: عادل إمام سنوات الصداقة وأسرار القطيعة! "الحلقة 7"

روز اليوسف 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قبل صدور كتابه «عادل إمام الذى لا تعرفه.. سنوات الصدمة وأسرار القطيعة» عن دار ريشة.. يختص الأستاذ عادل حمودة صفحات روزا بنشر الفصول الكاملة لكتابه على حلقات، نشر بمثابة الحق للأستاذ عادل والحق عليه. حقه لأنه أحد أبرز نجوم روزا الكبار و«أقرب دليل» على صحوة المدرسة وصحتها.

 وحق عليه لأن بنيان كتابه دار جزء كبير منه على صفحات روزا وبالتالى فهى أحق بالنشر حتى قبل دور النشر.

وحتى لا توجه لـ«حمودة» تهمة «ازدراء عادل إمام» أو التجنى عليه.. عليك أن تقرأ فصول كتابه بعقل فعال لا منفعل.. وأن تفكر فى الوقائع ثابتة الحدوث لا فى النجم بعقل مهووس.

بالمناسبة.. اسمح لى أن أفاجئك: هذا ليس كتابا عن عادل إمام.. ولكنه عن «ظروف لولاها لصار عادل إمام كومبارس».

 عن جلسات ونقاشات ساخنة دارت بين قامات الفكر والفن والسياسة لم نعرف عنها غير القليل ولم ينشر منها سوى النزر اليسير.

عن مصر بين المنصورية والعمرانية. وعن أهواء النجومية وهواها. خلال الحلقات ربما ستعرف الكثير عن قواعد الصعود فى زمن ما.

عن روزا التى حكت كل شىء.. ولا تزال الحكاية- حتى اليوم- ابنة لألسنة أبنائها وأقلامهم.

 

إن اختفاء صوت الضحك المرتفع فى الصالة كان يزعجه كثيرًا وعلى الفور يبدأ فى البحث عما يعيد الجمهور إلى هيستريا الضحك.

لكن العمود الفقرى للمسرحية يقوم على «زينهم» الشاب الكومبارس الذى يقرر الحاكم الديكتاتور قتله بسبب الشبه الكبير بينهما.

 

ولكنه يموت قبل تنفيذ جريمته فتقرر المجموعة المستفيدة منها وضع زينهم مكانه فى الحكم حتى ينهبوا ما يحلمون من ثروات ثم يتخلصون منه ولكنه هو الذى يقضى عليهم لينهى المسرحية بأغنية تتحدث عن الشعب الذى يجب أن يعرف طريقه ويحكم نفسه بنفسه ليؤكد أنه أصبح زعيمًا.

وحدث أن استخدمت بوستر المسرحية بوضع صورة «معمر القذافي» مكان صورة «عادل إمام» مستخدمًا أسلوب «الفوتو كولاج» فى أحد الموضوعات المنشورة عن «الزعيم» الليبى فما كان منه إلا أنه كلف محاميًا مصريًا بتقديم بلاغ ضدى إلى النيابة العامة ولكن يبدو أن هناك من نصحه بسحب البلاغ والتراجع عنه ومرت الأزمة فى سكون. 

ويمكن القول أن «عادل إمام» كان يطير بالمسرحية فرحًا منتشيًا ودعانى أنا وزميلى فى روزاليوسف «محمد هاني» للحديث عنها.

جلسنا على رصيف شارع  «الشيخ ريحان» بالقرب من المسرح حتى ظهر الفجر.

فى اليوم التالى كانت مفاجأة فى انتظارنا. 

لقد تعرض موكب وزير الداخلية الجديد اللواء «حسن الألفي» إلى حادث إرهابى فى المكان نفسه الذى كنا نجلس فيه وهو فى طريقه إلى مكتبه. 

هنا يمكن أن نروى قصة سبق أن نشرتها فى الصفحة الأخيرة من روزاليوسف (العدد 3402) فى وقت كنت فيه مسئولا عن تحريرها.

المقال بعنوان «الشطة والشكولاتة» ولقصره يمكن نشره كاملا وجاء فيه:

«كان «الزعيم» يجلس معنا على الرصيف. إنه «خلاصة» حكام العالم من بلاد الاسكيمو إلى بلاد الأفيال ومن بلاد الشطة إلى بلاد الشكولاتة. هو لا يرى فى المرآة غير وجهه. ولا يطربه صوت غير صوته. ويؤمن بديكتاتورية «متميزة» تذهب إلى صناديق الاقتراع وهى ترتدى مايوها من ألف قطعة اسمه الديمقراطية ولا يتردد فى أن يصدر مرسوما عاجلا بمصادرة الهواء وترك مواطنيه يختنقون برائحة فساده. 

