بدأ الأمر مع محمود فتحى «اسم مستعار» كنوع من التسلية والتجربة لمواقع المراهنات الإلكترونية، وزاد من حماسه المكسب المادى فى البداية، ولكن مع مرور الوقت أصبح اللعب إدمانًا، وتحول الأمر لكارثة بعدما اضطر لاستدانة ما يقرب من 260 ألف جنيه لتعويض خسائره المتتالية من مراهنات الألعاب الإلكترونية.
تحولت حياة محمود إلى كابوس وانقلبت رأسًا على عقب بعدما وقع فى فخ ما يعرف بـ«وكلاء المراهنات الإلكترونية»، وهم مجموعة من الشباب يعلنون عن قدرتهم على مساعدة اللاعبين على تحقيق أموال طائلة مقابل توفير أكواد للألعاب والمراهنات الإلكترونية، وكذلك مساعدتهم بما يعرف بـتوقعات الألعاب لسهولة المراهنة والفوز.
«الرهان بيكون على كل أنواع المباريات محليًا وعربيًا وعالميًا ولا يقتصر على الرياضة فقط، كالمراهنة على الفوز والخسارة فقط، أو المراهنة على النتيجة الصحيحة، أو عدد الأخطاء، وعدد البطاقات الصفراء والحمراء، وحتى على من سيدخل من البدلاء ومن سيخرج من اللاعبين، والرهان ممكن يكون خلال مباريات كأس العالم وكأس آسيا أو دورى أبطال أوروبا والبطولات الأوروبية الوطنية وحتى مباريات المنافسات المحلية خاصة كرة القدم وكرة السلة».. يقول محمود.
طرق الاستقطاب
يكشف الشاب العشرينى خلال حديثه لـ«روزاليوسف»، أن الأمر بدأ معه عندما وجد مجموعة من الإعلانات للألعاب الإلكترونية، ومرفق بها صور لنجوم الكرة العالمية، مع إعلانات بأرباح خيالية تتعدى عشرات الآلاف «بالفعل تواصلت مع أحد الوكلاء وساعدنى فى إنشاء حساب بموقع المراهنات المعروف وكذلك وفر لى كودًا للعب وقمت بتحويل أموال له للمراهنة عليها، وحصلت على مكسب خلال مرتين، ثم بعد ذلك خسرت عشرات الآلاف، وعندما حاولت التواصل معه لمساعدتى، قام بحظري».
ما حدث مع محمود، تكرر مع محمد القاضى (اسم مستعار)، والذى أقنعه أحد وكلاء الألعاب الإلكترونية بالدخول لقناته بموقع «تلجرام» من أجل إنشاء حساب بمنصة المراهنات، وإرسال رصيد مالى عبر إحدى المحافظ الإلكترونية «بالفعل قمت بتنفيذ كافة الخطوات وأرسلت له الأموال واسكرين شوت بالمبلغ المالي» بحسب محمد.
وتابع «لعبت عشرات المرات لمضاعفة الأرباح ولكن بعد قرابة 3 أشهر وجدت نفسى قد خسرت حوالى 150 ألف جنيه، تحويشة العمر، وأصبت بحالة من الاكتئاب وعدم القدرة على الامتناع عن اللعب، وتورطت أيضًا فى الاستدانة لقرابة 60 ألف جنيه، حتى أتمكن من تعويض خسارتى، وللأسف بعد محاولات عديدة خسرت المبلغ كاملًا وقام الوكيل بحظرى وعدم التواصل معى واختفى رغم أنه تعهد لى بالتواصل مع إدارة منصة المراهنات».
لم يحقق محمود أو محمد حلم الثراء السريع من خلال منصات المراهنات الإلكترونية، ولكن تورطوا فى ديون مالية ضخمة بعدما خسروا كل أموالهم واضطروا أيضًا للاستدانة.
