belbalady.net
في لحظة إقليمية مشحونة بالتوترات، يقوم الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى مدينة العلمين في بزيارة رسمية إلى مصر، حيث يلتقي اليوم الرئيس عبد الفتاح السيسي في محادثات ثنائية وُصفت بأنها "استراتيجية" وذات طابع استثنائي، في ظل احتدام الخلاف حول سد النهضة والتحولات المتسارعة في منطقة القرن الإفريقي.
حسابات دقيقة في توقيت حرج
تأتي الزيارة في وقت تلقى فيه الرئيس الصومالي دعوتين متعارضتين: الأولى من رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لحضور مراسم تدشين مرحلة جديدة من مشروع سد النهضة، والثانية من القاهرة للتشاور حول العلاقات الثنائية ومستجدات ملف نهر النيل، ما وضع مقديشو أمام معادلة دبلوماسية معقّدة.
ويرى مراقبون أن حرص القاهرة على دعوة الرئيس الصومالي في هذا التوقيت يعكس تحركًا استباقيًا لاحتواء أي تقارب محتمل بين مقديشو وأديس أبابا قد يُستغل سياسيًا في دعم مشروع السد.
وتُعد الزيارة بمثابة إعادة ضبط لبوصلة العلاقات المصرية–الصومالية، وتأكيد على ضرورة التنسيق قبل اتخاذ أي مواقف يُحتمل أن تؤثر في معادلة النزاع الإقليمي.
تطور في الشراكة الاستراتيجية
من جهته، قال طلعت طه، المحلل السياسي، في تصريحات خاصة لـ "الفجر"، إن "العلاقات بين مصر والصومال شهدت خلال العامين الماضيين تطورًا كبيرًا، خاصة بعد توقيع بروتوكول التعاون العسكري في يناير الماضي"، مضيفًا أن "هذه الزيارة تأتي تتويجًا لهذا المسار، وتعكس حرص الطرفين على ترجمة الشراكة إلى تعاون فعلي في الملفات الأمنية والتنموية".
وأوضح طه أن "الصومال يمر بمرحلة حرجة سياسيًا واقتصاديًا، ويحتاج إلى حلفاء إقليميين داعمين، ومصر قادرة على لعب هذا الدور بحكم وزنها العربي والدولي"، مشيرًا إلى أن "القاهرة تنظر إلى مقديشو باعتبارها جزءًا من عمقها الاستراتيجي في البحر الأحمر".
تحذيرات صومالية من "فخ الاصطفاف"
من مقديشو، قال المحلل السياسي الصومالي عبدالسلام حاج أحمد لـ "الفجر"، إن "مشاركة الرئيس حسن شيخ محمود في أي من الدعوتين تحمل مخاطر دبلوماسية"، مشيرًا إلى أن "الحكومة الصومالية تحاول قدر الإمكان تبني سياسة توازن ذكي، لتفادي الانحياز المكلف لأي من الطرفين".
وأضاف: "الصومال يدرك أن أي تحرك يُفسّر كاصطفاف مع إثيوبيا قد يضر بعلاقاته مع مصر والسودان، في حين أن التغيب عن دعوة أديس أبابا قد يُنظر إليه كخذلان لحليف إقليمي مؤثر"، لافتًا إلى أن "الملف المائي بات أداة ضغط جيوسياسية في يد الدول الكبرى، والصومال ليس في موقع يسمح له بمقامرة دبلوماسية".
بين البراغماتية والضغوط
في ظل هذه المعادلة المعقّدة، يحاول الصومال الحفاظ على نهج متوازن، يجنب البلاد الدخول في صراعات إقليمية لا طائل منها، مع السعي لتعزيز التعاون مع القوى المؤثرة في المنطقة. ويرى مراقبون أن نجاح مقديشو في تجاوز هذا التحدي مرهون بقدرتها على إدارة الدبلوماسية الإقليمية دون الوقوع في فخّ الاصطفاف، ودون أن تظهر كدولة مترددة أو متذبذبة في مواقفها.
في النهاية تُعد زيارة الرئيس الصومالي إلى القاهرة واحدة من أهم المحطات الدبلوماسية في علاقات البلدين خلال السنوات الأخيرة، لا سيما في ظل التعقيدات المحيطة بملف سد النهضة. وبين السعي للتعاون، وتجنّب الاستقطاب، تتطلع القاهرة ومقديشو إلى بناء علاقة أكثر عمقًا، توازن المصالح المشتركة وتُحصّن الشراكة من التوترات الإقليمية المقبلة
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" الفجر "
0 تعليق