استعاد الفنان الكبير «سامح الصريطى» كواليس مشاركته فى اعتصام وزارة الثقافة قبيل ثورة 30 يونيو 2013، مؤكدًا أن الفن كان فى مرمى الاستهداف من قبل حكم جماعة الإخوان، وأن الثورة لم تكن خيارًا بل حتمية تاريخية أنقذت مصر من محاولات طمس هويتها وتشويه ملامحها الحضارية. يقول الصريطى: «لم ننزل إلى الميدان فى البداية خوفًا على المهنة، لكن لأننا كمواطنين قبل أن نكون فنانين، لم نقبل بما كان يحدث للوطن. كنا ندرك أن الفن لا يمكن تكبيله، والفنان يستطيع دائمًا التعبير عن رأيه بحرية، حتى ولو عبر الرموز. لم نخشَ على أنفسنا، فلنا قاعدة جماهيرية واسعة داخل مصر وخارجها، لكن كنا نشعر أن الوطن نفسه فى خطر». وكشف «الصريطى» عن اجتماعات سبقت الثورة، جمعت عددًا من الفنانين مع الرئيس الأسبق «محمد مرسى»، قال فيها الأخير كلامًا يبدو محترمًا عن دعم الفن واحترام المبدعين، لكن هذه الوعود سرعان ما تبخرت، وتحولت إلى خذلان واضح عبر قرارات مصيرية كُتبت بسطور معادية للثقافة، على رأسها تعديل الدستور وتهميش دور الفنانين والمثقفين. وأضاف: «بدأ التربص بالفن والمثقفين، فكانت هناك نية مبيتة لتشويه صورة الفن المصرى، والتهجم على مفردات حضارتنا كالأوبرا، والباليه، وفن النحت، تحت دعاوى دينية مغلقة، تتنافى تمامًا مع الشخصية المصرية». وتحدث «الصريطى» عن اعتصام وزارة الثقافة الذى انطلق قبل الثورة بأكثر من 30 يومًا من داخل دار الأوبرا المصرية، وامتد إلى مبنى الوزارة فى الزمالك، حيث أقيمت فعاليات فنية مفتوحة ضمت كبار نجوم الفن والثقافة، وقدمت خلالها جميع أشكال الإبداع التى كانت محل استهداف فى تلك الفترة. وقد تناقلت وكالات الأنباء العالمية هذا الاعتصام بوصفه نموذجًا لمقاومة سلمية فنية. وأشار إلى أن المشاركين فى الاعتصام كانوا على دراية تامة بموعد انطلاق ثورة 30 يونيو الذى حددته حركة «تمرد»، لذا قرروا مواصلة الاعتصام لحين التوجه إلى ميدان التحرير والمشاركة فى المشهد الشعبى العام. وأضاف: «صباح 30 يونيو، كنا فى قلب الميدان بين الناس، ثم عدنا لمواصلة الاعتصام بالوزارة حتى إعلان بيان 3 يوليو». واختتم «الصريطى» حديثه قائلًا: «يوم 3 يوليو لم يكن فقط لحظة انتصار، بل لحظة استعادة روح الوطن.. كنا فى وزارة الثقافة نتابع البيان بشغف، والفرحة لا تسعنا. كنا ندرك حينها أن ما تحقق هو إنقاذ لمصر من مستقبل مظلم، فثورة 30 يونيو كانت حتمية، وكان شعب مصر يرفض أن تُمحى هويته أو أن يُدار الوطن باسم الدين». المخرج محمد فاضل: اعتصام المثقفين كان شرارة 30 يونيو.. والفن لم يـُنصف الثورة بعد استعاد المخرج الكبير «محمد فاضل» تفاصيل مشاركته فى اعتصام وزارة الثقافة عام 2013، مؤكدًا أن ذلك الاعتصام لم يكن مجرد احتجاج على قرار وزارى، بل كان «الخطوة الأولى الفعلية» نحو انطلاق ثورة 30 يونيو، التى أنقذت الدولة المصرية من مصير غامض. قال «فاضل»: «كل ما حدث بدأ بتعيين وزير ثقافة محسوب على جماعة الإخوان، وهو ما رفضه المثقفون رفضًا قاطعًا، خاصة بعد قراراته التى استهدفت رموز الثقافة، ومنها عزل «د.إيناس عبدالدايم» من رئاسة دار الأوبرا. لم يكن ذلك مجرد تغيير إدارى، بل إشارة واضحة إلى نوايا مبيتة تجاه الفن المصرى». وأضاف: إن المثقفين لم يكتفوا بالرفض العلنى أو البيانات، بل قرروا الاعتصام المفتوح فى مقر وزارة الثقافة بالزمالك، لأن مواجهة هذا النوع من التهديد لا تحتمل أنصاف مواقف.. وقد شارك فى الاعتصام كل الفئات العمرية من الفنانين والمثقفين، وكانت روح التضامن والوعى السياسى فى أوجها. بدأنا برفض وزير، ثم تحول الأمر إلى رفض كامل لحكم الإخوان.. من هنا استمر الاعتصام حتى انضمت الوفود المشاركة فيه إلى ملايين المواطنين فى ميدان التحرير يوم 30 يونيو، لتكون هذه اللحظة «شبه إجماع وطنى» غير مسبوق. وعن أعماله الفنية ذات الطابع السياسى، تحدث «فاضل» عن مسلسل (ربيع الغضب) الذى أخرجه عام 2013 عن نص للكاتب «مجدى صابر». وقال: «المسلسل تناول ملامح الفساد التى سبقت ثورة يناير 2011، لكنه ألقى الضوء أيضًا على سرقة الثورة من قبل الإخوان، وعلى العنف الذى ارتكبوه لفرض وجودهم. كان ذلك العمل بمثابة كشف مبكر لما سيحدث لاحقًا، وكأننا كنا نكتب عن 30 يونيو دون أن ندرك أننا ننبئ بها». أما عن يوم 30 يونيو ذاته، فاستعاد المخرج الكبير صورة وطن موحّد، حيث رأى كل فئات الشعب تنزل إلى الشوارع، حتى من لم يستطع الوصول إلى الميادين الكبرى، نظموا وقفات واعتصامات أمام منازلهم. وأضاف: «الناس كلها خرجت دفاعًا عن البلد، عن هويتها وثقافتها وتاريخها، ولم يكن فى قلب أحد سوى هدف واحد: إسقاط حكم الإخوان». واختتم «فاضل» حديثه بأسفٍ على غياب التناول الفنى الجاد لثورة 30 يونيو، معتبرًا أن الأعمال التى تناولت الحدث لا تزال محدودة، أبرزها بعض الأجزاء فى مسلسل (الاختيار)، لكنه يرى أن الثورة تستحق عملًا قوميًا ضخمًا يؤرّخ لها بحق، كجزء من تاريخ مصر الحديث، مثلما فعلنا مع حرب أكتوبر وحرب الاستنزاف. مشددًا على أن هذا العمل لن يرى النور إلا إذا تبنته جهة إنتاج قومية جادة مثل ماسبيرو.