منذ بداية التاريخ قدِّر لهذا البلد العظيم مصر أن يجزل العطاء ويساعد كل المحيطين به، بكل حب وترحاب، حال طلب منها المساعدة، ولذلك لم تنتظر يومًا كلمة شكر أو دعم؛ لأن هذا هو الدور التاريخى والحضارى الذى فرض عليها لمساعدة الشقيق والصديق.. تلك هى القيم والمبادئ التى أرستها حضارة هذا الشعب، والتى بمقتضاها يتم التعامل بها مع الغير، سواء داخليًا أو خارجيًا.
لهذا ولغيره كثير لم تلتفت مصر الكبيرة لصغائر الأمور وكيد وحقد المتآمرين، أو لأصحاب الغرض والمرض، والأيادى السوداء الذين لا هَمّ لهم سوى شحن الموتورين والعملاء بأكاذيب رخيصة للنيل من استقرارها وأمنها. وفات هؤلاء وغيرهم أن شعب هذا البلد وجيشه الباسل، سبق أن كشف مؤامراتهم الدنيئة، التى حاولوا من خلالها هدم مصر بواسطة جماعة خائنة باعت نفسها لمن يدفع، فى الـ30 من يونيو عام 2013، ومع ذلك سرعان ما عاد نفس هذا الفصيل الخائن مستخدمًا هذه المرة أساليب أخرى؛ ليشكك فى جيش بلاده وفى جاهزيته والجدوى من تسليحه، فقط لمجرد أنه تصدّى لهم وفضح جرائمهم وإرهابهم فعُدَّ بالنسبة لهم عدوًا، وتناسى أو تغافل يتامى حسن البنا وأرامل سيد قطب أن ما بين شعب مصر وجيشها قلاعًا من الثقة وجبالاً شامخة من الانتماء يصعب على الأقزام من أمثالهم تسلقها؛ خصوصًا أنه طوال تاريخ هذا الجيش فى جميع الحروب التى خاضها منذ حرب 48 وصولاً إلى حرب 73، لم يبخل يومًا بجهد أو دم من أجل العرب والعروبة، لهذا دعمت مصر القضية الفلسطينية، ورفضت كل سبل الحل التى تنحصر فى إنهاء قضية الشعب الفلسطينى وتهجيره من أرضه.
يحدث هذا فى الوقت الذى (يقلل) فيه البعض ممن ينتسبون للعرب والعروبة من دور مصر فى هذه القضية تحديدًا، ووصل الحال ببعضهم إلى القول بأن مصر تتقاعس عن دعم فلسطين وشعبها، وهذا ما تبين مؤخرًا فى قافلة الصمود التى انطلقت من تونس، قاصدة الوصول إلى الأراضى المصرية نحو معبر رفح لدعم قطاع غزة، دون الحصول على موافقات مسبقة وفق الضوابط التنظيمية والآلية المتبعة، وذلك لضمان أمن الوفود الزائرة، نتيجة لدقة الأوضاع فى تلك المنطقة الحدودية منذ بداية الأزمة فى غزة، هذا الموقف الذى اتخذته مصر، لم يعجب بعض المشاركين فى القافلة أو من يحركهم، رغم أنه إجراء طبيعى ينبغى على أى دولة تحترم سيادتها اتخاذه بلا تردد، لاسيما أن منطقة الحدود التى يرغب الناشطون فى الوصول إليها، أشبه ببرميل بارود قابل للانفجار فى أى وقت، حال وجود شرارة صغيرة أو حدث أمنى عابر، (وهو أمر وارد الحدوث)، من جراء حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلية التى ترتكب ضد الفلسطينيين، مما يفتح الباب على مصراعيه لمواجهة مع المحتل الصهيونى فى الوقت الراهن.
رخص وتشكيك كان أولى به قادة وحكومات بعض ممن شاركوا فى هذه القافلة، رغم أن منهم من سمحت حكومته بتوطين الفلسطينيين فى أراضيها، مقابل رفع الحظر المفروض على مليارات الدولارات المجمدة لبلادهم فى الولايات المتحدة، ومنهم من تعمد الغياب عن مؤتمر القمة العربية فى بغداد، حتى لا يلتزم بشىء من خطة إعمار قطاع غزة التى نتجت عن هذا المؤتمر؛ بل إن منهم من سوّلت له نفسه الاتفاق مع بعض ممن يضمرون الشر بمصر؛ للعب على حدودها بقصد تهديد الأمن القومى المصرى، ومنهم أيضًا من يصرّح فى العلن مطالبًا بحل الدولتين، وفى الخفاء يقفون ضد جُلّ ما تطالب به مصر لحل القضية الفلسطينية، سواء لتحقيق أهداف خاصة لا نعلمها، أو بدافع الحقد والغيرة من الدور المصرى، الذى يتعامل مع جميع القضايا القومية وتحديدًا العربية منها بكل وضوح وشفافية.. إن استهداف مصر ليس جديدًا؛ ولكنه اليوم يأخذ أشكالاً أكثر تعقيدًا وتخفيًا. فيما بين حدود تستفز، من قِبَل ميليشيات تتلقى تمويلاً من الخارج، وسد يُبنى خارج التوافق لتعطيش الشعب المصرى، وكتائب إعلامية عميلة تشكك فى أى إنجاز (عَمَّال على بَطال).
ومن أجل القضاء نهائيًا على هذا الاستهداف، نحن جميعًا حكومة وشعبًا، مطالبون بدعم وتثبيت ركائز وحدتنا؛ لحماية أمننا القومى وحدودنا، النابع من قرارنا السيادى غير القابل للمساومة، من أى طرف كائنا من كان.
ولجميع هؤلاء وغيرهم أستعير ما سبق أن صرّح به الرئيس السيسي فى أكثر من مناسبة (إن مصر دولة تمارس سياسة تتسم بالتوازن والاعتدال رغم الظروف الصعبة التى تمر بها منطقتنا والعالم، ولكن مصر فى النهاية بخير والأمور مستقرة ومن جيد للأحسن. ما دمنا ثابتين ومستقرين ومتماسكين ومتحملين لمسئولياتنا، ومتحدين جميعًا يدًا واحدة ومطمئنين بأننا ندير أمورنا بشكل يحفظ بلدنا والمنطقة ما أمكن، دون التورط فى أمور قد تؤثر على الأمن والاستقرار فى المنطقة وفى مصر).
حمَى الله مصرَ وشعبَها، وأبعد عنها كل مغرض وحاقد.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "
0 تعليق