كتب
إعداد: صبحى مجاهد
فى شهر رمضان تفتح «روزاليوسف» صفحاتها لإثراء العقل بفهم دينى صحيح، ونتعرف على أمور مهمة فى الشهر الكريم، وفى روضة رمضان هذا العام نسعى لتعريف القارئ برأى الدين فى بعض القضايا ونأخذ بيده للجلوس على مائدة أحد كبار العلماء للتعرف على رأى الدين فى العديد من القضايا.
خصصت المجلة هذا العام بابًا خاصًا بفقه الصيام، توضح من خلاله أحكام الصوم بصورة سهلة ومبسطة من خلال استضافة د. شوقى علام المفتى السابق على صفحات «روزاليوسف»، كما سيكون معنا خواطر للدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء نستقى من خلالها العديد من الرسائل الإيمانية التى تشرح صدورنا لفهم الدين.
وتتناول روضة رمضان هذا العام حوارًا أو قضية لمناقشتها والتعرف من خلالها على الأمور الدينية أو الأمور التى تتعلق بالساحة الدعوية.
يمثل د.نظير عياد مفتى الجمهورية، نموذجا للعالم الأزهرى المستنير، حيث يقدم رؤية دينية وسطية فى العديد من القضايا.. وفى شهر رمضان كان لابد من معرفة العديد من الرؤية لمفتى الجمهورية حول الشهر الفضيل، وعدد من الأمور الدينية المهمة.
أكد فضيلة المفتى أهمية اغتنام الشهر الفضيل، واستيعاب غاية الصوم التى من أجلها فرض صوم رمضان.. وتناول الحديث عن الزكاة وكيف أنها حق للفقير، لافتا إلى أهمية دور الدين فى حياة الإنسان محذرا من الدعوات التى تقلل من أهمية الدين والعبادات.
بداية.. لماذا كانت التقوى هى غاية الصوم؟ وما أهمية تلك الفريضة فى حياتنا؟
- الله تعالى قد أنعم على أمتنا بالعديد من النعم، ومن أبرز مظاهر الإنعام على هذه الأمة أن الله -تبارك وتعالى - قد خصها بالطاعات الجامعة، وحباها بالعبادات المانعة، والطاعات الجامعة هى الطاعات التى يكون فيها الخير، والعبادات المانعة تلك العبادات التى تحول بين العبد وبين إتيان المعصية، ومن بين هذه العبادات وتلك الطاعات ما يعرف بفريضة الصوم، هذه الفريضة التى شرعت من أجل معانٍ عظيمة، ومقاصد غالية، وعندما نتوقف أمام آية الصوم ندرك قيمة هذه العبادة، ومدى فضل الله تبارك وتعالى على هذه الأمة.
كما أن الله تعالى قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ، فعندما نتحدث عن الصوم لا يمكن أن يكون الحديث بعيدًا عن التقوى، هذه الثمرة الأولى، بل المقصد الرئيسى من هذه العبادة، وقد جعلها الله تبارك وتعالى أداة للتفريق بين الحق والباطل، والأساس للصالح فى القول والسديد فى العمل، وموطئا وموضعًا للتفريج والخروج من كل كرب.
وعندما نتوقف أمام التقوى، فلابد أن ندرك هذه الجزئية المهمة، وهى أن الله تبارك وتعالى إذا ما أراد أن يتحدث عن الأمور العالية والمقاصد الغالية ربطها كذلك بالأصناف المستقيمة والفئات التى فضلها على غيرها من الناس، ولهذا عندما نستعرض ما جاء فى القرآن الكريم، وما نقل عن النبى لابد أن يستولى علينا العجب من هذا الربط بين الإيمان وبين التقوى، وكأن الله تبارك وتعالى يؤكد على أن واحدًا منهما مقدمة، وأن الآخر نتيجة، على أن الواحد منهما أثر وأن الثانى عمل، وبالتالى لابد أن نغتم هذه الأوقات المباركات التى أنعم الله تعالى علينا بها فى هذا الشهر الفضيل،و خاصة أن الله تبارك وتعالى أكد على أن التقوى نبراس النبوة، وأن التقوى هى الدليل للقرب من الألوهية، وأن التقوى هى شعار المؤمن وزاده.
كثير من الناس ينتظرون شهر رمضان لإخراج زكاة المال، فما حكم ذلك؟
ـ الزكاة ركن من أركان الإسلام، كما جاء فى حديث النبى صلى الله عليه وآله وسلم: «بُنى الإسلام على خمس»، والله تعالى قرنها بالصلاة فى مواضع كثيرة من القرآن الكريم، فقال: وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ.
والزكاة ليست تفضُّلًا من الغنيِّ على الفقير، وإنما هى حق واجب فى المال؛ لأنها تطهيرٌ للنفس من الشح، وتزكيةٌ للمال، وتحقيقٌ للتكافل الاجتماعى، مستدلًّا بقول الله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا.. وإذا بلغ المال النصاب (وهو ما يعادل 85 جرامًا من الذهب)، وحال عليه الحول، وجب إخراج 2.5% منه دون تأخير.
