في تطور لافت على الساحة العراقية، أوقفت السلطات المحلل السياسي عباس العرداوي بعد نشره تدوينة اتهم فيها رادارات عراقية بالتواطؤ مع إسرائيل خلال الضربات التي استهدفت إيران.
التوقيف الذي أثار جدلا داخليا، اعتبره مراقبون مؤشرا جديدا على تراجع نفوذ طهران داخل العراق، لا سيما بعد صمت الفصائل المسلحة الموالية لإيران إبان المواجهة الأخيرة بين تل أبيب وطهران.
أكد الكاتب والباحث السياسي حمزة مصطفى في حديث لبرنامج "ستوديو وان مع فضيلة"، أن العراق تعامل مع المواجهة الإيرانية الإسرائيلية بحرفية عالية، مشيرا إلى أن الحكومة "أثبتت امتلاكها لكل خيوط إدارة الأزمة"، وأن بغداد اختارت عن قصد سياسة "النأي بالنفس" لتجنب الانزلاق في صراع إقليمي.
وأضاف مصطفى: "الحكومة العراقية تحركت باتجاه التهدئة، وأجرت اتصالات إقليمية ودولية واسعة، وأعطت انطباعاً بأن العراق لاعب مستقل قادر على الوساطة، وليس مجرد ساحة لتصفية الحسابات".
فصائل إيران في العراق... غائبة عن المشهد؟
في سابقة منذ سنوات، اختفت الفصائل المسلحة الموالية لإيران عن المشهد خلال المواجهة الأخيرة. وقال مصطفى: "هذه المرة، لم يصدر عن الفصائل سوى بيان أو اثنين في البداية، قبل أن تلوذ بالصمت، وهو ما يعكس تغيرًا في التوازنات، وربما إشارات من طهران نفسها بعدم التصعيد".
وأوضح أن الصمت قد يكون ناتجًا عن ضغط داخلي أو إقليمي، لكنه في النهاية "منح الحكومة مساحة غير مسبوقة لإدارة الأزمة بشكل مستقل"، وهو ما يعزز فرضية تراجع هيمنة "القرار غير الرسمي" داخل الدولة العراقية.
وأشار مصطفى إلى أن أزمة الاتهامات بتورط الرادارات العراقية في مساعدة إسرائيل تفتح باباً واسعاً لمراجعة بنية المؤسسة العسكرية العراقية، لا سيما على صعيد الجهوزية التقنية والتسليحية.
وقال: "يجب إعادة النظر بمنظومة الرصد والتسليح والرادارات، لمعرفة مدى قدرة الجيش العراقي على مواجهة تحديات من هذا النوع، وتحصينه من الاختراقات، خاصة في ظل الحديث عن منظومات إلكترونية متطورة يتم استخدامها من أطراف خارجية".
الدولة تمسك بالزمام
في تعليقه على تماسك مؤسسات الدولة خلال الأزمة، أكد مصطفى أن القوى السياسية، بمختلف أطيافها، "فوضت الحكومة بشكل كامل في إدارة المواجهة"، بعكس التجارب السابقة التي كانت تشهد تدخلات حزبية تعرقل عمل السلطة التنفيذية.
وشدد على أن "العالم تحدث مع حكومة العراق، لا مع زعامات أو فصائل، وهذا مؤشر على أن الدولة استعادت مكانتها"، داعياً العراقيين إلى ترجمة هذه التجربة في الانتخابات المقبلة، واختيار ممثلين "يؤمنون بمفهوم الدولة، لا بمنطق الجماعات".
رأى مصطفى أن إيران، رغم استخدامها الصواريخ الباليستية في الرد على إسرائيل، باتت "أكثر ميلاً إلى التعامل كدولة، لا كقوة تعتمد على الأذرع". وأكد أن طهران "تواصلت مع بغداد خلال الأزمة، ووجدت في العراق شريكاً عقلانياً"، في دلالة على أن ما بعد المواجهة قد لا يشبه ما قبلها.
خلاصة المشهد
المواجهة الإسرائيلية–الإيرانية الأخيرة شكّلت اختبارا حقيقيا للعراق، وقد اجتازته بغداد بثقة، وفق مراقبين. فبين صمت الفصائل، وتماسك الحكومة، وتزايد الاعتراف الدولي بدور العراق المتوازن، تبدو البلاد أمام فرصة لإعادة تثبيت هويتها كدولة ذات سيادة، وسط بيئة إقليمية ملتهبة.
لكنّ التحدي الأكبر، كما يرى مراقبون، يتمثل في قدرة الحكومة على تحويل هذا الإنجاز المؤقت إلى نهج دائم، وفرض الدولة كمرجعية واحدة في الداخل، دون منازع.
belbalady
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" سكاي عربية "
0 تعليق