وتورطت يارا محمد «اسم مستعار» من خلال الإعلانات عبر مواقع التواصل الاجتماعى، فى الاشتراك بإحدى منصات المراهنات الإلكترونية «الموضوع فى الأول عبارة عن إعلان ولعبة فيديو عادية، فقط قمت بالدخول برقم الهاتف وربطه بالمحفظة الإلكترونية أو الحساب البنكى، وفى الأول كنت بكسب وبراهن بمبالغ قليلة جدًا».
تحكى: «المبلغ بيكون عبارة عن نقاط فى الحساب ولو صحت التوقعات بكسب والمبلغ بيزيد تدريجى، وبعد كدة الموضوع أصبح إدمان، وأهملت حياتى وشغلى وأسرتى وأصبح يومى كله عبارة عن متابعة المباريات والتوقعات عشان أكسب، ولكن وصل الأمر لخسارة قرابة 300 ألف جنيه هي حصيلة حسابى البنكى، واضطررت لبيع سيارتى لتعويض الخسائر، ولكن للأسف خسرت كل أموالى، ثم لجأت لمعالجة نفسية لتخطى تلك المشكلة وما زلت أخضع للعلاج من الإدمان لمواقع المراهنات الإلكترونية، خصوصًا أن أسرتى لا تعلم شيئًا عن تورطى فى تلك المواقع وخسارتى لأموالي».
رغم مرور ٦ أشهر ما زالت يارا تخضع للعلاج النفسى والسلوكى لإدمان منصات المراهنات الإلكترونية.
التواصل مع الوكلاء
سعت «روزاليوسف» لمعرفة ما يحدث خلال مواقع التواصل الاجتماعى، وكيف أصبحت وسيلة لجذب وإيهام الشباب واستقطابهم. وعبر إحدى المجموعات الإلكترونية للرهانات، تواصلنا مع أحد وكلاء منصات المراهنات الإلكترونية ويدعى «الكينج كاش»، وأكد لنا: «لو بتدور على الثقة والفوز والأموال الكثيرة.. أنا الوكيل كينج.. وعندنا متاح مقابلة لو محتاج تشحن أو تسحب مبلغ مباشر ولينا مقر فى منطقتنا السكنية، ومن النهاردة هكون وكيلك فى الشحن والسحب، ومتاح 24 ساعة على مدار اليوم على أرقام التواصل.. وكمان لو قابلتك أى مشكلة فى البرنامج تيم الكينج هيحلهالك، والتواصل على قناتى بالتليجرام وفى شات جماعى للمساعدة وتقديم المشورة فى الرهانات والتوقعات للمباريات والألعاب».
وتابع «بوفر لك بروموكود للحساب ودا مهم لأنه بيزود نسبة فوزك بأكثر من 80 % وكمان بيضاعف لك شحنتك، وبيوفر لك هدايا وعروض مجانية، ولازم تعرف أن الوكيل المعتمد لما يشحن لك بيوفر لك وقت وفلوس وسهولة فى الشحن من خلال الآى دى بتاعك».
وأوضح «ميزة الوكيل للألعاب الإلكترونية إني بكون عارف إمتى تلعب وإمتى لا عشان متخسرش وكمان البروموكود بتاعى، دا بيكون مضمون المكسب عكس لو سجلت على الألعاب لوحدك من غير وكيل، ودا اللى بيخلى ناس كتير تخسر ويبقى عليها ديون، أنا عملت فلوس والحمد لله وفى يوم من الأيام كنت واحد زيك كدا عمال يدور على أى جروب يعرف يكسب منه، لحد ما بقيت صاحب جروب ووكيل معتمد وحابب أعوض الناس عشان أنا فى يوم من الأيام كان عليا ديون وإن شاء الله كله هيقدر يعوض خسارته وتقدروا تكسبوا وتعوضوا».
