دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قصّ كيم جونغ أون شخصيًا شريط افتتاح منتجع جديد، وصفته وسائل الإعلام الرسمية بأنه "مدينة سياحية تُضاهي الكنوز الوطنية قيمةً ومكانةً". يعكس هذا المشروع الفاخر على الساحل البحري، تناقضًا صارخًا مع ما يصفه مراقبو حقوق الإنسان بالواقع القاسي للجوع والمعاناة في أنحاء كوريا الشمالية. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية الكورية (KCNA)، أنه في 24 يونيو/ حزيران، افتتح كيم منتجع كالما الساحلي الضخم، الذي يضم حدائق مائية، وفنادق شاهقة، ومرافق إقامة تستوعب قرابة 20 ألف نزيل، باستعراض صارخ للبذخ في إحدى أكثر الدول انغلاقًا في العالم. ويقع مشروع المنطقة السياحية الساحلية وونسان-كالما، على الساحل الشرقي لكوريا الشمالية. وذكرت وكالة KCNA أن "الخدمة للضيوف المحليين ستبدأ في 1 يوليو/ تموز"، من دون أن تقدم تفاصيل حول شروط الأهلية أو وسائل النقل. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت كوريا الشمالية افتتاح محطة قطار كالما، في إشارة إلى أنها بُنيت "لضمان مستوى عالٍ من الراحة للمسافرين إلى المنطقة السياحية الساحلية". يقع منتجع كالما بجوار مطار دولي، ما يدلّ على أن المشروع يستهدف جذب العملات الأجنبية. واقتصر الحضور الدولي في مراسم قص الشريط على السفير الروسي وطاقمه، ما يدل على تنامي التقارب بين بيونغ يانغ وموسكو بظل تعمّق عزلتها عن الغرب في عهد نظام كيم السلطوي. قد يهمك أيضاً وفي العام الماضي، زارت مجموعات صغيرة من السيّاح الروس كوريا الشمالية لقضاء عطل تزلج لمدة ثلاثة أيام في منتجع ماسيكيونغ، وهو وجهة سياحية قائمة منذ افتتاحه في ديسمبر/ كانون الأول 2013. وكما هي الحال مع جميع التجارب السياحية في كوريا الشمالية، كانت هذه الرحلات خاضعة لرقابة صارمة وتحكّم كامل من قبل الحكومة. وقد أخبر بعض السيّاح العائدين CNN، أنهم كانوا خاضعين لقواعد صارمة بشأن ما يُسمح ولا يُسمح لهم بتصويره، كما طُلب منهم حضور عرض راقص منظم لأطفال كوريين شماليين، إلى جانب الأنشطة الخارجية. وقالت راشيل مينيونغ لي، زميلة غير مقيمة في برنامج "38 نورث" التابع لمركز ستيمسون: "منتجع وونسان-كالما مفتوح حاليًا فقط للكوريين الشماليين، لكن لا ينبغي أن نتفاجأ إذا رأينا الروس فيه في المستقبل القريب". وأضافت: "بصورة أوسع، فإن افتتاح منتجع شاطئي كبير مثل وونسان-كالما يساهم في تعزيز الرواية التي تروج لها وسائل الإعلام الرسمية بشأن سياسة كيم التي تضع الشعب أولًا، وتساعد على الموازنة بينهم وبين تركيزه الكبير على تعزيز الدفاع الوطني". قد يهمك أيضاً في بلد لم يُفتح فيه باب السياحة الدولية إلا بدرجة محدودة أمام المواطنين الروس منذ نهاية جائحة "كوفيد-19"، وحيث السفر الداخلي يخضع لقيود صارمة، يثير هذا المشروع الجديد أسئلة مألوفة حول إمكانية الوصول، والفئة المستهدفة، والجدوى الاقتصادية. وقال ليم يول-تشول، أستاذ دراسات كوريا الشمالية في جامعة كيونغنام بكوريا الجنوبية: "الفئة المستهدفة بداية من هذا المنتجع ستكون النخبة المحلية المميزة في بيونغ يانغ، مثل مسؤولي الحزب وغيرهم من الشخصيات الرفيعة". وأضاف: "احتفالية افتتاح منتجع وونسان-كالما تعكس رؤية كيم جونغ أون لـ'الحضارة الاشتراكية'، وهي جزء من جهوده الاستراتيجية لتحقيق اختراق اقتصادي عبر قطاع السياحة". وتعود أبرز تجربة لكوريا الشمالية مع السياحة الدولية إلى أواخر تسعينيات القرن الماضي، عندما فتحت منطقة جبل كومغانغ الخلابة