: روضة رمضان.. د.محمد مختار جمعة وزير الأوقاف السابق: رمضان شهر الرحمات.. والله يتجاوز عن ذنوب الصائم

روز اليوسف 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

كتب

إعداد: صبحى مجاهد

فى شهر رمضان تفتح «روزاليوسف» صفحاتها لإثراء العقل بفهم دينى صحيح.. وفى روضة رمضان هذا العام نقدم مادة صحفية من نوع خاص، نأمل أن تشبع رغبة القارئ فى معرفة رأى الدين فى قضايا مختلفة، من خلال الجلوس على مائدة واحد من كبار علماء الأزهر الشريف، كما خصصنا هذا العام بابًا خاصًا بفقه الصيام وأحكامه بصورة سهلة ومبسطة من خلال استضافة د. شوقى علام، مفتى الجمهورية السابق. 

كما سيكون معنا «خواطر» لفضيلة الدكتور على جمعة، عضو هيئة كبار العلماء، نستقى من خلالها العديد من الرسائل الإيمانية التى تشرح صدورنا.

وفى روضة رمضان أيضًا سيكون معنا هذا العام حوارًا أو قضية نناقشها، أو أمورًا تتعلق بالساحة الدعوية.

 

 مع بداية شهر رمضان يحتاج كل منا أن يقف على معانى كثيرة مهمة فى هذا الشهر الفضيل كى يتحقق بالصوم المقبول، ويصل بصومه إلى أعلى درجات الرضا والرحمة والمغفرة من الله تعالى، وكثير منا قد تعود على صوم رمضان دون أن ينتبه لكثير من المعانى المهمة فى هذا الشهر الفضيل، كما قد لا ينتبه إلى أمور تحرمه من قبول الصوم، كل هذه المعانى كان لا بد من الوقوف عليها من خلال تلك السطور الإيمانية التى نبحر فيها مع د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف السابق عن حقيقة ما يجب أن ينتبه إليه الصائم فى هذا الشهر الفضيل.

 وكذلك أخطر الأمور التى تضر بصوم الإنسان وتبطله.. ولنتعرف سويا على نصائح القرآن الكريم لكل صائم.. وحقيقة اللباس الروحى الذى يفوز به من تحقق بالصوم المقبول.

 بداية توجهنا بالسؤال لمعرفة ما الذى يجب أن ننتبه إليه مع بداية الشهر الفضيل؟

- شهر رمضان شهر الخيرات والنفحات والرحمات، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «إِنَّ لِرَبِّكُمْ (عز وجل) فِى أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ أَنْ تُصِيبَهُ مِنْهَا نَفْحَةٌ لا يَشْقَى بَعْدَهَا أَبَدًا» (المعجم الأوسط)، وقد جعل الله (عز وجل): صومه الركن الرابع من أركان الإسلام، قال تعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه»(البقرة: 185)، وفيه ليلة القدر، التى هى خير من ألف شهر، كما قال تعالى: «إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِى لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ. لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ».

 

وما من ليلة من الليالى طوال هذا الشهر العظيم إلا ولله (عز وجل) فيها عتقاء من النار، يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «إذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِى مُنَادٍ: يَا بَاغِى الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِى الشَّرِّ أَقْصِرْ، ولله عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ»(سنن الترمذى).

 وكيف يكون الصوم الحقيقى لكل مسلم فى هذا الشهر الفضيل؟

- الصوم ليس مجرد إمساك عن الطعام والشراب والجماع من أذان الفجر إلى أذان المغرب فحسب، بل هو تربية إيمانية، وأخلاقية، وسلوكية، وإنسانية؛ لأن من أهم معانى الصوم المراقبة، يقول الله (عز وجل): « يَأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ»، قال أهل العلم: التقوى هى: الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والرضا بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل، وقال بعضهم: إنما سمى المتقون بالمتقين، لأنهم اتقوا ما لا يتقى، وقال بعضهم: لأنهم يتركون بعض الحلال مخافة أن تكون فيه شبهة من الحرام.

والصائم بحق هو: من أمسك نفسه عن الطعام والشراب لا يعلم سره إلا الله، ولا يطلع على ذلك إلا الله، ولا يمكن لعاقل أن يفكر بعد ذلك أن يغضب الله الذى عمل على مراقبته، وخوفه، والإمساك عن الطعام، والشراب اتقاء له، ومرضاة له من الفجر إلى المغرب، ثم يفطر على مال حرام.