وكيل آخر
«لو لسه مسجلتش معانا فإنت فايتك مكاسب كتيرة سجل دلوقتى على تطبيق لاين بيت باستخدام البرموكود الخاص بنا وهتاخد مميزات كتيرة هتدخل مجانًا لجروب ال vip وهتاخد مضاعفة الشحنة هدية.. ولو عايز تلعب برايفت فيفا معايا هتعرف تتابع معايا الأكواد اللى بنزلها أى حاجة هتقف قدامك أنا بحلها لك، وعندنا وكيل شحن مضمون تبعى بدون عمولة لو عايز تشحن من خلاله البروموكود اضغط عليه هيتنسخ EL7OT000 لينك التسجيل فى التطبيق، وكمان القناة مجانية %100 مفيش دفع فلوس نهائى، وسجل بـ 500 جنيه وهتكسب عشرات الآلاف، انت المسئول عن مستقبلك ومستقبل أحبابك وممكن تسدد ديونك معانا».
أشهر شركات المراهنات الإلكترونية
«وان أكس بت».. هو التطبيق الأشهر داخل مصر، وهو شركة مراهنات تأسست فى روسيا فى عام 2007، بدأت تتخذ شهرتها عام 2020 حتى بات المشغل رقم واحد فى العالم فيما يتعلق بعدد المراهنين الذين يأتون من جميع قارات الأرض، ويختص بـ المراهنات الرياضية الشهيرة، بالإضافة إلى تقديم مجموعة واسعة من الخدمات، بما فى ذلك المراهنات على الأحداث الرياضية والسياسية والانتخابية، ويتميز بتقديم أكثر من 30 نوعًا من المراهنات للحدث الواحد، ويستخدم الإعلانات لجذب المستخدمين عبر مواقع التواصل الاجتماعى، كما يتم تنزيل التطبيق على أجهزة Android وiOS، ويتيح للمستخدمين المراهنة على مختلف الرياضات مثل كرة القدم وكرة السلة والفنون القتالية.
هناك أيضًا عدد كبير من مواقع المراهنات الإلكترونية الأخرى المتداولة داخل مصر، ويتبعها عشرات الآلاف من الوكلاء ويسعون لاستقطاب الشباب، Megapari..SpinBetter.. BetJam.. . Betwinner.. Melbet.. Linebe.
أنواع الرهان
ويتم الرهان على نتائج المباريات، وعدد الأهداف ونتيجة الشوط الأول ومجموع الأهداف للفريقين وغيرها من الأنواع، وتشمل العديد من المسابقات الرياضية كالدورى الإنجليزى والايطالى وبطولة كأس العالم وكأس القارات والدورى الألمانى والفرنسى.. وألعاب التنس والخيل والقفر والمضمار، وكرة التنس والطائرة والسيارات وغيرها من الألعاب الرياضية.
خسائر مالية
فيما كشف المهندس مصطفى أبوجمرة، خبير نظم المعلومات، خلال تصريحات إعلامية، أن المصريين دفعوا مليارًا و200 مليون دولار على تطبيقات المراهنات الإلكترونى «من يدعى أنه ربح من تطبيقات المراهنات فهو ممول منها» حسبما صرح، رغم عدم صدور أى أرقام رسمية حكومية.
سوق المراهنات الرياضية دوليًا
يقدر حجم سوق المراهنات الرياضية عبر الإنترنت بـ 48.17 مليار دولار أمريكى فى عام 2024، ومن المتوقع أن يصل إلى 83.58 مليار دولار أمريكى بحلول عام 2029، بمعدل نمو سنوى مركب قدره 11.65٪ خلال الفترة المتوقعة 2024-2029.
عدد الشركات دوليًا
وبحسب وثائق أصدرها «الإنتربول» فإنّ هناك ما بين 300 إلى 400 شركة منتشرة حول العالم تعمل فى نظام المراهنات عبر آلاف المواقع الإلكترونية، وأغلبها شركات غير شرعية، ونجحت تلك الشركات فى تحقيق أرباح مالية خيالية، مما دفع البعض إلى تكوين عصابات دولية تعرف حاليًا باسم «مافيا المراهنات».
