26 حزيران/يونيه 2025 شؤون الأمم المتحدة بمناسبة الذكرى الثمانين لتوقيع ميثاق الأمم المتحدة، شدد قادة المنظمة الدولية على أهمية إعادة الالتزام بمبادئ الميثاق وسط تصاعد النزاعات وانتهاكات القانون الدولي، مؤكدين أن التعددية ما زالت السبيل الوحيد لحماية السلام والكرامة وحقوق الإنسان. واحتفاء بهذه الذكرى، عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة مناسبة احتفالية، اليوم الخميس، للتأكيد على أهميته التأسيسية لتحقيق السلام والتنمية وحقوق الإنسان. وشهدت الفقرة الافتتاحية كلمات من كل من رئيس الجمعية العامة، والأمين العام، رئيس مجلس الأمن، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي، ورئيس محكمة العدل الدولية. كما شهدت الفعالية عرضا موسيقيا قدمته أوركسترا أكاديمية الأمل الفنية الدولية. وكان الاجتماع بمثابة لحظة لإحياء روح سان فرانسيسكو واحتضان المُثل التي وحدت البشرية في أحلك ساعاتها، وتأكيد التزامنا بتلك القيم في المستقبل. تم التوقيع على الميثاق في 26 حزيران/يونيو 1945 – أي قبل 80 عاما بالضبط. ولكنه لم يدخل حيز التنفيذ حتى 24 تشرين الأول/أكتوبر 1945 بعد أن صدقت عليه الهيئات التشريعية للدول الموقعة. الميثاق، الذي يعتبر معاهدة دولية، هو صك قانوني يلزم جميع الدول الأعضاء بالمبادئ والالتزامات المنصوص عليها فيه. منذ التصديق عليه، مهد ميثاق الأمم المتحدة الطريق لاتفاقيات دولية بارزة أخرى بما فيها الإعـلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 وميثاق المستقبل لعام 2024. UN Photo/Loey Felipe نقطة تحول في التاريخ الحديث متحدثا في بداية الجلسة، قال رئيس الجمعية العامة فيليمون يانغ إن إحياء الذكرى اليوم يأتي في "منعطف مؤلم للغاية في حياة هذه المنظمة"، حيث تحتدم الصراعات في غزة وأوكرانيا والسودان، "وتظهر من جديد جراح تاريخية لم تندمل بعد، وتعود القومية المتطرفة بقوة". وقال: "لقد اختارت بعض الدول المهمة القوة بدلا من الالتزام بالقانون الدولي ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وهذا وضع بالغ الخطورة". وأكد أن توقيع الميثاق مثّل "نقطة تحول في التاريخ الحديث" بعد دمار الحربين العالميتين، وأرسى أسس نظام جديد متعدد الأطراف، "من المفروض أن يرتكز على الحوار والتعاون". وأضاف السيد يانغ أن الأمم المتحدة، على مدى ثمانية عقود، كانت في صميم استجابة البشرية لأكبر تحدياتها، وصاغت أجندة عالمية تتطلع إلى "السلام والتنمية والكرامة، ليس كأحلام للبعض، بل كوعود للجميع". إلا أنه شدد على أنه يتعين على المنظمة إجراء إصلاحات لزيادة فعاليتها، حيث إن "مصداقية الأمم المتحدة والنظام المتعدد الأطراف الذي تجسده تعتمد على قدرتها على التكيف مع واقع عصرنا". وأوضح رئيس الجمعية العامة أن ميثاق المستقبل وملحقيه، الاتفاق الرقمي العالمي والإعلان بشأن الأجيال المقبلة، يُقدمان توجيهات في هذا الصدد، مضيفا أن الإصلاحات التي يقودها الأمين العام من خلال مبادرة الأمم المتحدة 80 "ستجعل منظمتنا أداة للتعاون الدولي المستدام". غوتيريش يدعو إلى عدم تطبيع الاعتداءات غير المسبوقة على الميثاق من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إنه بعد مرور 80 عاما على توقيعه، يشهد العالم "اعتداءات على مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة لم يسبق لها مثيل"، وحث جميع الدول الأعضاء على الالتزام بروحه ونصه "والمستقبل الذي يدعونا لبنائه من أجل السلام والعدالة والتقدم، ومن أجلنا نحن الشعوب". وقال الأمين العام إن الميثاق "منحنا الأدوات اللازمة لتغيير المصائر، وإنقاذ الأرواح، وبث الأمل في أكثر بقاع العالم يأسا". إلا أن العالم اليوم، وفقا للأمين العام، يشهد "التهديد باستخدام القوة أو استخدامها ضد الدول ذات السيادة، وانتهاك القانون الدولي، واستهداف المدنيين والبنية التحتية المدنية، وتحويل الغذاء والمياه إلى سلاح، وتآكل حقوق الإنسان"، وأضاف قائلا: "نرى نمطا مألوفا للغاية: اتباع الميثاق عندما يكون مناسبا، وتجاهله عندما لا يكون كذلك. ميثاق الأمم المتحدة ليس اختياريا. إنه ليس قائمة حسب الطلب. إنه أساس العلاقات الدولية. لا يمكننا ولا يجب علينا تطبيع انتهاكات أبسط مبادئه". قوة بناء في خضم الدمار وشدد الأمين العام على أن الأمم المتحدة كانت قوة بناء "في عالم غالبا ما اتسم بالدمار"، وساحة التقاء يمكن فيها "لأشرس المنافسين أن يجتمعوا لحل المشكلات العالمية". وأضاف أن المنظمة كانت منبرا تسمع فيه أصوات الناس في كل مكان، هيئة يمثل فيها "الأصغر إلى جانب الأقوى"، ومحركا للتقدم في مجال حقوق الإنسان والتنمية المستدامة والعمل الإنساني. وقال السيد غوتيريش إنه يجب الآن أكثر من أي وقت مضى احترام القانون الدولي وإعادة الالتزام به، قولا وفعلا، للتكيف مع العالم الرقمي متعدد الأقطاب بشكل متزايد، والاستجابة للصدمات العالمية بوحدة وعزيمة، "ولتحديث كيفية عملنا وبناء تعددية أقوى ومتجددة وشاملة ومتشابكة - تتكيف مع القرن الحادي والعشرين". رئيسة مجلس الأمن بصفتها رئيسة مجلس الأمن الدولي لشهر حزيران/يونيو، أكدت سفيرة غيانا كارولين رودريغيز-بيركيت أن الأثر الإيجابي للأمم المتحدة "لا يمكن إنكاره". وقالت إن دول العالم، كبيرها وصغيرها، تواصل العمل من خلال المنظمة لمواجهة التحديات العالمية المعقدة، من الحفاظ على السلام والأمن الدوليين، إلى تعزيز التنمية وحقوق الإنسان، وتنسيق المساعدات الإنسانية. وأضافت: "ينبغي أن تكون المبادئ المنصوص عليها في الميثاق دليلا وتذكيرا لنا بأن السعي الإنساني الدؤوب لتحقيق السلام، والنهوض بأوضاعنا، هما قضيتان نتشاطرهما جميعا". وأكدت السيدة رودريغيز-بيركيت على ضرورة استمرار العمل الجماعي لضمان الامتثال الكامل لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي "كوسيلة للحفاظ على النظام الدولي الذي عملنا جاهدين لبنائه على أساس السلام، بالإضافة إلى الركائز الثلاث للأمم المتحدة (السلام والأمن، والتنمية، وحقوق الإنسان). وقالت إن الميثاق "يمنحنا أساسا متينا" لمواصلة بناء عالم ينعم بالسلام، "ومن مسؤوليتنا الجماعية ضمان استمرارية أهميته وفعاليته". UN Photo/Loey Felipe رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي الرئيس الحالي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، السفير الكندي بوب راي، أكدأن الأمم المتحدة منظمة فتية في تاريخ البشرية، وقد شهدت فترات من التقدم الحقيقي وانتكاسات صعبة. وأضاف: "الأمم المتحدة ليست حكومة دولية، والميثاق الذي نحتفل به اليوم ليس مثاليا. لقد تأسست بطموحات وآمال كبيرة، لكنها اتسمت أيضا