وذكر النبى (صلى الله عليه وسلم): «الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمدّ يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغُذّى بالحرام، فأنّى يُستجاب له؟»، فإذا خرج الإنسان حاجًا أو معتمرًا ملبيًا يقول: لبيك اللهم لبيك لبيك اللهم لبيك بلسانه، لأن القلب المؤمن لا يأكل حرامًا أبدًا، قيل له: لا لبيك ولا سعديك حج مردود عليك عمرتك مردودة عليك، مالك حرام، ومطعمك حرام، وملبسك حرام، فأنى يستجاب لك، فإذا رفع يديه إلى السماء يدعوا ربه ردت دعوته إليه، وقد سأل سعدُ بنُ أبى وقَّاصٍ رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال: «يا رسولَ اللهِ، ادعُ اللهَ أنْ يجعَلَنى مُستَجابَ الدَّعوةِ، فقال النبيُّ (صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ): فلم يقل له عليك بكثرة الصلاة، ولا قيام الليل، ولا قراءة القرآن، ولا الزكاة وإنما قال: «أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُستَجابَ الدَّعوةِ»، أكل الحلال بركة فى جسدك، بركة فى مالك، بركة فى أبنائك، أما الحرام الذى تجمعه، وتظن أنك تكثر مالك به، فالمال الحرام سم قاتل، ويكفى قول النبى (صلى الله عليه وسلم): «كُلُّ جِسْمٍ نَبَتَ مَنْ سُحْتٍ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ»، ويقول النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): «قَالَ اللَّهُ (تَعَالَى): ثَلاَثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، رَجُلٌ أَعْطَى بِى ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ»، من يجور على المسكين والفقير والعامل الصغير فيقتطع شيئًا من حقه، أو لا يوفه أجره فهو خصيم لله يوم القيامة.

يرفع الله دعوة المظلوم فوق الغمام، ويقول: وعزتى وجلالى لأنصرنك ولو بعد حين، فإذا دعتك قدرتك وجبروتك على ظلم الضعفاء والمساكين والعمال والأجراء، فتذكر من أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون، بعض الناس يقول: الحمد لله أنا لا آكل الحرام، نقول: من أشد أنواع الحرام الاحتكار، قال النبى (صلى الله عليه وسلم): «المحتكر ملعون»، من يحتكر السلع ليرفعها على الفقراء والمساكين والمحتاجين أو حتى على عامة الناس ليتاجر فى أقوات الناس أو ليغالى بها، المحتكر ملعون، ولا يحتكر إلا خاطئ، والاستغلال إثم كبير، ولا سيما استغلال الأزمات والنكبات والظروف الصعبة، من أشد أنواع الحرام أن يبالغ الإنسان فى استغلال حوائج المحتاجين، ولا سيما إذا كان استغلالًا فى الأقوات أو الدواء أو أساسيات ما يحتاجه الناس بل على العكس من ذلك، نقول: من قلل هامش ربحه ولا سيما وقت الأزمات تخفيفًا على الناس فهو له صدقة، فالغش، والاستغلال، والاحتكار كل هذه أدواء خطيرة مدمرة لمن يأكل بها المال الحرام، نسأل الله (عز وجل) أن يغنينا بحلاله عن حرامه.

إذا انتقلنا إلى كتاب الله، فما أهم النصائح القرآنية للصائم؟

- من أهم تلك النصائح أن القرآن الكريم تحدث عن «الدفع الجميل» وهو مقابلة السيئة بالحسنة، وليس بالسيئة، حيث يقول الحق (سبحانه): «وَلَا تَسْتَوِى الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِى بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ»، وتلك منزلة عظيمة عالية «منزلة الصفح والعفو»، حيث يقول الحق (سبحانه): «وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيم»، ورمضان شهر الصفح، وشهر العفو، وشهر الرحمة، وشهر المغفرة، فلنتراحم فيما بيننا، وليعفُ بعضنا عن بعض.

 وكيف نتعلم من كتاب الله الجمال الروحي؟

- القرآن الكريم كما تحدث عن والصبر الجميل، الصفح الجميل، والهجر الجميل، والسراح الجميل، والدفع الجميل، والقول الجميل؛ تحدث عن «اللباس الجميل «أفضل لباس يلبسه الإنسان ويكون فى أجمل هيئة، وهو «لباس التقوى»، حيث يقول الحق (سبحانه وتعالى): «وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ».ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «إِنَّ اللَّهَ لا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ وَلَكِنْ يَنْظُرُ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ»، فالعبرة بالجوهر وليست بالأشكال، إنما هى بالتقوى، مر رجلان على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فلما مر الأول قال النبى (صلى الله عليه وسلم) لأصحابه: «(ما تقولون فى هذا؟)، قالوا،» جدير إن تحدث أن يستمع إليه، وإن يخطب أن يزوج، ثم مر الآخر، فقال (صلى الله عليه وسلم): «ما تقولون فى هذا؟»، قالوا: «إن استشفع لا يشفع له، وإن تحدث لم يستمع إليه»، فقال النبى (صلى الله عليه وسلم): والله لهذا - الذى نظرتم إلى ضعفه - خير عند الله (عز وجل) من ملء الأرض من ذلك، ويقول (صلى الله عليه وسلم): «رُبَّ أشعثَ أغبَرَ، لا يؤبه له - أى لا يلتفت إليه الناس - لو أقسَمَ على الله لَأَبَرَّهُ».

إخلاء مسؤولية إن موقع بالبلدي يعمل بطريقة آلية دون تدخل بشري،ولذلك فإن جميع المقالات والاخبار والتعليقات المنشوره في الموقع مسؤولية أصحابها وإداره الموقع لا تتحمل أي مسؤولية أدبية او قانونية عن محتوى الموقع.
"جميع الحقوق محفوظة لأصحابها"

المصدر :" روز اليوسف "

أخبار ذات صلة

0 تعليق

محطة التقنية مصر التقنية دليل بالبلدي اضف موقعك
  • adblock تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم ??