديات في الانتقال الطاقي، لكنها عقب سنة من التشغيل وفر له النظام الجديد تكلفة العمالة، السماد، المبيدات، وصفائح البنزين والجاز، وأصبح طرح المحصول أكثر نضجًا، ووفر تكاليف مالية سنوية.

خطوات نحو الانتقال

في البداية يحكي "خالد "ل "الفجر" أنه كان يشعر بالخوف من دخول هذا المشروع أرضه خصوصًا أنه أول تجربة متكاملة تحدث في البحيرة، لكن الإرشاد الزراعي وجمعية الصفاصيف أقنعوه أن هذا المشروع سيجر فوائده عقب سنة من تشغيله، مضيفًا: "وجدت نفسي لن أخسر شئ من التجربة، وخاصة أن مازال معي أنظمتي في الري القديمة".

ويتحدث "خالد" أن المشروع قائم على الطاقة المتجددة، ووقف الاعتماد على البنزين والسولار التي كانت تكلفه في الموسم الزراعي الواحد نحو 120-150 ألف جنيه كمصاريف زراعية لتشغيل طلمبات الري، بالإضافة إلى الانبعاث الكربوني وارتفاع صوت الماتور وتسببه لتلوث ضوضائي شديد.

 أما مشروع الاعتماد على الشمس، فهو أصبح قائم على تجميع الألواح الضوء الشمسي، ومن ثم تحكمه داخل غرفة التحكم في تشغيل الألواح، لتحويل الضوء إلى كهرباء تعمل على تشغيل طلمبات سحب المياه من المصدر المائي القريب من الأراضي الزراعية، إلى مواسير مدفونة تحت الأرض، ومن ثم سحبها إلى رشاشات التنقيط.

ويعلق خالد: "عقب وقف شراء صفائح البنزين، والاعتماد على الشمس وفرت مبالغة طائلة، لكن اليوم أدفع فلوس للصيانة فقط وتنظيف الألواح وهي لا تتجاوز 10 ألاف جنيه، كما أن الريف أصبح هوائه نقي وخالي من رائحة الانبعاثات الكربونية".

ما أضرار استخدام البنزين أو الوقود الأحفوري؟

ويعد حرق الوقود الأحفوري مثل البنزين أو أية مادة بترولية، لتشغيل طلمبات الري في الأراضي الزراعية، يُعتبر من الأنشطة الرئيسية اللي تساهم بشكل مباشر في انبعاث الغازات الدفيئة، والتي تسبب الاحتباس الحراري والتغير المناخي، وذلك وفق دراسات الأمم المتحدة للبيئة وتغير المناخ.

وتسبب التغير المناخي في ارتفاع درجة حرارة الأرض بأكثر من درجة واحدة مئوية مقارنة بعصور ما قبل الثورة الصناعية واستخدام الوقود الأحفوري.

وتواجه مصر تحديات التغير المناخي التي ترتبط بقضية ندرة المياه والجفاف، ويعد الانتقال الطاقي من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة أحد أهم أساليب التخفيف المناخي من حدة الانبعاثات الكربونية.

كما أن اللجوء إلى أنظمة الري الحديث أحد أهم أساليب التكيف المناخي مع ندرة المياه، وهي تعتمد على الانتقال من الري بالغمر إلى الري بالرش أو التنقيط.

توفير المياه

الانتقال الطاقي نحو الطاقة المتجددة
الانتقال الطاقي نحو الطاقة المتجددة

ويكمل "خالد" أنه انتقل من الري بالغمر الذي كان يعمل على غمر الأراضي بالمياه مع عدم القدرة على التحكم فيها إلى الري بالتنقيط، والذي يعد الري بالتنقيط هو ترشيد للمياه والسماد معًا.

ويشرح أن الري بالتنقيط عبارة عن ري جذور الزرع مباشرة، ويقدم الري بالتنقيط احتياج الزرعة إلى المياه دون كميات أزيد أو أقل من المياه، بجانب أن السماد يكون داخل رشاش التنقيط، وهذا وفق ما يقول "هذا يعد توفير للمياه، وتوفير لأسمدة، فنظام هذا الري جعلني في حاجة لشراء 4 شكاير أسمدة فقط، بدلًا من شرائي قديمًا 8 شكائر أسمدة، بجانب توفير عمالة، لأني كنت بأجر عمالة لرش السماد، أما اليوم فوفرت نحو 50% من العمالة".

نضج المحصول

ويقيم المزارع "خالد" أن المحصول أخذ احتياجاته من الماء والسماد، وأن طرح محصولي الجوافة والليمون أصبحوا أكثر نضجًا بقوله "أخذوا احتياجاتهم مظبوط".

تحديات الانتقال الطاقي

قوة ماتور السحب
قوة ماتور السحب

تجربة أي مشروع جديد لا يخلو من التحديات أو الخسائر في البداية، وهذا ما عبر عنه المزارع "خالد" الذي تحدث أنه واجه مشاكل فنية في تركيب المشروع بشكل ملائم لأرضه، موضحًا: "مشروع الطاقة الشمسية مفيد جدًا وملئ بالمميزات، لكنه يحتاج إلى فنيين يفهمون جيدًا في تركيبه وتشغيله".

ويتحدث أنه في بداية تشغيل ماتور سحب المياه، تفاجئ بانفجار المواسير المدفونة والموزعة تحت الأرض، لأنها لم تتحمل قوة ماتور السحب، بقوله" أنا غيرت ثلاث أربع المواسير الموزعة على الأرض كلها، لأنه لا يمكن أن ماسورة طاقتها 6 بار، تتحمل ماتور سرعته وضغطه8 بار".

ويضيف خالد "المشروع عايز مهندسين متخصصين في الطاقة الشمسية، ويفهم المزارع  طرق العمل الجديدة، ويعرفني أن الطاقة الشمسية ستكون قوية في حدود 8-9 صباحًا، تبدأ تضعف من بعد 4 عصرًا، علشان أبدأ اظبط نفسي ومواعيد الري، لكن وهو مشروع ناجح 100% وفيه توفير في كل الإمكانيات".

الجدوى الإقتصادية للري الشمسي

وفي ظل ما تواجهه الزراعة المصرية من تحديات تتعلق بتكاليف الإنتاج وشح المياه وارتفاع أسعار الوقود، برزت الطاقة الشمسية كبديل اقتصادي فعّال لتشغيل طلمبات الري، خاصة في المحاصيل ذات الأهمية الاستراتيجية مثل القمح والفول السوداني.

 مقارنة اقتصادية دقيقة بين الشمس والديزل

كشفت دراسة اقتصادية بعنوان" الجدوى المالية لاستخدام الطاقة الشمسية مقارنة بالطاقة التقليدية في نظم الري في مصر" أُجريت على موسم 2020–2021 عن فروق مالية كبيرة بين استخدام نظام الري بالطاقة الشمسية ونظام الري بمولدات الديزل في زراعة القمح (شتوي) والفول السوداني (صيفي)، المنشورة في مجلة أسيوط للعلوم الزراعية 2024.

وقد جاء معدل العائد الدخلي للري بالطاقة الشمسية أعلى بنسبة 59.23%، مقارنة بالري بالديزل بنسبة 45.39%، وهذا زيادة دوران رأس المال "العائد القادم من الاستثمار في الطاقة الشمسية" بقيمة 13.930 ألف جنيه.

الديزل أكثر حساسية... والشمس أكثر أمانًا

أوضحت نتائج تحليل الحساسية أن مشاريع الري باستخدام الديزل تتأثر بشدة بتغيرات الأسعار في السوق، خصوصًا مع ارتفاع تكاليف السولار عالميًا. في المقابل، يوفر نظام الطاقة الشمسية نوعًا من التحصين الاقتصادي ضد هذه المخاطر، نظرًا لانخفاض تكاليف التشغيل بعد الاستثمار الأولي.

أوصى الباحثون بـالتوسع في استخدام الطاقة الشمسية في الري الزراعي، خاصة في الأراضي الجديدة والأماكن غير المتصلة بشبكة الكهرباء.

تقديم دعم مالي مباشر أو غير مباشر للمزارعين الراغبين في التحول إلى الطاقة الشمسية، عبر قروض ميسّرة أو حوافز استثمارية.

تشير الدراسة إلى أن التحول إلى الطاقة الشمسية في الري ليس مجرد خيار بيئي، بل هو ضرورة اقتصادية لتعزيز استدامة الزراعة المصرية، خاصة مع ارتفاع تكاليف الوقود التقليدي، واحتياج الفلاح إلى حلول طويلة الأمد تخفف العبء وتزيد الربحية.

