«لا شىء يمكن أن يوقف الحلم الأمريكى». هكذا استهل دونالد ترامب خطابه أمام الكونجرس وهى المرة الأولى التى يلقى فيها الرئيس الأمريكى خطابًا غير خطاب حالة الاتحاد الذى يعتبر بمثابة كشف حساب لفترة توليه الرئاسة وهو خطاب سنوى.
ترامب رسم حدودًا جديدة لبلاده ووضع أسسًا غير تقليدية لسياساته الجديدة بعد أقل من شهرين على توليه منصبه، مؤكدًا على مبادئ من لا يتبع خطى ترامب سيواجه طوفان غضبه.. الرئيس الأمريكى المنتخب حدد أولوياته التى تنحسر فى جعل أمريكا القوة الأولى والأخيرة عالميًا.
حرب السلام
وقال ترامب إن «إشارات وصلته أيضا من موسكو مفادها أن روسيا مستعدة هى الأخرى للسلام». كما أشار إلى أن «الملايين من الروس والأوكرانيين قتلوا أو جرحوا خلال هذا النزاع المروع بدون نهاية فى الأفق».
وانتقد دفع واشنطن «مبالغ مالية ضخمة» لدعم أوكرانيا بدون أن تحصل كييف على أى أمن، موجها انتقادات للدول الأوروبية التى «أنفقت أموالا أكثر فى شراء النفط والغاز الروسى من المال الذى أنفقته دفاعا عن أوكرانيا».
وأكد ترامب أن التوصل إلى اتفاق سلام بشأن الحرب فى أوكرانيا «ليس بالأمر الصعب»، وأضاف: «إذا كان هناك من لا يريد عقد صفقة، فلا أعتقد أن هذا الشخص سوف يستمر طويلا. لن يطيعوه».
وفى الصدد، قال المحلل السياسى فلاديمير سكاتشكو لموقع «rt» الروسى: «على ما يبدو، عندما يتحدث الزعيم الأمريكى دونالد ترامب عن أولئك الذين لا يريدون عقد صفقة، فإنه لا يعنى فقط فلاديمير زيلينسكى، الذى يعد أول مرشح لخسارة منصبه. فقائمة عصابة الحرب تضم عددًا من السياسيين الأوروبيين، بالإضافة إلى جزء من الحزب الديمقراطى الأمريكى. إن سيد البيت الأبيض أرسل لهم إشارة أيضًا».
«وينبغى إيلاء اهتمام خاص للتحذير الموجه إلى «الصقور الديمقراطيين» فى الولايات المتحدة. ترامب يؤكد أنه سوف يسحقهم. وبشكل عام، هذا التصريح من جانب سيد البيت الأبيض يقول إنه لا يمكن أن يكون هناك توافق بينه وبين أولئك الذين يريدون استمرار الصراع فى أوكرانيا».
«ولكن من الواضح أنه وفقًا لتوقعات ترامب، فإن الديمقراطيين أيضًا لن يبقوا فى السلطة لفترة طويلة فى مناصبهم الحالية. إن دعمهم لعسكرة أوكرانيا سيؤثر سلبًا فى نتائج انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشيوخ العام المقبل».
هدنة مؤقتة
وكان الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى قد اقترح هدنة مع روسيا لبدء محادثات حول «سلام دائم» فى ظل «القيادة القوية» لدونالد ترامب. وقال إنه يريد «تصحيح الأمور» مع الرئيس الأمريكى. يأتى ذلك غداة إعلان واشنطن تعليق المساعدات العسكرية لكييف ما يرجح مراقبون أن يكون له تأثير كبير على مسار الحرب وميزان القوى، خاصة فى المجالات التى يصعب على الأوروبيين تغطية احتياجاتها. ومنذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية، لعبت الأسلحة الأمريكية دورا رئيسيا فى الجبهة الأوكرانية، إذ قدمت واشنطن بين 24 فبراير 2022 و20 يناير مساعدات عسكرية بقيمة 65.9 مليار دولار، مما جعلها أكبر داعم مالى وعسكرى لكييف.
وقد أثار قرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تجميد مساعدات بلاده العسكرية لأوكرانيا فى أعقاب المشادّة العلنية التى وقعت بينه وبين نظيره الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى مخاوف من إضعاف القوات الأوكرانية، خاصة فى إقليم دونباس وفى مقاطعة كورسك الروسية، التى تسيطر أوكرانيا جزئيا عليها منذ صيف 2024.
وحسب معهد كيل الألمانى، فإن واشنطن قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا فى الفترة من 2022 إلى 2024.
التجميد الذى قررته إدارة ترامب، يشمل حوالى 3.8 مليار دولار من الأموال التى سبق أن خصصها الكونجرس. وبموجبه، سيتم تجميد جميع المعدات العسكرية الموجودة فى طريقها إلى أوكرانيا، سواء فى بولندا، أو على متن سفن أو طائرات، قبل أن تصل إلى الأراضى الأوكرانية.