«على رصيف «شارع» الشيخ ريحان كان «عادل إمام» يحدثنا أنا ومحررنا الفنى الشاب محمد هانى عن الزعيم الذى سيقدمه على المسرح. كان متحمسًا متقمصًا دوره. يشعر بالقلق على استمرار نجاحه. ويشعر بالألم من الذين يوقعون بالقلم بينه وبين جمهوره. وبين الحين والحين كان المارة يكتشفون وجوده فيأخذونه بالأحضان ويغمرونه بالقبلات. 

كان «الزعيم» يجلس معنا على الرصيف. 

«امتدت الدردشة حتى بدأ الفجر فى الاقتراب. كنا نجلس على باب المسرح. كل شيء هادئ حولنا. لم يحضر «منصور» المنادى بعد. و«كشك» الحلوى والمرطبات على الرصيف الآخر لم يفتح بعد. واستسلم «عنتر» أشهر كلاب السكة إلى رائحة خروج النهار من الليل فنام مطمئنًا.

«لم نشعر بأن أرواحا شريرة تحوم فى المكان. لم نتصور أن «كرتونة» من المتفجرات فى طريقها إلى الانفجار بعد ساعات قليلة وأنها ستحول الهدوء إلى زلزال. والاسترخاء إلى فوضى. وحوار الفن والإبداع إلى حوار رصاص وإرهاب وكتابة بالدم على جدران الشارع الذى يلخص المستقبل. فيه جامعة ومسرح وحكومة وبشر وبالقرب من البرلمان. 

«لقد انتقل المكان من يد الرحمة إلى يد الظلم. ومن يد المؤمنين بسلطة العقل إلى يد المؤمنين بسلطة قنابل «البلي». إن الذين حولوا المكان إلى مشهد رعب وكابوس ثقيل هم أعداء الحياة. سرقوها من العيون والعروق بتوصيل أسلاك رفيعة بمفجر نسف كل ما حوله.

إن ما بنيناه فى قرون يدمرونه فى دقائق. قاعات الدرس. خشبة المسرح. الرعاية الطبية.

الحماية الاجتماعية. حرية الرأى. قواعد الأمن. إنها ملامح للمكان الذى وقع فيه حادث الاعتداء على وزير الداخلية. وهو مكان يلخص ما كافحنا فى الوصول إليه سنوات طوال. فكيف نقبل أن يتحول إلى مجزر بشري؟ إلى خرابة؟ إلى أطلال وأنقاض؟

«إنها عينة. لو وافقنا عليها. واستسلمنا لها. فإنها ستتحول إلى فيروس مثل «الإيدز». يعيد مصر إلى زمن الكهف والماعز والأنياب والأظافر. 

«ويا عزيزى عادل إمام لا مفر من أن نواجه التطرف والديكتاتورية معا. هما وجهان لعملة واحدة. إنه يا «زعيم» قدرنا. ولا نملك تغييره أو تجاوزه.

«لقد كان المكان حتى قمنا مثل الشكولاتة لكنه تحول بعد ساعات إلى حريقة مثل الشطة وعلينا أن نعيده من أجل أولادنا إلى ما كان عليه».

لاحظ هنا أننى أول من أطلقت عليه لقب «الزعيم» وحدث ذلك قبل عرض المسرحية ولا شك أننا كنا شركاء فى مواجهة الإرهاب ونقف فى نفس الخندق ونتعرض لنفس الخطر فلم لا أشجعه بكلمة عابرة لم أتصور أنها ستصبح لقبه الأكثر شيوعا؟

بل إن مسرحه عندما انتقل إلى منطقة الأهرام وجدنا اللقب قد استخدم فى أسماء مطاعم ومحلات أحذية ومقلة تسالى.

والحقيقة أن الصحافة مولعة بمنح النجوم ألقابا مقتبسة من أعمالهم وشخصياتهم مثل أحمد زكى الذى أطلقت عليه «الإمبراطور» وسعاد حسني» التى أطلقت عليها «أخت القمر» وهو اسم أغنية غنتها وهى طفلة صغيرة فى برنامج إذاعى.

ولكن هناك ألقاب لم نعرف مبررًا لها مثل «سيدة الشاشة» اللقب الذى أطلق على «فاتن حمامة» و«عذراء الشاشة» الذى أطلق على «ماجدة» رغم أنها تزوجت أكثر من مرة. 