بدء الاستجابة

التفاف جمعية الصفاصيف الزراعية حول المشروع
التفاف جمعية الصفاصيف الزراعية حول المشروع

حكاية المزارع "خالد" في أرض الصفاصيف الزراعية عرفها جميع المزارعين في البحيرة، خصوصًا عقب زيارة الدكتور علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الزراعية للمشروع في أغسطس 2024، كما أن رؤساء الجميعات الزراعية في المراكز الزراعية بدأو بالتواصل مع محمد سرحان رئيس جمعية الصفاصيف الزراعية، لفهم الجدوى الإقتصادية للمشروع.

ويقول رئيس جمعية الصفاصيف الزراعية ل "الفجر":"تلقيت العديد من المكالمات الهاتفية من رؤساء الجمعيات يريدون نفس المشروع داخل أراضيهم، لكنهم لا يعرفون كيف يبدأوا هذه الخطوات، لكن شرحت لهم أن جمعية الصفاصيف بإمكانها تقديم للجميع المشاورة حول الطاقة الشمسية والري الحديث، وأن المزارع خالد لديه اليوم خبرات تقنية في تشغيل المشروع، وخبرات فنية في فهم سعة المواسير التي يحتاجها الماتور، ويقدر أن يقدم خبراته للراغبين".

ويتحدث رئيس جمعية الصفاصيف عن رؤيته البيئية والمائية والإقتصادية للمشروع، بقوله: "شراء ألواح الطاقة الشمسية والماتور يكون وفق حاجة الزرع إلى كمية المياه وطبعًا وفق عدد الأفدنة، فأي مزارع لن يتكلف نفس مشروع الوكالة الإلمانية داخل المزارع خالد التي كانت بالملايين، فالمزارع ربما يحتاج لوح أو اثنين من الطاقة الشمسية على مساحة أقل من 1 فدان، أو ربما يحتاج المزارعون إلى مجمع ألواح شمسية يتشاركون في تكلفته ويوحدوا زراعة الحيازات المجاورة، ليستفيدوا معًا من فوائد الطاقة الشمسية ومواعيد الري ورش المبيدات".

 

هدف المشروع

اللقاء مع الدكتور حسني محمد عزام وكيل وزارة الزراعة في  البحيرة
اللقاء مع الدكتور حسني محمد عزام وكيل وزارة الزراعة في  البحيرة

ويتحدث الدكتور حسني محمد عزام وكيل وزارة الزراعة في البحيرة عن المشروع، بقوله" الوكالة الإلمانية للتعاون الدولي ل GIZ، هي نفذت في البحيرة مشروعين، في مدينتي دمنهور وأبو المطامير، والمشروع الأول في قرية الصفاصيف على مساحة 25 فدان، وعدد المزارعين المنتفعين 8 مزارعين، وأن الهدف من المشروع أن يكون تجربة، لكي يرى المزارعين في الحقول المجاورة هذه التجربة، لكي يتم تعميمها.

أما مشروع مدينة أبو المطامير فهو في قرية زاوية سالم، على مساحة 20 فدان بعدد 5 مزارعين منتفعين.

ويعلق وكيل وزارة الزراعة ل "الفجر": الهدف من المشروع ترشيد المياه وتوفير الوقود المستخدم في عملية الري، فحصة مصر من المياه ثابتة منذ أيام محمد علي، وهي 55.5 مليار متر مكعب من المياه، ومع ازدياد العدد السكاني من 2 مليون إلى 115 مليون نسمة، بجانب التغيرات المناخية سواء ارتفاع في درجات الحرارة، التي تؤثر  على القطاع الزراعي، وتغير مواسم الزراعة، وارتفاع مياه البحر الذي يؤدي إلى الدخول إلى اليابسة وزيادة الملوحة في التربة".

 

الجدوى المائية

ويشير أن الري بالتنقيط يرشد ما بين 27- 40% من المياه وفق النوع والصنف وطبيعة الري، وهذا يعد توفير ثلثين من المياه، وأن المتبقي يساعد في توسعة الزراعة إلى نحو 3 أفدنة زيادة..

 

منظومة متكاملة

الدكتور حسني محمد عزام وكيل وزارة الزراعة في  البحيرة
الدكتور حسني محمد عزام وكيل وزارة الزراعة في  البحيرة

 

ويكمل أنه بجانب هذه الفوائد يتم استنباط أصناف جديدة من التقاوي المقاومة للجفاف أو الملوحة من مركز البحوث الزراعية، وهذه الأصناف تتوائم مع طبيعة التربة، بقوله "هناك صنف أرز لا يحتاج كمية المياه التي كنا نستهلكها من قبل، وأصبح الأرز الجاف".