حالات انتحار وقتل وسرقة
دفعت منصات المراهنات الإلكترونية العديد من الشباب لارتكاب جرائم مختلفة من أجل الحصول على المال لبدء المراهنة والربح، وهو ما رصدته وسائل الإعلام المصرية مؤخرًا، حيث أقدم شاب على قتل جدته (80 عامًا) طعنًا بسكين فى منطقة الخليفة بالقاهرة، للاستيلاء على أموالها واستخدامها فى أحد تطبيقات المراهنة، كما قام شاب بشنق نفسه فى منزله بمركز بنى مزار فى محافظة المنيا بصعيد مصر بعد تراكم الديون عليه فى تطبيق مراهنات.
كما أنهى شاب حياته بتناول مادة سامة داخل المنزل فى إحدى قرى مركز نجع حمادى شمال محافظة قنا، الشاب يبلغ 27 عامًا، وهو من إحدى قرى مركز نجع حمادى، وقد انتحر بسبب خسارة 70 ألف جنيه فى لعبة مراهنات على تطبيق شهير.
وتم ضبط موظف لاستيلائه على 12 مليون جنيه من أجل المراهنات، حيث تلقت مديرية أمن الشرقية بلاغًا من إحدى شركات حراسة ونقل الأموال بقيام «أحد الموظفين بها» بالاستيلاء على مبالغ مالية على فترات وتمكن رجال الأمن من ضبط المتهم، وأسفر الفحص عن استيلائه على تلك المبالغ لتعويض خسارته المتكررة فى ألعاب المراهنات.
تورط أحد الأندية المصرية
مطلع العام الحالى، اتهم محمد أبو جنبة رئيس نادى دمياط لاعبى فريقه بالمراهنات على الخسارة أو تحقيق نتائج معينة، وأكد أنه «أثناء تواجدى فى إحدى مباريات دمياط، تحدث معى أحد الأشخاص وقال أنت تتعرض للخيانة، إذ هناك لاعبين فى الفريق يراهنون عبر أحد مواقع المراهنات».
وأضاف: «أظهر لى تطبيق للمراهنات ويوجد به نتائج دمياط، قال لى يحصلون على 5 آلاف جنيه وأرقام أكبر وهناك من يتعمد الطرد أو نتيجة معينة للمباراة للحصول على مبالغ كبيرة، وجهت بعض الأسئلة للاعبى الفريق وبدأ البعض يعترف على الآخرين حتى وصل الأمر إلى 13 لاعبًا فى الفريق يراهنون، وفريق دمياط لم يحقق الانتصار طوال الدورى بسبب المراهنات».
تقدم رئيس النادى بشكوى لاتحاد الكرة ضد اللاعبين، وهبط دمياط لدورى القسم الثالث بعدما تذيل المجموعة الخامسة بعد عدم تحقيق أى انتصار فى الدورى وما زال التحقيق مستمرًا.
الآثار النفسية
فيما كشف دكتور على سالم، أستاذ علم النفس الاجتماعى بجامعة حلوان، خلال تصريحات صحفية لـ«روزاليوسف»، أنه بالفعل هناك انتشار كبير لمنصات المراهنات الإلكترونية، كما أن التطور التكنولوجى فى مجال الإنترنت أدى لسهولة دخول مثل تلك المواقع وتحويل الأموال عبر التطبيقات المالية، ما أدى لدخول عدد كبير من الأطفال والمراهقين مثل تلك الألعاب، وهو أمر خطير من الناحية النفسية والاجتماعية، ولعل ما يحدث بسبب الغياب الأسرى وكذلك الوعى المجتمعى لدى الأسرة والمدرسة.
