12:23 م - الأحد 29 يونيو 2025
0
وسط تقلبات حادة في الأسواق العالمية وتحولات عميقة في التوازنات الاقتصادية والجيوسياسية، تعود العملة الأوروبية الموحدة إلى دائرة الضوء، مسجلة ارتفاعات ملحوظة أمام الدولار الأميركي، في مشهد قد ينذر بتحول استراتيجي في خارطة العملات الاحتياطية العالمية.
يعكس الأداء الأخير لليورو بداية محتملة لمرحلة جديدة من التنافس النقدي، مع اقترابه من مستويات فنية حاسمة. فقد دفع تراجع الزخم الأميركي، إلى جانب مؤشرات إيجابية من البنك المركزي الأوروبي، العملة الموحدة إلى تسجيل مكاسب قوية قد تمهد لاختراق حاجز 1.20 دولار أميركي، وهو مستوى لم يُسجل منذ أربع سنوات.
ساهمت عدة عوامل في دعم هذا الاتجاه الصعودي، أبرزها ضعف الدولار الذي يتعرض لضغوط داخلية وخارجية، من بينها الشكوك المتزايدة حول استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وعودة المخاوف من الركود، واحتدام الصراع التجاري العالمي. كما دفعت حالة الغموض التي تخيم على مستقبل الاقتصاد الأميركي العديد من المستثمرين – وخاصة المؤسسات السيادية – إلى البحث عن بدائل أكثر استقرارًا، ما زاد من تدفقات رؤوس الأموال خارج الولايات المتحدة.
في المقابل، يظهر اليورو كخيار أكثر جاذبية، مدعومًا بتحول لهجة السياسة النقدية الأوروبية نحو مزيد من الحزم. فالإشارات الصادرة من البنك المركزي الأوروبي لم تعد تقتصر على تثبيت الفائدة، بل تؤكد الاستعداد لاتخاذ خطوات إضافية إذا استدعى التضخم ذلك، مما يعزز الثقة بالعملة الأوروبية لدى الأسواق العالمية.
على الجانب الفني، يشير بلوغ اليورو مستويات 1.17 دولار إلى اقترابه من نقطة محورية حرجة، يُتوقع عند تجاوزها أن يبدأ موجة صعود نحو 1.20 دولار، بدفع من ارتفاع حجم عقود الخيارات الصاعدة. أما في حال بقاء المقاومة صامدة، فقد يشهد السوق موجة من جني الأرباح أو إعادة التوازن المؤقت.
وفي ظل هذه الظروف، قام عدد من البنوك العالمية برفع توقعاتهم لسعر اليورو حتى نهاية العام، مشيرين إلى ضعف متوقع في الدولار، إلى جانب تأثير وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، والتصريحات المتحفظة من رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، والتي دعمت معنويات السوق لصالح العملة الأوروبية.
ورغم هذا التفاؤل، تبقى صورة المشهد النقدي في أوروبا معقدة. فالاتحاد الأوروبي لا يزال يواجه تحديات متشابكة أبرزها تباطؤ النمو، أزمة الطاقة، والتوترات المتصاعدة في الشرق، ما يجعل مستقبل اليورو مزيجًا من الفرص والمخاطر.
كما يظل مستقبل العملة الأوروبية مرهونًا بعوامل خارجية، منها أداء الدولار الأميركي والسياسات النقدية للولايات المتحدة، فضلًا عن تحركات أسعار الطاقة التي تؤثر مباشرة على معدلات التضخم في منطقة اليورو. وبينما تتزايد الدعوات لتعزيز دور اليورو دوليًا، فإن صعود عملات بديلة – مثل اليوان الصيني والروبل الروسي – ضمن تكتل "بريكس"، قد يشكل تحديًا إضافيًا لمكانة اليورو، الذي لا يزال حتى اللحظة ثاني أكبر عملة احتياطية في العالم بعد الدولار، لكنه يواجه منافسة متنامية في ظل التحولات الاقتصادية العالمية المتسارعة.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" بنكي "
0 تعليق