على ساحلها الجنوبي الشرقي أمام الزوار من كوريا الجنوبية. وقد اعتُبر المشروع رمزًا نادرًا للتقارب بين الكوريتين خلال فترة من الانفراج الحذر. وسافر نحو مليوني كوري جنوبي إلى الموقع على مدار العقد التالي، ما وفر لبيونغ يانغ مصدرًا حيويًا من العملات الصعبة. لكن المبادرة توقفت بشكل مفاجئ في العام 2008، بعدما أطلق جندي كوري شمالي النار وقتل سائحة كورية جنوبية كانت قد دخلت، وفق ما ورد، إلى منطقة عسكرية محظورة، في حادثة سلّطت الضوء على هشاشة التعاون الحدودي، وأدت إلى تعليق الرحلات بشكل غير محدد من قبل سيؤول. قد يهمك أيضاً وفي العام 2022، تم هدم العديد من المواقع هناك، ضمنًا فندق "أونجونغاك ريست هاوس" الذي كان يستضيف لقاءات لم شمل العائلات من الكوريتين. وكان كيم جونغ أون وصف المنطقة في زيارة سابقة بأنها "رديئة" و"متخلفة". ويبقى السؤال الجوهري المحيط بالمنتجع الجديد: هل كوريا الشمالية التي تعتبر بين أكثر دول العالم انغلاقًا وقمعًا مستعدة للانخراط بشكل أوسع في مجال السياحة الدولية؟ وهل ستسهم هذه الخطوة بتعزيز احتياطاتها من العملات الأجنبية ورفع مكانتها الدولية؟ حتى الآن، يبدو أن الروس هم المجموعة السياحية الأجنبية الوحيدة التي مُنحت حق الوصول إلى المنتجع الشاطئي. وتقوم وكالة السفر "فوستوك إنتور" التي تتخذ من فلاديفوستوك مقرًا لها، بالترويج لثلاث باقات سياحية، واحدة في يوليو/ تموز، واثنتان في أغسطس/ آب، بسعر يقارب 1,840 دولارًا. وبحسب موقع الوكالة، من المقرر أن تبدأ أول رحلة سياحية في 7 يوليو/ تموز وتستمر لمدة ثمانية أيام. حيث يسافر الزوار جوًا من بيونغ يانغ إلى وونسان، ويقيمون أربع ليالٍ في المنتجع، ثم يزورون منتجع التزلج القريب ماسيكيونغ. وقد صرّح كيم أن توسيع المناطق السياحية في كوريا الشمالية سيتم إقراره رسميًا خلال المؤتمر المقبل لحزب العمال الحاكم، الذي يُعقد على الأرجح خلال الأشهر التالية. كما أشار إلى أن الدروس المستفادة من تجربة كالما ستُستخدم لتطوير "مناطق سياحية وثقافية واعدة وواسعة النطاق" في أجزاء أخرى من البلاد. وقد تم التأكيد على التزام الزعيم الكوري الشمالي الشخصي بهذا المشروع من خلال قيامه بما لا يقل عن سبع زيارات لموقع بناء كالما، حيث قدّم، وفقًا لما وصفته وسائل الإعلام الرسمية، "توجيهات ميدانية" أصرّ عبرها على تطبيق "معايير عالمية". قد يهمك أيضاً بالنسبة لنظام كيم، يُنظر إلى اكتمال المنتجع في الداخل على أنه إنجاز مهم، وفرصة لاستعراض مظاهر التنمية في ظل العقوبات الدولية الصارمة. وفي بُعد رمزي آخر، انضم إلى الزعيم الكوري الشمالي في الحفل، كل من زوجته ري سول جو، وابنته التي يُعتقد أن اسمها كيم جو آي، التي يُعتقد على نطاق واسع أنها الوريثة المحتملة له. وأوضح ليم أنّ "الحضور الكامل الظاهري لعائلة كيم جونغ أون في هذا الحدث يوحي بأن المشروع يُراد له أن يحمل إرث أسلافه، وأن يُستمر فيه لأجيال تالية". وقد تم الإعلان عن خطط بناء المنتجع لأول مرة في العام 2013، ضمن رؤية أوسع لكيم تهدف إلى تحويل وونسان، وهي مدينة ساحلية ذات أهمية تاريخية، إلى مركز للنشاط الاقتصادي والترفيهي. لكن المشروع تعرّض لتأجيلات عديدة، كان آخرها جائحة "كوفيد-19"، والعقوبات الدولية المفروضة على برامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية. ورغم الصور التي تُظهر المنتجع الجديد بأبهى مظاهره، وزعيمًا غامضًا يتجول بين برك الأمواج والمنزلقات المائية، عبّر خبراء عن شكوكهم تجاه مستقبل الوجهة السياحية.