تورط الأطفال
«تورط الأطفال والمراهقين والشباب من شأنه أن يؤدى لسلوكيات خطيرة كالسرقة والقتل والانتحار، ولهذا هناك برامج علاجية فى مصر لمدمنى المراهنات وجلسات العلاج السلوكى والنفسى لعلاج أعراض الاكتئاب والهوس والإدمان للبعد عن أجهزة الكمبيوتر والهاتف المحمول، وعلى الأهل مراقبة ومتابعة أطفالهم والتأكد من طرق استخدامهم للهاتف أو الكمبيوتر».. حسبما أوضح أستاذ علم النفس الاجتماعى.
دراسة دولية
بحسب دراسة لجوليا بريفرمان وهوارد شافر، نشرتها الدورية الأوروبية للصحة العامة، فإن الوارد جديدًا لعالم المقامرة والمراهنات يكون مدفوعًا بعاملين أساسيين الافتقاد للروابط الأسرية القوية، ومواجهة ضغوط مادية لا يرى سبيلًا واقعيًا للتغلب عليها، كما ترصد الدراسة أن المقامر يقترب أولًا من المقامرة بحذر ليختبر إمكانية الفوز، فيبدأ بمبالغ صغيرة تغريه المكاسب على زيادتها تدريجيًا، عند نقطة معينة لا يعود المكسب والخسارة محركين وحيدين، فالمقامر تتولد لديه ذهنية الإيمان بالقدرة على خداع اللعبة Gambler's fallacy ويستمر فى مدفوعًا بشهوة اللعب نفسه التى باتت مقدمة على شهيته للفوز، ومن هنا يترسخ الإدمان.
دراسة مصرية
وهو ما كشفت عنه دراسة مصرية حديثة لدكتور وسام الدين عبد الرازق، أستاذ مساعد بقسم الإدارة الرياضية والترويح - بكلية التربية الرياضية - جامعة بنى سويف، حول الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للمشجعين المشاركين فى المراهنات الإلكترونية فى كرة القدم، وتم اختيار عينة البحث بالطريقة العمدية من مشجعى كرة القدم والمتابعين للمباريات الرياضية بشكل منتظم وبلغ قوام هذه العينة (90) فردًا.
توصيات الدراسة
استخدم الباحث استبيان الآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية للمراهنات الرياضية الإلكترونية وتوصل إلى استخدام نتائج هذه الدراسة لمواجهة أخطار المراهنات الرياضية الإلكترونية فى المجتمعات العربية، كضرورة توعية أولياء الأمور إلى التعرف على مصادر أى مبالغ مالية لدى الشباب وكيفية صرفها، ومتابعة حجم وطبيعة مشتريات الأبناء بشكل مستمر، الاهتمام بزيادة دائرة الأصدقاء والمشاركة فى أنشطة اجتماعية جماعية، الاهتمام بزيادة الروابط الأسرية بين أفراد الأسرة الواحدة وتخصيص وقت دائم لاجتماع الأسرة معًا.
وكشف خلال الدراسة أن أكثر الآثار تأثرًا بالمراهنات الإلكترونية الرياضية هى الآثار النفسية بنسبة 70.19 %.
فيما جاءت الآثار الاجتماعية فى الترتيب الثانى بنسبة 69.0 %.
وجاءت الآثار الاقتصادية للمراهنات الإلكترونية الرياضية فى الترتيب الأخير بنسبة 61.11 %.
فتوى الأزهر
كما حذر المركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونى، من المراهنات على المواقع الإلكترونية باعتبارها أمرًا محرمًا شرعًا، وأنه بالرغم مما أباحته شريعة الإسلام من الترويح عن النفس، إلا أنه لا ينبغى أن نغفل فى الوقت نفسه عما وضعته الشريعة من ضوابط حتى يُحافظ المسلم من خلالها على دينه، ونفسه، وماله، ووقته، وسلامته، وسلامة غيره، ومن أهم هذه الضوابط ألا يشتمل الترويح على مقامرة.
