بقلم ✍️ د. لمياء محسن
(دكتوره الإعلام ـ كلية الإعلام جامعة القاهرة ـ قسم الإذاعة والتليفزيون)
في زمنٍ تتعالى فيه أصوات الحرب، وتتنازع فيه الحياة مع الموت على كل شبر من الأرض، في وقتٍ أصبح فيه القتل خبراً يوميّا، وصوت الانفجار مألوفًا، قد يبدو الحديث عن الأمل دربًا من الجنون. ولكن… ما دمتَ تتنفس، ما زلتَ قادرًا… وما دمتَ حيًّا، فأنت لم تُهزم بعد.
قد تكون محاطًا بالخسارات، قد تكون مثقلًا بالتعب، قد ترى الطريق مسدودًا، والمستقبل مظلمًا كليلة شتاء بلا قمر، ومع ذلك، لا يزال لك في هذه الحياة دور، لحظة، ونَفَس. حتى لو كنت مكسور القلب، مكسور الظهر، أو حتى مكسور الروح.
الحياة لم تكن يومًا نزهة، ولم تكن عادلة على الدوام. هناك من يولدون في الحرب، ويموتون فيها دون أن يعرفوا السلام، وهناك من يعيشون على حافة الجوع، الخوف، الفقد، ومع ذلك يستمرون. لمجرد أنهم أحياء. لمجرد أن في صدورهم نبضًا لم يخفت بعد.
كم من شخص نجا من تحت الركام، وأعاد بناء حياته من الصفر؟ كم من أمٍ فقدت أبناءها، ومع ذلك لم تفقد قدرتها على الحب والعطاء؟ كم من لاجئٍ فقد وطنه، لكنه لم يفقد إنسانيته؟ هذه ليست بطولات، هذه مجرد محاولات للبقاء… ومجرد “البقاء” أحيانًا هو أسمى أنواع الانتصار.
في عالمٍ يُروّج للفوز على أنه الوصول، ننسى أن النجاة في حد ذاتها شكلٌ من أشكال الانتصار. أن تنهض كل صباح رغم الهم، أن تبتسم رغم الوجع، أن تعمل رغم اللاجدوى، أن تحب رغم الفقد، أن تعيش رغم الحرب… كل هذا مقاومة.
نعم، قد يكون المستقبل قاتمًا، وقد لا تحمل الأيام القادمة مفاجآت سارّة. لكن، طالما أن النهاية لم تأتِ بعد، فالمعركة لم تنتهِ. لا تستسلم. لا تسلّم رايتك. لا تسحب يدك من على قلبك. عش، حتى في أصعب اللحظات، كأنك تقول للحياة: “لن أربح دائمًا، لكنني لن أخسر بسهولة”.
الحرب ليست فقط بين الجيوش، بل داخل كل منا. بيننا وبين الخوف. بيننا وبين الحزن. بيننا وبين الشعور بالعجز. وبيننا وبين الرغبة في الاستسلام. فإذا قاومت هذا الشعور، فأنت لست مهزومًا.
قد لا تكون الحياة التي تعيشها الآن هي ما تمنيت، لكن كل لحظة إضافية تمنحك فرصة جديدة، لتفعل، لتقول، لتُحب، لتُغيّر، لتُجرّب، لتخسر وتُعيد المحاولة، لتعيش.
لذا لا تسمح للعالم أن يُطفئك يا صديقي …
فالعالم لن يتوقف عن الصراخ. الدمار لن يهدأ فجأة. المستقبل قد يظل غامضًا، لكن قلبك… يجب أن يظل حيًّا. وإيمانك بالحياة، بالضوء، بالأمل، يجب أن يظل يقاوم.
حتى لو خذلك الجميع. حتى لو تأخرت الأحلام. حتى لو لم يعد هناك من يسمعك… الله يسمعك.
فأرجوك، حين يشتد عليك الظلام، تذكّر:
ما دمتَ حيًّا، لم تُهزم بعد. وما دمتَ حيًّا، فالنهاية لم تُكتب بعد.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" almessa "
0 تعليق