ويعلق: "هي منظومة متكاملة البحوث الزراعية تعمل في اتجاه بجانب مشروعات الدولة، والجميع يتوازن لخدمة بلدنا والمزارع وفق المناخ والموارد المتاحة والأرض".

تحديات التعميم أمام الري الحديث والشمسي

 

<span style=
محمد جمعة سرور مدير الإدارة الزراعية في دمنهور

بجانب الفوائد الإقتصادية والمائية والبيئية والمجتمعية التي يحققها الري الشمسي، إلا أنه يواجه تحديات في التعميم، تحدث عنها محمد جمعة سرور مدير الإدارة الزراعية في دمنهور، وأن جزء من هذه التحديات يعالجها الإرشاد الزراعي.

في البداية تحدث عن التحديات المالية بقوله:" هذا المشروع يقابله بعض التحديات بدءًا من ارتفاع التكلفة في البداية، والتكلفة تتوقف على المساحة، على عكس مصادر الطاقة الأخرى، أما على المدى البعيد فهذا المشروع ممتاز".

ومن أهم تحدياته الاعتماد على أشعة الشمس، لأن المشروع يحتاج إلى أماكن به شعاع شمسي قوي وليس غيوم أو سحاب كثيف، أما الحاجة الثانية الحاجة إلى تخزين الطاقة عن طريق البطاريات، خاصة في مناطق الغيوم أو في الشتاء أو الليل.

أما مشكلة البطارية هي تكلفة زائدة عن تكلفة المشروع، البطارية  توفر الكهرباء لمدة 24 ساعة في مناطق عدم سطوع الشمس أو الشتاء".

تحديات نظم الري

أما التحدي الثاني الرئيسي فهو يتعلق بنظم الري، لكن يمكن حله باللجوء إلى الإرشاد الزراعي بقوله" نظم الري تتوقف على عدة عوامل أهمها نوع التربة، فهناك الري بالرشاشات، التنقيط وهي أفضلهم، ونظم الري بالمضخات، فالري بالتنقيط توفر المياه، وتضع النقاطات تحت جذور النبات، وهي تقدم المياه التي يحتاجها النبات بشكل فعلي، أما الرشاشات والدوارة هي تكون مفضلة لبعض المحاصيل، فهي تتوقف على كمية المياه المطلوبة للمحصول، ثم نوع التربة، هل التربة رملية، أما صفراء أم طينية، ونعطي مثال لو التربة خفيفة نستخدم التنقيط، التربة الطينية يفضل الرشاشات، عكس الأرض الصحراوية تريد التنقيط، الأرض الرملية تريد رشاشات خاصة في البساتين والخضروات.

فبعض أنواع التربة التي بها نسبة ملوحة لا تتقبل التنقيط، لأن التنقيط لا يغسل الملوحة، فهو هنا يحتاج إلى رشاش أو مياه غمر، لتذويب نسبة الملوحة.

أما الأراضي الرملية تحتاج إلى نقاطات أو رشاشات، نوع المحصول يختلف، مثل المحصول الزهري الرشاشات ممكن تسقطه، فتختلف على حسب نوع التربة والنبات".

 

 خطة مصر 2030 نحو الطاقة المتجددة والري المُستدام

ضمن سعيها لمواجهة التغيرات المناخية وتخفيف الضغط على الموارد التقليدية، وضعت مصر خطة طموحة تمتد حتى عام 2030، تسعى من خلالها إلى إعادة رسم مشهد الزراعة والطاقة في البلاد. ففي وثيقة "المساهمات المحددة وطنيًا" التي قدمتها عام 2023 كجزء من التزامها باتفاق باريس للتغير المناخي، أعلنت الدولة عن هدف واضح: التوسع في استخدام الطاقة الشمسية لضخ المياه لأغراض الري، لا سيما في المناطق التي لا تصلها الكهرباء، مثل الدلتا، والصعيد، والواحات.

الخطة تستهدف بشكل مباشر دعم صغار المزارعين، من خلال تقليل الاعتماد على مضخات الديزل الملوثة والمكلفة، وتوفير وحدات ري شمسية مستدامة. وقد خُصّص للمشروع استثمارات تُقدّر بنحو 50 مليون دولار. ولم تقتصر الرؤية على الري فقط، بل امتدت لتحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية، بطاقة إنتاج يومي تصل إلى 4 ملايين متر مكعب، لتغذية المناطق الساحلية التي تعاني من شح المياه العذبة.