وأشار المركز إلى أن المراهنات التى يجريها المشاركون على مجموعات مواقع التواصل الاجتماعى والتطبيقات المختلفة، ويدفعون أموالًا فى حساباتها، ثم يأخذ هذه الأموال الفائز منهم فقط، ويخسر الباقون؛ لهى عين القمار المحرم.
وأهاب المركز بالوالدين والمربِّين والعلماء والأساتذة والدعاة والإعلاميين وكل فئات المجتمع بضرورة نشر الوعى المجتمعيّ العام الذى يقى أبناءنا وشبابنا ومجتمعاتنا مفاسد هذه المراهنات على دينهم وحياتهم وأموالهم وأخلاقهم.
ألعاب جنسية وألعاب للأطفال
وكشف خبير المعلومات أن «رابط الإحالة أو البروموكود هو سر الأرباح للوكلاء، لأنه معلوم لدى ملاك الموقع وبالتالى يحقق أرباحًا حسب أعداد اللاعبين الذين تم استقطابهم، وهناك رهانات على ألعاب جنسية وكروية وألعاب الأطفال الصغيرة كالأكواب والكوتشينة وتبدأ بمبالغ صغيرة، وهناك رهان طاولة القمار كصالة القمار اللايف، وأخطر أنواع الرهانات هى المخصصة للأطفال للألعاب الإلكترونية وأقل مبلغ للرهان خمسة جنيهات وهو ما يشجع الأطفال».
العقوبات المقررة
جدير بالذكر أنه تنص المادة «14» من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018، على عقوبات رادعة فى حق مرتكبى جرائم المراهنات الإلكترونية، إذ يعاقب كل من يدخل عمدًا إلى مواقع أو أنظمة معلوماتية محظورة بالحبس لمدة لا تقل عن سنة، وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه، وتشدد العقوبات فى حال كان المتورطون جزءًا من شبكات منظمة تهدف إلى التحايل على القوانين، وتحقيق أرباح غير مشروعة.
جهاز تنظيم الاتصالات
فيما أكد محمد إبراهيم، المتحدث الإعلامى لجهاز تنظيم الاتصالات، خلال تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف» أن هناك جهات مسئولة سواء النيابة العامة أو الهيئات القضائية أو المجلس الأعلى للإعلام، والتى لها السلطة فى إلزام الجهاز القيام بالتعامل الفنى وحجب تلك المواقع المطلوب حجبها.
وكان الجهاز القومى لتنظيم الاتصالات أوقف خطوط الهاتف المحمول والمحافظ الإلكترونية المستخدمة فى أنشطة مراهنات التطبيقات الإلكترونية، دون الحصول على ترخيص بذلك من الجهات المتخصصة وبالمخالفة لأحكام القانون.
وتابع: «حجب أو إيقاف الموقع، لا يمكن للمواطن التوجه بشكوى لحجب موقع أو منصة، ولكن لا بد أن يكون من جهة رسمية لها الحق فى ذلك، نحن جهة تنفيذ للقانون، وعلى المواطن التقدم بشكوى لتلك الجهات المختصة كالنيابة العامة أو وزارة الداخلية أو المجلس الأعلى للإعلام».
كاشفًا «هناك العديد من الحملات التوعوية التى يقوم بها الجهاز القومى للاتصالات فى كل أنحاء الجمهورية وعلى مستوى المحافظات، وكان آخرها بمحافظة أسيوط ومرسى مطروح وغيرهما، كما يتم التوعية على موقع الجهاز وكل المواقع الإلكترونية التابعة للجهاز».