بالظروف الجيوسياسية السائدة في ذلك الوقت، وهي نتيجة للتنازلات التي كان لا بد من تقديمها لإنشاء منظمة لا تزال اليوم المنظمة العالمية الوحيدة متعددة الأطراف". وأضاف السيد راي أن الاستبداد والظلم يحيطان بنا ويهدداننا اليوم، "تماما كما حدث عام 1945"، لكنه دعا الدول إلى عدم الاستسلام في خضم التشاؤم الذي يسوقه بعض القوى العالمية. وقال: "إن عصرنا يتطلب منا الالتزام بالقيم والمبادئ، وبروح تحقيق الممكن مع السعي الدائم نحو الأفضل". وقال إنه على مدى السنوات الثمانين الماضية، شهد العالم انتشال مليارات الأشخاص من براثن الفقر وتحقيق أكثر من 140 دولة لاستقلالها السياسي، وقال إن "السعي لتحقيق السلام والأمن، وربط التنمية بالاستدامة، وتوسيع نطاق حقوق الإنسان والحريات في ظل سيادة القانون تعد ركائز أساسية لهذه المنظمة وكل ما يجب القيام به". ودعا الدول إلى مواصلة مكافحة الكراهية والاستبداد والفقر الذي لا يزال يعصف بالكثير من الناس حول العالم، وتجديد الالتزام بالحرية والسيادة والمساواة أمام القانون. وقال: "دعونا نستمر في التعلم والإصلاح والشفاء والتسامح، وأن نحب ونعامل بعضنا البعض في العالم الذي نعيش فيه، بكرامة واحترام، وهي القيم الأساسية التي نجدها في الميثاق الذي نحتفل به اليوم". رئيس محكمة العدل الدولية صرح رئيس محكمة العدل، القاضي يوجي إيواساوا، بأنه على الرغم من التحديات الراهنة، يظل ميثاق الأمم المتحدة "حجر الزاوية في النظام القانوني الدولي والأداة التأسيسية للمجتمع الدولي". وقال: "إن أعضاء الأمم المتحدة ليسوا مجرد أطراف في معاهدة، بل هم أعضاء في مجتمع. والميثاق ليس مجرد اتفاقية، بل هو دستور هذا المجتمع". وأشار القاضي إيواساوا إلى أن الميثاق أنشأ محكمة العدل الدولية كجهاز قضائي رئيسي للأمم المتحدة، ويخولها سلطة تسوية النزاعات بين الدول وإبداء الآراء الاستشارية. وأكد أن عبء العمل الضخم للغاية الذي تواجهه المحكمة اليوم دليل على الثقة المستمرة التي توليها الدول لها. وأضاف: "بينما نحتفل بالذكرى الثمانين للميثاق، لنتذكر أن سيادة القانون ليست إنجازا ثابتا، بل هي مسعى جماعي مستمر. يوفر الميثاق الإطار لهذا المسعى، والمحكمة أداة فعّالة فيه. وفي هذه العملية، يجب ألا ننسى أن الميثاق قد اُعتمد لخدمة شعوب الأمم المتحدة". المجموعة العربية متحدثا باسم المجموعة العربية، قال مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبد الله السعدي إن الدول العربية ساهمت في صياغة الميثاق "وهي لا تزال تؤمن بقيمه وتدافع عن مقاصده". وفي ضوء التحولات المتسارعة التي يشهدها النظام الدولي، جدد السعدي تمسك المجموعة العربية الراسخ بالحلول السلمية للنزاعات. وقال إن استمرار الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية "يشكل انتهاكا سافرا لميثاق الأمم المتحدة وقرارات الشرعية الدولية ويشكل مصدرا دائما لعدم الاستقرار الإقليمي والدولي". وأعاد التأكيد على دعم حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف وعلى رأسها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة، ذات السيادة، على حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 وعاصمتها القدس. يمكنكم متابعة البث الحي للاجتماع (بالترجمة الفورية إلى اللغة العربية) في الفيديو أدناه.