بقلم ✍️ د. فراج خليل الصعيدي
( أستاذ الچيولوچيا والباحث في شؤون الإعجاز العلمي للقرآن والسنة)
ها هو هلالُ محرم يُشرق من جديد، ليذكّرنا بأعظم هجرة عرفها التاريخ… هجرة النبي ﷺ من مكة إلى المدينة، لا طلبا لراحة، ولا فرارا من بطش، بل لتبليغ رسالة السماء، ولتأسيس دولة الإيمان والعدل والكرامة.
● الهجرة: تضحية وثبات
غادر النبي ﷺ مكة وهو يقول لها وعيناه تذرف الدموع:
“والله إنكِ لأحب أرض الله إليَّ، ولولا أن قومكِ أخرجوني ما خرجت” [رواه الترمذي].
فكانت الهجرة بداية عهد جديد، تنزلت فيه العناية الربانية، وصاحبتها مواقف خالدة.
● الإمام علي رضي الله عنه: أسدُ الفداء والتضحية
في ليلة الهجرة، خطّ سيدنا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أروع مواقف الإيمان والشجاعة، حين نام في فراش النبي ﷺ متحديًا سيوف قريش التي أُعدّت لاغتيال النبي الكريم.
نام مطمئنًا، واثقًا في وعد رسول الله ﷺ له:
“يا علي، نم على فراشي، فإنه لا يخلص إليك شيء تكرهه”.
وكان دوره أبعد من مجرد الفداء؛ فقد أعاد الأمانات إلى أهلها، ليعلّمنا أن الإسلام لا @يبرر الخيانة ولو مع الأعداء.
● أبو بكر رضي الله عنه: الصدّيق الوفي، وصاحب الغار
كان رفيق الدرب، ومَن أنفق ماله كله في سبيل الله، ومَن بكى من شدة الفرح حين أُذن له بمرافقة الحبيب ﷺ، وتجلى موقفه في الغار عندما قال له النبي ﷺ:
﴿ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾ [التوبة: ٤٠].
● الأنصار: أهل النصرة والتآخي
في المدينة، استقبل الأنصارُ النبي ﷺ بقلوبٍ مخلصة وأيدٍ مفتوحة، مردّدين:
“طلع البدر علينا…”
وكانت بداية تأسيس مجتمع قائم على الإيمان والتآخي بين المهاجرين والأنصار.
● حينما وصل رسول الله ﷺ إلى يثرب قام بعمل أربعة أمور:
١- آخى بين المهاجرين والأنصار
٢- أنشأ مسجد المدينة (المسجد النبوي).
٣- أبرم معاهدة المدينة بين النبي وأصحابه من جهة وبين غير المسلمين بما فيهم يهود يثرب من جهة أخرى.
٤- أنشأ سوق المدينة.
● الهجرة… معنى متجدد لا ذكرى منتهية
ليست الهجرة مجرد حدث تاريخي، أو ذكرى نحييها كل عام، بل هي منهج حياة، نُهاجر فيه من الظلمة إلى النور، من الذنوب إلى الطاعة، من الغفلة إلى الإيمان، من التعلق بالدنيا إلى التعلق بالله تعالى.
● أهم الدروس من الهجرة النبوية:
١. أن النصر يأتي بعد الابتلاء.
٢. أن من يتوكل على الله لا يُخذل.
٣. أن التخطيط والأخذ بالأسباب لا ينافي الإيمان.
٤. أن الصديق الصادق نعمة لا تُقدّر.
٥. أن التضحية سبيل الخلود في سجل العظماء.
٦. إن بناء الأمة يبدأ بالإيمان ثم العمل.
٧. أن الشباب المؤمن -كعليّ رضي الله عنه– يمكنه أن يُحدث الفرق.
● فلنجعل هذا العام بداية هجرة حقيقية من الغفلة إلى اليقظة، ومن التردد إلى العمل، ومن حب النفس إلى حب الله ورسوله.
● دعاء العام الجديد:
اللهم اجعل عام ١٤٤٧هـ عاما هجريا مباركا علينا وعلى أمتنا، ووفقنا فيه لما تحب وترضى، واجعلنا من أهل الهجرة؛ القلوب والأعمال، واجعل هجرتنا إليك صادقة ومقبولة.
وجزى الله تعالى عنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ما هو أهله.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" almessa "
0 تعليق