وزارة الشباب والرياضة
فيما نفى دكتور محمد الشاذلى، المتحدث الرسمى لوزارة الشباب والرياضة وجود منصات المراهنات الإلكترونية تبث من داخل مصر، كما نفى وجود تصريح لأى شركة مراهنات إلكترونية داخل مصر «أغلبها بدول أوروبا وهى مرخصة بتلك الدول، والاتحادات الدولية عندها تعاقدات مع بعض مواقع المراهنات، وداخل الشرق الأوسط ينتشر موقع «ميل بت» ويبث من دولة قبرص، ولديه دعاية كبيرة عبر مواقع السوشيال ميديا، وأيضًا موقع «وان إكس بت».
وتابع «القوانين المصرية تجرم ممارسة المراهنات وتعتبرها قمار، وبالتالى كل اللوائح لوزارة الشباب والرياضة تجرمها ولا يمكن أن نمنح أى ترخيص لأى موقع ويعاقب من يثبت تورطه أو عمله فى مزاولة تلك المراهنات».
دور وزارة الداخلية
فيما واصلت الجهات المعنية، توجيه الضربات الأمنية الناجحة، بالاشتراك مع قطاع الأمن الوطنى بوزارة الداخلية، حيث تمكنت من إسقاط عصابة لاستقطاب الشباب للمشاركة فى المراهنات غير المشروعة فى العديد من المحافظات، وبالعرض على المستشار النائب العام، أمر بإحالة المتهمين إلى نيابة الشئون الاقتصادية وغسل الأموال التى باشرت التحقيقات وأصدرت قرارها بحبس المتهمين وتكليف الجهات الفنية المعنية بحصر المحافظ الإلكترونية المستخدمة فى مواقع المراهنات التى تخصصت فى استقطاب الشباب للمشاركة فى المراهنات غير المشروعة عبر المواقع الإلكترونية المتخصصة التى يتم إدارتها من خارج جمهورية مصر العربية.
كشفت تحريات هيئة الرقابة الإدارية عن مجموعة من الوكلاء ببعض المحافظات قاموا ببناء شبكات مالية غير قانونية بين المراهنين من مصر ومسئولى تلك المواقع فى الخارج، وذلك عبر تيسير سبل الدفع بشكل إلكترونى لتجنب الوقوع تحت طائلة القانون وإضعاف فرص تعقب المعاملات المالية الخاصة بالمراهنين من خلال استخدام محافظ إلكترونية بأسماء وهمية وعملات مشفرة، يتم تحويلها فى صورة عملات أجنبية إلى الخارج بما يضر بالاقتصاد القومى.
تجريم القانون
ويجرم قانون العقوبات رقم 37 لسنة 1957 وتعديلاته للمراهنات بشكل تام وعدم إتاحتها إلا لحاملى جوازات السفر الأجنبية فى فنادق ونوادٍ مختارة، فوفقًا لنص المادة 352 كل من أعد مكانًا لألعاب القمار وهيأه لدخول الناس يعاقب هو وصيارفة المحل المذكور بالحبس وبغرامة لا تزيد على 1000 جنيه.
مخاطر أمنية
وخلال تصريحات إعلامية، شدد اللواء محمد الرشيدى، مساعد وزير الداخلية للمعلومات سابقًا، أن أغلب تطبيقات المراهنات تتجسس على ضحاياها بجمع معلومات عنهم وتباع لشركات الدعاية، بهدف استخدامها فى طرق غير شرعية، وهناك قرابة أربعة ونصف مليون مواطن مصرى 90 % منهم من الشباب يتعاملون مع تطبيقات المراهنات الإلكترونية، وهناك حكومات دول أجنبية، تأخذ نسبة من أرباح تطبيقات المراهنات، لكن هذا لا يحدث فى مصر وهذه التطبيقات محرمة دينيًا ومجرمة قانونيًا فى مصر.
