انعقدت فى العاصمة المصرية القاهرة أعمال القمة العربية الطارئة لمناقشة التطورات فى قطاع غزة والأراضى الفلسطينية، ويأتى انعقاد القمة فى ظل رفض عربى واسع لخطة الرئيس ترامب، التى تضمنت سيطرة أمريكية على غزة مع تهجير سكانها.
وقدمت الدول العربية، بقيادة مصر، خطة بديلة لإعادة إعمار قطاع غزة بوجود الفلسطينيين، بهدف الحفاظ على استقرار المنطقة ومنع أى محاولات لتهجير سكانها.
ووفقًا لمحللين، عبرت قرارات القمة العربية بوضوح عن الموقف العربى الجماعى ليس فقط بالنسبة لحل أزمة غزة ولكن أيضًا فيما يتعلق بضرورة حل القضية الفلسطينية بشكل عام باعتبار أن ذلك يعد أساس الاستقرار فى المنطقة.
ولم تكتف القمة بالإعلان عن مجموعة من القرارات بل قامت ببلورة العديد من آليات تنفيذها، وهو الأمر الذى يتطلب أن تبدأ التحركات العربية خلال الأيام المقبلة مع جميع الأطراف المعنية خاصة الولايات المتحدة لعرض نتائج القمة ومدى التوافق العربى على خطة الإعمار بدون تهجير.
كذلك ضرورة البدء فى عملية سلام فى أسرع وقت ممكن وبالتالى من المهم أن تقوم الولايات المتحدة بدورها فى هذا الشأن وأن تتخلى عن مقترحات لن يكتب لها النجاح.
وتمثلت أهم نتائج القمة فى أنها وجهت مجموعة من الرسائل شديدة الوضوح إلى المجتمع الدولى بصفة عامة، وإلى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل بصفة خاصة، وأكدت الرسائل فى مجملها استشعار الدول العربية بالمخاطر المحيطة بها، ومن ثم كان لزامًا عليها أن تكون فى هذه المرحلة الخطيرة على قلب رجل واحد.
صف واحد
ونجحت القمة فى أن تعلن على الملأ وقوفها صفًا واحدًا فى مواجهة جميع محاولات التهجير المرفوضة، ويدعم الموقف العربى فى هذا الشأن تمسك الفلسطينيين بأرضهم رغم جميع الظروف اللاإنسانية التى يواجهونها بفعل الإجراءات الإسرائيلية.
وحول إعادة إعمار القطاع دون تهجير، يعد اعتماد القمة لخطة إعادة الإعمار المقدمة من مصر بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية ومن ثم أصبحت خطة عربية شاملة، خطوة مهمة للغاية فى مجال تثبيت مبدأ الإعمار دون تهجير، خلافًا للمقترحات الأمريكية والإسرائيلية التى تطالب بالتهجير من أجل التعمير، ومن الأمور الإيجابية أن القمة بلورت بعض الإجراءات التى يجب أن يتم تنفيذها فى هذا الشأن.
ومن أبرز هذه الإجراءات هى حث المجتمع الدولى ومؤسسات التمويل الإقليمية والدولية على تقديم الدعم اللازم لخطة الإعمار، وعقد مؤتمر دولى فى القاهرة لإعادة الإعمار فى أسرع وقت، وحث المجتمع الدولى على المشاركة به من أجل الإسراع فى تنفيذ الخطة، فضلا عن إنشاء صندوق إنمائى يتلقى التعهدات المالية من المانحين لتنفيذ مشروعات الإعمار، مع قيام اللجنة الوزارية العربية والإسلامية بزيارات للعواصم الدولية لشرح خطة الإعمار.
ومن بين الأمور المهمة ترحيب القمة بتشكيل الجانب الفلسطينى لجنة لإدارة القطاع تحت مظلة الحكومة الفلسطينية وتشكيلها من كفاءات أبناء غزة، وذلك لفترة انتقالية بالتزامن مع العمل على تمكين السلطة الفلسطينية من العودة إلى القطاع.
وأشارت القمة فى مجال الترتيبات الأمنية فى غزة إلى أن ملف الأمن فى قطاع غزة يعد مسئولية فلسطينية خالصة، وأن الأمن تتم إدارته من جانب المؤسسات الفلسطينية الشرعية وفقًا لمبدأ القانون الواحد والسلاح الشرعى الواحد وبدعم دولى، مع الترحيب بالطرح المصرى والأردنى لتأهيل وتدريب كوادر الشرطة الفلسطينية بما يضمن قدرتها على أداء مهامها فى حفظ الأمن فى غزة على الوجه الأكمل.
عملية السلام
تعاملت القمة مع عملية السلام بصورة تفصيلية حيث أكدت أن تحقيق السلام العادل والشامل هو الخيار العربى الاستراتيجى، وأكدت حق الشعب الفلسطينى فى أن تكون له دولة مستقلة ذات سيادة على أساس حل الدولتين كما شددت على حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وضمان الأمن لجميع شعوب المنطقة بما فى ذلك إسرائيل.
