هوى النفط بأكثر من 7% بعدما تجنبت إيران فى ردها على الضربات العسكرية الأميركية البنية التحتية للطاقة، مما بدّد مخاوف المستثمرين من أن يؤدى النزاع إلى تعطيل كبير للإمدادات من الشرق الأوسط.تراجع سعر خام «برنت» تسليم أغسطس بنسبة 7.2% ليغلق عند 71.48 دولاراً للبرميل، أما خام «غرب تكساس» الوسيط فانخفض إلى ما دون 70 دولاراً للبرميل.تأتى هذه الانخفاضات بعد أن أطلقت إيران صواريخ على قاعدة جوية أميركية فى قطر، رداً على الغارات الجوية التى شنها الرئيس دونالد ترامب فى عطلة نهاية الأسبوع على ثلاثة من منشآتها النووية.وكان المتداولون يخشون فى البداية من أن يشمل الرد الإيرانى إغلاق مضيق هرمز، وهو نقطة اختناق يمر عبرها نحو خمس إمدادات النفط العالمية. وأفادت قطر بأن القصف تم اعتراضه ولم يسفر عن أى إصابات.الأسعار تشهد تقلبات عنيفةشهدت الأسعار تقلبات بلغت 10 دولارات للبرميل الإثنين الماضى، إذ ارتفعت بأكثر من 6% فى البداية قبل أن تهوى إلى ما دون ذلك، ما يعكس حالة التوتر الشديد فى السوق، ومدى أهمية كل تطور فى المنطقة بالنسبة لأسواق الطاقة العالمية.قالت ريبيكا بابين، كبيرة المتعاملين فى الطاقة لدى «سى آى بى سى برايفت ويلث غروب»: «الخام يتراجع مع استيعاب السوق مؤشرات على أن البنية التحتية للطاقة ليست الخيار الأول لإيران فى ردّها”.وأضافت: «هناك دلائل على أن الولايات المتحدة قد تكون حصلت على معلومات مسبقة عن الهجمات، مما يشير إلى أنها كانت خطوة لحفظ ماء الوجه أكثر من كونها تصعيداً حقيقياً”.يمثل الشرق الأوسط نحو ثلث الإنتاج العالمى من الخام، وحتى الآن لا توجد مؤشرات على تعطل تدفقات النفط الفعلية، بما فى ذلك الشحنات التى تمر عبر مضيق هرمز. ومنذ بدء الهجمات الإسرائيلية فى وقت سابق من الشهر، ظهرت مؤشرات على أن صادرات إيران من النفط عبر الخليج قد ارتفعت بدلاً من أن تنخفض.المخاوف لا تزال موجودةرغم أن الأسعار تشهد تباطؤاً حالياً، فإن تهديدات الإمدادات لا تزال قائمة، فى ظل استمرار التوترات المرتفعة فى أنحاء الشرق الأوسط. وأدانت السعودية الهجوم الإيرانى على قطر، وقالت إنها مستعدة لدعم الدوحة فى أى إجراءات قد تتخذها.فى الوقت نفسه، بدأت تلوح فى الأفق مخاوف تتعلق بالطلب، بعدما أعلنت عدة دول، من بينها الكويت والبحرين والعراق، أنها أغلقت مجالاتها الجوية مؤقتاً قبل أن تعيد فتحها، مما أربك حركة السفر الجوى العالمية.جاء تحرك إيران ليُفاقم من ضعف الأسعار، بعدما نشر ترمب منشوراً عبر وسائل التواصل الاجتماعى يحذر فيه من ارتفاع أسعار النفط، مطالباً وزارة الطاقة بتسهيل المزيد من عمليات الحفر.ترقب للتطورات بشأن مضيق هرمزكانت الضربات الأميركية غير المسبوقة تهدف إلى شل البرنامج النووى الإيرانى، واستهدفت مواقع فى “فوردو” و»نطنز” و”أصفهان”. وكانت طهران قد حذرت فى وقت سابق من أن الضربات ستؤدى إلى “عواقب وخيمة”.لا تزال هناك مخاطر متعددة ومترابطة تهدد تدفقات النفط الخام، وأبرزها ما يتعلق بمضيق هرمز، فى حال قررت طهران الرد بمحاولة إغلاق هذا الممر الضيق. يمر نحو خمس إنتاج النفط العالمى عبر هذا المضيق الواقع عند مدخل الخليج.وقد حذرت القوات البحرية فى المنطقة بشكل متكرر من تهديدات متصاعدة لناقلات النفط، رغم أن ضابط ارتباط بين القوات البحرية وشركات الشحن قال يوم الأحد، إن استمرار مرور السفن عبر المضيق يُعد «إشارة إيجابية للمستقبل القريب”. وكانت ناقلتان عملاقتان قد استدارتا مبتعدتين عن المضيق يوم الأحد، قبل أن تعودا لاحقاً إلى مسارهما الأصلى وتتابعا طريقهما لعبور الممر المائى.فى السياق ذاته، نقل التلفزيون الرسمى عن البرلمان الإيرانى دعوته إلى إغلاق المضيق. غير أن مثل هذه الخطوة لا يمكن تنفيذها من دون موافقة المرشد على خامنئى. وقد تلجأ السلطات إلى فرض قيود على التدفقات بطرق أخرى.قلّل وزير الطاقة الأميركى كريس رايت من احتمالات أن تغلق إيران مضيق هرمز، قائلاً إن خطر مثل هذه الخطوة «ليس كبيراً”.“ضربة رمزية”قال بافل مولتشانوف، المحلل لدى «رايموند جيمس»: «من خلال إطلاق بضع صواريخ على قاعدة جوية فى قطر، تشير إيران إلى أنها تسعى للتهدئة”.وأضاف: «يشبه هذا إلى حد كبير ما حدث فى يناير 2020، حينما قتلت ضربة جوية أميركية جنرالاً إيرانياً رفيعاً، وردّت إيران بطريقة رمزية فى الأساس، تشير إلى نية لخفض التصعيد”. لا تقتصر الاضطرابات على أسواق الخام وحدها، فقد شهدت عقود الديزل فى نيويورك تقلبات مماثلة، إذ ارتفعت إلى أعلى مستوى لها منذ أكثر من عام قبل أن تهبط بنسبة 7% تقريباً لاحقاً خلال الجلسة. كما شهدت الأسعار فى أوروبا، وهى منطقة تستورد جزءاً كبيراً من احتياجاتها من الشرق الأوسط.