دعوى قضائية
جدير بالذكر أنه تم رفع دعوى بمحكمة القضاء الإدارى الدائرة الثانية بالقاهرة، رقم 71094 لسنة 78 ق، من قبل المحامى محمود أشرف الروبى، بطلب بحجب كافة مواقع وتطبيقات المراهنات الإلكترونية التى تشجع المواطنين على لعب القمار، وطالب الروبى، بإدخال اتحاد الكرة باعتباره طرفًا أساسيًا له سلطة على كل ما يجرى فى الكرة المصرية من إعلانات ولاعبين، خصوصًا أن إعلانات اللعبة تملأ الملاعب المصرية وتستغل أسماء الأندية المصرية وحقوق الملكية الفكرية.
قصور تشريعي
وأوضح «السبب الرئيسى هو القصور فى عدم إصدار تشريع يجرم بشكل واضح القمار الإلكترونى كانت الثغرة التى دخلت منها تلك الألعاب فأصبح فى جيب كل طفل وشاب صالة قمار متحركة إن شاء ذلك دون عقاب على تلك الجريمة المؤثمة».
مشروع قانون
جدير بالذكر أن النائبة مرثا محروس، وكيلة لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، تقدمت بمشروع قانون لتجريم المراهنات الإلكترونية، قائلةً «إيمانًا بأهمية الدور التشريعى لمجلس النواب فى معالجة القضايا الملحة التى تواجه مجتمعنا وتقديم الحلول التى تُسهم فى حماية المجتمع؛ تم تقديم مشروع قانون فى ظل المخاطر المتزايدة التى تهدد شبابنا ومجتمعنا ككل.
وأضافت «مشروع القانون يهدف إلى تجريم هذه المراهنات الإلكترونية وحماية الأطفال والشباب من مخاطر إدمان هذه المواقع، وكذلك توعية المجتمع ونشر الوعى حول الأضرار النفسية والاجتماعية للمراهنات الإلكترونية، خاصة أن الأمر تطور إلى المراهنات والمقامرة على الأحداث السياسية والانتخابات حول العالم، ففى مختلف الدول تكتظ المواقع بعدد لا نهائى من المراهنات» حسبما تقول.
العقوبات المقترحة
وأوضحت «وفقًا للمادة الثانية: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه ولا تزيد على خمسة ملايين، كل مَن دعا أو روج أو تفاوض أو ساعد بأية صورة من الصور كوكيل عن المراهنين فى أعمال المراهنات الإلكترونية، ويعاقب بذات العقوبة المسؤول عن الإدارة الفعلية للأشخاص الاعتبارية لوكلاء المراهنات الإلكترونية، والمادة الثالثة: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تزيد على مئتى ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتَين كل مَن سهَّل للمراهنين عمليات دفع الأموال فى أعمال المراهنات الإلكترونية بأية وسيلة من وسائل الدفع مع علمه بذلك، كما يُعاقب بذات العقوبة المسؤول عن الإدارة الفعلية للأشخاص الاعتبارية القائمة على تسهيل عمليات الدفع».
«حددت المادة الرابعة: يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن خمسة ملايين جنيه ولا تزيد على عشرة ملايين جنيه كل مسؤول عن الإدارة الفعلية لأى من القائمين على مباشرة أو رعاية أو تنفيذ أو تسهيل المراهنات الإلكترونية، والمادة الخامسة: فى تطبيق أحكام هذا الفصل تؤول كل الغرامات المقضى بها إلى صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطى، تخصص لعلاج مدمنى المراهنات الإلكترونية وفقًا لما يضعه الصندوق من سياسات» موضحة العقوبات الواردة بتشريع القانون المقترح.
قرارات الحجب
وتم حجب تطبيقات المراهنات والقمار الإلكترونى على متجرى جوجل بلاى، وآب ستور، وتحركت لجنة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بمجلس النواب، لمواجهة تطبيقات المراهنات والقمار الإلكترونى، لحماية الأمن القومى للبلاد فى ظل الحفاظ على الاستثمارات فى صناعة تكنولوجيا المعلومات بما لا يخالف القانون المصري.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "
0 تعليق