هذه الخطوات تأتي ضمن رؤية أشمل لمستقبل أخضر، تهدف من خلالها مصر إلى توليد 42% من احتياجاتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول 2030، وتحديث أنظمة الري في 4 ملايين فدان، بما يعزز من كفاءة استخدام المياه بنسبة لا تقل عن 20%. وهي رؤية لا تتعلق فقط بالأرقام، بل ترتبط بشكل وثيق بمستقبل المزارعين وأمنهم الغذائي والاقتصادي في ظل مناخ متغيّر وتحديات مائية متزايدة.

برامج تمويلية ميسرة

 

وفي محاولة لتشجيع التحول نحو نظم ري أكثر استدامة، أطلق البنك الزراعي المصري برنامجًا تمويليًا ميسرًا لتركيب محطات الري بالطاقة الشمسية. يموّل البرنامج حتى 80% من قيمة المحطة، بفترة سداد مرنة تصل إلى خمس سنوات، وبفائدة بسيطة لا تتجاوز 5%. ويستهدف هذا التمويل بعض المحافظات التي حددها البنك المركزي، من بينها محافظة البحيرة. ي

خطوات عملية نحو الانتقال الطاقي والري المُستدام

23fe967489.jpg

ويتحدث الدكتور ماهر عزيز استشاري الطاقة المتجددة والمياه ل "الفجر" أن الري الشمسي حل مثالي من الناحية البيئية والإجتماعية والإقتصادية، للوصول إلى كافة المميزات الخاصة به، وأن إمكانية التعميم موجودة في الأراضي القديمة الموجودة في الدلتا ووادي النيل بشرط أن تتوافر مساحة الأرض الفضاء التي تقام عليها محطة الطاقة الشمسية.

أما في الأراضي الصحراوية التي يتم استصلاحها وتروى من مياه الأبار، تتوافر فيها  مساحات الفضاء، بحيث يمكن إنشاء حقل شمسي، بجوار كل قطعة أرض مستصلحة، وتستخدم الطاقة الشمسية لتشغيل طلمبات الري من الأبار إلى الأحواض المجاورة، ومن ثم ري الأراضي الزراعية.

مفاضلة بين شبكة الكهرباء والطاقة المتجددة

أما في الأراضي القديمة والطينية التي تروى بالغمر، فهي متصلة بالشبكة الكهربائية الموحدة، وهي تستطيع أن تحصل على الكهرباء التي تحتاجها من الشبكة الكهربائية مباشرة، وبما أن هذه الأراضي تقع في حيازات صغيرة ومتزاحمة ومتجاورة بجاور بعضهم البعض، فهي لا تملك أرض فضاء لإنشاء حقل شمسي بجوارها، ولذلك أنه يجب على المزارعين المفاضلة بين تكلفة فاتورة الكهرباء وتكلفة الحقل الشمسي.

ويرى استشاري الطاقة المتجددة: "أنا أرى أن الاتصال بشبكة الكهرباء قد تغني عن ادخال ألواح شمسية، لكن إذا أراد المزارعون استخدام الطاقة الشمسية، لن يتم ذلك إلا على نطاق مجمع تشترك فيه مساحات الحيازات الصغيرة، بحيث يكون مجموعها لا يقل عن 10 أفدنة، وتكوين محطة مركزية تنشئ على الأطراف".

ويوضح أن مزايا الطاقة الشمسية لا ترتبط بمزايا الري الحديث، فهي تعتمد على ترشيد الطاقة، والحصول على طاقة نظيفة فقط، صديقة للمناخ ومن مصدر متجدد ولا يصدر عنها انبعاثات كربونية، أما مزايا الري الحديث فهي تحقيق توفير في المياه والسماد والعمالة والوقود لتشغيل مكينات الديزل والزيوت، وتحسين دورة المحصول ونضجه.

 

ويرى الدكتور ماهر أنه يجب أن تقدم الوكالة الإلمانية خدمات مزايا الري الحديث منفصلة عن ألواح الطاقة الشمسية، لأن في الأراضي القديمة والطينية سيكون من الصعب ادخال حقل شمسي، لكن في نفس الوقت يجب إلا يُحرم المزارعين من مزايا الري الحديث.

مستقبل التوسعات الزراعية في مصر

ويجد استشاري الطاقة أنه وفق لمستقبل التوسعات الزراعية في مصر، فأنه يمكن الاعتماد على الري الشمسي، مع الحرص على تخطيط الأراضي، بحيث تتوافر أراضي فضاء بين الأفدنة، لوضع الحقول الشمسية.

يمكنكم الاستماع إلى الحلقة عبر بودكاست صديقي المستدام.. من هنا

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" الفجر "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??