وهذا بالتحديد ما استفز «مريم فخر الدين» حين قالت غاضبة:

«لما فاتن حمامة سيدة الشاشة فمن نكون نحن؟ خادمات الشاشة؟ ولو كان «عادل إمام» زعيمًا بسبب مسرحية قدمها فلم لا نطلق عليه الواد الشغال وهو اسم مسرحية أخرى مثلها؟».

وسئلت أكثر من مرة:

ــ هل انت نادم على إطلاق لقب الزعيم على عادل إمام؟

وكانت إجابتي:

ــ وبما يفيد الندم؟

ثـــــــــم أن المسرحية فضــحت الديكتاتورية حتـــــى أن أشرطتها منعت فى كثير من الدول العربية. 

لكن رغم كل ما قدمت إلى «عادل إمام» من مساندة لم ينلها من مطبوعة عربية فى ذلك الوقت فإنه لم يحفظ الجميل كما سنعرف فيما بعد.

بعد ست سنوات قدم «عادل إمام» مسرحية «البودى جارد» آخر مسرحياته التى أسدل الستار بعدها.

المسرحية أخرجها ابنه «رامي» وكتبها «يوسف معاطي» الذى سيصبح أقرب كتاب السيناريو إليه فيما بعد.

لعب النص على الهجوم على فساد رجال الأعمال الذى شنته روزاليوسف وصحف المعارضة ضدهم فى تحالف من المصالح بين الثروة والسلطة حسب تعبير أظن أننى كنت أول من أستخدمه بل كنت أول من فتح ملفات الهروب بقروض البنوك وبدا ذلك واضحًا فى كتابى «هارون بمليارات مصر». 

يعقد السجين أدهم الجبالى (عادل إمام) صفقة مع زميله فى الزنزانة رجل الأعمال سعد باشا (عزت أبو عوف) المسجون على ذمة قضية اختلاس 700 مليون جنيه. 

يخرج «أدهم الجبالي» من السجن لينفذ الاتفاق ويعمل حارسًا شخصيًا (بودى جارد) لزوجة رجل الأعمال عائشة (شيرين سيف النصر ثم رغدة) التى تقع بالطبع فى غرامه أليس هو «عادل إمام»؟ 

يكتشف الزوج الخيانة ويلفق تهمة له بينما يحاول الهروب بالملايين التى نهبها. 

ضربت المسرحية رقمًا قياسيًا بعرضها 11 سنة.  

ولكن الكساد الذى سيطر على الحياة المسرحية أجبر «سمير خفاجي» على إيقافها. 

شرب مسرح «سمير خفاجي» و«عادل إمام» من الكأس نفسها التى فرضوها على مسرح الدولة الذى ساهما فى القضاء عليه بتلك النوعية التجارية من العروض لمدة تزيد على ربع قرن من الزمان.

انصرف الجمهور عن العروض الجادة التى يقدمها مسرح الدولة حتى أطفئت أنواره ثم أصابه الملل من الفرجة على «عادل إمام» فلم يعد يرى فى مسرحه ما يستحق التضحية بنقوده لتطفأ أنواره هو أيضا.

إن هناك خلطًا أحيانًا بين كلمة «فن» وكلمة «مخدر». 

لكننا لم نستوعبه إلا بعد أن وقعت الفأس فى الرأس.

على أن المثير للدهشة فى رحلة المنتج والمؤلف «سمير خفاجي» والنجم الذى صنعه «عادل إمام» أنها انتهت نهاية محزنة ومؤسفة.

أصيب «سمير خفاجي» قبل وفاته فى 21 سبتمبر 2018 بجلطة أصابته بالشلل وأقعدته فى بيته بعد تأليف 34 مسرحية وإنتاج 66 مسرحية أخرى.

حسب موقع «دار الهلال» فإنه قال فى حوار تلفزيونى مع الممثل «محمد أبوداود» عام 2016:

«إن عادل إمام زاره فى المستشفى ولكن لم يزره بعد عودته إلى المنزل».

لم يكن فيما قرأت صدمة فلم يعد أحد فى حاجة إليه.

والحقيقة أن بيت «سمير خفاجي» كان لا يكف عن السهرات التى يحضرها شخصيات متنوعة كنت واحدًا منها.

فى تلك السهرة كان «أنيس منصور» و«يسرا» وزوجها «فادى الصفدي» وليلتها اكتشف فنانة رائعة اسمها «رجاء الجداوي». 

ما أن جلسنا نتحدث حتى شعرت أننى أعرفها منذ سنوات طوال.

وهذا سر جاذبيتها. 

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" روز اليوسف "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??