وما حكم من اقترض من البنك، وكان يسدد الأقساط، فهل تجب عليه الزكاة؟
- القاعدة الشرعية تقضى بأن الضرورة تُقدَّر بقدرها، فلا يمكن إصدار فتوى عامة دون معرفة تفاصيل الحالة، فإذا كان الشخص يمتلك أصولًا وأموالًا أخرى تكفى لسداد الدَّين، فلا تسقط عنه الزكاة، أما إذا كان الدَّين يشكل عبئًا حقيقيًّا، فيُنظر فى الأمر وفقًا لظروفه الشخصية.
وماذا عن زكاة الفطر هذا العام؟
- تقدير قيمة زكاة الفطر لهذا العام لتكون عند مستوى 35 جنيهًا، جاء كحدٍّ أدنى عن كل فرد، مع استحباب الزيادة عن هذا المبلغ لمن أراد.. حيث إن زكاة الفطر تعادل (2.04) كيلوجرامًا من القمح عن كل فرد، نظرًا لأنه غالب قوت أهل مصر.
ويجوز إخراج زكاة الفطر حبوبًا، ويجوز إخراج القيمة، ودار الإفتاء المصرية أخذت برأى الإمام أبى حنيفة فى جواز إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقودًا بدلًا من الحبوب؛ تيسيرًا على الفقراء فى قضاء حاجاتهم ومطالبهم، والفتوى مستقرة على ذلك.
تناقلت العديد من المواقع تصريحات فضيلتكم حول التوسل، فما هو حقيقة إجازة التوسل بالنبى والأولياء الصالحين؟
ـ التوسل بالنبى صلى الله عليه وسلم أمر مباح وجائز شرعًا، والاستعانة بالنبى عليه الصلاة والسلام أو بأى مقام أو عمل صالح للوصول إلى رضوان الله تعالى أمر لا حرج فيه.
ومن دلائل المحبة للنبى صلى الله عليه وسلم استحضاره فى الأقوال والأفعال والتوجُّه إلى الله به، ويكفى أن الله تعالى قرن اسمه باسم النبى صلى الله عليه وسلم، وهناك بعض الاتجاهات التى تشددت فى هذا الأمر خوفًا من الوقوع فى الشرك، إلا أن الأمر على خلاف ذلك؛ لأن الله سبحانه وتعالى عصم هذه الأمة من الشرك.
وفيما يتعلق بالتوسل بالأولياء والصالحين فالأصل فيه الجواز، ما دام القلب ينظر إليهم نظرة محبة وتوقير، ويرى أنهم سبيل يوصل إلى مرضاة الله دون أن يملكوا نفعًا أو ضرًّا بذواتهم، ومحاولة حمل الناس على رأى بعينه فى هذه المسألة فيه نوع من التشدد، حيث إن القاعدة الفقهية تقول: «لا يُنكر المختلف فيه، وإنما يُنكر المتفق عليه»، وبالتالى فإن لكل شخص الحق فى الأخذ بأيٍّ من الآراء الفقهية التى يراها مناسبة، ما دام التوسل يتم فى إطار المشروع الذى شرعه الله تعالى.
ونحن فى شهر القرآن نرى تزايد الربط بين القرآن والسنة والإعجاز العلمى، فما تعليقك فضيلتكم؟
- هذه القضية مهمة فى الوقت الراهن، خاصة مع تزايد الاكتشافات العلمية والكونية التى قد تتقاطع مع النصوص الدينية، والتعامل مع هذه المسائل يتطلب منهجًا علميًّا ورؤية متوازنة تفرق بين الحقائق العلمية الثابتة والفروض المتغيرة.
وأود التأكيد على أن المبالغة فى إخضاع النصوص الدينية للفروض العلمية، لا سيما الفروض المتغيرة، قد أوجدت تناقضات استغلها الملحدون والمتشككون للطعن فى الدين والتشكيك فى الرسالة الإسلامية، مما يحتم علينا أن نتعامل مع هذه المسائل بحكمة واعتدال».
كما لابد من التكامل بين الدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية لمواجهة هذه القضايا، حيث يساعد هذا التكامل فى بناء رؤية متوازنة ومتكاملة عن الإعجاز العلمى، والتعامل مع قضاياه، ويوفر إطارًا معرفيًّا ومنهجيًّا يمكن من خلاله التناول الرشيد لقضايا الإعجاز العلمى، بما يتوافق مع ثوابت الدين ويعزز من مصداقية النصوص الدينية أمام المتغيرات العلمية.
ولابد توجيه الأبحاث الدينية والعلمية نحو معالجة قضايا الإعجاز العلمى بمنهجية علمية رصينة، وتكوين الباحثين وتأهيلهم علميًّا ومنهجيًّا من أجل التعامل مع هذه القضايا، كما لابد التنسيق بين المؤسسات العلمية والدينية لتوفير البرامج التدريبية اللازمة التى تعزز من مهارات الباحثين وتساعدهم فى تقديم دراسات وأبحاث تُسهم فى خدمة قضايا الإعجاز العلمى.
إننا فى دار الإفتاء المصرية ندعم بكل قوة الجهود التى تسعى إلى توضيح الحقائق العلمية المرتبطة بالنصوص الشرعية، كما نؤكد على أهمية الدَّور الذى تقوم به المؤسسات العلمية والدينية فى مواجهة الأفكار المغلوطة وتصحيح المفاهيم الخاطئة التى تروج حول قضايا الإعجاز العلمى.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "
0 تعليق