كذلك الالتزام بمبادرة السلام العربية المطروحة عام 2002، ودعم جهود التحالف الدولى لتنفيذ حل الدولتين برئاسة السعودية.
ومنحت القمة أولوية قصوى لاتفاق الهدنة حيث طالبت بضرورة استكماله وتنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة وأن تلتزم إسرائيل بما تم الاتفاق عليه، مع أهمية انسحاب إسرائيل الكامل من غزة بما فى ذلك محور فيلادلفيا، بالإضافة إلى استئناف إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.
كذلك حرصت القمة على الإشادة بالدور الإيجابى الذى قام به الرئيس الأمريكى ترامب فى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فى غزة بالتعاون مع كل من مصر وقطر، وعلى أن تؤكد على طبيعة الجرائم التى ارتكبتها إسرائيل وضرورة ملاحقة جميع المسئولين عن الانتهاكات والجرائم التى تم ارتكابها فى حق الشعب الفلسطينى.
السلام العادل
ومن أهم التوصيات التى طرحتها القمة هو التأكيد على أن الخيار الاستراتيجى هو تحقيق السلام العادل والشامل الذى يُلبى جميع حقوق الشعب الفلسطينى، وتكثيف التعاون مع القوى الدولية والإقليمية، بما فى ذلك مع الولايات المتحدة الأمريكية، من أجل تحقيق السلام الشامل والعادل فى المنطقة، وفى سياق العمل على إنهاء جميع الصراعات بالشرق الأوسط، مع تأكيد الاستعداد للانخراط الفورى مع الإدارة الأمريكية، وجميع الشركاء فى المجتمع الدولى، لاستئناف مفاوضات السلام بغية التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وتجسيد الدولة الفلسطينية على أساس حل الدولتين ووفق قرارات الشرعية الدولية، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل، والدعوة إلى عقد مؤتمر دولى لإقامة الدولة الفلسطينية.
وأدانت التوصيات القرار الصادر مؤخرًا عن الحكومة الإسرائيلية بوقف إدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة وغلق المعابر المستخدمة فى أعمال الإغاثة، والتأكيد على أن تلك الإجراءات تعد انتهاكًا لاتفاق وقف إطلاق النار والقانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى، بما فى ذلك اتفاقية جنيف الرابعة والإعراب عن رفض استخدام إسرائيل لسلاح الحصار وتجويع المدنيين لمحاولة تحقيق أغراض سياسية.
إعمار ورفض للتهجير
وقد اعتمدت الخطة المقدمة من مصر بالتنسيق الكامل مع دولة فلسطين والدول العربية واستنادًا إلى الدراسات التى أُجريت من قبل البنك الدولى والصندوق الإنمائى للأمم المتحدة - بشأن التعافى المبكر وإعادة إعمار غزة باعتبارها خطة عربية جامعة، والعمل على تقديم جميع أنواع الدعم المالى والمادى والسياسى لتنفيذها، وكذلك حث المجتمع الدولى ومؤسسات التمويل الدولية والإقليمية على سرعة تقديم الدعم اللازم للخطة، والتأكيد على أن جميع هذه الجهود تسير بالتوازى مع تدشين مسار سياسى وأفق للحل الدائم والعادل بهدف تحقيق تطلعات الشعب الفلسطينى المشروعة فى إقامة دولته والعيش فى سلام وأمان.
والتأكيد على الأولوية القصوى لاستكمال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار لمرحلتيه الثانية والثالثة، وأهمية التزام كل طرف بتعهداته، وخاصة الطرف الإسرائيلى، وبما يؤدى إلى وقف دائم للعدوان على غزة وانسحاب إسرائيل بشكل كامل من القطاع، بما فى ذلك من محور «فيلادلفيا»، ويضمن النفاذ الآمن والكافى والآنى للمساعدات الإنسانية والإيوائية والطبية، دون إعاقة، وتوزيع تلك المساعدات بجميع أنحاء القطاع، وتسهيل عودة أهالى القطاع إلى مناطقهم وديارهم، والتنويه إلى الدور الإيجابى الذى اضطلعت به ادارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار فى غزة وإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين بالتعاون مع جمهورية مصر العربية ودولة قطر، والبناء على تلك الجهود بالعمل مع الرئيس الأمريكى على وضع خطة تنفيذية متكاملة لمبادرة السلام العربية وقد رحب الحضور بعقد مؤتمر دولى فى القاهرة، فى أقرب وقت، للتعافى وإعادة الإعمار فى قطاع غزة، وذلك بالتعاون مع دولة فلسطين والأمم المتحدة، وحث المجتمع الدولى على المشاركة فيه للتسريع فى تأهيل قطاع غزة وإعادة إعماره بعد الدمار الذى تسبب به العدوان الإسرائيلى، والعمل على إنشاء صندوق ائتمانى يتولى تلقى التعهدات المالية من جميع الدول ومؤسسات التمويل المانحة، بغرض تنفيذ مشروعات التعافى وإعادة الإعمار.
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "
0 تعليق