ومنذ تولى الرئيس الأمريكى الجديد منصبه، واصلت واشنطن تزويد أوكرانيا بـ«ذخائر حاسمة»، كان الديمقراطيون قد وافقوا مسبقا على إرسالها، بما فى ذلك الصواريخ والأسلحة المضادة للدبابات والقذائف.
نقطة حرجة
وعقب خطاب الكونجرس، أعلن ترامب أنه تلقى رسالة من نظيره الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى يؤكد استعداد كييف للتفاوض من أجل السلام مع روسيا، وتوقيع صفقة المعادن النادرة مع واشنطن.
يأتى هذا فى حين اقترحت أوكرانيا هدنة جوية وبحرية كخطوة أولية للسلام، بينما توقع الكرملين أن يؤدى قرار واشنطن وقف المساعدات العسكرية لدفع أوكرانيا لحل الصراع.
وتتعرض أوكرانيا باستمرار لقصف مكثف بوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها أو بنيتها التحتية. تؤدى هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.
بعيدا عن خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا سبعة أنظمة باتريوت أمريكية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز سامب/ت حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية.
لتوفير ذخائر الباتريوت، تقوم ألمانيا ببناء أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وبالتالى، قد تجد أوروبا صعوبة فى تعويض أى نقص فى هذا المجال.
وفقا لخبراء عسكريين، تعانى أوروبا من بعض القصور فى هذا المجال؛ فأنظمة سامب/ت جيدة جدا ولكنها ليست متنقلة، ويتم إنتاجها بكميات صغيرة جدا.
ووفقا لمسؤول غربى تحدث إلى صحيفة وول ستريت جورنال، أصبحت أوكرانيا أقل اعتمادا على المساعدات الأمريكية، حيث تصنع أو تمول حاليا حوالى %55 من معداتها العسكرية.
يأتى حوالى %25 من الأسلحة من الأوروبيين، بينما يساهم الأمريكيون بنسبة %20 فقط.
رغم ذلك، شهد قطاع الطائرات المُسيرة فى أوكرانيا ازدهارا ملحوظا، حيث صنع 1.5 مليون طائرة مسيرة فى المصانع المحلية فى عام 2024.
ومع ذلك، تبقى المساعدة الأمريكية حيوية، لأن وقف الدعم الأمريكى سيحرم أوكرانيا من استخدام بعض أكثر معداتها تقدما، مثل بطاريات الدفاع الجوى باتريوت السبعة، والصواريخ طويلة المدى أتاكمز ATACMS التى مكنت كييف من ضرب أهداف داخل روسيا.
ووفق تصريحات لغيوم لاسكونغارياس، المؤرخ العسكرى والأستاذ فى جامعة السوربون لوكالة فرانس برس، أكد خلالها أن «هذه النقاط هى الأكثر حساسية فى المساعدة الأمريكية، لأن الضربات بعيدة المدى ضرورية لتقليص الفرص التكتيكية والعملياتية الروسية. كما أن الدفاع الجوى قضية رئيسية أخرى، لأن الأوروبيين لا يملكون ما يكفى من الصواريخ لتعويض النقص».
من جانبه، يؤكد مارك شاسيان، المستشار والخبير فى شؤون الدفاع: «المشكلة الأكبر بالنسبة لأوكرانيا هى الذخائر المضادة للطائرات مثل باتريوت، ستينغر، وأفنغر. يستهلك الأوكرانيون كميات كبيرة منها، وليس لديهم مخزون كافٍ للصمود لفترة طويلة».
بطريقة أو بأخرى
لم تكن أوكرانيا فقط هى التى توعّد ترامب لإنهاء طموحاتها فى الدفاع عن نفسها فقط، بل توعد الرئيس المنتخب بأن تستعيد الولايات المتحدة قناة بنما وتريد شراء جرينلاند، مخاطبا سكان هذه المنطقة الجليدية: «سوف نؤمن أمنكم. سنجعلكم أغنياء. ومعا سوف نرفع جرينلاند إلى آفاق لم تكونوا تتصورونها».
وواصل ترامب: «نحن بحاجة ماسة لها من أجل الأمن الدولى وأعتقد أننا سوف نحصل عليها. بطريقة أو بأخرى، سوف نحصل عليها. سنؤمن أمنكم، سنجعلكم أغنياء، ومعا سوف نرفع جرينلاند إلى آفاق لم تكونوا تتصورونها ممكنة»، موجها حديثه إلى سكان هذه المنطقة التابعة للدانمارك.
وأردف: «لقد بدأنا. اليوم، أعلنت شركة أمريكية كبيرة أنها اشترت الميناءين اللذين يقعان حول قناة بنما والكثير من الأشياء الأخرى المتعلقة بالقناة وبعض القنوات الأخرى»، فى إشارة إلى شركة «بلاك روك» التى اشترت تشغيل ميناءين فى بنما من مجموعة «سى كى هاتشيسون» المتمركزة فى هونغ كونغ. وأضاف أنه سيظل يؤكد أن جرينلاند ستنضم إلى الولايات المتحدة «بطريقة أو بأخرى».
إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"
المصدر :" روز اليوسف "
0 تعليق