الأحد 29 يونيو 2025 هى الصورة الأبرز فى 30 يونيو 2013، ضمت كل ألوان الطيف السياسى والدينى، واصطف فيها ممثلون لكل الاتجاهات السياسية بجانب قيادات الجيش ليحققوا مطالب الشعب وقتها، ما أحوجنا الآن إلى هذه الصورة وإلى هذا الاصطفاف فى ظل التحديات العالمية والإقليمية التى تواجه بلدنا، والأخطار تحيط بنا من كل جانب، الصراعات موجودة فى كل دول الجوار وعلى حدودنا، فى الجنوب قتال بين قوات الجيش الوطنى وقوات الدعم السريع فى السودان والذى اندلع عام 2023 وما زال مستمرا حتى الآن، ويهدد بتقسيم البلاد؛ بعد أن أخذ طابعاً قبلياً وعرقياً، وزاد منه التدخلات الخارجية حيث تلعب دول أجنبية وعربية دورًا فى تأجيج الصراع، والذى تسبب فى مذابح كبيرة وترتب عليه واحدة من أكبر عمليات النزوح فى العالم، حتى إننا استقبلنا فى مصر ما يقرب من 5 ملايين سودانى هربوا من جحيم المعارك المندلعة فى معظم أرجاء البلاد ووصل إلى العاصمة الخرطوم، وبالطبع فإن تأثير ما يحدث على حدودنا الجنوبية علينا كبير، فى الغرب القتال والانقسام فى ليبيا ينذر بحرب أهلية وتمزيق للبلاد حيث لم تشهد ليبيا أى استقرار منذ سقوط نظام الرئيس الراحل معمر القذافى، وصارت ساحة صراع للميليشيات المسلحة المتنافسة على السلطة هناك. ومنذ عام 2014 تجمعت هذه الميليشيات والجماعات المتنافسة على السلطة تحت معسكرين متحاربين تمثلهما سلطتان متنافستان، هما حكومة الوفاق الوطنى التى يرأسها فائز السراج التى تستند إلى دعم ميليشيات المدن الغربية وميليشيات إسلامية فى العاصمة طرابلس وجماعة الإخوان المسلمين فضلاً عن بعض القبائل الجنوبية؛ مقابل سلطة خليفة حفتر الذى تسيطر قواته التى تطلق على نفسها اسم «الجيش الوطنى الليبى» على المناطق الشرقية وبعض المناطق الجنوبية فى البلاد وتحظى بدعم البرلمان القائم فى مدينة طبرق الليبية، ويحظى حفتر بدعم قطاعات واسعة من الجيش والقبائل الشرقية وجماعات مسلحة متفرقة فى غرب وجنوب البلاد، ومع تدخل قوى إقليمية ودولية تحولت البلاد إلى ساحة صراع إقليمى وحروب تخاض بالوكالة، وبالطبع فإن ما يحدث فى حدودنا الغربية يؤثر علينا تأثيرا مباشرا، فى الشرق يتواصل العدوان الغاشم الذى تشنه إسرائيل على إخوتنا فى غزة، والخطر الأكبر ما تفعله إسرائيل من دعم لميليشيات عميلة بدعوى الوقوف ضد حماس، وهى نفس الميليشيات التى ارتكبت جرائم فى سيناء ووجودها على حدودنا بدعم إسرائيل يشكل مخاطر كبيرة، بجانب محاولات إسرائيل وأمريكا تهجير أهل غزة من بلدهم والإيحاء دائما بأن جزءًا من سيناء هو البديل لهم وهو الأمر المرفوض من مصر قيادة وشعبا. فى الشمال حيث البحر التوسط توجد صراعات دولية حول الغاز وتقسيم الحدود، وفى سوريا القريبة منا استولت على الحكم ميليشيات إرهابية تزعم أنها إسلامية وهى تدين بالولاء لإسرائيل وأمريكا، بجانب الحرب بين إسرائيل وإيران وما يترتب عليها من مخاطر سياسية واقتصادية، بالإضافة إلى مشاكلنا مع إثيوبيا التى تتعنت فى حل مشكلة سد النهضة وترفض الوصول إلى اتفاق عادل بشأن مياه نهر النيل. نحن بالفعل نعيش فى حدود ملتهبة ومنطقة مشتعلة والشرق الأوسط يجلس على برميل بارود يهدد الجميع بلا استثناء، أما فى الداخل فلدينا مشكلة اقتصادية متفاقمة وتزداد مع كل هذه الصراعات والتوترات، فمثلا الحرب الإسرائيلية الإيرانية ستؤثر على سعر الغاز الطبيعى، وبالطبع سنعانى من أزمة نقص فى الحصول عليه بجانب ارتفاع أسعاره ما يؤثر على أسعار معظم السلع، كما أن إيرادات قناة السويس ستتأثر بهذه الحرب حيث ستفضل السفن الابتعاد عن مناطق الحروب والبحث عن بديل آمن، ولا ننسى أن عوائد القناة تأثرت بالفعل منذ فترة بسبب العدوان الإسرائيلى على غزة ودخول الحوثيين فى اليمن على الخط مناصرين للفلسطينيين وتهديداتهم الدائمة للسفن العابرة فى مضيق باب المندب، نحن فى مأزق حقيقى يحتاج إلى الاصطفاف الوطنى من كل الطوائف والاتجاهات السياسية، وأن نبتعد عن اتهامات التخوين والتكفير والشك فى النوايا، قد نختلف على أساليب الحل وإجراءات الإدارة ولكننا نتفق جميعا على الهدف الأسمى وهو الحفاظ على وطننا، ومن حسن حظنا أن مصر لها خصوصية تختلف عن باقى الدول المجاورة فنحن شعب واحد وسبيكة متماسكة انصهرت بحيث لا يمكن تقسيمها أو تجزئتها، فليس لدينا عشائر ولا طوائف عرقية مختلفة ولا قبائل تسيطر على أجزاء من البلاد وتعتبر نفسها حاكمة لها، كما أنه لا توجد ميليشيات مسلحة، والجماعات التى حاولت القيام بذلك فى سيناء تم مواجهتها بقوة وحسم، وليس لدينا نزعات انفصالية، هذا النسيج المتماسك هو الذى حافظ على بلدنا منذ بدء التاريخ، حتى إن الاستعمار والاحتلال وما أكثر فتراته على مر تاريخنا فشل فى خلخلة هذه الوحدة، أو القضاء على هذه الروح، وفى ظل هذه الأزمات الكبيرة والخطر الذى يهددنا ومهما كانت اختلافات الرؤى السياسية ليس أمامنا سوى أن نصطف جميعا، ومن أجل تحقيق هذا الهدف يجب عدم إقصاء أحد أو اتجاه سياسى وأن يكون للمعارضين نفس فرصة الموالين فى طرح أفكارهم ورؤاهم وتصوراتهم دون شيطنتهم وتخوينهم، ولهذا مطلوب مصالحة وطنية حقيقية، وتعالى على المصالح الضيقة فنحن فى خطر حقيقى.