belbalady.net دعوة آبي أحمد لحضور افتتاح السد: استفزاز جديد أم خطوة نحو التهدئة؟
أثارت دعوة رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، لمصر والسودان لحضور حفل افتتاح سد النهضة في سبتمبر/أيلول المقبل، موجة واسعة من الانتقادات والرفض، إذ اعتبرها مراقبون عملًا استفزازيًا يفوق جميع الإجراءات الأحادية السابقة التي اتخذتها إثيوبيا طوال السنوات الماضية، خاصة في ظل تعثر المفاوضات الثلاثية وفشلها المتكرر.
كما أثارت دعوة آبي أحمد لمفاوضات جديدة حول تشغيل وملء السد بعد فشل جميع الجولات السابقة، تساؤلات قانونية وسياسية، اعتبرها خبراء "انتهاكًا صارخًا للأعراف والمواثيق الدولية"، وتجاهلًا واضحًا لحقوق مصر والسودان كمصبين رئيسيين لنهر النيل.
(التقرير نقلًا عن وكالة سبوتنيك)
خبير قانون دولي: تصريحات آبي أحمد انتهاك صريح للقانون الدولي
في هذا السياق، قال الدكتور محمد محمود مهران، المتخصص في القانون الدولي العام، والأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية بمصر، في تصريحات خاصة لـ "سبوتنيك"، إن تصريحات آبي أحمد الأخيرة أمام البرلمان الإثيوبي تمثل خرقًا واضحًا للقانون الدولي للمياه.
وأوضح أن دعوة مصر والسودان لحضور افتتاح السد تمثل تجميلًا لصورة مشروع قائم على انتهاكات مستمرة لحقوق دول المصب، كما أن استمرار أديس أبابا في سياسة فرض الأمر الواقع يكشف عن نية مبيتة لمواصلة الإجراءات الأحادية دون اتفاق ملزم.
خرق لاتفاق المبادئ ومخالفة للقانون العرفي الدولي
وأشار مهران إلى أن هذه الدعوة تتناقض مع اتفاق إعلان المبادئ الموقع عام 2015، والذي يلزم الأطراف الثلاثة بالتشاور والتفاوض قبل تنفيذ أي أعمال تتعلق بمشروعات عابرة للحدود، كما أنها تخالف الاتفاقية الإطارية بشأن الاستخدامات غير الملاحية للمجاري المائية الدولية.
وأضاف أن إثيوبيا تنتهك مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول للمجاري المائية المشتركة، وتُصر على تصرفات منفردة دون الرجوع إلى الدول المتأثرة، مما يشكل تهديدًا للاستقرار الإقليمي وحقوق الشعوب في مياه النيل.

خطر وجودي على الأمن المائي لدول المصب
وحذر الدكتور مهران من أن استمرار إثيوبيا في هذه السياسات الأحادية يشكل تهديدًا وجوديًا لمصر والسودان، اللتين تعتمدان بشكل شبه كامل على مياه نهر النيل في تأمين احتياجاتهما من المياه والغذاء.
وأكد أن مصر تملك الحق القانوني الكامل في الدفاع عن أمنها المائي استنادًا إلى المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، التي تُجيز الدفاع عن النفس في حال التعرض لتهديد وجودي، موضحًا أن "المياه عنصر حيوي لبقاء الدولة المصرية واستمرارها".
دعوة باطلة تمهد لشرعنة السيطرة الإثيوبية
من جهته، أكد الدكتور أحمد المفتي، الحقوقي السوداني والعضو السابق في لجنة مفاوضات مياه النيل، أن الدعوة الإثيوبية تأتي في إطار سعي أديس أبابا لإضفاء الشرعية على تصرفاتها الأحادية.
وأضاف في تصريحاته لـ "سبوتنيك" أن ما يقوم به آبي أحمد "خديعة قانونية"، تهدف إلى إجبار مصر والسودان على الاعتراف الضمني بشرعية بناء وتشغيل السد دون اتفاق، وهو ما يؤدي فعليًا إلى تقنين الانتهاكات وسحب حقوق مصر والسودان في الاعتراض القانوني مستقبلًا.
المجتمع الدولي أمام اختبار: هل يتدخل قبل الانفجار؟
طالب مهران المجتمع الدولي بـ "تحمل مسؤوليته القانونية والأخلاقية" تجاه ما وصفه بـ "نزاع خطير يهدد الاستقرار الإقليمي والدولي"، محذرًا من أن استمرار الصمت الدولي قد يقود إلى "انفجار الأوضاع وجرّ المنطقة إلى صراع غير محسوب العواقب".
ودعا إلى ضرورة تدخل المؤسسات الدولية الكبرى، وعلى رأسها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، لإجبار إثيوبيا على العودة إلى طاولة المفاوضات وتوقيع اتفاق قانوني ملزم يحترم حقوق جميع الأطراف.

اتفاقية 2015.. مرجعية معطلة
رغم أن اتفاق إعلان المبادئ لعام 2015 أعطى إثيوبيا الضوء الأخضر للمضي في مشروعها، إلا أنه ألزمها بإخطار دول المصب بأي تطور في المشروع، وهي خطوة تقول مصر والسودان إن أديس أبابا لم تلتزم بها، خاصة في عمليات الملء المتتالية التي تمت دون تنسيق أو تفاهم.
وفي الوقت الذي تروج فيه إثيوبيا بأن السد لا يهدف للإضرار، تؤكد القاهرة والخرطوم أن المشروع يهدد الحصص المائية التاريخية لمصر والسودان ويؤثر على أمنهما القومي والاقتصادي.
دعوة برلمانية مريبة: من البرلمان إلى المواجهة
خلال جلسة للبرلمان الإثيوبي، أعلن آبي أحمد رسميًا عن دعوة لحضور افتتاح السد في سبتمبر، مؤكدًا أن بلاده لن تسبب أي نقص في مياه مصر، قائلًا: "لم تفقد مصر حتى لترًا واحدًا من المياه بسبب السد"، في تصريحات اعتبرها مراقبون محاولة لتزييف الواقع وطمس آثار الانتهاكات.
اتفاقية إطارية دون مصر والسودان
وفي الوقت ذاته، تواصل أديس أبابا الدفع باتجاه اتفاقية الإطار التعاوني، التي وقّعت عليها غالبية دول حوض النيل باستثناء مصر والسودان، والتي تهدف إلى إعادة توزيع المياه بين الدول العشر بطريقة "عادلة"، وهو ما تعتبره القاهرة والخرطوم محاولة لتقويض الاتفاقيات التاريخية لعامي 1929 و1959.

موقف مصري سوداني موحد.. أم تصعيد قادم؟
في ختام التقرير، حذّر الدكتور أحمد المفتي من أن حضور مصر والسودان لافتتاح السد قد يُستخدم كغطاء سياسي وقانوني لإثبات شرعية ما فعلته إثيوبيا منفردة، داعيًا البلدين إلى التمسك بحقوقهما المشروعة واتخاذ خطوات حاسمة لحمايتها.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" الفجر "
0 تعليق